احمد الصراف

مظاهر الانفصام في شخصياتنا

من الواضح أن هناك شبه انفصام بين ما يقوم الكثيرون بأدائه من فروض العبادة، أو ما نعتقد أننا نقوم به، وما يبدو على البعض من إمارات التدين ومظاهره، بين كل هذا وبين التصرف الصحي والصحيح!! ومن المؤسف أن الفارق كبير لدرجة أصبحنا نعتقد أن لا علاقة بين الأمرين، أو كأن من غير المفترض أن يكون المتدين أكثر عقلانية في تصرفه وأكثر إنسانية وانضباطا واحتراما للقوانين من غيره. أو أن المتدين غير مطلوب منه احترام حقوق الآخرين وأولوياتهم متى ما قام بأداء ما هو مطلوب منه من فرائض!!
في أكبر دوار في منطقة السرة يقع مسجد البحر. وأمام هذا المسجد، وفي وقت صلاة الجمعة تجد أن الدوار قد امتلأت مداخله وأطرافه بعدد كبير من سيارات المصلين، وفي أماكن يمنع الوقوف فيها، وبطريقة معرقلة لحركة السير. هذا الإصرار على مخالفة القوانين يعطي صورة جد سيئة عن أخلاق البعض وعدم اكتراثهم بحقوق الغير. كما أنها تبين لغير المسلم جانبا غريبا من حياتنا، وكأننا لا نزال نركب الدواب ونتركها ترعى طليقة خلال فترة غيابنا عنها!!
وعلى الرغم من تكرار حدوث هذه الظاهرة في أكثر من مسجد فان لا أحد يود ربط احترام القانون بأداء الصلاة، التي من المفترض أنها تهدي للتي هي أقوم!! علما بأن هناك أماكن كافية لوقوف كل سيارات المصلين، ولكن لا أحد يود السير ولو لخطوات قليلة في هذا الجو الجميل، أو كأن البعض يحاول إرسال رسالة تقول إن الحياة يجب أن تتوقف أثناء الصلاة!!
وفي منطقة الشهداء، التي اضطررت لارتيادها لعشرة أيام متتالية قبل أسبوعين، تصادف مروري يوميا أمام المسجد الكبير الواقع قبالة القطعة 1. وقد لاحظت أن عددا من المصلين يصرون على الوقوف في أماكن مخالفة، على الرغم من وجود مواقف قانونية كافية على بعد عشرين مترا فقط من أماكن وقوفهم المخالفة، واكتشفت أن السبب في الوقوف في تلك الأماكن المخالفة يتيح لهم أخذ استدارة منتصف الطريق التالية، ووقوفهم بعدها قد يضطرهم لاستخدام فتحة أخرى لا تبعد أكثر من نصف كيلو متر عن الأولى! ولكن الأسوأ من ذلك ان تلك الفتحة التي يحرصون على مخالفة القانون والوقوف قبلها لا تسمح أصلا بالاستدارة من خلالها، ولكنهم يصرون على ارتكاب مخالفة قبل الصلاة وأخرى بعد أدائها!! وهذا يعني مخالفتي مرور عن كل صلاة ولو ضربنا العدد بخمس صلوات لوجدنا أن3650 مخالفة ترتكب سنويا من قبل كل مصل في منطقة واحدة فقط وأمام مسجد واحد، وعليك الحساب مع البقية وفي أماكن أخرى.
كما ألاحظ، وهذه حقيقة مثبتة بالصور، أن غالبية مستخدمي حارة الطوارئ، أو كتف الطريق، في أوقات ازدحام المرور هم من الملتحين أو المنقبات والمحجبات. وقد حاولت في مرات كثيرة إيقاف مركبات البعض منهم وسؤالهم عن سبب إصرارهم على المخالفة وسلب حقوق غيرهم في الطريق وتعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، فكانت الابتسامات البلهاء هي الجواب في غالبية تلك المحاولات!!
وبهذه العجالة أو التساؤل عن السبب في حاجة القاهرة مثلا لراهبة بلجيكية من مواليد بداية القرن الماضي، لتأتي وتعيش، لعقود طويلة، في مزابل فقرائها، ولتعتني بمشرديها من المسلمين؟ ولماذا لا يوجد بيننا من أمثال هذه الراهبة، أو حتى ربع «الأم تريزا»؟ هل لأن التقاليد تمنع المرأة من القيام بمثل هذه الأعمال «المهينة» لكرامتها أو عائلتها مثلا؟
ولماذا تكررت محاولات مسلحي وإرهابيي طالبان تشويه وجوه الطبيبات والممرضات الأجنبيات اللاتي تطوعن للعمل في مخيمات اللاجئين الأفغان؟ هل للشك في أنهن حاولن مثلا تعليم نسائهم ما حرموا عليهن تعلمه؟
ولماذا اغتال أوباش الحركات الدينية المتطرفة في باكستان كل من حاول تقديم يد العون لهم من الأوروبيين، وكانت آخر ضحاياهم ممرضة في الرابعة والثلاثين من عمرها؟
ولماذا يحاول هؤلاء المتطوعون الغربيون، المختلفون عنا في كل شيء، تقديم يد العون والمساعدة لبؤسائنا الذين تسببت تصرفاتنا الحمقاء في بؤسهم، ولا نحاول حتى مجرد السماح لهم بأداء ما أتوا من آلاف الأميال لأدائه دون تشويه وقتل؟
وطالما اننا أحسن وأفضل من غيرنا، كما تعتقد الغالبية منا، فلم لم يكن منا مكتشف الصحارى والغابات ومتسلق الجبال وعابر المحيطات؟ ولماذا عشنا أكثر من سبعة آلاف سنة حول النيل لا نعرف منابعه، وعشنا الفترة نفسها بجوار الربع الخالي دون أن تطأها أقدامنا، ليأتي من هو «أقل فضلا وخيرا» منا ليكتشفها «لنا» ويضع خرائطها ويرسم حدودها ومساراتها ويعلمنا عما هو مدفون في باطنها من خيرات؟
قد يرد قائل إن ما فعله المكتشفون والرحالة الغربيون لدينا فعلوه في أماكن أخرى، وهذا صحيح، ولكن الآخرين لم يدعوا يوما أنهم أفضل وأحسن وأخير من غيرهم!! فشباب صحوتنا لم يتوانوا أو يترددوا، في السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل، وفي مشارق الأرض ومغاربها، عن انتزاع أرواح آلاف الأبرياء في مئات عمليات القتل الإرهابية، ولم يفكر أحدهم حتى بمحاولة تسلق جبل في «تورا بورا» عن غير اضطرار!!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

أولويات بو مساعد

أجب عن العبارات التالية بوضع كلمة «أولوية»… أو «ليست أولوية»… أو ما تراه مناسباً:

• ترسيخ حرية التعبير والتفكير في الكويت لإتاحة المجال للإبداع. «ليست أولوية».

• منع نانسي عجرم من دخول البلاد على الرغم من إمكان مشاهدتها على كل القنوات الفضائية والصحف الكويتية. «أولوية قصوى».

• الارتقاء بالمستوى الصحي للبلاد وتطوير المستشفيات والقطاع الصحي بشكل عام. «سيتطور بإذن الله».

• إزاحة الوزيرة معصومة المبارك والوكيل عيسى الخليفة من الصحة. «أولوية لأنهما متقاعسان».

• استمرار الوضع كما هو عليه بالصحة على الرغم من رحيل المبارك والخليفة. «سبق لنا الإجابة عن السؤال والهون أبرك ما يكون».

• إحالة المتورطين في الرياضة إلى النيابة. «ليست أولوية ما أقدر عليهم».

• منع العروض المسرحية في مسرح التحرير بكيفان. «أولوية قصوى مابي مسرحيات بمنطقتي».

• تحرير أكبر لأراضي الدولة ليتمكن الناس من العيش الطيب. «ليس أولوية، الشقق ما فيها شي».

• إزاحة وزير الإعلام محمد أبو الحسن لأن الأذان في التلفزيون لم يتضمن مشهداً للكعبة المشرفة. «أولوية، طبعا لأن الأذان من دون صورة الكعبة باطل».

• محاسبة وزير التجارة لأنه حل مشكلة الغلاء بسباغيتي فقط. «مو مهم لأنه سلفي».

• توفير الحرية في التعليم سواء المشترك أو المنفصل للطلبة والطالبات. «كلام مو مقبول لأنه يحقق المساواة».

• حضور جلسات المجلس بانتظام لمتابعة التشريعات. «على حسب إذا لي خلق أروح».

• كتابة المقالات الطويلة في إحدى الصحف اليومية. «طبعا أولوية، عشان الناس تعرف إن عندي راي».

• التصويت للمطالبة بالتعدي على أملاك الدولة من خلال إقرار الدواوين المخالفة. «أولوية طبعا».

• الدستور. «شنو هذا بعد؟».

• طالبان. «اجتهدوا فأخطؤوا».

• الفالي. «زنديق»

• ما الفرق بين طالبان والفالي. «يعني بالذمة ما تدرون؟».

خارج نطاق التغطية:

ناظم الغزالي، وزهور حسين، وسليمة مراد، وغيرهم من فنانين عراقيين رحلوا قبل الغزو، فلماذا يتم منع أعمالهم في وسائلنا الإعلامية؟

سامي النصف

بقعة الزيت وأرصدة بعض النواب

ما بين عامي 84 و87 اندلعت حرب الناقلات بين العراق وإيران وتم الحديث آنذاك عن بقعة زيت ضخمة تتحرك تحت مياه الخليج وأصبح العالم يتابع أخبارها يوما بيوم بعد ان قيل انها قد توقف عمل محطات تحلية المياه ومن ثم قد يموت أهل الخليج عطشا، صحونا ذات صباح فإذا ببقعة الزيت تلك قد اختفت دون حس أو خبر.

2/8/90 احتلال رابع أكبر جيش في العالم للكويت وانتشار مقولة ان تلك القضية قد لا تحل للأبد ومن ثم سنشهد إشكالا فلسطينياً آخر، او انها ستحتاج لسنوات طوال لحلها بعد ان تم ربطها بقضايا الشرق الاوسط الاخرى، صحونا ذات صباح، وخلال اشهر قليلة من الاحتلال، لنشهد تحرر وطن النهار بأسرع وقت وبأقل الخسائر.

26/2/91 مع تحرير الكويت رقب العالم أجمع اشتعال النيران في 700 حقل نفطي بشكل لا مثيل له في التاريخ وأفاد الخبراء بأن إطفاء بئر واحدة يستغرق اسابيع عدة ومن ثم فإن تلك الآبار المشتعلة لن تنطفئ قبل مرور عدة سنوات وبعد تلوث شديد للجو، صحونا ذات صباح من نفس العام فإذا بجميع الحرائق النفطية قد أُطفئت واذا بالهواء العليل يغطي بلدنا ويدخل بيوتنا.

20/3/2003 مع بدء الحرب على العراق انتشرت مقولات جادة تحذر من ان صدام سيستخدم هذه المرة اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها، حيث لم يعد لديه ما يخسره وان الكويت ستكون اولى الدول التي ستوجه اليها صواريخ الكيماوي المزدوج واسلحة الحرب الجرثومية، ولربما النووية، وبتنا نرقب الموت بين لحظة وأخرى، ثم صحونا ذات صباح فإذا بالطاغية قد سقط والشعب العراقي تحرر ولم تمض على الحرب الا ايام قليلة.

نقول هذا ونحن نسمع صرخات مشابهة تتحدث هذه الأيام عن كارثة اقتصادية غير مسبوقة في التاريخ وان حلها سيحتاج الى سنوات طوال تفوق ما احتاجت اليه اميركا لحل إشكال كارثة 1929، وقد يصحو العالم ذات صباح يوم قريب من عام 2009 ليكتشف ان تداعيات الأزمة الاقتصادية قد تقلصت لحدودها الدنيا وان الاقتصادين العالمي والمحلي قد استعادا عافيتهما بعد اشهر قليلة لا سنوات طويلة من الكارثة.

في جميع الأمثلة السابقة هناك 3 اسباب رئيسية لتضخيم المشاكل ثم حلها بأسرع الطرق وأقل الاضرار اولها ان العالم المتقدم يأخذ دائما بمبدأ «السيناريو الأسوأ» فمن الأفضل ان تتوقع حل مشكلة في سنوات ثم تحلها في اشهر بدلا من العكس، السبب الثاني هو ان الإعلامين العالمي والمحلي يركزان فقط على اقوال مروجي السيناريوهات الأسوأ والأكبر ولا ينقلان عادة الآراء المطمئنة القادمة من مختصين آخرين كونها لا تخلق «مانشيت»، السبب الثالث هو ان تقدم العلم وتطوره وقدرة الإنسان وفكره الخلاق تساهم في خلق حقائق جديدة وغير مسبوقة على الأرض تحل كبرى المشاكل والمعضلات بأقصر الطرق وأقل الخسائر، وتفاءلوا رغم كل شيء!

آخر محطة:
هل هناك صلة بين الاشكالات السياسية والاشكالات الاقتصادية في البلد؟! الجواب نعم قاطعة، فقد أصبح الهدف من دخول البرلمان لدى بعض النواب لا الخدمة العامة بل لزيادة الأصفار في الحساب الشخصي ولا يهم إن تأزم البلد أو احترق بعد ذلك.

محمد الوشيحي

شقلبة حتى نفاد الكمية

الكويت تسبح على بحر من السياسة، والساسة والإعلاميون في الكويت اليوم ينافسون نجوم الفن في الشهرة والجاذبية، وتلك مصيبة من الحجم الكبير.
وهذه الأيام، برزت على السطح طبقة جديدة من الساسة وأخرى من الإعلاميين، الطبقة السياسية الجديدة هي طبقة «حزب الكويت»! يهاجم أحدهم التيارات والكتل السياسية على اعتبار أنها كلها «قوات غازية»، وكلهم خونة، فتسأله ويجيبك: أنا «كويتي»، فتعيد صياغة السؤال مرة أخرى وبطريقة واضحة فيكرر إجابته «أنا كويتي». إذاً هو الكويتي الوحيد ونحن كلنا من هولندا! وبحسب فهمه للأمور، يتبين لنا أن كلينتون – الذي انتشل أميركا من وحل «الركود الاقتصادي» وحملها على كتفه لتحقق أكبر فائض في ميزانيتها طوال تاريخها هو وحزبه من «القوات الغازية»، فهو لا ينتمي لـ «حزب أميركا» بل «الحزب الديموقراطي»، شوف الخيانة. متابعة قراءة شقلبة حتى نفاد الكمية

سامي النصف

حلول دائمة لمشاكل سياسية مؤقتة

لنبدأ بالمشكلة السياسية القائمة ونقول ان حلها يكمن في سحب الاستجواب او ان يخلق سمو رئيس مجلس الوزراء ثقافة وعرفا سياسيا جديدا يتضمن الوقوف على المنصة لمدة لا تزيد على 3 دقائق يجيب خلالها عبر عناوين عريضة لا تخرج عن ان الامور المطروحة في الاستجواب يتم التعامل معها عبر الانظمة والقوانين المرعية، وهو للعلم حال كل الاستجوابات «او الاسئلة المغلظة» في البرلمانات الاخرى المتقدمة منها والمتأخرة التي لا يزيد طرح الاستجواب والرد عليه على 3 أو 4 دقائق.

الحل الآخر يكمن في الاستمرار في الاخذ بمعادلة ان التعسف في استخدام أداة الاستجواب سيقابله – في كل مرة – رفع مذكرة عدم تعاون تنتهي بحل المجلس ليتفرغ النواب للانتخاب والوزراء للعمل الجاد لخدمة الوطن والمواطنين وليبقى ذلك العرف قائما حتى يتوقف للابد استغلال تلك الاداة للتكسب الشخصي والتمصلح وايقاف حال البلد والابتعاد في النهاية عن حل مشاكل المواطنين.

ان اشكالية الذهاب للمحكمة الدستورية وتأجيل انعقاد الجلسات سيؤجلان ويؤخران الإشكال ولن يحلانه بالضرورة، وقد تكون الفائدة الحقيقية للتأجيل هي في استغلال الوقت للاتفاق على تعديل دستوري واجب يمس اداة الاستجواب بعد ان خرجت تماما عن اهدافها السامية واصبحت وسيلة للشهرة والإثراء غير المشروع ودون هذا الحل المؤسس الدائم سنخرج من ازمة لندخل في اخرى وهكذا دواليك.

ويجب ان يتضمن التعديل او الحل الدائم الا يقل مقدمو الاستجواب عن 5 أعضاء منعا لتحكيم الاهواء الذاتية وان تكون محاوره وجلساته سرية حتى لا يساء لسمعة وكرامة المسؤولين كما حدث مرارا في الماضي وكي لا تتحول قبة البرلمان الرصينة الى مكان لحشد المشجعين والهتيفة كي يتم الضغط عبرهم على النواب الآخرين فيصوتوا طبقا للجو الضاغط لا تبعا لما تمليه عليهم ضمائرهم.

كذلك يجب ان يتضمن التعديل وجوب ان يرسل الاستجواب الى مكتب المجلس كي يتأكد من صياغته وعدم وجود شبهات قانونية تقتضي احالته للمحكمة الدستورية، كما تتطلب الامور الاجرائية المقترحة ان يلتقي مكتب المجلس بالمسؤول المعني ومقدمي الاستجواب للبحث في امكانية حله بما يكفل الصالح العام واكل العنب لا قتل الناطور.

وقد يقتضي الامر في حال ثبوت ادانة المسؤول ان يتم طلب اعفائه او حتى احالته لمحكمة الوزراء، او بالمقابل احالة مقدم طلب الاستجواب الى لجنة قيم برلمانية يتم انشاؤها كي تبحث في امر التوصية باسقاط العضوية متى ما ثبت ان ذلك الاستجواب قائم على معطى التكسب والمصالح الشخصية التي تسيء اساءة بالغة لسمعة المجلس.

آخر محطة:
 التهنئة القلبية للصديق د.محمد الرميحي على احتفال العام الأول لصدور الزميلة «أوان» وعقبال مائة سنة.

احمد الصراف

ثماني علامات استفهام

تموج الساحة السياسية بعشرات الآراء المتعلقة بمستقبل البلاد السياسي وما يتوقع حدوثه في المقبل من الأيام. ويبدو أن الغالبية تتوقع حل البرلمان وتعليق الديموقراطية لفترة سنتين على الأقل. وعلى الصعيد نفسه يقال ان الإدارة الاميركية الحالية، المعنية الدائمة بموضوع الحريات السياسية في الكويت، منذ حرب تحريرنا من براثن الغزو الصدامي، غير عابئة هذه المرة كثيرا بمسألة تعليق الدستور إذا كان الحل سيؤدي لإطلاق يد الحكومة الكويتية في إسقاط ديون العراق والتخفيف من مبالغ التعويضات، وما سينتج عن الحل من تشجيع دول مجلس التعاون الأخرى لتقديم المزيد من المساعدات المادية والمعنوية للنظام العراقي الجديد المثقل بمختلف الأعباء، وما سيكون لكل ذلك من أثر كبير في التخفيف من أعباء تمويل وجود اميركا في العراق!
لا أعرف مدى صحة ما يشاع من أن جهات «متنفذة» دفعت وبذلت الكثير لإيصال الأمور والنفوس الى ما وصلت إليه من استياء حاد لأداء أعضاء البرلمان وللديموقراطية ككل، لكن هذا ما وصل إليه الحال، ولا مجال لادعاء عكسه. ولكن بالرغم من هذه الحقيقة الواضحة التي يمكن تلمسها من خلال ما ينشر ويبث في وسائل الإعلام الخاصة وردود فعل الشارع، الذي تعكسه المنتديات والبلاغات ورسائل الهاتف القصيرة والإنترنت، فإن المسألة ربما تكون أكثر تعقيدا.
فمن الواضح أن أطرافا في الأسرة ترغب في الوصول للسلطة، ولكن بأقل قدر من «تحميلة الجميل» أو المعروف، أو حتى الجهد.
كما من الواضح أيضا أن أطرافا أخرى في الأسرة ستخسر الكثير من «مكتسباتها المادية الحالية والمتوقعة» في حال بقاء هذه الحكومة وهذا المجلس، أو على الأقل الاستمرار في إقصائها عن مراكز اتخاذ القرار.
إضافة طبعا لما يشاع عن وجود جهات ثالثة داخل البرلمان طلب منها تحقيق تطلعات الجهات المؤثرة أعلاه، من خلال دفع الأمور للحافة بحيث يصبح لا مهرب من حل البرلمان!
كما أن غالبية المراقبين والنشطاء السياسيين، دع عنك بقية المواطنين، قد سئموا، الى درجة المرض، من ضعف الحكومة وهوان حالها بعد تكرار تراجعاتها وتنازلاتها!
كل هذا واضح وقد يكون كافيا لأن تبدي الحكومة رغبتها في عدم التعاون مع مجلس الأمة لتبدأ عجلة الحل بالدوران!
ولكن، ما الذي سيحدث لو حل البرلمان بطريقة غير دستورية لفترة سنتين أو أكثر؟ هل سيقبل الشارع، وقبل ذلك القوى السياسية بالحل بسلام؟ لا أعتقد أنها ستقبل بسهولة مسألة الحل «غير الدستوري»، كما أعتقد أن حالة من الصدام الشرس ستحل محل الحوار العقلاني!
ولو افترضنا أن الاعتراض أو النقمة سيتم امتصاصهما عن طريق مجموعة من الإجراءات الحكومية ذات الطابع الشعبي فهل لدى الحكومة حقا خطط عملية وواضحة يمكن اللجوء إليها؟
ولو كانت هناك مثل هذه الخطط، التي عادة ما تكون مالية بحتة، فهل تسمح أوضاع الدولة المالية بذلك، علما بأن مؤشرات الكساد المرتقب تطل بقرونها علينا، وأسعار النفط في هبوط مستمر؟
وماذا لو أظهرت أي من حكومات الجوار عداءها للكويت، فهل ستلجأ الحكومة ساعتها الى أميركا طالبة منها الوقوف معنا؟
وماذا لو اشترطت هذه عودة الديموقراطية أولا وفورا قبل قبولها بدعم الكويت أمنيا؟
وأخيرا، هل هناك ضمان أن بإمكان الحكومة، في غياب مجلس الأمة، تنفيذ كل الخطط والمشاريع التي طالما انتظرها الناس، وتاريخها يقول عكس ذلك تماما؟
وماذا لو أعاد الناس انتخاب غالبية نواب «التأزيم» بعد سنتي الحل، إن مرتا بسلام، فهل ستعود حليمة المجلس لعادتها القديمة نفسها؟
ثماني علامات استفهام لثمانية أسئلة تصعب الإجابة عنها في ظل كل هذا التردي الذي نعيشه جميعا بعد أن سلمت الكثير من مقدرات البلاد للجهلة من قيادات التيارات الأكثر جهلا!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

المصلحة الوطنية…آخر المطالب!

 

ثمة سباق محموم بدأ يظهر في خطاب مستتر لبعض الناشطين الإسلاميين، مدعوم ببيانات وخطب ومقالات تتوزعها كالعادة بعض المنتديات الإلكترونية ذات النفس الطائفي والتجزيئي! وبعض الخطب التأجيجية.

والحمد لله، أن ذلك السباق المحموم لم يصل الى صفحات الصحف اليومية، على الرغم من أن هناك من يسعده هذا الفعل، وخصوصا إذا ما كان يتصل بالممارسات التمييزية الطائفية بين المواطنين…

لن يطول التقديم، وحتى لا يضيع مسار طرح الفكرة، وجدت تنافسا في أحد المنتديات الإلكترونية لتقييم أوضاع الطائفتين الكريمتين في البلاد من ناحية التوحد والقوة والتضامن والعمل كصف واحد…

وطبعا، لن يكون ذلك المصدر، أي المنتدى الإلكتروني، مصدرا حيويا وموثوقا للنقل، لكن، في كل الحالات، لابد وأن ندرك أن تلك المنتديات أصبحت تعكس في كثير من الأحيان مواقف صحيحة، وتحركات أكيدة، وبالطبع، ليس كل ما يرد فيها من معلومات هو خاطئ وسيء.

نعود للسباق المحموم، وهو ينطلق من عنوان كبير هو: «هل ترضيكم أوضاع الطائفة في البحرين؟»، وأود التنويه الى لفظ «الطائفة»هنا يشمل الطائفتين الكريمتين، فتارة، تجد مجموعة من المواطنين يطرحون محاور تشمل:

– تفكك أبناء الطائفة.

– عدم وجود قيادات دينية وسياسية فاعلة في الساحة المحلية تسعى للدفاع عن الحقوق والمطالب.

– غلبة الطرف الآخر ومخاوف متفاوتة من نتائج تلك الغلبة.

– عدم ثقة أبناء الطائفة من البحرينيين بإخوانهم من ذات الطائفة من المجنسين أو من الأصول المعروفة.

– التعبير عن عدم الرضا بأداء الكتل البرلمانية.

– المطلوب للتحرك.

وفي ذات السياق، أي في الطرف الآخر، ربما وردت ذات المحاور ولكن بصياغات مختلفة منطلقة هي الأخرى من مرئيات وأدبيات محصورة في الطائفة تشمل:

– استمرار التمييز والإقصاء.

– ضعف الأداء السياسي وعدم فاعلية القيادات الدينية التي تعيش هي الأخرى حال من التصادم.

– الحاجة إلى ترتيب الصفوف.

– إعادة صوغ العمل السياسي من خلال قراءة مساري «الممانعة والمسايرة».

– توجيه الاتهام إلى الكتلة البرلمانية الرئيسة باستمرار الإخفاقات.

– و…أيضا، المطلوب للتحرك.

والمتابع للفريقين، قد يؤمن بأن ما هو متاح من حرية للتعبير وإبداء وجهات النظر وحق كل مواطن في أن يطرح مرئيات فردية أو جماعية تجاه القضايا المهمة في الساحة فتح المجال لهذا الطرح، لكنه – شئنا أم أبينا – لا يمكن أن يخرج عن إطاره الطائفي، بقصد أو من دون قصد، في جعل العمل السياسي والخطاب الديني، ينحرف الى اتجاه تعبير كلا الفريقين عن القلق والخوف وربما الترقب ما قد يكون لأحدهما من شأن ومكاسب وغلبة على الفريق الآخر، وهذا كله لا يمكن أن يخدم المصلحة الوطنية بأي حال من الأحوال، بل هو على رغم محدودية مريديه ومثيريه، يظهر وكأنه حال من الصدام العنيف في المجتمع بين مجموعات تنتمي إلى الطائفتين… تتقاسم ذات الشعور بأن طائفتها مهددة ولابد من العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لكن، من الصعب جدا أن تجد في ذلك السباق المحموم، ما يمكن أن يناسب كل مواطن، أيا كان انتماؤه المذهبي، إذ يجد في المحاور المتكررة هما مشتركا وتطلعا مشتركا ويترقب نتائج إيجابية مشتركة وربما جاءت «المصلحة الوطنية»…آخر المطالب أو لم تجيء.

ولهذا، ومن وجهة نظري، لن تكون هناك أي نتائج مثمرة، لأن الدوافع والنوايا في الأساس…طائفية

محمد الوشيحي

يا مرحبا

المنطق يؤيد النواب في غيابهم عن جلسة أمس. كيف سيناقشون حالة الدولة بينما أحوالهم هم لا تسر صديقا ولا عدوا؟ وماذا سيقول النواب لبعضهم في أجواء كهذه؟ لا شيء سوى تبادل التحايا والشكاوى: يا هلا، يا هلا والله / رحنا ملح، صدقت / شلون عيالك، بخير / خانقتني العبرة، وأنا مثلك…
حالنا أبكت الشامتين، والطائفية بلغت الحلقوم. والذنب ليس ذنب النواب، الذنب تتحمل الحكومة وحدها ثلاثة أرباعه وأكثر، والربع الرابع مقسم بين النواب والشعب، ولا عزاء للسيدات… فمَن غير الحكومة سمح بإنشاء بنك على أساس طائفي؟ ومن سوى الحكومة سمح لقيادي صاحب نسبة كبيرة مؤثرة في إحدى الشركات (قبل بيعها) بأن يبتعث أبناء طائفته فقط لدورات خارجية على حساب الشركة، ليقوم بترقيتهم بعد عودتهم مباشرة بحجة «اختصاصهم»، ثم بعد ذلك يبيع نسبته بعد أن ضمن السيطرة الطائفية في الشركة ويتجه لامتلاك صحيفة لا تهاجم ولا تنتقد سوى أبناء المذهب الآخر، مَن غير الحكومة سمح لهذا وامثاله بذلك؟ لو كانت للحكومة عصا غليظة ترتفع كلما ارتفعت الطائفية لتَسابقَ الطائفيون لتقبيل الأقدام زحفا على البطون المجردة والأكواع المبردة. متابعة قراءة يا مرحبا

سامي النصف

هذا الصباح كلنا صباح

امن الوطن ووحدته ورفاه الشعب الكويتي هما الأصل وكل ما عداهما فروع ولا يمكن ان يقبل عاقل بمنطق مجنون يدعو لقطع الشجرة بحجة الحفاظ على فروعها، ان اعلى الأصوات المطالبة بالحفاظ على الدستور هي أكثرها تدميرا لنصه وروحه وتشويها للرسالة السامية التي حملها لنا عبره الآباء المؤسسون.

ومن أكثر الأباطيل التي تريد العبث بأمن البلد ووحدته ومن ثم تحويله لساحة حرب وضرب وجعله اقرب لسفينة دون ربان تتخاطفها الرياح والأعاصير هي المقولة الكاذبة بأن شرعية الحكم لا تقوم الا بهذا النص الدستوري او ذاك علما أن تلك الشرعية تستمد من مبايعة اهل الكويت المتصلة منذ اكثر من ثلاثة عقود والتي لم يشرطوها بنصوص كالتي تذكر هذه الأيام.

ومما يؤكد كذب تلك المقولة الصادرة من بعض اصحاب مطالب الخراب والفوضى ان الآباء المؤسسين للدستور والديموقراطية ممن شهدوا احداث عامي 76 و86 لم يقولوا بها ولم يسقطوا شرعية الحكم آنذاك، بل ظلوا على عملية التواصل مع النظام خاصة ان عمليات التعطيل المؤقتة اصابت بعض مواد الدستور وليس جله او كله، كما ان الكويت لم تشهد إبان حل المجالس البرلمانية ما نراه في الدول الأخرى من فتح لأبواب المعتقلات وانتشار عمليات القمع.

وللحقيقة وللتاريخ لم تكن عمليات الإيقاف المؤقت للدستور فعلا، اي ان الحاكم صحا ذات صباح فقرر حل المجلس بل كانت جميعها ردود فعل لتحركات سياسية غير حكيمة لم تراع الأوضاع الحرجة في البلاد عام 76 عندما اقتربت منا كرة النار التي احرقت 3 بلدان صغيرة في المنطقة هي الأردن وقبرص ولبنان، أو عام 86 عندما كنا نشهد نيران المعارك والصواريخ على حدودنا الشمالية.

ومن يقل ان سنوات تعطيل المجلس لم تشهد تنمية حقيقية وهي سنوات قليلة لم تتجاوز 10 سنوات فليقل لنا اي التنمية شهدناها ابان سنوات تفعيل المجلس التي جاوزت 3 أضعاف سنوات تعطيله رغم ان الظروف اصبحت اكثر مواتاة من حيث تراكم الثروات واستتباب الأمن وارتفاع مستوى التعليم.

ان الأوضاع حرجة، ونوخذة السفينة يشهد العبث الشديد الذي يدور داخلها وقفز بعض ركابها على سلطات ملاحيها حتى تسبب ذلك في اصطدامها بالصخور اكثر من مرة وكادت تغرق في وقت تنطلق فيه سفن الجيران سريعا للمستقبل المشرق، لذا يجب ان يعطى ربان السفينة حق تقدير المخاطر وتقدير الحلول ولسنا هنا بصدد الترويج للحل غير الدستوري (الذي لن يحدث) بل هي دعوة لأن نصبح هذا الصباح وكلنا صباح الأحمد فنتخلى عن أنانيتنا ومكاسبنا الذاتية لأجل وطن واحد ذي قيادة واحدة ممثلة بسمو أمير نصطف خلفه ونخبره بأننا على عهد الآباء والأجداد باقون، فذلك طريق النجاة ومنع الفتنة.

آخر محطة:
قرأت محاور الاستجواب واقتنعت بها ويبقى لدي سؤال بسيط هو لمن يجب ان توجه الملامة في تلك المحاور: للحكومة أم للمجلس؟

سعيد محمد سعيد

لكي نبيع البرتقال…

 

قال محدثي: «أنا في غاية الأسف والحزن والأسى، فقد كثر الخداع والنفاق وسوء الظن بين الناس في المجتمع البحريني وهو أمر لم ولن يكون من صميم هذا المجتمع… كذب وخداع ونفاق في السياسة… كذب وخداع ونفاق في البرلمان… كذب وخداع ونفاق في الوظائف… وهذا الكذب والخداع والنفاق، نلمسه في كل شيء في حياتنا».

لم تكن لديّ إجابة تريح صاحبي، لكنني اكتفيت بأن قلت: «هون عليك يا صاحبي… لست مسئولا عن كل ذلك… ليس في مقدورك أبدا أن تحل مشاكل البلد، فالأجدى والأنفع لك أن تراقب نفسك وتعدل سلوكك، وتسعى لرزقك ورزق عيالك، واترك كل الباقي… فلست عنهم بمسئول! ثم من ينصب نفسا وصيا وحكيما على الناس، عليه أن يحذر هو الآخر، فكلك عورات وللناس أعين».

لكن محدثي ينظر إلى الموضوع من عدة زوايا… والحقيقة الدامغة التي كانت نصب عينيه، أن في هذا المجتمع الصغير، تصبح الأكاذيب سلسلة متصلة ببعضها بعضا، فالكل يخدع الآخر، ويكذب على الآخر، لذلك، تجد البركة قليلة والبلاء يزداد ويشتد…

لم أكن موافقا معه تماما، لكن، لا بأس من أن يكون في كلامه بعض الصواب…

قلت له: إذا كنت تريد بيع البرتقال، فكن صادقا!… لم يفهم محدثي العبارة، لكنني شرحتها له من خلال هذه القصة، وهي من قصص الحكمة الصينية:

انتصب بائع برتقال على قارعة الطريق يبيع ثماره، فمرت بقربه عجوز وسألته إن كانت هذه الثمار المعروضة للبيع حامضة؟

ظن البائع أن زبونته العجوز لا تأكل البرتقال الحامض، فرد عليها مسرعا:

– لا… هذا برتقال حلو، كم يلزمك يا سيدتي؟

-ولا حبة واحدة… أنا أرغب في شراء البرتقال الحامض، فزوجة ابني حامل وهي تهوى أكل ذاك الصنف من البرتقال.

ها قد خسر البائع زبونته.

بعد وقت طويل، اقتربت منه امرأة حامل، وسألته:

– هل هذا البرتقال حامض يا سيدي؟

وبما أن المرأة حامل، فإن الإجابة كانت على طرف لسان البائع:

– نعم… هو حامض يا سيدتي، كم كيلوغرام تريدين؟

– ليست لي رغبة في هذا البرتقال، فحماتي تحبذ البرتقال الحلو وتمقت البرتقال الحامض.

ها هو التاجر يخسر مرة ثانية الصفقة.

إن من يريد خداع الآخرين يخدع نفسه قبلهم!