احمد الصراف

منطق الشتم.. وطلسم «البدون»

التدهور الخلقي – دع عنك التخلف الفكري، الذي يعاني منه بعض شباب الصحوة، وربما بعض شيوخنا – أمر لا يثير الدهشة فقط، بل والقلق الشديد!! فكمّ الشتائم التي تردني على الإنترنت، أو على ما ينشر لي في جريدة الآن الإلكترونية من مقالات مختارة، أو ما يرد «القبس» من تعليقات، وغالبية مرسليها من مجهولي الهوية، يبين بوضوح اننا أمة لا تقرأ، وإن قرأت فلا تفهم، وإن فهمت فإن تطرفها الفكري أو القبلي أو الطائفي لا يجعلها ترى إلا ما يرضي التافه من غرائزها! والعجيب ان غالبية من هاجمني أخيراً أنكر علي صفة الليبرالية، وقال إنني طائفي. ولو أحضرت لهؤلاء شهادة من بان كي مون، تبين ليبراليتي لنالني الكم نفسه من الشتائم، ولكن هذه المرة لأنني ليبراليتي!! ولعلم هؤلاء وغيرهم فأنا لست لا هذا ولا ذلك.. وموتوا بغيظكم تساؤلاً!!
وقد سبق ان نالني الكم نفسه من الشتائم «الأنيقة» عندما كتبت مقالاً قبل أسابيع عن حرمة الموسيقى في نظر البعض. ولم أستغرب وقتها لهجة الهجوم، فمن لا يحب الموسيقى، أو يحرم سماعها على نفسه وعلى الغير، يمكن أن تصدر عنه أصوات وكلمات كثيرة منكرة ومنفرة.
وبهذه المناسبة ذكرني قارئ فاضل، ورجل دين معروف، من تونس بفتوى سبق ان صدرت قبل بضعة عقود تعلقت بتحريم تصوير كل ما له روح، من ضمنها الصور الشخصية التي يحتاجها الفرد لإصدار جواز سفر أو اجازة قيادة مركبة!! ويقول القارئ إن هذه الفتوى نسيت وضاعت، أو تم تجاهلها، في خضم الأحداث وإن لم تلغ رسمياً، رغم ان حجم الهجوم على المشايخ القائلين بجواز التصوير وحجم الانحياز للقول بمنع التصوير جعله يقف وقفة تأمل في مقدار التراجع في ما يتعلق بهذه الفتوى، خاصة ان المسألة لم تتعلق وقتها بفرد أو مجموعة صغيرة، بل بآلاف من رجال الدين وطلبة العلوم الشرعية وعوام الناس في الكثير من الدول الإسلامية، الذين انشغلوا وقتها بتأييد الفتوى أو معارضتها، وفجأة وبعد كل تلك الضجة وذلك الصخب تم تجاهلها وتناسيها والعمل بعكسها بكل اطمئنان وكأنها لم تكن، لا بل زادوا عليها بتسابق أطرافها أو مصدريها على نشر صورهم في جميع المجلات والصحف، وبالألوان، والظهور بشخوصهم على مواقعهم الإلكترونية وعلى القنوات الفضائية واقتناء أحدث آلات التصوير الكافرة!! ولو قارنا تصرفات الرجال أنفسهم الذين سبق ان حرموا التصوير أو غير ذلك من المحدثات بما يفعلونه اليوم لكان ذلك، حسب قوله، بمنزلة الثورة الكاملة!!
ان المصير الذي لقيته فتوى تحريم التصوير سيكون مصير الفتاوى غير العقلانية وغير المنطقية نفسها التي تصب علينا، وما أكثر ما يصدر عن رجال الدين في منطقتنا من لغو الكلام والتطرف في الرأي، بحيث لم يتركوا أمراً لم يدلوا بدلوهم فيه ليزيدوا من إرباك الأمة التي لن تسنح لها حتى فرصة القيام من سباتها، الذي طال في أحضان هؤلاء المتخلفين.
ملاحظة: ترفض جهات كثيرة تقديم الخدمة التعليمية والعلاج لغير محددي الجنسية (البدون). وربما لا تزال الصحة ترفض إصدار شهادات لمواليدهم الجدد، على الرغم من حكم المحكمة، كل ذلك بحجة ان هؤلاء لا وجود لهم!! ولو قبلنا بهذا العذر غير الإنساني والواهي، فكيف يمكن أن نفهم خبر إلقاء القبض على «بدون» مطلوب على ذمة 18 قضية سرقة ؟! فهذا يعني أن هذا الشخص له وجود وملف أمني في وزارة الداخلية، ولكن لو وضعت زوجته مولوداً فلا تصرف له شهادة ميلاد، لأن لا وجود للأم والأب لدى وزارة الصحة في الدولة نفسها! هل هناك من يود مساعدتنا في فك هذا الطلسم؟!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

زوّجوا الدقباسي

أحيانا، ومن دون تفكير، تجد نفسك تقف بعيدا عن شخص ما ويدك على سلاحك، تفصل بينكما مساحة من الشك والريبة، والهواجس الغريبة، بل وقد تجد نفسك تتخذ قرارا أقسى فتقاطع «بصله وثومه وقثاءه». ليش؟ الله وحده يعلم ليش. هكذا قررت أنت وهكذا فعلت. ثم و«في فجأة»، كما تقول تلك السيدة، تكتشف بأنك مخطئ، وأن «بصله وثومه وقثاءه» من أجود ما في السوق، وأنه يرفع الوردة في وجهك أو في وجوه الجميع لتكون مضادة لأسلحتكم، فتعض حينها شفتك السفلى خجلا وتضع يدك على جبهتك ندما! هذا هو موجز حالنا مع النائب علي سالم الدقباسي وفي النشرة تفاصيل أخرى متفرقة.
النائب الدقباسي، شاب يشمخ واقفا عندما يتساقط الآخرون، ولا يمكن أن يجف ريقه مهما طالت الصحارى وشح الماء، وهو رجل يفتل شنبه ويهتم بهندامه وربطة عنقه عندما يجثو الآخرون على ركبهم أمام أصحاب القرار… تابعته فأبهرني أداؤه وأجهرني عطاؤه. متابعة قراءة زوّجوا الدقباسي

سامي النصف

دعوة للقهوة

أكتب من القاهرة حيث احضر مؤتمر مؤسسة الفكر العربي السابع الذي تجرى أنشطته تحت رعاية الرئيس محمد حسني مبارك وتستمر لاربعة ايام بدأت بافتتاح مقهى الشباب العربي ثم تتلوه حوارات مقهى التعليم، ويشارك في المؤتمر المئات من المفكرين والمثقفين والاعلاميين والمختصين من جميع الاقطار العربية.

وتشتهر العواصم العربية تاريخيا بوجود حراك فكري وثقافي وسياسي واعلامي جميل يتمركز في المقاهي التي يرتادها المبرزون في مجالات الحياة المختلفة فمن مقاهي الفيشاوي والريش وعرابي في القاهرة الى كوستا ودي باري في بيروت، وهافانا وبورسعيد والبرازيل في دمشق وبالحاج في تونس الذي خرج منه العلامة الكبير عبدالعزيز الثعالبي رافعا راية الاصلاح حتى وصل بها الى الكويت، وانتهاء بمقهى بدر في البصرة الذي قال عنه شاعر العراق الكبير بدر شاكر السياب «مقهى بدر موقد لا ينطفئ وشاي لا يبرد» ومازال ذلك المقهى التاريخي قائما حتى اليوم على ضفاف شط العرب، سهل لنا الله امر زيارته بعد ان زرنا اغلب المقاهي والمنتديات العربية الاخرى.

وتنقصنا في الكويت وبشدة مقاه لتصبح مكانا يلتقي فيه الاعلاميون والمفكرون والادباء والشعراء وحتى النواب والساسة ورجال الاعمال كي يتعارفوا ويتشاوروا وليسهل على الزائر للكويت الالتقاء بمبرزيها ومفكريها، ولا شك في ان المقاهي الحديثة التي انشئت في السنوات الاخيرة يمكن لها ان تكون المكان المناسب لمثل تلك التجمعات كحال كوستا مارينا او الكوت، او ستاربكس الصالحية او الاڤنيوز، او كاريبو الراية او الصالحية.

ويمكن ان تأتي المبادرة من الاعلاميين انفسهم فيتم اختيار المكان المناسب واعلانه ثم الالتزام به او بالمقابل ان تأتي المبادرة من بعض اصحاب تلك المقاهي كوسيلة لترويجها وتخليدها ولا يحتاج الامر منهم الا الى طلب حجز ركن في احد المقاهي لتفعيل تلك الملتقيات ولا شيء غير ذلك.

وزرت قبل مدة قصيرة بيت الراحلة هدى شعراوي في حدائق القبة بالقاهرة الذي اشتراه رجل الاعمال المعروف نجيب ساويرس وحوله الى ناد وملتقى جميل للنخب الاعلامية والثقافية والاقتصادية العربية وزوده بأطقم خدمة افريقية راقية وطباخين من الدرجة الممتازة وهو امر لا يمكن تصور مثله – حقيقة – في الكويت.

آخر محطة:
التقيت قبل يومين في الكويت بمنتدى قلم نسائي واعد لسيدات فضليات منقبات وكان مستوى طرحهن وفهمهن شديد الوعي والرقي مما يدل مرة اخرى على ان المهم ليس ما يلبس فوق الرأس بل ما في الرأس من افكار ورؤى.

سعيد محمد سعيد

سيد حسين… لماذا غضبت؟

 

حتى ساعة متأخرة من الليل، أجبرني النائب الكويتي السيد حسين القلاف على الجلوس أمام شاشة قناة «سكوب» كما أجبر غيري وهو يفاجئ المشاهدين، بل ويفاجئ المذيعين بداح وأحمد الفضلي في اللقاء الذي أجري معه قبل عدة أيام، مفجرا الكثير من الحقائق بشأن قضية سحب الجنسية من سكرتير وزير الداخلية ياسر براك الصبيح!

دهاليز وعجائب وتشعيبات في تلك القضية غاية في التعقيد! إذ تم اتهام الصبيح بأنه كان واحدا من المتعاونين مع القوات العراقية في فترة الغزو الغاشم على دولة الكويت في الثاني من أغسطس/ آب من العام 1990، بل كان أحد أركان قيادة الجيش الشعبي، على رغم أنه كان أسيرا في سجون تكريت والموصل ثم البصرة قبل التحرير وقبل العودة إلى دولة الكويت، وهذا ما شهد عليه عدد من الأسرى الكويتيين الذين كانوا معه في الأسر وعادوا أحياء إلى وطنهم.

لماذا غضب النائب في مجلس الأمة الكويتي السيد حسين علي السيد خليفة القلاف البحراني، في لحظة من اللحظات التي شارك فيها عبر الهاتف اثنان من المتصلين، أحدهما إعلامي والآخر محام؟ كان سبب الغضب هو كلمة «المزايدة» التي لمز إليه بها أحدهما باعتباره «أي السيد القلاف»أحد المزايدين، وهذا ما رفضه وهو يحمل قضية مواطن كويتي قدم خدمات جليلة إلى الكويت، وهذا ما أكده عبر مجموعة من الأوراق والوثائق الرسمية التي بدا واضحا أن النائب القلاف بذل جهدا كبيرا للحصول على تلك الوثائق التي صدرت على مدى ثلاث فترات من الحكم في دولة الكويت الشقيقة، وبتوقيع ثلاثة حكام، بالإضافة إلى وثائق أخرى صادرة عن أجهزة استخباراتية وأمنية تؤكد أن المذكور، الذي سحبت جنسيته، قدم أعمالا جليلة لبلاده الكويت.

مع الاعتذار لكل القراء الكرام، ولكل النواب الأفاضل ولكل الناشطين السياسيين، ولكل من هب ودب في الساحة السياسية البحرينية، أود القول إن حديث أهل الكويت، في قناة «سكوب»، تحول إلى قضية رأي عام في المجتمع الكويتي، لتكسر تلك القضية الحواجز القبلية والعائلية والطائفية، بل تمكن نائب واحد من أن يجعل المئات – إن لم يكن الآلاف من الشعب الكويتي الشقيق – يجلسون على أعصابهم لساعات محاولين التقاط خط الاتصال بالبرنامج، لا ليؤكدوا تبجيلهم للكويت وحسب، بل ليؤكدوا انحناءهم احتراما لمن خدم الكويت ولمن يستحق أن تكرمه الكويت، فوصلت آثار من العاصفة التي أثارها السيد حسين القلاف إلى البحرين، ولكن، لتشعل نارا من الحسرة والألم… بين نماذج لنواب يستميتون في الدفاع عن الوطن والمواطن بغض النظر عن انتمائه الطائفي ويفضحون الصفقات، وبين نواب منشغلون فقط في تأجيج الخلاف الطائفي، يلف لفهم متابعون ومطبلون وراقصون يتفرجون من طرف قصي لينالوا شيئا من الصفقات؟

بعد كل ذلك، يرتفع الشعار: «إلا البحرين»!

حرام ما تفعلونه بالبحرين يا سادة… ويا حكومة أيضا!

سامي النصف

تحت ظلال الدستور

أمضيت يوم امس في ندوات ولقاءات اخذتنا الى ندوة عقدت لدى الزميلة «الصوت» ولقاء مع الزميلة «الوسط» وحضور تجمع شباب «صوت الكويت» وافتتاح انشطة منتدى الحوار الوطني للإصلاح السياسي في مبنى المجلس البلدي وإلقاء كلمة في مبنى الأمانة العامة للأوقاف في تجمع صحافيات الغد، وقد كان محور أغلب تلك اللقاءات هو الحديث عن الدستور الكويتي في عيد ميلاده الـ 46.

ومما قلته في بعض تلك المنتديات ان اكبر الضرر الذي اصاب العملية السياسية في الكويت اتى ممن تعاملوا مع الدستور بطريقة رفعته الى منزلة القدسية وبشكل لم يقل به الآباء المؤسسون ومن ثم اصبحوا ملكيين أكثر من الملك، وحدّوا من ايجاد تعديلات تجعل الدستور مرنا ومتطورا ليواكب حاجيات ومتغيرات العصر، مستفيدين من حسنات وسيئات التطبيق كي تخلق له انياب حادة تحاسب وتعاقب من يستغل الكراسي الخضراء للاثراء غير المشروع او لتقييد الحريات العامة.

وضمن المسار التاريخي للدستور لا اعتقد ان احدا يستطيع المزايدة على اثنين من كبار مؤسسيه وهما رئيس المجلس التأسيسي المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم ووزير العدل آنذاك المرحوم حمود الزيد الخالد، ممن آمنوا كما اتى في المحاضر بان تعديل الدستور ليس هجمة عليه كما يدعي بعض المستفيدين والمتمصلحين منه هذه الأيام، بل ان في ذلك التعديل تقديرا وتوقيرا لذلك الدستور ولآبائه الحكماء المؤسسين.

فمن ضمن محاضر لجنة انشاء الدستور انقل الحوار الهام الذي تم بين الراحلين الكبيرين واتى في صفحتي 86 و87 من تلك المحاضر، ونصه «سؤال على لسان وزير العدل: لماذا «قيدنا» الدستور بمضي خمس سنوات حتى يمكن تعديل اي مادة من مواده؟» اي ان الأب المؤسس المرحوم حمود الزيد الخالد لا يرفض التعديل، بل يستغرب من الانتظار 5 سنوات – لا خمسين – للقيام بذلك التعديل والتطوير.

وبالمقابل سنجد في ثنايا رد رئيس المجلس انه لم يرفض او يستهجن عملية التعديل كما تقوم بذلك هذه الايام بعض التوجهات والكتل المستفيدة من جموده، بل يوافق على ذلك الأمر بعد فترة من التجربة، حيث اجاب بما يلي نصه «ان المقصود بعدم جواز اقتراح التنقيح او التعديل قبل مضي 5 سنوات ان يطبق هذا الدستور فترة حتى يتبين من التطبيق نقاط الضعف التي قد تكون فيه وحتى تتم التعديلات على ضوء التجربة العملية لا قبلها».

واتى ضمن المادة 174: «للأمير ولثلث اعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل او حذف حكم او اكثر من احكامه او بإضافة احكام جديدة اليه ويشترط لإقرار التعديل او التنقيح موافقة ثلثي الأعضاء وتصديق الأمير عليه واصداره»، وضمن المادة 175: «الأحكام الخاصة بمبادئ الحرية والمساواة لا يجوز اقتراح تنقيحها ما لم يكن التنقيح للمزيد من ضمانات الحرية والمساواة».

ان مسؤوليتنا امام الكويت وامام التاريخ ان نصبح الأبناء المجددين لدستور الآباء المؤسسين، والا نمثل دور الأبناء الخائفين او الجامدين او المستفيدين من الجمود الذي اصاب الدستور، لقد حان الأوان لخلق الآليات والأدوات التي توفر الصلاحيات اللازمة للمحكمة الدستورية كي تلغي وتسقط اي تشريعات قد صدرت تخل بالمساواة أو تحد من الحريات العامة، وما أكثرها!

احمد الصراف

الحلم الشيعي والآبارثايد

سرني، وأساءني في الوقت نفسه ذلك الكم من التقدير وسوء الفهم الذي صاحب نشر مقال يوم أمس «الحلم الشيعي»!! فقد بين لي، بوضوح محزن، كم غالبيتنا عنصريون متحيزون جهلة في فهم ابسط الامور، خاصة عند تعلق الامر بمعتقد الطرف الآخر، دينيا كان ام مذهبيا. وكم هم رائعون، أولئك المنطقيون والعقلاء، على الرغم من قلتهم!!
مقال يوم امس لم يكتب لغرض شخصي ولا لتحقيق نجاح انتخابي، وحتما لم يتعلق بحلم مذهبي، فهذا ما لم ولن اسعى اليه لاسباب كثيرة ليس هنا مجال ذكرها، كما ان هناك من هو اكثر «اهلية» مني للتصدي لمثل هذه القضايا والمواضيع البعيدة عن اهتماماتي الشخصية. مقال الامس تعلق بمحاولة متواضعة لاعادة كسب قلوب وعقول اولئك الذين فقدهم، او سيفقدهم الوطن نتيجة اتباع جهة ما سياسة التمييز العنصري في التوظيف والمعاملة معهم بسبب اختلافات تتعلق بالعرق او المذهب.
فسياسة «الآبارثايد»، او التمييز العنصري، لا تعني التمييز في المعاملة، بل تعني كذلك الفصل العنصري، اي تحييد مجموعة من المواطنين ومنعهم من دخول اجهزة بسبب الشك في ولائها او لانها من طبقة ادنى.
وقد اتصل بي صديق «قبلي» ليشكرني على المقال وليحاول التخفيف من شعوري بالغبن بالقول ان نسبة كبيرة من جماعته، من ابناء القبائل، لديهم الشعور ذاته بالغبن والحرمان، وان تمييزا عنصريا يمارس ضدهم بمجرد التعرف على اشخاصهم او قبائلهم!! وقال الصديق ان التفرقة في المعاملة تطال شرائح عدة في المجتمع!
رددت على الصديق بالنقاط التالية التي احببت مشاركة القراء فيها:
أولا: لم اشعر شخصيا بالغبن في حياتي، على الاقل بشكل حاد، لكوني ولدت لاسرة شيعية. فقد كان دربي مختلفا منذ اول وظيفة تقلدتها. ولا اعتقد انني لو كنت ولدت لاسرة غير شيعية لكنت اكثر نجاحا او سعادة!
ثانيا: ممارسة التمييز او الكراهية والاستخفاف بفئة او جماعة او طائفة ما امر عادي في جميع المجتمعات.
فهناك دائما طبقة تعتقد انها اكثر تميزا من غيرها، وتقابلها في الجانب الآخر طبقة تكون اقل ثراء، وربما تعليما، وتكون عادة مصدر سخرية بقية الطبقات لسبب او لآخر. وتقع بقية طبقات المجتمع بين هاتين الطبقتين!! ويحاول افراد كل طبقة تجنب النزول لطبقة ادنى في سعيهم للارتفاع لمستوى اجتماعي او طبقي اعلى. ولكن وضع الشيعة في الكويت، وفي اكثر من بلد خليجي، يختلف عن الموضوع الطبقي، ليس فقط بسبب شعور هؤلاء بأنهم ليسوا اصلا من طبقة ادنى، ان لم يكونوا في حالات كثيرة من مستويين تعليمي ومالي اكثر ثراء من غالبية اقرانهم، «الاخرين»، بل بسبب السياسة الرسمية غير المعلنة التي من خلالها يمارس التمييز ضدهم، والتي تتضمن اتهاما صريحا لهم بعدم الولاء او الاخلاص للوطن، او للنظام!
ثالثا: ان كان هناك عدم ولاء من البعض، وهذا ما لا يمكن لجهة الجزم به، فلا يعني ذلك معاقبة الكل بجريرة البعض، خاصة ان جرم هذا البعض لم يؤكد بشكل قاطع بأي مناسبة وطنية، ولو كان هناك خوف من السماح لمواطن ما من دخول جهاز حساس فما عذر الحكومة في السماح، وربما الطلب من المصارف والشركات الاسلامية، حتى تلك التي تمتلك فيها نسب مساهمة مؤثرة، عدم توظيف غير السني فيها؟ هل لأن هذه الشركات تمتلك اسرارا نووية حساسة مثلا؟
اعيد وأؤكد أن ما يهمني حقا هو مصلحة وطني ومستقبله وصحة مواطني هذا الوطن من الناحيتين العقلية والجسدية، وهذا لا يمكن ان يتحقق بغير وقف الحلقة الجهنمية، فالحكومة تطالب الشيعي بالولاء التام، واثبات ذلك بشتى الطرق، قبل موافقتها على رفع الحظر عن توظيفه في اجهزة معينة، والمواطن الشيعي يطالب الدولة اولا برفع الحظر عنه ليكون وقتها مواطنا لا يشك بولائه! ومن الواضح ان الدولة اقدر من الفرد واقوى منه على التحمل والتضحية، وعليها بالتالي اخذ زمام المبادرة ورفع الحظر رسميا بقانون او مرسوم يمنع التمييز بجميع اشكاله ضد اي مواطن!!
لهذا كتبنا مقالنا المتعلق بالحلم الشيعي والذي يعني الحلم الوطني، وليس أي امر آخر.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

«وضّاح»… الصعلوك الفاخر

نشمي مهنا، أو «وضّاح» كما يعرفه الناس، الشاعر الصعلوك الفاخر الوسيم، هو صعلوك يجيد الفنون كلها إلا فنّ مجالسة الشيوخ والأثرياء والمسؤولين بحثا عن مصلحة، هكذا هي تركيبته. وهو فنان يكره الشهرة والأضواء، ولولا ضغوط أصدقائه وإلحاحهم لما نشر حرفا واحدا مما يكتب. وهو من زمرة الشجعان الصامتين، بل هو على رأسهم وحصانه في مقدم خيلهم، وقد يجلس صامتا في مجلس مكتظ، لكنه إن تحدث فسيصفق عقلك له وقلبك. عشْقهُ السمر وهواه قصائد الغزل يلقيها بين أحبابه وندمائه فتتمايل الرؤوس وتنتشي النفوس، وأجمل قصائده تلك التي لم تُنشر، أو «غير الصالحة للنشر».
آه ما أجمل توصيفه لمعشوقته عندما يغوص في تفاصيل أنوثتها، ويحلق في خصرها، ويزحف على صدرها، ويستنشق بخورها في ليلة شتاء، ويغمض عينيه عن أي شيء آخر، وقد قيل قديما: «لم يخلق الرحمن أجمل منظرٍ، من عاشقين على فراشٍ واحدِ / متعانقين عليهما حلل الرضا، متوسدين بمعصمٍ وبساعدِ، فإذا تآلفت القلوب على الهوى، فالناس تضرب في حديدٍ باردِ…». متابعة قراءة «وضّاح»… الصعلوك الفاخر

سامي النصف

حلهم بالصرف وحلنا بالتوفير

العزاء الحار لآل قطمة الكرام بوفاة الراحل الكبير محمد خالد قطمة، للفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.

نشرت الصحف خبر قدوم خبراء غربيين للنظر في حل اشكال بنك الخليج ولربما للنظر في حل اشكالنا الاقتصادي حتى لا يتحول من ازمة طارئة الى كارثة دائمة وقد يحتاج الامر الى اظهار بعض الفروق بين اقتصادياتنا واقتصادياتهم منعا لالتباس الامور عليهم.

في أميركا وبريطانيا ومثلهما باقي الدول الأوروبية والآسيوية اغلب ما يستهلك هو منتج محلي حتى وان سمي بمسميات اجنبية حيث يتم تصنيع المنتجات او تجميعها في الدول المستهلكة لذا يقوم الاقتصاد هناك على تشجيع الاقتراض والشراء طوال الوقت كي تبقى عجلة الاقتصاد دائرة ولا تغلق المصانع التي توظف ملايين المدراء والموظفين والعمال.

لدينا العكس من ذلك تماما حيث لا نصنع او نجمع شيئا ويقوم اقتصادنا على بيع الدولة للنفط ثم توزيع الثروة على المواطنين عن طريق توظيف 98.5% منهم في وزارات الحكومة واحد اسباب الاشكال القائم هو التمادي في الاقتراض لشراء منتجات استهلاكية مستوردة مما يصيب ميزان المدفوعات الكويتي بالخلل والعجز ويخلق ضغوطا قوية على سعر الدينار بالتبعية، كما تنتهي تلك القروض في العادة بخلق ازمات سياسية لاسقاطها بعد فشل بعض من يقترضها في السداد.

لذا فإذا كان حل الاشكال الاقتصادي القائم في الدول المتقدمة يقوم على ازالة الخوف وتشجيع المواطن على الاستهلاك والمزيد منه فان حل اشكالنا الاقتصادي يقوم على العكس من ذلك تماما اي تخويف المواطن كي يبدأ بترشيد انفاقه وزيادة عمليات الادخار الفردية وتقليل المشتريات كي يمكن تحويل تلك المدخرات في وقت لاحق الى مشاريع صناعية وخدماتية صغيرة قابلة للتصدير وجلب الموارد فقد نكون عشنا آخر ايام الرفاه الذي ولى دون رجعة.

ان الاشكال الاقتصادي الحالي لن يُحل، للمعلومة، بين يوم وليلة ولن يتغير لون البورصة الاحمر الا بعد ان تبدأ عمليات جادة لدعم الشركات الاستثمارية مع ملاحظة ان الدول الخليجية الاخرى لا تعاني من اشكالات مماثلة في ذلك القطاع لكون اقتصادياتها لا تقوم على الاقتصاد الورقي الكسول بل على انشاء المصانع والمباني والمزارع والسياحة والامور الخدماتية الجادة.

وقد تسبب كسلنا وانعدام روح المبادرة لدينا اضافة الى مشاكلنا السياسية وبيروقراطيتنا العتيدة قلة مشاريعنا التنموية الكبرى ومعها بالتبعية قلة الاقتراض مما ادى الى تخفيف تبعيات الاشكال الاقتصادي الحالي راجين الا يعتبر احد ان في ذلك الامر انجازا يفتخر به او دلالة تعقل وحكمة ولرب رمية من دون رام…

آخر محطة:
في ظل اوضاعنا المعكوسة أستغرب بشدة مطالبة بعض النواب بتقنين وزيادة الدواوين مع ما يسببه ذلك من زيادة العناء عليهم لزيارتها وانصرافهم بالتبعية عن قراءة ومتابعة ما يطرح عليهم من مشاريع ومقترحات.

احمد الصراف

الحلم الشيعي

لست معنياً، لا من قريب ولا من بعيد، بالاختلافات والاحقاد الطائفية التي تعصف بمجاميع كبيرة من مواطني وطني، ولست مجبرا على تبرير وجهات نظري او الدفاع عن مواقفي، فهذا ليس غرضنا ولا هدفنا هنا.
تبلورت فكرة هذا المقال مع الساعات الاولى لانتخاب باراك اوباما لاقوى منصب تنفيذي في العالم. وان ينجح اميركي من اصل افريقي ومن خلفية دينية مثيرة للجدل، ومن خارج آلة الواسب WASP الرهيبة، التي لم تخترق الا لمرة او اثنتين في تاريخ اميركا، وفي دولة كانت العنصرية، ومعاداة السود والتحيز الشديد ضدهم، هي السمة الغالبة، ولا تزال، في الكثير من الولايات الاميركية، فإن هذا يعني انه ليس هناك ما لا يمكن تحقيقه، خاصة في عالمي السياسة والعلاقات الانسانية.
وصول «افريقي» للرئاسة حقق حلما طالما راود «مخيلة» القلة من الاميركيين، فالغالبية لم يخطر على بالها حتى ان تفكر في هذا الحلم لشدة بعده عن الواقع، وحتى قبل ساعات قليلة فقط من تحققه، ومع هذا اصبح الحلم واقعا، واصبح من كان والده مسلما كينيا وعاش في اميركا مسلما كينيا، وعاد إلى وطنه مسلما كينيا، بعد سنتين فقط من ولادة ابنه، ليموت هناك مسلما كينيا، اصبح ابن ذلك الرجل المسلم الكيني، وبالرغم من كل المحاذير والعوائق، وحتى التهديدات، رئيسا لاقوى آلة عسكرية وسياسية ومالية عرفها التاريخ.
من هذا المنطلق من حقي ان احلم، كما حلم زعيم الحقوق المدنية الاسود، القس مارتن لوثر كينغ، قبل قرابة نصف قرن، في خطابه الشهير الذي القاه في واشنطن في اكبر تظاهرة مناوئة للعنصرية في تاريخ اميركا من حقي كمواطن كويتي ان احلم بوطن يتساوى فيه الجميع امام القانون، وتكون للجميع فيه حقوق مدنية واحدة، من حقي ان احلم لانني لا اود ان اصدق ان ينجح من لم يتجاوز الـ47 من العمر في الوصول للمنصب رئيس الولايات المتحدة، بالرغم من كل العوائق العرقية والدينية والعنصرية، ولا يستطيع، لا بل يحرم على، مواطن كويتي، ابا عن جد عن جد اكبر، ولو بلغ الستين من العمر، يحرم عليه العمل كمراسل في 50% من الشركات المساهمة، وبالذات الاسلامية، دع عنه عدم قبول المواطن نفسه للعمل في عشرات الجهات والدوائر الحكومية الحساسة، لا لشيء الا لانه شيعي، ولو كان من القطيف، ولو كان تراب اكثر من مقبرة تضم رفات ابيه وجده الاول ومن سبقه!
كيف يمكن ان نصدق ان من جاء الكويت قبل اكثر من 200 عام ليس اهلا للثقة فقط لانه شيعي، وان الآخر، وفقط لانه من مذهب آخر، تفتح كل الابواب امامه ويرحب به في كل جهاز خاص وسري. بالرغم من انه لم يحصل على الجنسية الا قبل 10 او 12 سنة مضت؟ ولماذا يصبح من يربي لحية وينتسب للسلف او الاخوان ويحارب في جيوش جمع الاموال لديهم، لماذا يصبح افضل من غيره، ويسمح له بالخطابة في المولات وتفتح له من التلفزيون القنوات ليقدم من خلالها التمثيليات والهلوسات، ويعالج المرضى والمريضات بالضرب بالهراوات ليخرج الجن من ابدانهم المتعبات؟ هل يمكن ان يصدق عاقل هذا الذي يجري في الكويت، وحتما في غيرها من الدول الاسلامية؟ وهل يلام هذا «المواطن»، او غيره من الذين مورست مختلف صور التحيز العرقي والمذهبي ضدهم، ان قام بدفن احزانه ويأسه في الحسينيات او تجنب المجتمعات وغرق في التطرف وارسل الخمس إلى خارج الدولة ونادى بالولاء الديني للآخر، واقام المآتم المثيرة للجدل وتعسف في صوته الانتخابي، واعطاه، نكاية او اقتناعا، لاكثر المرشحين تطرفا وغلواء؟
لدي حلم بان تقوم حكومتنا بالتخلي عن الحيرة التي تعصف بها وان تحزم امرها، وتصدر برنامج قواعد واخلاقيات العمل، او Affirmative Action، تمنع بموجبه اي جهة، وان تبدأ بنفسها، من ممارسة التمييز العنصري ضد احد بسبب الجنس او العرق او المذهب، وان يكون للجميع الحق في الحرية والعمل والحق في السعي بحثا عن السعادة، فهذا اقل ما هو مطلوب من الحكومة القيام به.
فوطن يشكو جزء كبير من مواطنيه من مثل هذا التحيز في المعاملة معرض دائما لان يخان ولا يصان ولا يحترم! فالوطن، اي وطن، لا يساوي شيئا، ولا يستحق الدفاع عنه والاخلاص له والذود عن حياضه ان لم يشعر مواطنوه بالحرية والكرامة فيه، وبان للجميع حقوقا متساوية في العيش الشريف تحت مظلة القانون.
وقد سبق ان قال مارتن لوثر كينغ في خطابه الشهير: «.. الآن هو وقت الوفاء الحقيقي لوعودنا الديموقراطية. الآن هو الوقت لان ننهض من ظلام الوديان المهجورة والى طرق العدالة الاجتماعية المضيئة. الآن هو الوقت الذي نرفع فيه امتنا من حفر الرمال المتحركة والى صخور الاخوة الصلبة والمستقرة.، الآن هو الوقت الذي يمكن ان نجعل فيه العدالة حقيقة للجميع، وليس للبعض فقط».

ملاحظة: يقيم «صوت الكويت» في الخامسة مساء اليوم احتفالية بمناسبة مرور 46 عاما على صدور الدستور الكويتي. يرجى ضرورة تواجدكم في ساحة الارادة للاهمية، وسنكون في استقبالكم بقلوب مفتوحة.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

بو أنس… فشلتنا

إدارة سمو الرئيس لهذه الأزمة تمثلت في اجتماع واحد فقط لمجلس الوزراء، تمخض عنه تشكيل لجنة تحقيق حول المصروفات «وهو أمر قد يسد الباب أمام المحور الأول بالاستجواب»، وسحب الجنسية الكويتية من 5 مواطنين تم تجنيسهم في العام الماضي من قبل الحكومة الكويتية نفسها! لم يتطرق المليفي في محاور استجوابه إلى قضية التجنيس، ولكنه في العام الماضي تحدث عن عدم إعجابه بطريقة التجنيس السابقة وليس بالضرورة أن يكون المليفي محقا في عدم رضاه عن التجنيس، فهو ليس إلها وليس منزها عن الهفوات كسائر البشر، ولكن الحكومة قررت ترضية المليفي بهذا القرار. ولو كان بورمية مثلا مقدما للاستجواب نفسه وبالمحاور نفسها، لكان تصرف الحكومة هو أن تشكل لجنة تحقيق بالإضافة إلى إسقاط القروض، بحكم إعجاب بورمية بإسقاط القروض.

وبعيدا عن التعدي الإنساني الصارخ على المواطنين الجدد ممن سُحبت جنسياتهم، ألم تلاحظ يا نائبنا الموقر أحمد المليفي أن مجلس الوزراء برئاسة سمو الرئيس قد أضاف إلى رصيد فشله السابق بإدارة الأزمات نقطة جديدة من خلال تعاطيه مع نيتك في الاستجواب؟ وهل ثمن تعليق استجوابك هو سحب «جناسي» أناس قد يكونون مستحقيها حقا، أهكذا يدار البلد؟ هل هذه الحكومة قادرة حقا على تسيير شؤون بلد دائم أم أنه ما إن ينضب النفط حتى ينضب معه هذا البلد؟ وقد منحتك الحكومة صك الفشل بكل المقاييس وأثبتت عدم قدرتها على إدارة الأزمات، وإن كنا نختلف سابقا معك بشأن التوقيت، فلا أعتقد أن هناك من يعتقد بوجوب استمرار حكومة بمثل هذه العقلية الآن.

لا أملك سوى أن أقول إنك يا أحمد المليفي قد فشلت و«فشلتنا» في الوقت نفسه كأبناء وطنك بردة فعلك أو ما سميته برد التحية على هكذا حكومة لا تستطيع إدارة حتى دكّان صغير.

ضمن نطاق التغطية:

ذكرت يا «بو أنس» من أمثلة الفشل في إدارة الأزمات أزمة الرياضة، ومازالت الأزمة الرياضية قائمة، ومازال أبناء عم سمو الرئيس يفعلون ما يحلو لهم، فلماذا علّقت الاستجواب؟