سعيد محمد سعيد

وزارتا «العدل» و «الإعلام»… متهمتان!

 

إما أن تكون كل من وزارة العدل والشئون الإسلامية ووزارة الإعلام تعلمان بأن التجاوزات مستمرة من قبل بعض خطباء الجمعة والمنتديات الإلكترونية في إثارة النعرات الطائفية والموضوعات التأجيجية، وإما أنهما «لا تعلمان» وهذا ما لا يمكن أن يدخل العقل بتاتا.

وزارتا العدل والإعلام متهمتان في نظر الكثير من المتابعين، وكذلك في قرارة نفس الكثير من المواطنين، بالسكوت على هذا النوع من العمل المشبوه، المتظاهر تارة بالدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف من الأعداء وممن يتربصون به للنيل منه (وهو الكلام الذي دأبت زمرة صغيرة من خطباء الفتنة على تكراره) أو المتستر تارات أخرى في هيئة بطولات من خلف أجهزة الحاسوب في المنتديات الإلكترونية.

ووزارة العدل ذاتها تعلم بأن هناك من يؤجج الفتنة عبر خطبه، لذلك، ليس مهما لدى الناس تصنيف ذلك الخطيب وفقا لمذهبه وانتمائه الديني أو السياسي، سنيا كان أم شيعيا، بل المهم هو تقديم أولئك الخطباء للمساءلة القانونية وتوقيع أشد العقوبات عليهم بل وحرمان بعضهم من الخطابة لأنهم لا يقدمون للمجتمع أية فائدة سوى تكرار موضوعات وعظية يعرفها حتى الأطفال في المرحلة الابتدائية من جهة، ثم الاستمرار في خطابهم التأجيجي الفتنوي من جهة أخرى.

أما المنتديات الإلكترونية، فلاتزال الحرب بين السنة والشيعة في البحرين مستمرة، وقد اشتدت أوارها وأينعت الرؤوس التي حان وقت قطافها، ويشتد الوضع في أقسى حالاته ليدعو البعض إلى قطع الرقاب، وينبري البعض الآخر لأن يضع صورة سلاح «إلكتروني أيضا» حديث في توقيعه، ولا يتردد العشرات ممن يحملون أسماء مستعارة لشخص واحد، في تقديم البيان تلو البيان لتأييد القيادة والحكومة، ثم الدعوة إلى قصف فئة من المواطنين لا يستحقون العيش في البلاد لأن ولاءهم إلى دولة أخرى…

وفي منتديات أخرى، يكون الهجوم على الحكومة مضطردا! ومع شديد الأسف، ومن خلال مضامين الموضوعات، فإن غالبيتها العظمى تأخذ من الشتمن والشتم فقط عنوانا… فلا بأس لو قلنا إن تلك المنتديات «لا تهاجم معتقدات المواطنين السنة وتطعن في دينهم وأعراضهم كما في المنتديات السابقة الذكر أعلاه»، بيد أن طرح الموضوعات ذات التأثير السلبي على الاستقرار الأمني واتخاذ من شتم العائلة الحاكمة والحكومة عنوانا مستمرا، هو بصراحة من قبيل الإفلاس في تقديم موضوعات ذات فائدة يستفيد منها الآلاف من الناس الذين يتابعون تلك المنتديات.

ذات يوم، عبَّر أحد الناس عن حالة الحزن التي يعيشها كلما وجد الاقتتال الطائفي مستعرا في المنتديات الإلكترونية، ولم يتأخر في القول إن البلد على حافة هاوية بسبب ما يطرح في تلك المنتديات من تكفير لطائفة من جهة، ومن هجوم على السلطة من جهة أخرى… اتهامات من هنا، ودعوات للقتل من هناك، مكررا قوله إن البلد «ستكون في عداد الدول المطحونة بحرب طائفية شديدة ستأتي على الأخضر واليابس».

صاحبنا المتكلم، مسكين… بل مسكين جدا، فهو يقضي معظم يومه أمام شاشة الحاسب الآلي متنقلا في تلك المنتديات، لكنه قلما يعيش الواقع، ويحضر المجالس الأهلية في كل المناطق، ويحضر اللقاءات والاجتماعات والأحزان والأفراح، ليجد حقيقة هذا المجتمع الذي لم ولن يهتز بسبب خطبة هزيلة ساقطة أو منتدى إلكتروني سخيف…

لكن، مع كل ذلك، يجب على وزارتي العدل والإعلام أن تلتزما بالعهد الذي قطتعاه أمام القيادة وأمام المواطنين حينما تعهدتا بمكافحة كل صور الطائفية في الخطب وفي المنتديات.. ولدينا الكثير الذي يمكن أن يضع الوزارتين في حرج إن أنكرتا ذلك، لكننا لن ننتظر الإنكار… سننتظر الرد أولا