الحكومة كعادتها «تسوق علينا» الدلال وتلتزم الصمت في أحلك وأعلك الظروف، ولم تنبس بأي نبسة رغم كل هذه الحرائق التي أشعلتها بيديها الكريمتين. يبدو أن صوتها عورة. طيب فلتكلمنا من وراء حجاب، وبحضور محرم، أو يا أخي إذا كانت الحكومة لا تقوى على الاستجوابات ولا المقابلات التلفزيونية ولا المؤتمرات الصحافية فلتصرح لنا كتابة عن طريق وكالة الأنباء الرسمية، كونا، باستخدام اكليشتها الغثيثة، «صرح مصدر مسؤول». المهم «سمّعينا» يا حكومة أي شيء حتى لا تنتشر الإشاعات في هذا الجو الرطب، طيب سمّعينا زغروطة على الأقل، أو سمعينا الصلاة على النبي، أي شيء في هذه الأزمة المباركة، ونذر علينا أن نرده لكم حين ميسرة.
لله يا محسنين، تصريح يفك ضيقة شعب مقرود، مصيره في أيديكم، وأيديكم في جيوبكم، أو جيوبنا، والجيب واحد… أصلا لا يجوز أن يخرج إلينا النواب المستجوبون بين كل دقيقة وأخرى في وسائل الإعلام ليشرحوا مواقفهم وبكل ثقة، ويشارك النائب وليد الطبطبائي في حلقة الأسبوع الماضي من برنامج «مانشيت» رغم أنه لا يكاد يقوى على فتح عينيه لشدة الإرهاق ولطول السهر، بينما تختبئ الحكومة في خدرها ويتصدى للنواب المستجوبين زميلهم النائب الموسوعة ناصر الدويلة.
وناصر الدويلة رجل يمتلك أكبر ملاءة كلامية في العالم، وهو مستعد للحديث إلى حين يبعثون، وهو لا يفكر أثناء حديثه، فلا وقت لديه للتفكير، ثم انه لا يحتاج إلى التفكير أساسا، هو فقط ينحني قليلا ويهز رأسه فتتساقط كلمات ليست كالكلمات، خذ منها ما تريد واترك الباقي على الرصيف لعابر السبيل… وناصر الدويلة في كل مكان وزمان، هو يطير ويسبح ويتكاثر في المناطق الساحلية، وهو في القانون موجود، وفي السياسة حاضر، وفي الخطط العسكرية اعتمد، وفي الاقتصاد عند وجهك، وفي كل شيء وأي شيء يدق الصدر، عفية على ذاك الصدر. وحفاظا على صدر ناصر الدويلة، أو حفاظا على آذاننا الوسطى، أو ما تبقى من عقولنا ودموعنا، لا بد أن تخرج الحكومة المصون لسانها من سجنه. وقسما بالله سنغض الطرف عنها أثناء حديثها، وسندير لها ظهورنا كي لا نخدش حياءها.
يا صاحبي، هو أمر من أمرين لا ثالث لهما، إما أن الحكومة بكماء لا تتكلم، أو أنها تتكلم لكن الشعب أصم لم يسمعها، أو أنها «تتغلى» علينا، أو هي لا تعتبرنا «قد المقام» لتتحدث معنا، وأقصى ما نستحقه منها هو الموسوعة ناصر الدويلة، ويخب علينا… أين وزير الإعلام الذي يُفترض أنه المتحدث الرسمي باسم الحكومة بحكم منصبه، كما جرت العادة، وأين نائب رئيس الوزراء فيصل الحجي، وأين أحمد باقر، فليخرج لنا أحمد باقر بتصريح أو فتوى، وأين وزير الداخلية، وأين بني مخزوم؟ يا اخوان، سياسة صكتم بكتم لا تجوز.