الوزراء هذه الأيام ينامون على الرصيف في شارع الصحافة، يقبلون أكتاف الصحافيين وأيديهم لنشر تصريحاتهم «الإصلاحية»، وهم يصرحون لكل عابر، والقلم والورق على حسابهم، وقد يصرّحون ثم يكتشفون بأن الواقف أمامهم عامل كهربائي يشتغل في أحد كراجات الشويخ الصناعية المجاورة لشارع الصحافة ساقه سوء الحظ للمرور أمام خيام الوزراء المنتشرة في شارع الصحافة.
الوزراء أولئك يعلمون بأن الحكومة لن تعود كما كانت، وأن الانسحاب الحكومي من جلسة البرلمان الأخيرة سيجبرها على دفع الثمن، والثمن هو رؤوس بعض الوزراء الصغار، رغم أنهم «ليسوا في العير ولا في النفير»، أهل العير أربعة وزراء أو خمسة على الأكثر، سمو الرئيس ونوابه وأحمد باقر ومستشاره الدكتور إسماعيل الشطي، ولا أدري ما هو ذنب الوزير الذي «يحترم» نفسه كثيرا ولا يتحدث عن أي شيء في أي شيء، حتى لو كان الحديث عن وزارته سيستمع وينصت بأدب، ولا أدري ما الذي جناه على نفسه ذلك الوزير الذي يتواجد في وزارة التجارة أكثر مما يتواجد في وزارته، ليستخرج الرخص التجارية بأنشطة لها علاقة في مجال عمله، وهو لم يكن يمتلك الوقت للتباحث مع زملائه في مجلس الوزراء، ولم يشارك في خطة الانسحاب، لكنه وكما سرت الشائعات سيغادر الحكومة على أول طائرة، والشائعات هي المصدر الوحيد الموثوق هذه الأيام، فالحكومة تخاف من التصريحات، إنما المؤكد هو بقاء أحمد باقر في الحكومة، خوفا على حياته. متابعة قراءة على الرصيف
اليوم: 2 ديسمبر، 2008
الوزراء اللاعبون والوزراء الصامتون
من الأمور البديهية حقيقة انه لا يجوز لك، فيما لو أردت ان تلعب كرة قدم ضد فريق تطمع في الفوز عليه، ان تحضر معك فريقاً مكوناً من لاعبي كرة سلة يجيدون استخدام الايدي ـ لا الأرجل ـ في الملعب، وأمر كهذا ان جربته مرة فلا يجوز أن يجرب مرة أخرى.
ثبت ضمن الخيارات الوزارية المتتالية أن هناك وزراء غير ملائمين أو مناسبين على الاطلاق للعمل السياسي الديموقراطي القائم على الحوار والتنظير والتفكير وخلق الحلول المناسبة لكل معضلة ومن ثم علينا هذه المرة البعد عن الاختيار القائم على معطى الصداقة والمعرفة الشخصية.
فقد أثبتت الازمات المتتالية فشل امثال هؤلاء الوزراء ممن يعاد توزيرهم عادة طبقا للمبدأ الذي اخترعه المشير عبدالحكيم عامر والقائل ان الثقة تقدم على الكفاءة وان للمسؤول أن يخطئ ويستمر في تكرار اخطائه دون محاسبة حتى يغرق البلد أو يتوفاه الله.
ان هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في كيفية تشكيل الوزارة القادمة منعا للمشاكل، وان يتم خلق مستودع للمعلومات يوفر اسماء الاكفاء ممن يمكن توزيرهم بعد القيام بسلسلة لقاءات شخصية يشرف عليها مختصون، وذلك لأخذ موافقتهم على المشاركة الوزارية وللاستماع لخططهم المستقبلية ومعرفة مدى استعدادهم للدفاع عن تلك الخطط تحت قبة المجلس وفي المنتديات الاعلامية.
ولصمت المسؤولين أسباب غير وجيهة عديدة، فالبعض يريد أن يأكل من بلح الحكومة وعنب المعارضة في الوقت ذاته، لذا يتعمد الصمت غير الحميد عند وقوع عمليات التسخين السياسي، مما جعل الحكومات المتتالية تخسر الدعم الشعبي ويستأسد عليها بعض النواب بالتبعية حتى ينتهي الحال إما بحل المجلس أو استقالة الحكومة.
آخر محطة:
يصرخ البعض: «لا للمحاصصة» إلا أنه يصبح أول الصارخين والمعارضين فيما لو تم الاستماع لنصيحته ولم يتم توزير أحد من جماعته، ان المحاصصة لا تضر بذاتها فيما لو تم اختيار الاكفاء من كل انتماء سياسي أو شريحة اجتماعية.
الهدف هو المال فقط!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
يعتقد بعض أصحاب النفوس المريضة والسذج أنني اهدف، من وراء كتاباتي، الى تقويض دعائم الدين وخلخلة اركانه، وهذا ما لم يستطع القيام به من هو أعتى واقوى مني رأيا وحجة، فالدين باق ولن يضيره مقال هنا او رأي هناك!
ما نهدف اليه، ويهدف اليه غيرنا من الكتاب الذين يمكن وصفهم «تجاوزا» بالليبراليين او العلمانيين، هو تحقيق اهداف ثلاثة رئيسية:
اولا: الحد من سيطرة رجال الدين على مقدرات الناس والتحكم في رقابهم وآرائهم، من خلال فتاواهم، ووقف استغلالهم للدين لتحقيق الرخيص من الاهداف.
ثانيا: فصل الدين عن الدولة بحيث تتحقق الديموقراطية بصورتها الصحيحة، فلا ديموقراطية من غير حرية رأي.
ثالثا: ازالة كل ما علق بالدين على مدى عقود من التخلف، وجعله اقرب للعقل والقلب.
وللتدليل على «ثالثا» فإن ذاكرتي تزخر بكم هائل من المتناقضات التي تملأ حياتنا، والتي تكاد تخنق حس المنطق والفهم لدينا بحيث لا نعرف كيف نتصرف. فالضحك والبكاء يندمجان معا في تراجيديا عندما نسمع مثلا ان نائبا متخلف الفهم والفكر استغل «نفوذه» في اقناع ادارة المرور بتغيير اتجاه كاميرات السرعة بحيث تقوم بالتقاط ارقام السيارات المخالفة لحدود السرعة من الخلف، وليس من الامام، لان جناب النائب لا يرغب في ان تصور كاميرات الدولة «نسوة بيته» وهن مسرعات، ولكن لا مانع لديه من قيامهن بمخالفة القانون، لثقته بأن المخالفة ستسقط.. بالواسطة!
وفي مثال آخر، أجرت قناة المجد مقابلة مع الدكتور العالم عبدالباسط سيد، ورد فيها ان رائد الفضاء آرمسترونغ قال انه عندما اصبح في الفضاء رأى ان الارض كرة معلقة ومظلمة، ووجد شعاعا يخرج منها، وبالتدقيق اكثر تبين ان الشعاع يخرج من مكة، وبتقريب اشد تبين انه يخرج من الكعبة، وان له خاصية محددة، وان مكة تعتبر منطقة زوال مغناطيسي، ومن يزر مكة او يعش فيها يصبح اطول عمرا واكثر صحة.. لانه يتعرض لتأثير اقل من الجاذبية الارضية. وقال ان في المتحف البريطاني 3 قطع من «الحجر الاسود» وان علماء المتحف اثبتوا انه من غير احجار المجموعة الشمسية!
وغني عن القول ان كل ما ذكره هذا «العالم المصري الفذ» لا صحة له، فخلال اكثر من 1400 عام لم يدع احد انه رأى شعاعا يخرج من مكة، كما ان معدلات الحياة في مكة لا تختلف فيها عن أي مدينة سعودية اخرى، والحجر الاسود لم يسبق ان فحصت خواصه من اي جهة حتى الآن، والقول بأنه من خارج المجموعة الشمسية فهو ادعاء، فالمتحف البريطاني، حسب موقعه، لم تجر اي تجارب عليه، حتى كتابة هذا المقال، ولم ينشر اي بحث بهذا الصدد.
المؤسف ان حديث هذا «العالم»، واقوال وادعاءات كثيرة اخرى للعشرات من هذه النوعية من «العلماء» من امثال زغلول النجار وعبدالحميد الزنداني، الذي قال ان آرمسترونغ اكد صحة القرآن، وكأن المسلمين بحاجة لشهادته، كل هذه يتم تداولها على شبكات الانترنت، وتسيء الينا جميعا، شئنا ام ابينا، وهنا تكمن مهمتنا في كشف هؤلاء والتنبيه الى خطرهم، فما يقومون بترويجه من قصص ونظريات لا هدف من ورائها غير الشهرة الفارغة واحياناً الاثراء غير المشروع.