محمد الوشيحي

الأوباش وغطاء الحلة

يا عمي، حكومتنا هذه مرعبة، وداخلة على طمع، فلينتبه كلّ لمحفظته التي في جيبه إذا ما مر من أمام الحكومة، أو فليلبس «حزام الحج»، أو فليمر من هناك، من الشارع البعيد خلف المدرسة الابتدائية، المهم أن ينتبه فالحكاية كلها لطش في لطش، وفوائضنا المالية سنذكر محاسنها قريبا، ثم سنشد الأحزمة على البطون بطلب من الحكومة.
وما حكاية حدس وتكرار تواجدها في عمليات اللطش؟ أو كم نسبتها من العمليات هذه؟ خصوصا وأنها – أي حدس – هي التي تتسلق المواسير وتكسر شباك غرفة النوم بينما تكتفي الحكومة بالمراقبة في أول الشارع. ولم أشفق على أحد كما أشفق على «الوزراء الغلابة»، مثل وزير الصحة علي البراك، الذين لا يُستشارون في اللطش ولا يعرفون كم هي الحصيلة ولا نسبة لهم في العملية هذه ولا غيرها؟
ولو أن الحكومة شيّدت مدارس ومستشفيات وجسوراً وجامعات ومدناً إسكانية ولطشت من كل عملية هبرة، لصرخنا كلنا «ألف هناء وشفاء»، لكنها أي الحكومة تحدثنا عن شراء لوحات بيكاسو غالية الثمن لنعلّقها على جدران الصالة بينما تشتكي ثلاجاتنا من الفراغ. واقرأوا ما كتبته مدرسات إحدى المدارس في رسالتهن لي، المنشورة (ادناه)، لتدركوا بأن الحكومة لا تكتفي بسرقتنا بل تحاول قتلنا والتنكيل بجثثنا بعد أن تنهي «عملياتها». معلمات يشتكين من عدم وجود طاولات لهن في الفصول، تخيلوا. والكثير غير ذلك. متابعة قراءة الأوباش وغطاء الحلة

سامي النصف

عاد بخفي الزيدي

صدر قبل سنوات قليلة كتاب «بندقية للإيجار» للمؤلف البريطاني الشهير باتريك سيل تناول خلاله سيرة الإرهابي ابونضال الذي كان احد بنادق حزب البعث العراقي المأجورة، والذي ظهرت صورته في وقت لاحق مقتولا في احد فنادق العاصمة بغداد.

الأرجح ان تلك البندقية قد استبدلت هذه الأيام بـ «حذاء للإيجار» قامت خلاله الأموال البعثية باستئجار مهرج يدعى منتظر الزيدي وبدأت بتلميعه اعلاميا قبل اشهر عن طريق ادعاء تمثيلية اختطافه وألحقتها بحادثة إلقاء القندرة لقندرته.

ومعروف ان الأخلاق العربية التي يدعيها حزب البعث وتروج لها قناة «البغدادية» تفرض احترام الضيف واكرامه حتى لو كان عدوا لك مادام قد زارك في دارك، ولم يرو التاريخ العربي او ضمن سير التراث قط ان اهانة الضيف هي عمل بطولي يستحق ان تحشد جموع المنافقين من المحامين للدفاع عنه.

وقد تختلف شعوب الأرض على حب او كراهية قادتها الا انها تتفق على ان اي اهانة تصيب القيادة هي اهانة للشعب كافة وقد رأينا في هذا السياق كيف ادعى كثيرون التعاطف مع الرئيس «السابق» صدام رغم جرائمه المعروفة بحق الملايين بدعوى ان اعدامه في اول ايام العيد يعتبر اهانة للعرب والعراقيين!، لقد اكسبنا الحذاء عداء امة مكونة من 300 مليون دون مكسب كما ان عملية التهريج الاعلامي تلك لا تبتعد كثيرا عن عمليات التهريج «الصحافية» التي كان يقوم بها محمد سعيد الصحاف وقبله لطيف نصيف جاسم.

يتبقى ان الحادثة اصبحت مجالا للتنكيت والطرافة فقد نشرت بعض الصحف الأوروبية ان الرئيس بوش قد وجد اخيرا اسلحة الدمار الشامل العراقية التي يبحث عنها، كما نشرت بعض المنتديات العربية ان بعض الطغاة العرب والمسلمين باتوا يصرون على ان يلتقوا شعوبهم في المساجد واماكن العبادة فقط.

تساءل اعلامي ياباني بارز عن السبب في عدم تضحية الرئيس بنفسه لمنع اصابة العلم الأميركي وعن كيفية معرفته لمقاس الحذاء الطائر؟ وقد يكون اطرف تعليق للحادثة الكارثة هو لوكالة الانباء الروسية التي قالت ان زيارة الرئيس بوش للعراق لم تؤت ثمرها وان دلالة الفشل هي انه عاد بخفي الزيدي بدلا من حنين.

آخر محطة:
 هذا ثاني اعتداء يتم بحضور الرئيس المالكي ويهتز الحضور ولا يهتز الرئيس وهو امر يدل اما على شجاعة عظيمة او على غير ذلك.

احمد الصراف

حوار الأديان.. حوار الطرشان

اختلف المسلمون لقرون على من كان أحق بالخلافة قبل 14 قرنا، وفي غمرة ذلك نسوا من يحق لهم حكمهم اليوم!
* * *
عقدت منذ بداية العقد الاخير من القرن الماضي وحتى الامس القريب عشرات المؤتمرات الاسلامية ــ الاسلامية، والاسلامية ــ المسيحية، بهدف تقريب المذاهب بعضها إلى بعض واذابة الفوارق بينها، خصوصا بين اتباع المذهب الشيعي من جهة والمذاهب السنية الاربعة الاخرى، وبين مذاهب المسلمين الخمسة الرئيسية وبين المسيحية، واحيانا اليهودية! ويمكن القول من دون تردد او تلعثم ان لا شيء، لا شيء مطلقا، تمخض عن اي من هذه المؤتمرات، والتي كانت في مجموعها كلاما في كلام ومجاملات وتبادل قبلات ومصافحات وعناق، وطبطبة كل طرف على ظهر الطرف الاخر، وتوزيع ابتسامات، لتنتهي هذه الاجتماعات ومؤتمرات الحوار، وكل فريق باق على موقفه لا يريد الزحزحة عنه قيد انملة، فلو كان هناك مجال او امل، ولو ضئيلا، في تقارب، أتباع المذاهب والديانات المختلفة لما كانت هذه الفروق والاختلافات اصلا، فما خلقها، وتسبب في وجودها في المقام الاول هو الذي يضمن بقاءها ضمن حدودها دون تغيير يذكر، ولقرون طويلة قادمة.
ما يحتاج إليه اتباع المذاهب السنية الاربعة وما يحتاج إليه اتباع فرع الشيعة، لكي لا ندخل في مواضيع اكثر تعقيدا كتقارب الاسلام مع اتباع الديانات الاخرى، هو ان يقبل السني اخاه السني الآخر، وان يقبل شيعي اخاه الشيعي الآخر، وان يقبل كل فريق اتباع الفرق الاخرى ويتفهموا مواقفهم وآراءهم ومعتقداتهم وان يرضوا بها، قبل ان يفكروا مجرد تفكير في التقارب مع الخارجي من مسيحي او بوذي او هندوسي، فالانسان غير المنصف وغير المتسامح مع اهل بيته لا يستطيع ان يكون منصفا ومتسامحا مع اصحاب البيوت الاخرى.
وبهذا السياق اجرى السيد ابو القاسم الديباجي، وهو رجل دين معروف وامين عام «الهيئة العالمية للفقه الاسلامي»، وهي هيئة شيعية لا اعرف الجهة التي تنتمي إليها، اجرى في منتصف يوليو الماضي لقاء صحفيا في الكويت تطرق فيه لقضايا عدة تتعلق بالتقارب بين المذاهب الاسلامية من جهة وبين المسلمين والمسيحيين من جهة اخرى، تبين من تصريح الديباجي مدى ما نمارسه من لغو في مواضيع التقارب المذهبي بعضنا بين بعض وبيننا وبين الآخر، فقد ذكر ان الهيئة التي يتولى امانتها ستختار احد علماء السنة الكويتيين ليكون عضوا فيها، وسيعلن عن ذلك قريبا! ولكن بعد مرور اكثر من خمسة اشهر لم يتم اختيار احد، ولا نعتقد ان من في رأسه عقل سيقبل بهذا «التشريف»! فما الذي سيفعله رجل دين سني في محيط شيعي معاد لفكره ومواقفه لاقصى حد، وهل سيستمع له احد لو فتح فمه برأي او اعترض على امر؟ وقال الديباجي في مؤتمره ان الهيئة تلقت دعوة من امين عام رابطة العالم الاسلامي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحوار الذي سيعقد تحت رعاية العاهلين السعودي والاسباني في يوليو الماضي، ومشاركة 200 شخصية اسلامية من كل المذاهب من ذوي المنصب والجاه (!!) ونكتشف اليوم ان المؤتمر عقد، وعقد مؤتمر آخر بعده في اروقة الامم المتحدة وحضره عدد من كبار زعماء العالمين الاسلامي والمسيحي، ويمكن القول ان شيئا لم يتمخض عن اي من المؤتمرين غير تبادل التمنيات واكتفاء المشاركين بهز الرؤوس بالموافقة على كل كلمة قالها ممثلو الاطراف الاخرى.
وورد في لقاء الديباجي الصحفي ان هيئته تبذل «قصارى» جهدها من اجل تذويب الفوارق بين الاديان والمذاهب، والحيلولة دون اتساع الهوة بينها! ونحن نؤكد هنا ان الفوارق بقيت كما هي ان لم تتسع فــ «علماء» كل طرف، ممن لهم باع طويل في الانترنت وهم النخبة القائدة في الساحة الدينية صعدوا كثير من لهجاتهم ضد الطرف الآخر، والانترنت بقنواته الدينية التي لا تحصى تزخر بكم هائل من الاحقاد والرفض والكراهية التي يكنها كل طرف لمعتقدات ومواقف الطرف الآخر، من بين هؤلاء بعض من شارك في مؤتمرات التقارب المذهبية هذه وغيرها، ونكون حقا مسرورين لو اخبرنا السيد الديباجي عن النتائج التي تحققت من قيام هيئته ببذل قصارى جهدها في الاشهر الستة الماضية مثلا!
وحول موضوع حقوق البشر قال الديباجي ان تلك الحقوق موجودة لدى المسلمين قبل سنها بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية! ولا ادري من اين جاء الديباجي بكلامه هذا، علما بأن مجرد اصرارنا على طرح مثل هذه الاقوال واعتبارها من المسلمات كاف لنسف اي محاولة للتقارب مع اي طرف آخر، فلا حوار بشروط ومواقف مسبقة!
نعود للبداية، ونقول اننا لسنا ضد الحوار ولا ضد التلاقي ولا ضد التفاهم، فهذا من اساسيات اي تفكير علماني مستنير، لكننا ضد القيام بأي خطوات كبيرة وضخمة ما لم تسبق ذلك خطوات اصغر واكثر اهمية وخطورة ونعني هنا خطوات التقارب بين المسلمين بعضهم ببعض، فكيف يمكن ان نقنع الآخر بمبدأ التقارب معه في الوقت الذي يرفض فيه غالبية رجال دين الحوزات الدينية مواقف زملائهم رجال الدين السنة والوهابيين والسلفيين منهم بالذات؟ وكيف يمكن ان نطلب من الآخر المسيحي او اليهودي وحتى البوذي التقارب معنا وغالبية غلاة كل من المذهبين يكفر أحدهما الآخر.
هذا هو الواقع، وهذه هي الحقيقة وادبيات كل طرف اكثر من كافية لأن تشي وتدل على حقيقة مواقفهم، وفي الاعتراف بالمشكلة نكون قد خطونا الخطوة الاولى في طريق الحل، ولكن ما اطوله من طريق، فليس من السهل الاعتراف بوجود مشكلة، دع عنك وضع حل لها.
* * *
ملاحظة: ورد في «الوطن» 15ــ12 على لسان السيد الديباجي نفسه، تعليقا على موضوع الاختلاف على تحديد يوم عيد الاضحى الاخير، ان لدى الشيعة عموما قناعة حول شرعية رؤية الهلال، ولكن (!!) بالرغم من ان جميع المتواجدين في المشعر الحرام مأمورون بمتابعة قرار تحديد يوم عرفة (وكأن هناك خيارا آخر)، الا ان الاختلاف على يوم العيد كان خارج نطاق الحج، فقرار تحديد اليوم يرجع لرأي المراجع العظام في بلادهم!
وهكذا نجد اننا في الوقت الذي نعجز فيه حتى على الاتفاق على تحديد يوم عيد الاضحى، نصر على التقارب مع المسيحيين واليهود!

أحمد الصراف
habibi [email protected]