سامي النصف

حكمة الأمة بين النباطة والجزمة

يعلم كل مراقب محايد، وجل الكويتيين سواء ممن يعتبرون الكويت وطنهم الاول والنهائي، أو ممن يعتبرونه وطنهم الثاني ـ بعد المائة ـ وممن لا يمانعون في التضحية بمصالحه وحتى ببقائه في سبيل خدمة ولاءاتهم البديلة أن اخوتنا وأحبتنا في فلسطين يختلفون على كل شيء الا انهم يتفقون في الاغلب حتى اليوم على عشق صدام، والايمان بصحة ما حدث لنا في 2/8/90، وتخطئة ما عملته الولايات المتحدة والقوى الدولية في 26/2/91، ومع ذلك فأواصر الاخوة والانسانية تفرض علينا تقديم النصح الصادق لهم هناك، ولحلفائهم الفاعلين هنا في الكويت ومن ذلك فعلى الجميع معرفة الحقائق التالية:

ان الرئيس محمود عباس هو ضيف رسمي على سمو أمير البلاد حفظه الله كما أنه ضيف الشعب الكويتي كافة ومن ثم على الجميع ابداء واجبي الضيافة والاحترام المستحقين له. ان الاشكال الحالي تسببت فيه أوامر قيادة حماس التي ارسلتها من مقرها الآمن في احدى العواصم العربية وتعرضت على اثره غزة ـ لا الضفة الغربية التي يحكمها رجال السلطة ـ لما قالت اسرائيل انها ستقوم به حال تعرضها لصواريخ حماس، وهي دولة ان قالت فعلت كما علمتنا تجارب الماضي. إذا قبلنا المستوى البعثي المنحط من صحافي صدامي اجير لا يمثل إلا نفسه، فإن أحدا لا يقبل التشبه بمثل ذلك التصرف غير المؤدب وغير المسؤول ممن يمثل الشعب الكويتي قاطبة كما أتى في المادة 108 من الدستور (عضو المجلس يمثل الامة بأسرها ويرعى المصلحة العامة) وحتى لا يصبح ممثل الشعب الكويتي الى ممثل على الشعب. نرجو ألا تتحول «المهرجانات العامة» الى «تهريجات» عامة عبر استخدام «النباطة» تارة و«القندرة» تارة اخرى واظهار قوة الحناجر واللوز من قبل من يحرضون الشباب على الثورة والخروج ثم يعودون بعد ذلك آمنين الى بيوتهم واحضان زوجاتهم. ان حدود وابواب الكويت ستبقى دائما وأبدا مفتوحة على مصراعيها «للمحرضين» ممن يودون محاربة الآخرين في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، وهو أمر افضل من خطابات ساخنة تلقى في الساحات ثم تلغى من الاذهان بعد سويعات. في عصر المفاهيم المقلوبة وتحويل الابيض اسود والاسود ابيض لا نعلم كيف يتم تحميل دول التعقل والحكمة والسلام في المنطقة مسؤولية ما يجري وتتم تبرئة من حرض وأجج وفجر ويتم نسيان ان الدال على الشر كفاعله سواء بسواء؟!  ولا نعلم بنفس القدر لماذا تلقي بعض الحناجر الثائرة باللائمة عل‍ى معبر فلسطين الضيق مع مصر وتنسى في الوقت ذاته معابر أخرى تمتد لعشرات ومئات الكيلومترات مع فلسطين لا تطلق منها رصاصة أو تعبر منها خبزة؟ الحرب الحالية ستساهم في اكتساح الجناح اليميني المتشدد الانتخابات الاسرائيلية القريبة… كالعادة. ع‍لى «الداخلية الكويتية» ان تفرض هيبة الدولة في مثل تلك المهرجانات عبر منع رفع أعلام حماس وغيرها، كما تم في السابق منع رفع اعلام حزب الله حتى لا تتهم بازدواجية المعايير. لقد حان الاوان لنتخلص من نهج الغوغاء والتوقف عن تحكيم العواطف في قراراتنا القومية والاستراتيجية بعد أن جربنا هذا الاسلوب مئات المرات وانتهينا في كل مرة بهزائم مدمرة تسمى مجازا في القاموس العربي بـ «الانتصارات».

أخيرا نقول ألف أهلا وسهلا بضيف الكويت الكبير وصديقها ومحب السلام وصاحب الحكمة في التصرف والكلام الرئيس محمود عباس ولا عزاء على الاطلاق للاغبياء والمخدوعين والمغرر بهم، ممن إذا قبلنا خداع الآخرين لهم مرة فكيف نقبل بأن يلدغوا من نفس الجحر.. ألف مرة؟!

احمد الصراف

ضيف يوسف الجاسم وأنا!

طلب مني الصديق يوسف الجاسم مرافقته لاصطحاب ضيف كبير في زيارة لأهم معالم البلاد الحضارية. بدأنا جولتنا في منطقة الشدادية، التي اختارها يوسف لأهميتها المالية والعلمية حيث إن المصرف الذي يمثله الضيف سبق أن مول المقاول الذي أنهى بناء جامعة الكويت الجديدة الواقعة هناك.
أول ما استرعى نظرنا من بعيد كان منظر بوابة الجامعة المهيبة. عند وصولنا لها كان مسؤول العلاقات العامة بانتظارنا حيث شرح لنا رمزية البوابة وارتباط طرازها القوطي الشائع في الأندلوثييا، في اسبانيا، بتاريخ العرب هناك. وقد شعرت ويوسف بالفخر لهذا الإنجاز الهندسي الباهر، خصوصا بعد أن عرفنا بسعة اطلاع الضيف هندسيا. وما إن دلفنا تحت البوابة وأصبحنا في شوارع الجامعة الداخلية حتى انتابنا شعور بأننا نعيش في حلم علمي جميل، وأن الكويت ستكون شيئا آخر خلال سنوات قليلة، بفضل مخرجات هذا الصرح العالمي، والذي سيكون مفخرة هندسية وعلمية لكل العرب، وربما المسلمين أيضا، فقد كانت المباني العلمية التي صممت على طراز الباروك شيئا غير عادي بجميع المقاييس، بحيث تجعلك تشعر وكأن رائحة العلم تتسرب من خلال فتحات شبابيك قاعات المحاضرات في كل مبنى.
غادرنا الجامعة واتجهنا إلى مستشفى جابر في منطقة جنوب السرة وكانت زيارة مميزة بكل المعايير والأطوال والمقاييس. وقد انتبه الصديق يوسف لأمارات الحسد التي كانت بادية على وجه الضيف الأوروبي وهو يشاهد جمال المبنى وفخامته ونظافته والمستوى الرفيع للخدمة الطبية والتمريضية فيه، وقال الضيف إن المواطن الكويتي، والمقيم كلاهما، قد ضمن بهذا الصرح مستوى علاجيا لا يضاهى للسنوات العشرين المقبلة على الأقل. وقد تأسف جدا لفشل مصرفه في الفوز بتمويل مشروع بناء المستشفى بسبب فارق السعر.
غادرنا المستشفى واتجهنا لاستاد جابر الرياضي على الدائري السادس وشاركنا الضيف الشعور بالفخر، بعد أن استمع لشرح واف عن مزايا الاستاد غير العادية والتي دعت اللجنة الأولمبية العالمية دول العالم للاقتداء بمعاييره والاحتذاء بمواصفاته عند بناء أي مبنى مماثل. كما شرح المسؤول السرعة الخيالية التي اعتمد فيها المشروع ونفذ، وبالرغم من ذلك جاء في المرتبة الثانية بعد جسر الصبية، الذي حاز على المرتبة الأولى. وقال الضيف، الذي بدا على اطلاع كاف بمشاكلنا الكروية، اننا بهذا الاستاد العظيم سنقلب الطاولة على ابن همام وصحبه، وسيكون الدور عليه قريبا للجري خلفنا ومراضاتنا.
جسر الصبية كان هدفنا التالي حيث انطلقنا له من الدائري الأول بسرعة تجاوزت المائة بقليل. جمال المنظر من فوق الجسر خلب لب الضيف فطلب منا فتح نوافذ السيارة للاستمتاع بهواء البحر، ورائحة اليود والزفر المنعشة المنبعثة من مناطق تفريخ السمك، التي بقيت من دون تخريب نتيجة بناء الجسر. وخلال دقائق كنا على مشارف مدينة الحرير، التي كانت شيئا آخر، فقد ذكرتنا أحياؤها السكنية بالمدن الأميركية الجديدة الخلابة، التي بنيت على الطرز المكسيكية والدانمركية الحديثة بمسحة اسكندنافية واضحة. وقد أضعنا طريقنا لأكثر من ساعة بين ملاعب الغولف العديدة المنتشرة هناك، فقد تشابه علينا البقر، ولم نود أنا ويوسف حقيقة الخروج من تلك المنطقة بسبب خضارها العجيب.
انتهت جولتنا هناك في أحد مطاعم الداون تاون، الذي سيصبح قلب الكويت المالي خلال اشهر قليلة. وفي ذلك المطعم الدوار على قمة ناطحة سحاب تيسية (من تيس) الذي يتسع لأكثر من ألف شخص، تناولنا طعاما شهيا ونحن نستمتع بمنظر غروب الشمس في الأفق من جهة وتلألؤ أضواء منظر مدينة الكويت من الجهة الأخرى.
وهنا طلب الضيف منا إعادته إلى الفندق فما شاهده ورآه في ذلك اليوم يكفيه زادا هندسيا وثقافيا وعلميا ونفسيا وغذائيا لأشهر عدّة مقبلة، وقد أسفنا لطلبه، حيث إن في جعبتنا الكثير من المشاريع المماثلة التي كنا نود إطلاعه عليها والتي كانت وستبقى مصدر فخر كبير لنا ككويتيين مميزين!!
عند عودتي مساء ذلك اليوم للبيت قرأت في «السياسة» أن برج مبارك الكبير الذي سيتوسط إحدى أكبر ساحات مدينة الحرير سيكون الأعلى في العالم بارتفاع 1001 متر وستبلغ كلفة بنائه 86 مليار دولار، وسيتكون من 230 طابقاً، وسيجذب استثمارات كثيرة للكويت. وبالرغم من أن الموعد المتوقع للانتهاء منه سيكون في عام 2033، فان الحكومة الكويتية قررت الانتهاء منه مع نهاية عام 2009، كما طلبت الحكومة من المصمم إضافة طابق للمبنى في قمته يخصص جزء منه لعرض مشاريع الكلك الكويتية، وجزء آخر لعرض الدنابك والمراويس!!
ملاحظة: صاحب فكرة هذا المقال الحلم هو الصديق يوسف الجاسم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بالألف والتاء يا غزة

مهما تظاهرنا بالاهتمام بما يجري في غزة، ومهما استغرقنا البكاء والنواح على القتلى، «نحن كذابون». وكلمة «كذابون» خبر مرفوع بالواو لأنها جمع مذكر سالم. لكن المشكلة أن من شروط جمع المذكر السالم في الصفة أن تكون «لمفرد مذكر عاقل»، فأين العاقل بيننا نحن العربان؟
جامعة الدول العربية التي غضبت وقرر أمينها عقد اجتماع «طارط» لوزراء الخارجية، هل هي المقصود بـ«المفرد المذكر العاقل»؟ أم حركة حماس التي أحرقت أهلها وأرضها بصواريخها الورقية؟ أم أن المفرد المذكر العاقل هو بقية الديدان الفلسطينية المسماة أحزاب، «فتحها» و«مقاومتها الشعبية» و«جهادها» إلى آخر الديدان التي تتغذى على دماء المساكين من أبناء جلدتها؟ لا عاقل اليوم، لذا يجب تغيير الكلمة لتصبح «كذابات»، لأننا كلنا جمع مؤنث سالم، شديد السلامة. متابعة قراءة بالألف والتاء يا غزة

سامي النصف

المفاوض الكويتي في «الداو» وغيرها

قرأت ذات مرة ان الكويت تخسر سنويا ما يزيد على 600 مليون دولار بسبب ضعف قدرات المفاوض الكويتي مقارنة بالمفاوض الآخر وهو أمر سيبقى ما بقيت التعيينات الحكومية ـ وحتى الخاصة ـ في المراكز القيادية التي لا تعتمد على الذكاء والكفاءة والقدرة بل على التوجهات السياسية والانتماءات الاجتماعية.

واشكالات المفاوض الكويتي تنبع من شقين، الأول ضعف قدراته الذاتية وقلة احترافه وندرة القراءة والاطلاع لديه وفقدانه لعنصر التحضير الجيد الذي يحتاج لسهر الليالي في الاعداد لمثل تلك اللقاءات، الشق الثاني سببه الغرور الزائف لدى المفاوض الكويتي الذي يجعله لا يستعين بالمستشارين الاجانب شديدي الاختصاص والاحتراف وحتى ان فرضت عليه الاستعانة بهم يقوم عادة بتجاهل توصياتهم او العمل على النقيض منها كي يظهر نفسه بأنه افضل منهم.

ومن الأمور المهمة التي ساعدت على ديمومة ظاهرة ضعف المفاوض الكويتي ان احدا لا يحاسبه قط متى ما اخفق في عملية التفاوض التي قام بها او تسبب ضعفه في جعلنا ندفع اضعافا مضاعفة مما يدفعه المشترون او الشركاء الآخرون خاصة في غياب فهم لحقيقة الطرف المقابل شديد الاحتراف والقدرة كونه يستخدم اذكى الناس ويقوم بعمليات بيع وشراكة طوال الوقت بينما لا يمارس الطرف الكويتي عملية التفاوض الا مرة كل عقد من الزمن.

وأذكر في هذا السياق ما قاله لنا مستشار اجنبي مختص بتخطيط الاساطيل وشراء الطائرات تستعين به عادة شركات الطيران الكبرى عند تفاوضها مع الشركات المصنعة للطائرات كاعتراف منها بمحدودية قدرتها على الحصول على افضل الاسعار والمزايا من ان شراء طائرة واحدة يحتاج الى ما يقارب العام من التفاوض وتبادل المعلومات والتحقق منها، بالمقابل قام مسؤول مواصلات سابق بقيادة عملية تفاوض مع الشركات المصنعة للطائرات بعد عملية اعداد وتحضير لم تتجاوز نصف الساعة كاد الفنيون الحاضرون معه ان يذوبوا على كراسيهم خجلا مما يشاهدون ويسمعون وانتهى الأمر بفضيحة كبرى وخسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار وتدمير مؤسسة عريقة عامة ومعها سمعة الكويت التي لم تعد تحترم في المنتديات الدولية.

وأحد الأسباب الرئيسية لنجاح الكويت في الستينيات ان وزراء ونواب تلك الحقبة كانوا يعترفون بمحدودية قدرتهم امام المتغيرات السريعة التي يمر بها البلد، ما جعلهم يستمعون لنصائح المستشارين الأجانب الذين تم احضارهم لمساعدتهم وهو ما خلق النهضة الكويتية الباهرة آنذاك في كل المجالات، وكان نواب الأمة يستمعون للخبراء والمستشارين الدستوريين المتواجدين في الجلسات وتحت قبة البرلمان ولم تبدأ النكبة الا عندما استغنينا في امورنا عن المختص وسلمناها للجاهل.

وقد ضمني ذات مرة مجلس كان متواجدا فيه مستشار يعمل في احدى الشركات الاستشارية العالمية الكبرى وقد انتقدت توصيتهم فيما يخص احد المشاريع فقال ان جميع دول العالم تستعين بنا وتستمع لاستشاراتنا وتوصياتنا وإلا لماذا تم احضارنا ودفع المبالغ الباهظة لنا ماعدا دولتكم، حيث يتم تقييد أيدينا ورفض جميع توصياتنا ماعدا مسارا واحدا يطلب منا التوصية به وهو ما نقوم به بعد ان نضيف جملة «عدم مسؤوليتنا عن تلك التوصية».

آخر محطة:
بعد مقترحه الرائع الأخير، نقترح قيام عملية تبادل أسرى مع العراق الشقيق نسلمهم خلاله المجاهد الأكبر مبارك البذالي ونتسلم منهم ابنه القاصر المغرر به.

احمد الصراف

غزة ومارتن نايملر

يقول مارتن نايملر Martin Neimoller، وهو نازي سابق، انه عندما بدأ النازيون بالقضاء على الشيوعيين في المانيا لم احرك ساكنا، فلم اكن شيوعيا، ولم اعبأ بالتالي لما كان يجري لهم من قتل وتشريد! وعندما بدأوا بحملتهم ضد «الديموقراطيين الاجتماعيين» التزمت الصمت، فلم اكن يوما «ديموقراطيا اجتماعيا»، وعندما اعلنوا الحرب على الاتحادات العمالية، لم افتح فمي معترضا، فلم اكن عضوا في اي اتحاد عمالي او مهني! وعندما جاءوا للقبض علي، بعد وشاية آثمة، لم يبق هناك احد ليقف معي ويدافع عني!
اكتب ذلك بمناسبة ما يتعرض له سكان غزة من قتل وتشريد على يد الآلة العسكرية الاسرائيلية، ففكر حماس وحكومتها لم يتركا لها صديقاً في العالم، غير بعض الجهات المتخلفة او العاجزة عن فعل شيء لمساعدتها، فقد رفض قادة حماس الاعتراف بوجود اسرائيل، وهذا من حقهم، ومن حق اسرائيل بالتالي ان تثبت ذلك الوجود، كما عادوا الولايات المتحدة، ورفضوا مساعي الاتحاد الاوروبي لجمعهم مع الاسرائيليين، وخسروا تعاطف الدول الخليجية ومصر بالذات، ورفضوا كل منطق وعقل في تعاملهم مع اخوانهم في منظمة التحرير والجبهات الفلسطينية الاخرى، كما لم يصدقوا جدية التهديدات الاسرائيلية بان آلتها العسكرية ستتحرك ان لم يتوقف ناشطو حماس عن اطلاق الصواريخ العشوائية باتجاه مدنها، ولم يتمكنوا، او ربما يشتهوا، قراءة اهمية زيارة تسيبي ليفني لمصر واستقبال مبارك لها في القاهرة، على الرغم من انها سابقة ذات دلالات مهمة، وقال اسرائيل ان لصبرها حدودا وان «إنف از انف»، ولكن حكومة حماس لم تأبه لكل ذلك، وبقيت وتيرة الحياة في غزة كما هي، وما ان بدأ القصف الاسرائيلي وسقط مئات القتلى وآلاف الجرحى، حتى صاحت حماس بان الهجوم غادر وغير متوقع!.
وبمناسبة النداء الذي اصدره رئيس المكتب السياسي لحركة حماس طالبا من الكويتيين مواصلة دعمهم لغزة الجريحة والمحاصرة، فإننا نتساءل فقط أين كان أهالي غزة بالذات يوم تعرضت الكويت للاحتلال والسلب والنهب من النظام العراقي الهمجي السابق الذي لم تردعه أواصر الأخوة والمحبة والقربى من أن يفتك بكل ما وصلت اليه يداه؟ هل وقف سكان القطاع على الحياد عندما تشرد مئات الآلاف من الكويتيين بعد أن فقدوا هويتهم ومستقبلهم وأملاكهم وبيارات نفطهم؟ ألم تهلل الجماهير الغزاوية في الشوارع مرحبة بذلك الاجتياح الهمجي مسرورة باحتلال صدام، مبتهجة لقيام دباباته بدك البيوت الآمنة وتخريب مؤسسات الدولة لغير سبب منطقي؟ الم يرفعوا صور الطاغية صدام داعين له بطول العمر ومطالبيه بالفتك أكثر بنا؟ آه كم هي ضيقة ذاكرة شعوبنا! ولكن مع كل هذا فإن انسانيتي تجعلني أترفع عن التصرف بمثل ما تصرف به الكثير من أهالي غزة بالذات تجاهي. فحبي لوطني لا يسمح لي إلا بمقابلة اساءتهم بالحسنى، وأن أضع الماضي خلفي وأقف معهم متبرعا بما استطيع من مال وما اتحمل من دم، ليس لخوفي فقط لما تبطنه الأيام لنا، ولكن لأن عدم الوقوف معهم يمثل خيانة لمبادئي!
أعلم جيدا أن لا أحد منهم سيقرأ هذا الكلام، وان قرأه فلن يعبأ به كثيرا، ولكني أكتبه لاقتناعي به وليس لاي امر آخر.
ولكن على أهالي غزة عدم نسيان أن من دفعهم للتصرف معنا في زمن الغزو والاحتلال العراقي بكل ذلك السوء لم يكن سوى حماس ومن كان وراءها من قيادات متأسلمة متخلفة لم تتغير منذ ما قبل غزو واحتلال الكويت وحتى اليوم! فهؤلاء هم الذين جلبوا لكم الدمار والفقر والمرض، وبعد أن قمتم باختيارهم من خلال صناديق الاقتراع. فتطرف قيادتكم الدينية السياسية لا يقل عن تطرف القيادة الاسرائيلية الدينية، وحماس هي التي أعلنت غزة «وقفا إسلاميا» لا يحق لغيرهم التواجد فيه وتملك أراضيه!
ونصيحة أخيرة، لا يغركم وقوف القيادات المتأسلمة في الكويت وغيرها من سلف واخوان وتلف من جماعة “النباطة” وربطات الجبين المضمخة بالألوان الحمراء، فهؤلاء لا هدف لهم غير البروز والمال، ومآسيكم ودماؤكم هي التي تزيدهم شهرة وثراء، فلا ايران ستنفعكم في نهاية اليوم ولا الأقطان ستقف معكم، فمصير غزة يكمن في أيديكم وعليكم الخلاص ممن وضعكم في هذا المأزق الذي لن تتمكنوا بسهولة من الخروج منه.. سالمين!
ملاحظة: طالبت القيادات الممثلة للسلف والاخوان وحزب الامة، وبقية الاحزاب غير الشرعية، عبر خطب ملتهبة القيت في ساحة الارادة، بفتح باب الجهاد امام الجماهير الاسلامية لتقوم بالتصدي لطائرات اسرائيل وصواريخها من خلف متاريس مصنوعة من قنادر «منتظر»! وعند انتهاء المهرجان «الخطابي» لم يتقدم احد للتطوع، بل غادر الجميع الساحة الى امان بيوتهم واحضان زوجاتهم وعناق ابنائهم والوثير من فرش صالاتهم لمتابعة برامج قنوات روتانا المسلية!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

يحچي بالقانون؟

لا أعلم إن كان هناك قانون حقاً يمنع الرجال من دخول مدارس الطالبات، أم أنه من ضرب خيال هايف، وإن كان هناك قانون كما يدّعي هايف فيجب أن يُلغى لأنه سطحي وغير منطقي أبداً، ولكن لست أنت يا هايف من يتحدث عن القانون الكويتي لا من قريب ولا من بعيد، فدخولك إلى المجلس غير قانوني عن طريق فرعية تتباهى بها، وقسمك النيابي غير قانوني لأنك أقحمت ما هو غير موجود في النص الدستوري على القسم بمزاجك، وأمام ناظريْ رئيس مجلس الأمة، الذي لا يعرف كيف يحاسب المتعدين على القانون واللائحة داخل المجلس.

ولكن لنطرح فرضية معينة نبين بها مدى سخافة مطالبة هايف وغيره من النواب بالاحتجاج على الأصبوحة الشعرية، بسبب أن الرجال دخلوا إلى مدارس الطالبات… فالمناهج التعليمية كلها تزخر بعلماء من شتى المجالات وأغلبيتهم العظمى من الرجال، ففي التربية الإسلامية نجد أسماء كالبخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم، وفي الأدب نجد شوقي وحافظ وأمل دنقل، وفي العلوم والرياضيات نجد نيوتن والخوارزمي وزويل وآينشتاين، لنفرض مثلا أن أحمد زويل أو بيل غيتس قاما بزيارة إلى الكويت، وأرادا إلقاء محاضرة في ثانوية للطالبات، فهل سترتفع بعض الأصوات بالاحتجاج على دخولهم إلى المدارس؟ أعتقد أن إجابة هايف ومن هم من أمثاله ستكون الرفض طبعاً، لأن كل وجود بالنسبة لرجال ونساء في مكان واحد هو أمر يثير الغرائز ويحفّز على الفجور.

إن المشكلة ليست في هايف أو غيره باعتقادي، المشكلة كلها تقع على عاتق الحكومة التي لا تتجرأ على ردع أي محاولة لوأد الدستور والتعدي على نصوصه من قبل نواب يفترض أنهم مؤتمنون عليه ومطالبون بتطبيقه وحمايته، فقد بات التعدي على الدستور أسهل من شرب الماء لنوّاب المجلس، فهم لا يبالون إن كان قولهم وفعلهم ضد الدستور أو يتعدى عليه، والسبب طبعاً وهن الحكومة ورئيسها غير القادرين أبداً على مجاراة ما يحدث اليوم من النوّاب.

خارج نطاق التغطية:

في يناير المقبل ستعقد قمة اقتصادية عملاقة في الكويت، وبالطبع ستغلق كل الشوارع من قبل إدارة المرور بحجة تنظيم السير مما سيعرقل احتياجات أبناء الكويت في التنقل سواء للذهاب إلى العمل أو غيرها من حاجات التنقل، فالكويت بكل جهاتها لا تعرف سوى المنع لحل أي مشكلة، ولهذا فلتلجأ الحكومة إلى أسلوب التنبيه الإعلامي بالطرق التي ستغلق، لعل هذه المحاولة تجدي لحل أسلوب المنع العقيم.

سامي النصف

فزعة لإنقاذ دبي

في عام 90 احتل صدام الكويت، ورغم مخاوف كل دولة خليجية على امنها الذاتي الا ان جميع دولنا وقفت صفا واحدا لتحرير الكويت، وهو ما تم، ولولا تلك «الفزعة» لكانت الاوضاع الخليجية بالمجمل قد تحولت للاسوأ ولربما واصل رابع جيش في العالم اجتياحه ولكنا نتحدث الآن عن المحافظة الرابعة والعشرين لعراق صدام.

لدى دول الخليج العربية هذه الايام اشكالات اقتصادية شائكة لا تخفى على احد الا ان تلك الاشكالات الذاتية يجب الا توقف دولنا الخليجية مجتمعة وعبر قمتها الحالية عن المساهمة في اكمال مشاريع امارة دبي الواعدة وانقاذ تلك الدرة الخليجية ـ التي يذكر لها الكويتيون كرم ضيافتها لهم ابان الاحتلال ـ من اشكالها المالي الحالي اظهارا للتضامن الخليجي في أجمل صورة وحماية للنفس، فسقوط دبي – لا سمح الله – سيعني سقوط آلاف الشركات الخليجية الكبرى وافلاس كثير من رجال الاعمال الخليجيين والعرب.

نشرت صحفنا المحلية حجم مديونيات شركاتنا المساهمة وهي تفوق مديونيات عدة دول افريقية مجتمعة، اذا كنا نعلم عبر الرؤية المجردة اين ذهبت قروض دبي والفائدة المرجوة من اكمال مشروعاتها الضخمة، فهل لنا ان نسأل اين ذهبت قروض شركاتنا المساهمة؟ وهل استخدمت في انشاء المصانع والمزارع والمطارات والقطارات ومراكز الخدمات بحيث تصبح اصولا ذات فائدة لمن يقوم بشرائها او تعويمها، ام انها اقتسمت ما بين العمولات والبونصات وعمليات التنفيع الشخصية وشراء اصول وهمية ذرتها رياح السونامي الاقتصادي الحالي؟!

هل العالم في نهاية السونامي الاقتصادي ام في بدايته؟! اعتقد ان بعض دول العالم التي تعاملت باحتراف شديد مع الازمة ولم تخف من اعلان الافلاسات قد تكون تخطت خط البداية وقد نشهد في نهاية عام 2009 قرب نهاية اشكالاتها، اما بعض دولنا فمازالت في بداية الازمة، وسنشهد في الاعوام المقبلة النتائج الكوارثية لـ 1 ـ الانهيار الاقتصادي، 2 ـ انخفاض اسعار النفط بشكل دائم، 3 ـ التردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

وكويتنا الحبيبة هي البلد الوحيد في التاريخ الذي تنهار فيه الاسواق المالية كل عام او عامين وتتعرض فيه البنوك والشركات لخطر الافلاس ويثرى البعض من تلك الانهيارات ـ او السرقات ـ ثراء فاحشا ولا يحاسب احد قط، ورحم الله ايام احالة فراش البلدية للنيابة العامة، فعلى الاقل كان هناك من يحترم العقول ويقر بأنه لا جريمة تتم دون فاعل.

تضمنت بعض مقترحات المدغدغين من رجال البرلمان عمليات تدمير وتخريب منظمة للاقتصاد الكويتي حيث تم عبر بعض تلك المقترحات، كالتقاعد المبكر للمرأة وغيرها، الإضرار الشديد بمؤسسات رابحة وناجحة كالتأمينات وصندوق التنمية وهيئة السكان وبنك التسليف.. الخ، وكانت حجة هؤلاء الوحيدة كلما تصدينا لهم ان فوائض الميزانية العامة للدولة تضمن عدم افلاسها، المال العام في المقبل من الاعوام لن يكفي لدفع رواتب الموظفين، والواجب اعادة النظر في كثير من التشريعات قصيرة النظر التي صدرت خلال سنوات «غياب الوعي» الماضية.

آخر محطة:

«النفط» و«المالية» هما من اهم الوزارات في الفترة الصعبة والحرجة المقبلة حيث تشكلان مجمل دخل الدولة، الوزارتان بحاجة ماسة لوزيرين كفؤين وافضل من الحاليين ممن اذا سكتوا مصيبة واذا نطقوا كارثة. انتقد وزير الطاقة ـ وبذكاء شديد ـ منتقدي مشروع «الداو» من النواب وتساءل من اين يأتون بمعلوماتهم وارقامهم؟ والحقيقة ان سؤالا كهذا يدينه ولا يدينهم حيث يظهر اخفاقه واخفاق القيادات النفطية الشديدين في ايصال المعلومات الصحيحة للجهات الرقابية كمجلس الامة، وحجة كهذه يستشهد بها فقط في الكويت.

سامي النصف

أسماء ليست كالأسماء

الشيوخ والنواب:
محمد عبدالله المبارك، ثامر جابر الاحمد، حمد جابر العلي، احمد النواف، عبير سالم العلي، سلمان الحمود، صباح محمد الاحمد، خليفة علي الخليفة، طلال المبارك، فواز السعود، مرزوق الغانم، صالح الملا، فيصل المسلم، علي الراشد، محمد الحويلة، محمد العبدالجادر، عادل الصرعاوي، جمعان الحربش، عبدالعزيز الشايجي، حسن جوهر، محمد الكندري، عبداللطيف العميري، روضان الروضان، علي الدقباسي، عسكر العنزي وغيرهم.

السيدات والسادة:
كوثر الجوعان، جنان بوشهري، عبدالوهاب الهارون، هشام الرزوقي، عادل اليوسفي، فيصل العيار، أسعد البنوان، فيصل المطوع، ساير بدر الساير، فيصل الزامل، سعود البابطين، بدر السميط، يوسف علي المتروك، عادل البحر، نجيب مساعد الصالح، وليد الروضان، سعد البراك، عمر العيسى، عمر القاضي، عمر المطوع، اسامة بوخمسين، بدر البعيجان، حسام الشملان، عبدالفتاح معرفي، عبدالعزيز النفيسي، حمد العميري، عبدالسلام البحر، أيمن بودي وغيرهم.

الدكاترة:
محمد الرميحي، خالد الصبيح، علي الزعبي، صعفق الركيبي، هيلة المكيمي، رولا دشتي، يوسف النصف، خليفة الوقيان، خالد الشلال، رمضان الشراح، عادل الوقيان، عبدالرحمن الاحمد، عجيل الظاهر، عبدالله سهر، ابراهيم الرشدان، مبارك العجمي، شفيق الغبرا، وغيرهم.

الكويت ولادة وما سبق هي أسماء لدماء كويتية حامية غير تقليدية تخرج اغلبها في أرقى الجامعات العالمية ولا يمانع كثير منهم في خدمة وطنه في المرحلة الحرجة القادمة عبر القبول بالمنصب الوزاري.

لقد حسم المستشار شفيق إمام في مقال الأمس بجريدة «القبس» قضيتين مهمتين، الاولى هي عدم التقيد بمدة محددة للتشكيل الوزاري ومن ثم سقوط عامل الوقت كمسبب للتسرع في الاختيار، والثانية دستورية حضور الحكومة للجلسات رغم استقالتها، ومن ثم اضافة عامل آخر لعدم التسرع.

إن الكويت بحاجة لحكومة ليست كالحكومات تضم أسماء ليست كالاسماء المعتادة لمواجهة مرحلة ليست مثل كل المراحل السابقة في حجم التحديات الاقتصادية والسياسية والامنية التي ستواجهها، ونرجو ان يعكس التشكيل الجديد بروحه وقوته رسالة تفاؤل وأمل للناس فلا احد بحاجة لجولات حامية أخرى.

آخر محطة:
 أجمل التهاني والتبريكات للعالمين الاسلامي والمسيحي وللانسانية جمعاء بحلول رأس السنة الهجرية وأعياد الميلاد المجيدة، وكل عام وأنتم بخير.

احمد الصراف

مايكل هارت وبل غيتس

كتب مايكل هارت في عام 1978 بحثه الشهير A ranking of the 100 most Influential persons inhistory او المائة شخصية الاكثر تأثيرا في التاريخ، الذي جاء في اكثر من 560 صفحة من القطع الكبير وتضمن سير 100 شخصية تاريخية وكما غريبا وطريفا ومفيدا من المعلومات عن شعوب العالم. وسبق ان قام الكاتب المصري انيس منصور بترجمة الكتاب قبل سنوات، ولكن بصورة غير امينة، ووضع اسمه على الغلاف من دون الاشارة الى اسم كاتبه الحقيقي، وقام بتشويه عنوانه ليجعله “اعظم مائة شخصية في التاريخ”، والفرق واضح بين “الاعظم” و”الاكثر تأثيرا”! فقد لا يكون للشخص أي تاثير مباشر على حياتنا، ولكن هذا لا يجعله اقل عظمة في الوقت نفسه، والعكس صحيح.
يتصدر اسم النبي محمد بن عبدالله (ص) شخصيات الكتاب لكونه الاكثر تأثيرا، وبصورة مباشرة على حياة المسلمين. ولا ينازعه في المكانة احد، فما كان يقوم بأدائه من فروض دينية وما كان يأمر باتباعه، او ينهى عنه، منذ 1400 عام او يزيد، لا يزال، والى حد كبير، يؤدى بالطريقة نفسها.
وجاء اسحاق نيوتن في المرتبة الثانية لتأثيره الهائل والمباشر على حياة البشر من منتصف القرن السابع عشر وحتى اليوم والى قرون عدة مقبلة. فنيوتن،ولاسباب عدة، يعتبر اعظم عالم عرفته البشرية، ومكتشفاته تعتبر حجر الاساس لكثير من المخترعات التي ننعم بها اليوم. ووضع المؤلف السيد المسيح في المرتبة الثالثة تأثيرا، علما بان مايكل هارت مسيحي اميركي، كما ان مسيحيي العالم يفوق عددهم اتباع أي ديانة اخرى، ولكن البحث لم يوضع على اساس الاكثر اتباعا او قوة او سطوة بل “تأثيرا”، والتأثير المباشر لحياة المسيح وكلامه ووصاياه لا يقارن بتأثير من سبقه من شخصيات الكتاب التاريخية، وربما يعود ذلك الى قصر حياته وقلة افعاله واقواله بالتالي.
ثم يأتي بوذا وكونفشيوس والقديس بولس والصيني “تسالون”، مخترع الورق، ومن بعده جوهان غوتنبرغ مخترع الطباعة، وكريستوفر كولمبوس تباعا، ومن ثم ألبرت اينشتاين في المرتبة العاشرة، الى ان نصل الى الشخصية 51 وهي لعمر بن الخطاب، لنكتشف، حسب القواعد التي وضع البحث على اساسها، ان لا احد غيره وقبله النبي قدما من منطقتنا، وكان له ذلك التأثير الهائل على حياة البشر.
تضمنت القائمة شخصيات مؤثرة اخرى كـ “لويس باستور”، اعظم علماء الطب ومكتشف علم الجراثيم (البسترة). والكسندر غراهام بيل، مخترع التلفون، وكوبرنيكوس، وجيمس وات، مخترع الآلة البخارية التي مهد اختراعها للثورة الصناعية، وماكيافيللي، والكسندر فليمنغ مكتشف البنسلين، والاخوة رايت في الطيران، وعالم الكيمياء “لافوازييه” والنفس “سيجمون فرويد”، وتوماس اديسون، المتعدد الاختراعات والمنجزات، والايطالي “ماركوني” مخترع الراديو، وغيرهم الكثير. وربما يكون الهولندي وليام مورتون اقلهم شهرة واكثرهم نفعا للبشرية، فقد كان له دور كبير في تطوير استخدام التخدير في العمليات الجراحية، الامر الذي خفف من آلام مئات ملايين البشر، خاصة ان اكتشافه جاء قبل حربين عالميتين خلفتا اكثر من مائة مليون جريح!
ويصل المؤلف لاستنتاجات غاية في الاهمية، حيث بين ان غالبية شخصيات الكتاب قدموا من اوروبا، وان البريطانيين منهم كانوا الاكثر مساهمة في الحضارة الانسانية من أي امة اخرى. وان خمسة من الـ 18 بريطانيا قدموا من اسكتلندا، واسماء هؤلاء الخمسة وردت في النصف الاول من الكتاب. ولو علمنا بان نسبة الاسكتلنديين من بين سكان الكرة الارضية لا تتعدى واحدا على ثمانية (ثمن) في المائة فقط لعلمنا مقدار ما تركز في اسكتلندا من مواهب وخبرات.
كما يلاحظ ان نسبة كبيرة من شخصيات الكتاب برزت بين القرنين السادس والثالث قبل ميلاد المسيح! ثم تبعت ذلك فترة من السكون والخمود امتدت لفترة 1800 سنة تقريبا، أي حتى القرن الخامس عشر الميلادي، عندما تهيأت ظروف افضل للتقدم والاختراع والاكتشاف.
ويقول المؤلف ان كتب التاريخ تخصص صفحات أكثر للقادة السياسيين،ولكنه يعتقد ان التقدم العلمي كان له الدور الاكبر في تشكيل عالمنا.
وتبين من البحث ان 19% من شخصيات الكتاب لم يتزوجوا، كما ان 26% منهم لم ينجبوا، حسب ما توافر للمؤلف من معلومات.
كما بين البحث ان جميع شخصيات الكتاب كانوا شديدي الذكاء، ومن الحاصلين على تعليم عال، اما غالبية غير المتعلمين منهم فقد كانوا من القادة العسكريين.
وبين البحث حقيقة غريبة هي ان 10% من شخصيات الكتاب كانوا يعانون داء النقرس، علما بان النسبة العالمية للمصابين بهذا المرض اقل من ذلك بكثير، وهو امر جدير بالدراسة. لا شك ان المؤلف وضع كتابه في مرحلة اعتقد فيها، من منظوره الخاص، ان من كتب عنهم يمثلون الشخصيات الاكثر تأثيرا في تاريخ البشرية. ولا شك ان البعض يختلف معه في الترتيب الذي اتبعه، او في اهلية البعض منهم ليكونوا ضمن المائة الاكثر تأثيرا اصلا. وربما يكون هذا حافزا لباحثين آخرين لكتابة ما يتفق وآراءهم.
واخيرا، لو كان المؤلف لا يزال على قيد الحياة لما تردد في ادخال شخصيات مؤثرة جديدة على الكتاب. ففي الثلاثين سنة الاخيرة فرضت شخصيات عالمية، كـ”بل غيتس”، رئيس مايكروسوفت وستيف جوبس مؤسس “ابل”، نفسيهما على الساحة العالمية.
***
ملاحظة: تزامناً مع بدء احتفالات رأس السنة, اعلن المتشدد مبارك البذالي عن تدشين جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال إن نشاطها سيبدأ من “الصليبخات” ومراقبة تصرفات “الخادمات المتبرجات” فيها.
وحذر البذالي من اقامة حفلات مختلطة او احتساء الخمور في رأس السنة. وقال ان من يرغب في مثل تلك الممارسات فليخرج من الكويت. وأكد ان عمل جمعيته لا يتعارض مع عمل وزارة الداخلية وانما هو مكمل لها في المحافظة على القيم والاخلاق.
ونحن في هذه الزاوية نشد على يد البذالي ونتمنى له التوفيق، ونرحب به وليا لأمرنا، فله وحده الحق في بقائنا في الكويت أو الخروج منها.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

بين البحرين وإيران

 

كحال الكثيرين، أقضي بعض الوقت، كلما سنحت الفرصة، للتجول في المنتديات الإلكترونية البحرينية والإطلاع على ما يطرح فيها من موضوعات، وقد لفت نظري، كما هو الحال بالنسبة إلى الكثيرين أيضا، أن التحذير من مطامع إيران في البحرين والتخطيط الدائم من قبل الجمهورية الإسلامية (الجارة) للسيطرة على بلادنا، يتصدر اهتمامات (فصيل) محدد من أصحاب الأسماء المستعارة، الذين يسردون الكثير الكثير من المعلومات الاستخباراتية (التي لا تعلم عنها الدولة وأجهزتها)، بل ويكتبون باللون الأحمر (التحذير) للحكومة مرارا وتكرارا كي لا (تنام في العسل) وتقع الفأس في الرأس.

باختصار شديد، فإن مضامين تلك الموضوعات تحمل من الإهانة لبلادنا ذات الاستقلال والسيادة والقيادة الشرعية ما لا يمكن قبوله، كما أن الاستناد إلى وجود جماعات من أبناء البلد ذوي الهوى الإيراني من (يخططون ويتلقون الأوامر ويتولون التخريب والتدمير والقتل وإرهاب البلاد والعباد) كما تزعم تلك الموضوعات وكتّابها، لا يمكن اعتباره أبدا دليل إدانة، ثم ينقلب الأمر بين ليلة وضحاها، فيتم توجيه الكلام البذيء والإهانات إلى كبار المسئولين حين يزورون إيران ويوقعون الاتفاقات الأمنية والاقتصادية والتعاونية المشتركة، فتظهر عبارات أخرى مثيرة للضحك والإشفاق على تلك العقول من قبيل: «لطالما حذرنا من الخطر الإيراني الصفوي المجوسي على بلادنا، فكيف يا حكومة تتعاونين مع من يريد احتلالنا؟».

تلك (الحقائق المذهلة) تعني أمرا واحدا، وهو أن أولئك الخبراء الفطاحل يمتلكون من المعلومات والحقائق والوثائق والمواقف ما لا تملكه الدولة ولا تريد أن تعرفه! فلزاما عليهم تكرار التحذير، ولا بأس في ذلك طالما الأمر لا يعدو كونه (خزعبلات) أسفل أسماء مستعارة عملاقة عتيدة تمثل (الولاء الحقيقي المطلق والأول ولا شيء غيره).

وفي ظني، أن وزير خارجيتنا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وقع في خطأ جسيم عندما مثّل (مملكة البحرين) في التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع (إيران المتربصة)، ولم يأخذ في اعتباره التحذيرات الكثيرة من الخطر الإيراني الذي سيستمر إلى أبد الآبدين كما يبدو، ولم يضع في اعتباره تحذيرات (خبراء الكيبورد) من وجود طابور خامس، وعصابات مدربة، وجماعات (ذات هوى إيراني مجوسي)، فأصبح هذا الرجل السياسي المحنك المقتدر في نظر أولئك الخبراء، مخطئا لأنه ذهب إلى العدو في عقر داره، ليوقع اتفاقية أمنية.

أما بعد، فالبحرين يا (أولئك) لا تحتاج إلى هواجسكم المبطنة بالولاء، وشئنا أم أبينا، ستبقى البحرين عربية، وسيبقى (آل خليفة) حكامها الشرعيين يلتف حولهم كل البحرينيين، ويكفي أن نعود إلى جنيف يوم 11 مايو/ آيار من العام 1970 ونطّلع على الوثيقة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة السير ونسبير بعد الاستفتاء على عروبة البحرين، وهي وثيقة مهمة شاهدة على الولاء الكامل للأرض، وأن الأسرة الخليفية هي القيادة الشرعية لهذه البلاد، ليتم دحض الافتراءات التي يحاول مروجوها النيل من ولاء الكثير من أبناء البلد وإلحاقهم بولاءات مستوردة لا مكان لها من الصحة إلا في عقول من يحمل العداء للبحرين وحكومتها وشعبها.

وأولئك الخبراء الكيبورديون، ومعهم فصيل آخر من الكتّاب والخطباء ومروجي الفتنة (هم من يحمل العداء أيضا)، أما إذا كان المشروع الإصلاحي لجلالة الملك عاهل البلاد قد منح المواطنين حرية التعبير والتظاهر والمطالبة بالحقوق بالأساليب السلمية، فإن (حكومتنا) وليست (إيران) هي القادرة على حل مشاكلنا وإنهاء صورة الصدام العنيف والانفلات المقلق المؤثر على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي بالحوار مع الأطراف ذات العلاقة…

وعلى أي حال، أطمئنوا أيها الخبراء… لا خوف على البحرين؛ لأنها (البحرين) ولا وطن غيرها