الحكومة كعادتها «تسوق علينا» الدلال وتلتزم الصمت في أحلك وأعلك الظروف، ولم تنبس بأي نبسة رغم كل هذه الحرائق التي أشعلتها بيديها الكريمتين. يبدو أن صوتها عورة. طيب فلتكلمنا من وراء حجاب، وبحضور محرم، أو يا أخي إذا كانت الحكومة لا تقوى على الاستجوابات ولا المقابلات التلفزيونية ولا المؤتمرات الصحافية فلتصرح لنا كتابة عن طريق وكالة الأنباء الرسمية، كونا، باستخدام اكليشتها الغثيثة، «صرح مصدر مسؤول». المهم «سمّعينا» يا حكومة أي شيء حتى لا تنتشر الإشاعات في هذا الجو الرطب، طيب سمّعينا زغروطة على الأقل، أو سمعينا الصلاة على النبي، أي شيء في هذه الأزمة المباركة، ونذر علينا أن نرده لكم حين ميسرة. متابعة قراءة الزغروطة أهون
اليوم: 25 نوفمبر، 2008
ماذا يفعل الخاسر بالأسهم؟!
وارن بفت هو أغنى رجل في العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من مائة مليار دولار صنعها جميعا من تجارة الاسهم، ويقال إن من وضع 10 آلاف في شركة بفت للاوراق المالية عند بدئها تحولت الآن الى 300 مليون دولار، سئل السيد بفت قبل مدة قصيرة عن النصيحة التي يقدمها هذه الايام فقال «باي، باي، باي» ولم يقصد بتلك الكلمة «Bye» وداع الاسواق، بل الشراء Buy منها.
ولبفت نصائح عدة للشراء منها ألا تشتري سهما لم تقم بعملية بحث حقيقي عنه، كما يحذر من الافراط في التنويع ومن عمليات الشراء المتأخر أو البيع المبكر ويطلب الا تهتم بخسائر الفترة القصيرة، وان تشتري السهم الواحد وكأنك تشتري الشركة بأكملها، وأن تحرص على أن يكون للادارة القائمة على الشركة حصة كبيرة وفاعلة فيها، كما ينصح بأن تدفع دائما سعرا معقولا في السهم، فأحسن شركة في العالم يعتبر شراء اسهمها صفقة خاسرة اذا ما اشتريتها بأسعار اكثر من قيمتها.
وقد يكون لنصيحة الشراء لا البيع من أغنى رجل في العالم اسباب عدة منها ان البيع يحول الخسائر غير المحققة الى خسائر قائمة، كما أنه يساهم في خفض مؤشرات الاسواق ومن ثم زيادة الخسائر، اضافة الى ان وضع الاموال بعد تلك الخسائر في ودائع نقدية ذات عوائد منخفضة يعني ان الخاسر سيحتاج الى قرن من الزمن ليسترد ما فقده في الكارثة الحالية بعكس البقاء والشراء المدروس من السوق.
في عام 82 حدث انهيار المناخ واعتبر الناس ان الاسهم – كالحال هذه الايام – هي ورق لا قيمة له، لذا تم بيع اسهم شركة الاتصالات «زين» بـ 800 فلس للسهم، رغم أن سعر اكتتابها آنذاك كان بـ 1.100 دينار، اي ان قيمة 50 الف سهم كانت بـ 40 الف دينار، جزئت الاسهم بعد ذلك وتحولت 50 الف سهم الى 500 الف سهم، اصبح سعر الواحد منها بـ 4 دنانير اي ما مجموعه 2 مليون دينار، واذا ما اضيفت لها المنح والارباح لتحول مبلغ الـ 40 الفا المستثمر إلى 4 ملايين دينار لاحقة عبر – فقط ـ الاحتفاظ بأسهم التأسيس تلك.
وبالقطع هناك فرص مماثلة هذه الايام في العديد من الشركات التي اصبحت تباع بأقل من قيمتها الدفترية أو التأسيسية أو حتى من قيمة السهم فيما لو وزعت اصولها على المساهمين، وقد يكون اقرب مثال لما سبق هو سهم شركة «زين» السعودية التي تأسست قبل 6 اشهر في اكتتاب عام بسعر تأسيس هو 10 ريالات وبيعت في حينها بـ 25 ريالا، الا انها تباع هذه الايام بسعر التأسيس أي 10 ريالات، وهناك مقترح لتجزئة السهم لعشرة فيما هو اقرب مستقبلا للمثال الوارد في الفقرة السابقة.
ان الاستثمار في قطاع الاتصال والمعرفة وعلوم المستقبل هو الامثل حيث يقول السيد بفت انه أيّاً كان مستوى الركود الاقتصادي فسيبقى الانسان في حال اتصال بالآخرين ويملك هاتفا للبحث عن عمل وغيره (أسهم شركات الاتصالات) مع معرفة ان شركات المعرفة والاتصالات لا تحتاج الى مواد خام باهظة الثمن أو عمالة كبيرة، أي المصانع والمزارع وقطاع العقار، بل يقوم عملها على ركوب الهواء وبيع الكلام وهما أرخص مواد خام متوافرة هذه الايام على الارض.
آخر محطة:
نرجو ألا نبقى بعد الكارثة الاقتصادية الحالية على طمام المرحوم والا يعود السوق الكويتي الى سابق عهده مرتعا للسرقات وتكوين الثروات غير المشروعة دون خوف أو محاسبة.. وشبعنا طراقات ولم نتعلم!
مظاهر الانفصام في شخصياتنا
من الواضح أن هناك شبه انفصام بين ما يقوم الكثيرون بأدائه من فروض العبادة، أو ما نعتقد أننا نقوم به، وما يبدو على البعض من إمارات التدين ومظاهره، بين كل هذا وبين التصرف الصحي والصحيح!! ومن المؤسف أن الفارق كبير لدرجة أصبحنا نعتقد أن لا علاقة بين الأمرين، أو كأن من غير المفترض أن يكون المتدين أكثر عقلانية في تصرفه وأكثر إنسانية وانضباطا واحتراما للقوانين من غيره. أو أن المتدين غير مطلوب منه احترام حقوق الآخرين وأولوياتهم متى ما قام بأداء ما هو مطلوب منه من فرائض!!
في أكبر دوار في منطقة السرة يقع مسجد البحر. وأمام هذا المسجد، وفي وقت صلاة الجمعة تجد أن الدوار قد امتلأت مداخله وأطرافه بعدد كبير من سيارات المصلين، وفي أماكن يمنع الوقوف فيها، وبطريقة معرقلة لحركة السير. هذا الإصرار على مخالفة القوانين يعطي صورة جد سيئة عن أخلاق البعض وعدم اكتراثهم بحقوق الغير. كما أنها تبين لغير المسلم جانبا غريبا من حياتنا، وكأننا لا نزال نركب الدواب ونتركها ترعى طليقة خلال فترة غيابنا عنها!!
وعلى الرغم من تكرار حدوث هذه الظاهرة في أكثر من مسجد فان لا أحد يود ربط احترام القانون بأداء الصلاة، التي من المفترض أنها تهدي للتي هي أقوم!! علما بأن هناك أماكن كافية لوقوف كل سيارات المصلين، ولكن لا أحد يود السير ولو لخطوات قليلة في هذا الجو الجميل، أو كأن البعض يحاول إرسال رسالة تقول إن الحياة يجب أن تتوقف أثناء الصلاة!!
وفي منطقة الشهداء، التي اضطررت لارتيادها لعشرة أيام متتالية قبل أسبوعين، تصادف مروري يوميا أمام المسجد الكبير الواقع قبالة القطعة 1. وقد لاحظت أن عددا من المصلين يصرون على الوقوف في أماكن مخالفة، على الرغم من وجود مواقف قانونية كافية على بعد عشرين مترا فقط من أماكن وقوفهم المخالفة، واكتشفت أن السبب في الوقوف في تلك الأماكن المخالفة يتيح لهم أخذ استدارة منتصف الطريق التالية، ووقوفهم بعدها قد يضطرهم لاستخدام فتحة أخرى لا تبعد أكثر من نصف كيلو متر عن الأولى! ولكن الأسوأ من ذلك ان تلك الفتحة التي يحرصون على مخالفة القانون والوقوف قبلها لا تسمح أصلا بالاستدارة من خلالها، ولكنهم يصرون على ارتكاب مخالفة قبل الصلاة وأخرى بعد أدائها!! وهذا يعني مخالفتي مرور عن كل صلاة ولو ضربنا العدد بخمس صلوات لوجدنا أن3650 مخالفة ترتكب سنويا من قبل كل مصل في منطقة واحدة فقط وأمام مسجد واحد، وعليك الحساب مع البقية وفي أماكن أخرى.
كما ألاحظ، وهذه حقيقة مثبتة بالصور، أن غالبية مستخدمي حارة الطوارئ، أو كتف الطريق، في أوقات ازدحام المرور هم من الملتحين أو المنقبات والمحجبات. وقد حاولت في مرات كثيرة إيقاف مركبات البعض منهم وسؤالهم عن سبب إصرارهم على المخالفة وسلب حقوق غيرهم في الطريق وتعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، فكانت الابتسامات البلهاء هي الجواب في غالبية تلك المحاولات!!
وبهذه العجالة أو التساؤل عن السبب في حاجة القاهرة مثلا لراهبة بلجيكية من مواليد بداية القرن الماضي، لتأتي وتعيش، لعقود طويلة، في مزابل فقرائها، ولتعتني بمشرديها من المسلمين؟ ولماذا لا يوجد بيننا من أمثال هذه الراهبة، أو حتى ربع «الأم تريزا»؟ هل لأن التقاليد تمنع المرأة من القيام بمثل هذه الأعمال «المهينة» لكرامتها أو عائلتها مثلا؟
ولماذا تكررت محاولات مسلحي وإرهابيي طالبان تشويه وجوه الطبيبات والممرضات الأجنبيات اللاتي تطوعن للعمل في مخيمات اللاجئين الأفغان؟ هل للشك في أنهن حاولن مثلا تعليم نسائهم ما حرموا عليهن تعلمه؟
ولماذا اغتال أوباش الحركات الدينية المتطرفة في باكستان كل من حاول تقديم يد العون لهم من الأوروبيين، وكانت آخر ضحاياهم ممرضة في الرابعة والثلاثين من عمرها؟
ولماذا يحاول هؤلاء المتطوعون الغربيون، المختلفون عنا في كل شيء، تقديم يد العون والمساعدة لبؤسائنا الذين تسببت تصرفاتنا الحمقاء في بؤسهم، ولا نحاول حتى مجرد السماح لهم بأداء ما أتوا من آلاف الأميال لأدائه دون تشويه وقتل؟
وطالما اننا أحسن وأفضل من غيرنا، كما تعتقد الغالبية منا، فلم لم يكن منا مكتشف الصحارى والغابات ومتسلق الجبال وعابر المحيطات؟ ولماذا عشنا أكثر من سبعة آلاف سنة حول النيل لا نعرف منابعه، وعشنا الفترة نفسها بجوار الربع الخالي دون أن تطأها أقدامنا، ليأتي من هو «أقل فضلا وخيرا» منا ليكتشفها «لنا» ويضع خرائطها ويرسم حدودها ومساراتها ويعلمنا عما هو مدفون في باطنها من خيرات؟
قد يرد قائل إن ما فعله المكتشفون والرحالة الغربيون لدينا فعلوه في أماكن أخرى، وهذا صحيح، ولكن الآخرين لم يدعوا يوما أنهم أفضل وأحسن وأخير من غيرهم!! فشباب صحوتنا لم يتوانوا أو يترددوا، في السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل، وفي مشارق الأرض ومغاربها، عن انتزاع أرواح آلاف الأبرياء في مئات عمليات القتل الإرهابية، ولم يفكر أحدهم حتى بمحاولة تسلق جبل في «تورا بورا» عن غير اضطرار!!
أحمد الصراف