محمد الوشيحي

سمير عطا الله … إليك النواقص

استاذنا الأنيق سمير عطا الله الذي تتطلب قراءة مقالاته توافر قطعة كرواسان وفنجان قهوة وربطة عنق بخطوط مائلة، كثيرا ما غافلته وقرأته منبطحا من دون اي كرواسان – اي والله – وبسببه ادركت وغيري، بالدليل الساطع وبما لا يدع مجالا للعك، الا خلافات عائلية بين الكتابة السياسية والادب كما يشيع قليلو الادب. وشاهدنا الانيق وهو يربط الجملة السياسية هذه بتلك بحبل وثيق من الادب، او بحبل من الادب الوثيق. فتعلمنا.
الانيق يزورنا هذه الايام، في العشر الأواخر من شهر ديسمبر المبارك، في عقر دارنا، الكويت، التي كانت عقر داره في مرحلة سابقة من عمره، ساهم حينها بتأمين الحليب وملابس الاطفال للمولودة، الصحافة الكويتية – ويبدو انه أتى هذه المرة ليطمئن عليها: «ناقصج شيء؟»، لذا سأجيبه نيابة عن زملاء المهنة:
استاذنا، عن المقالات فقط سأجيبك… غادرت انت العقر عندما كان كتّاب الاعمدة من الوزن الجميل، في الغالب – يقدمون لنا المقالات «الصح»، وعندما كانت ذائقة الناس في عنفوان شبابها، صرخة واحدة منها كفيلة بهز كتف الكاتب – ثم أتى حين من الدهر، شعرَت فيه الذائقة بالنعاس، فتوسدت يديها، وببراءة الاغبياء نامت على الطاولة، فتسلل كتاب الحديد والاسمنت، وراحوا يكتبون لنا المقالات «السح»، ويقيسونها بالمتر المربع: «يجب ان يحترم الشقيق ابنه…»، فضحكنا ألما على الحبر المسكوب، ورددنا خلف عمنا الكبير سليمان الفهد: «لولا البعض القليل لصرخت على الطريقة المصرية، صحافة أونطة هاتوا فلوسنا».
إلى هنا والامن مستتب والبلابل تغرد والناس تأكل الساندويتش. و«في فجأة» تحول المجتمع إلى مجموعة من الاتقياء المبالغ فيهم، و«في فجأة» اخرى موازية ظهر كتَّاب جدد، وجدوا امامهم خطوطا ارضية من العادات، وبجانبها لوحة ارشادية: «ويل للمتجاوزين»، فوضع الكتَّاب اولئك اصابعهم في آذانهم، وتجاوزوها، فقامت قيامات رجال المرور، وانهالت رسائلهم علينا، نحن الكتاب الجدد. وعن نفسي، كثيرا ما اصطبحت برسالة مختصرة مفيدة: «شلت يمينك»، وكنت ارد: «وحتى لو، سأكتب باليسرى».
بعد ذاك، تسللت ايران من مسامات جلودنا إلى مطابخ منازلنا، وايران محضر خير كما تعرف، وحكومتنا تعاني تجاهها من هشاشة العظام، بعيد عنك، فغضبنا وكتبنا مية مكتوب، فانهمرت الرسائل الايرانية علينا، واتذكر احداها: «يا ناصبي كلب»، وانا لا ناصبي ولا كلب، اقسم لك بالله.
استاذنا، اجابة على «ناقصج شيء؟»، اقول: ما لم ترفع كتب التاريخ المزوّر ايديها عنا، فستأتيك رسائلي قريبا: بسبب الصحافة رحنا ملح، رحنا وطي، رحنا وراء الشمس… لكن ومع كل هذه الرحناوات الحسناوات، لا يزال الامل يبصبص علينا. خصوصا ونحن، كما تعرف، اصحاب المركز الاول عربيا في حرية الصحافة، بحسب «مراسلون بلا حدود»، وهيدا شيء منيح.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *