الأخوة المسؤولون في وزارة الإعلام، قطاع الإذاعة، خصصوا فقط خمس دقائق بالتمام والرفاه والبنين – في نشرة أخبار الساعة الواحدة قبل أيام – لشرح تفاصيل سفر المستشار في الديوان الأميري الدكتور يوسف الابراهيم إلى مملكة البحرين محملا برسالة صاحب السمو أمير البلاد إلى شقيقه العاهل البحريني.
الأخوة هؤلاء تفانوا وبذلوا جهودا جبارة فذكروا لنا أن المستشار يوسف الابراهيم سافر الساعة كذا وودعه فلان وفلان وبجانبهما فلان وفلان، وخلفهما يقف ثلة من المسؤولين والجموع الغفيرة، كلهم تكبدوا عناء المجيء للمطار لتوديع المستشار، وكلهم جاءت أسماؤهم في النشرة، والحمد لله. ومحتمل أن يكون اسم أحدهم سقط سهوا في خطأ غير مقصود، فسبحان الذي لا يسهو ولا ينسى.
المهم أن نشرة الأخبار تابعت تفاصيل الرحلة، ووصول المستشار سالما غانما إلى البحرين. وهنا يبدأ الجزء الثاني من المهمة الصعبة الملقاة على كاهل الزملاء في «إذاعة الكويت»، لكنهم كانوا كالعادة بمستوى المسؤولية، وتصدوا لهذه المهمة بروح وثابة وقلوب مؤمنة، فذكروا لنا أيضا أسماء جموع المستقبلين، فلان وفلان، وفلان الثاني هذا الذي استقبل المستشار يختلف عن فلان الذي ودّع المستشار، وقد يلتبس عليك الأمر للوهلة الأولى فتعتقد بأنهما شخص واحد، لكنك لو دققت ستكتشف الفرق بينهما، فلا تخلط بين الفلانين، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
ولا شيء يؤتمن هذه الأيام، وقد يستغل أحد أصحاب القلوب المريضة انشغال الناس فيدّعي بأن فلانا الذي استقبل المستشار هو ذاته فلان الذي ودّع المستشار، مع أن الفرق واضح في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا، وتعالوا نحسبها، كيف يتمكن فلان الذي ودّع المستشار من الوصول إلى المملكة قبل المستشار ليستقبله؟ بالمنطق، إلا إذا كان فلان هذا صعد مع المستشار على نفس الطائرة، وعند الوصول إلى مطار البحرين نزل هذا الفلان قبل المستشار وراح يركض واتخذ له مكانا بين صفوف المستقبلين، على اعتبار ان «المليح يبطئ» كما يقول التوانسة، والمستشار مليح لذا فهو يبطئ، والإذاعة مليحة، ونشرة الأخبار مليحة، وأنا لست مليحا، لكنني سأملح ذقني إذا استمعت إلى نشرة أخبار إذاعة الكويت مرة أخرى.
وأنا أصلا لم أستمع للنشرة تلك المرة كي أستمع لها مرة أخرى، سامح الله الزميل الثقة الذي نقل لي الخبر وهو يعتب على الإذاعة لعدم ذكرها محتويات حقيبة المستشار ونوع معجون أسنانه، وتركت الناس هائمين على وجوههم في الصحراء، وبعضهم ذهبت به الظنون وساورته الشكوك بأن المستشار لا يستخدم الفرشاة والمعجون، ويعتمد على المسواك، وهذا غير صحيح، وتعالوا نحسبها: المستشار ليبرالي قح، والليبراليون سامحهم الله يؤمنون بالتطور، والمسواك أداة قديمة لتنظيف الأسنان، تلاه اختراع المعجون والفرشاة، وبالتأكيد سيحرص المستشار على مواكبة العصر، وسيستخدم الفرشاة والمعجون.
ومعالي وزير الإعلام يمشي على خطة استراتيجية، ولا يخبط كالعشواء، وخطته هي البحث عن مكان دافئ ينام فيه، والحكومة كلها، أو عفوا لا أود الحديث عن الحكومة، كي لا يشغلني شيء عن الخبر المهم، تفاصيل رحلة المستشار، وهو الذي غادر مطار الكويت الدولي، وفي هذا دلالة واضحة، لا لبس فيها، على أن الرحلة كانت بالطائرة، لا السيارة، وتعالوا نحسبها، وعَ الهودا لك يابا الهودا ليّه، والعشق من الله يا سيدي وأنا شبيديّه…