محمد الوشيحي

شقلبة حتى نفاد الكمية

الكويت تسبح على بحر من السياسة، والساسة والإعلاميون في الكويت اليوم ينافسون نجوم الفن في الشهرة والجاذبية، وتلك مصيبة من الحجم الكبير.
وهذه الأيام، برزت على السطح طبقة جديدة من الساسة وأخرى من الإعلاميين، الطبقة السياسية الجديدة هي طبقة «حزب الكويت»! يهاجم أحدهم التيارات والكتل السياسية على اعتبار أنها كلها «قوات غازية»، وكلهم خونة، فتسأله ويجيبك: أنا «كويتي»، فتعيد صياغة السؤال مرة أخرى وبطريقة واضحة فيكرر إجابته «أنا كويتي». إذاً هو الكويتي الوحيد ونحن كلنا من هولندا! وبحسب فهمه للأمور، يتبين لنا أن كلينتون – الذي انتشل أميركا من وحل «الركود الاقتصادي» وحملها على كتفه لتحقق أكبر فائض في ميزانيتها طوال تاريخها هو وحزبه من «القوات الغازية»، فهو لا ينتمي لـ «حزب أميركا» بل «الحزب الديموقراطي»، شوف الخيانة.
نصيحة مجانية لوجه الله، إذا سمعتَ أحدهم يقول لك وهو يعيد ترتيب غترته: «أنا لا أتبع أي تيار، أنا أتبع حزب الكويت»، فانفذ بجلدك لا أبا لك، وحط رجلك واتجه غربا، فأنت أمام لص منازل يجيد الصعود على مواسير البنايات، وخطوة وشعبطة وقفزة ويكون في غرفة نومك لا يفصله عن «التجوري» فاصل ولا يحجزه عنه حاجز.
أما طبقة الإعلاميين الجديدة، فكلّ منهم «وراه كوم عيال»، ويحتاج تأمين مصاريفهم الدراسية، ومصاريف الوسيلة الإعلامية، وهات وخذ، والحكومة «تبذل بصمت»، وتعطي بيمينها ما لا تعلم عنه شمالها، وهذا دأب المحسنين منذ بدء الخليقة، والفلوس وسخ دنيا، وأنا كويتي أنا، أنا قول وفعل، وعزومي قوية، وطلعنا من باب السور، بيرقنا بيرق منصور…
الأزمة المالية العالمية، أثرت في دول العالم كلها وفي الكويت، فأسقطت أسهم الشركات التجارية والبنوك من علٍ، لكنها رفعت أسعار أسهم المقالات والافتتاحيات والبرامج التلفزيونية، والسوق عرض وطلب، وكل شيء بسعره، فمحاربة الدستور وتشويه سمعته بين العوائل واعتباره ضد الأسرة الحاكمة بمبلغ وقدره، ومحاربة المستجوبين والافتراء عليهم بمبلغ وقدره، والمستجوبون خصومهم كثر، الحكومة وغيرها، ومحاربة النواب والكتّاب المؤيدين لحق المستجوبين في استخدام صلاحياتهم، أيضا بمبلغ وقدره، والتطبيل لبعض الشخصيات بمبلغ وقدره، والحياة حلوة. والإعلاميون هؤلاء سيتكاثرون طالما أن هناك من يدفع، وهم سيعملون لك كل ما تطلب، سيتشقلبون أمامك وسيتقافزون على ظهور بعض لتضحك عليهم، المهم أن تضحك وتدفع، والعرض مستمر حتى نفاد الكمية.
لكن الحياة لا تستقيم إلا بوجود هؤلاء. فالحشرات على ضعفها وضررها، لا يمكن أن تستمر الحياة على الكرة الأرضية من دونها، هكذا تقول النظريات العلمية عن دورة الحياة، فكل شيء يعتمد على شيء آخر.
على أن هناك مجاميع نظيفة تهاجم مجلس الأمة من دون أن تتشقلب أو تقفز، هي تهاجمه لأسباب أخرى، أهمها «الحريات»، وهؤلاء لهم وجهة نظر تستحق الاحترام، كما يستحقونه هم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *