الحديث عن الحكومة المتكرر وضعفها الأبدي، أصبح لتكراره مثل «الطق في الميت»، ونحن لا نعاني من نقص في الذنوب، ولسنا بحاجة إلى «حرام» إضافي… تمام، إذاً صلوا على خير البشر، وتعالوا لنتحدث عن الحلقتين اللتين استضفت فيهما الفاضلين المليفي وسيد القلاف في برنامج «مانشيت»…
بدءا، الفرق ما بين المليفي والقلاف، برأيي كمُحاور، هو في الاستعداد للحلقتين، فالنائب المليفي شاطر جدا حتى أثناء ارتكابه للجناية، فهو يرتدي القفازات ويمسح الآثار من خلفه، ويتنقل بأربع سيارات، يركن إحداها في مواقف تحت الأرض، وهو يستخدم سبعة أسماء مستعارة في التنقل وتسعة جوازات سفر، ولذلك تتطلب محاورته في الميدان التأكد من صلاحية حد السيف الذي تحمله، ومتانة الدرع التي ترتديها، وقدرة الحصان الذي تمتطيه على المناورة في أقل من جزء من الثانية، فأمامك مناور عجنته الحروب والمعارك، ومقاتل يعرف «من أين تؤتى الغنائم»… أما النائب السيد حسين القلاف مع التقدير لشخصه فلا تحتاج لمحاورته أكثر من سكين مطبخ وقليل من البهارات والملح، وبالهناء والشفاء. ولا تنسَ أن المعدة هي بيت الداء، فلا تأكل أكثر من حاجتك، وقد أعذر من أنذر. متابعة قراءة مانشيت المليفي والقلاف
اليوم: 27 نوفمبر، 2008
السخرية من الأوضاع المالية
ما ان تحل الكوارث التي تبكي الحجر وتفجع القلوب حتى يحولها البعض الى نكات وقضايا ساخرة تسيل الدمع من الأعين، في بلداننا العربية تعتبر «الغرز» و«الحشاشين الفاضيين» المصادر الرئيسية للنكت، وفي اميركا تعتبر الحانات والمخمورون مصادر التندر والسخرية.
مع ضخ 700 مليار لتنشيط الاقتصاد الاميركي رفع الخبراء الاقتصاديون للرئيس تقريرا جاء فيه ان تلك المليارات لو اعطيت للشعب الاميركي كي يشتري بها السيارات فستنتهي في ألمانيا واليابان واذا استخدمت لشراء النفط فستذهب للعرب واذا ما تم الشراء من محلات «وول مارت» الشعبية الشهيرة لذهبت للصين وان اشترى بها كمبيوترات لذهبت لتايوان، واما شراء التلفزيونات والالكترونيات فسيجعلها تذهب لكوريا وسنغافورة، كما ان شراء الخضار والفواكه سينتهي بها في المكسيك وغواتيمالا، لذا فالحل الافضل لتنشيط الاقتصاد هو ان يتم صرفها في الحانات فالجعة هي الشيء الوحيد الذي مازال يصنع في اميركا.
وطرفة أميركية اخرى تقول ان المستشارين الماليين في الوول ستريت رفعوا تقريرا محاسبيا قالوا فيه ان المواطن الاميركي لو استثمر ما قيمته الف دولار قبل عام بشراء اسهم شركة دلتا للطيران لأصبحت الآن 49 دولارا، ولو اشترى بها اسهم شركة فاني ماي العقارية لأصبحت 2.5 دولار ومع شركة التأمين الاميركية لأصبحت 15 دولارا، اما لو اشترى بها جعة خلال العام وشربها وباع علبها الفاضية لمصانع اعادة تصنيع الألمنيوم لحصل الآن على 214 دولارا، لذا فالاستثمار الأمثل للمواطن الاميركي هو ان يجلس في الحانات يشرب الجعة ويبيع العلب.
وكنت في السيارة في الطريق لسيتي ستار في مصر لحضور مؤتمر مؤسسة الفكر العربي مع جمع من الاصدقاء عندما استمعنا من الراديو لقرار وزير الاستثمار بتوزيع اسهم 153 شركة عامة مجانا على المواطنين المصريين الراشدين، اي ما فوق 21 سنة، ما جعل المستفيدين يتجاوزون 41 مليون مواطن وقد استمعت على الفور الى التعليقات التالية.
الأول قال ان الجمعية العمومية لتلك الشركات يجب ان تعقد في صحراء سيناء كونها المكان الوحيد القادر على استيعاب تلك الاعداد الملايينية من المساهمين، الثاني تكلم عن كيفية معرفة اكتمال النصاب من عدمه عند انعقاد الجمعية العمومية السنوية، الثالث تساءل عما سيحدث حال فتح باب النقاش وعمن سيعطى الدور للحديث، اما الصديق الرابع فقال ان المصيبة هي عند قفل باب النقاش وبدء عملية عد أصوات الموافقين والمعارضين لتقرير مجلس الإدارة وعما سيجري عندما يطعن مساهم «نحيس» بالنتيجة ويطالب بإعادة التصويت.
آخر محطة:
احرص على ان يكون مقال الخميس أي نهاية الاسبوع مختلفا عن مقالات الايام الاخرى إما عبر المقال المعلوماتي او التطرق لقضايا تاريخية من زوايا مختلفة او حتى تخصيص المقال للقضايا الخفيفة والباسمة، ومن ذلك مقالنا الذي كتبناه قبل اسابيع عن الصديق العزيز احمد المسلماني والذي اخذه البعض بجد واعتقد ان ذلك الاعلامي اللامع هو احد اكبر اثرياء مصر فاصطفت جموع رجال الاعمال امام بيته تبحث عن السيولة المالية في زمن الجفاف، قديما قيل «الصيت ولا الغنى» وأشهد ان المسلماني يملك الاول اي الصيت والسمعة الحسنة ولا يملك الثاني، او على الاقل ليس بالقدر الذي ذكرناه في المقال، يعني أكملوا الاصطفاف!
الأزمتان: بحرينية كويتية!
لا أظن أنه من قبيل الصدفة، أن تعصف أزمة خلاف بين الحكومة والبرلمان في الوقت ذاته وفي البلدين الخليجيين الوحيدين اللذين لديهما مجلسان تشريعيان منتخبان! ولربما لو كانت هناك دولة خليجية ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة لديها برلمان منتخب… أقول لربما… وجدنا دول الخليج كلها مشتعلة لخلافات بين الحكومات وبرلماناتها ولربما في التوقيت ذاته أيضا، والسبب في ذلك كله من وجهة نظري المتواضعة، هو لأننا لسنا «ديمقراطيين» ولسنا سوى «حمالية» لشعارات الديمقراطية وحسب، وأرجو المعذرة لاستخدام هذا التعبير!
وبالطبع، ليست الأزمات التي تعصف بين الحكومتين والبرلمانيين تظهر فجأة! فهناك تطور مرحلي في الخلاف لكنه سريع، ولا يمكن لأي أحد كان أن ينكر نضج التجربة البرلمانية الكويتية وتميزها وسمتها الرئيسة وهي تراكم الخبرة، لكن المشكلة تكمن في (المخفي من أجندات)، سواء كان ذلك في البحرين أو في الكويت، وغالبا ما تكون بدوافع صدامية بين الجهتين تارة، ولأسباب طائفية تارة أخرى، ولوجود أطراف تريد حقا إزهاق روح الحياة النيابية.
وفي الأزمتين، ومن حسن الطالع، أن الحكومتين البحرينية والكويتية، أثبتتا أنهما قادرتان على احتواء مثل هذه الخلافات والأزمات، فيوم الثلثاء الماضي، وفي زيارة مفاجئة قام بها رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى مجلس النواب، كان يوما مهما قطع الكثير من نزاع القوم والمخاوف التي ظهرت في غضون الأسبوعين الماضيين والتي وصلت لدى البعض إلى وضع احتمال حل البرلمان بسبب تغيب الوزراء عن حضور جلسات المجلس وبسبب أيضا الأداء البرلماني المترهل، وقد أعلن سمو رئيس الوزراء أنه ليس هناك أي قرار بعدم حضور الوزراء جلسات المجلس…
إذا، وضعت زيارة سمو رئيس الوزراء النقاط على الحروف، ولا يمكننا إلا أن نراقب دور الانعقاد كاملا لنعرف النتائج.
أما في دولة الكويت، فقد تعقدت الأزمة السياسية بعد رفع استقالة الحكومة إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إثر مواجهة مع مجلس الأمة على خلفية السماح للسيدمحمد باقر الفالي، المتهم بشتم الصحابة، إلى البلاد، والمطالبة باستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد، فقد انسحب أعضاء الحكومة من جلسة يوم الثلثاء الماضي، لكن سمو الأمير قرر تأجيل النظر في قبول استقالة الحكومة.
خلاصة القول تنضوي تحت هذا التساؤل: «هل يعقل أن يكون مصير العمل البرلماني في البحرين والكويت واقعا تحت احتمال (الحل) أو (تجميد الدستور)؟»، وإذا أردتم إجابتي فسأقول: طالما أن هناك عدم توافق وتفاهم بين الحكومة والمجلس التشريعي، وطالما هناك تغييب قسري للمصلحة الوطنية، فستكون هذه الأزمات مستمرة، ولن ننال نحن كمواطنين، سوى المزيد من الإحباط وستذهب أحلامنا في التنمية والرفاهية وتحسين مستوى المعيشة وتطوير التشريعات والأنظمة أدراج الرياح. لكن لابد من القول: إن مبادرة سمو رئيس الوزراء، أزالت الكثير من الغموض وأزاحت الكثير من التكهنات والمخاوف المحيطة بالتجربة البرلمانية، وهذه مبادرة تحسب لسمو رئيس الوزراء في وقت أصبحت فيها الملفات في البلد متشعبة ومعقدة تعقيدا لا يمكن فكه بسهولة…
ويبقى الأمر مرهونا بما ستأتي به الأيام المقبلة.
بعيدا عن الأزمات