احمد الصراف

النصب العسلي وتعاون باقر

علامة FDA هي علامة شديدة التعقيد والاهمية تمنحها «ادارة الغذاء والدواء» الاميركية للادوية والاغذية ولجميع المواد الاخرى التي يستهلكها المواطن الاميركي بالدرجة الاولى، ولا تمنح هذه الشهادة عادة الا بعد اجراء تجارب مختبرية عديدة على المنتج والشركة المصنعة، وحصول اي جهة على هذه العلامة يعتبر بحد ذاته انجازا عظيما لاي منتج لا يمكن تخيل مدى اهميته.
وفي الكويت قامت شركة تتعامل ببيع العسل، وتصفه بالمعجزة بحملة اعلانية مكثفة في شهر ابريل الماضي اعلنت من خلالها بالحرف، وبوضوح لا يحتمل اي لبس، حصول «عسلها» على اعتماد ادارة الاغذية الاميركية FDA وان شهادة الاعتماد موثقة من «الحكومة الفدرالية الاميركية» (!!!).
لم يدخل الخبر عقلي فقمت بالاستفسار من مسؤولي ادارة الغذاء والدواء الاميركية عن طريق الانترنت فنفوا علمهم به، لانهم ببساطة لا يقومون بمثل هذه الاعمال اصلا!! وهنا قمت بالاتصال بشركة العسل المعجزة فتبين ان اصحابها والقائمين على إدارتها هم من الافغان (!!) هذا على الرغم من ان اعلانات الشركة تظهر احد المديرين وهو مرتد الملابس الوطنية الكويتية التي ربما اعتقد ان ظهوره بها يزيد من الثقة باعلانه ومنتجه، ولكن هذا المدير ومن معه تهربوا من التحدث معي.. بعد محاولات عدة وبعد شراء بعض العسل منهم، وانني سأقوم بتسويق منتجهم على شركات تجهيزات غذائية اتعامل معها، وافقوا على مضض على تزويدي بصورة عن شهادة FDA التي ادعوا الحصول عليها فتبين انها لا تساوي قيمة الورقة التي كتبت عليها (!!).
ففي وسيلة للضحك على شعوب الدول المتدهورة والاثراء منها، تبين ان جهة ذات نوايا خبيثة في اميركا، وبالتعاون مع جهات محلية في عدد من الدول المتخلفة كالكويت، قامت بتأسيس شركة باسم FDA Registerar Corp مهمتها تسجيل اي طلب يردها من اي طرف خارج الولايات المتحدة، وعن اي منتج غذائي او طبي، حتى ولو لم يكن له وجود، واصدار شهادة «تسجيل» للمنتج مقابل دفع رسم محدد!! وهنا تقوم الشركة المحلية بالاعلان عن حصول منتجاتها الطبية او الغذائية على شهادة FDA، وهذه تعني شيئا اخر غير المتعارف عليه دوليا!!
كان من الممكن ان تمر خدعة الشركة المحلية وتلاعبها علينا، ولكن ثقتها الزائدة بنفسها او بقلة فهم المستهلك في الكويت، دفعها لان تذكر في الاعلان ان شهادة الاعتماد«موثقة من الحكومة الفدرالية الاميركية»، وهذه المبالغة كشفت الخدعة والتزوير في الاعلان.
قمت من فوري بالكتابة لوزارة التجارة عن هذه الحادثة، مطالبا حماية المستهلك بالتحرك لحمايتنا، وارفقت بكتابي ما لدي من مستندات، وصور منها لا تزال بحوزتنا، وانتظرت شهرا وبعض الشهر، وعندما لم تتحرك الوزارة واستمرت الشركة في ادعائها المزيف، قمت بالاتصال بأحد مسؤولي الوزارة مستفسرا عن مصير شكواي، فاخبرني ان المدير الافغاني تم استدعاؤه، وان القضية قيد البحث، اتصلت مرة ثالثة ورابعة من دون جدوى، وبعد الحاح اخبرني احد صغار موظفي الوزارة ان القضية «قد حفظت» وان الوزير ربما امر بذلك كون الافغاني وأخيه هما من المنتمين للحزب الديني السياسي نفسه الذي يتبعه وزير التجارة (!!!)
نتمنى ان تكون معلومات الموظف خاطئة وان السيد باقر ليس له علاقة بالموضوع، وبالتالي ننتظر ردا توضيحيا منه شخصيا، او على الاقل من الوكيل، فالقضية والتهمة اخطر من ان تتركا من غير اجراء حاسم.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *