محمد الوشيحي

يا مرحبا

المنطق يؤيد النواب في غيابهم عن جلسة أمس. كيف سيناقشون حالة الدولة بينما أحوالهم هم لا تسر صديقا ولا عدوا؟ وماذا سيقول النواب لبعضهم في أجواء كهذه؟ لا شيء سوى تبادل التحايا والشكاوى: يا هلا، يا هلا والله / رحنا ملح، صدقت / شلون عيالك، بخير / خانقتني العبرة، وأنا مثلك…
حالنا أبكت الشامتين، والطائفية بلغت الحلقوم. والذنب ليس ذنب النواب، الذنب تتحمل الحكومة وحدها ثلاثة أرباعه وأكثر، والربع الرابع مقسم بين النواب والشعب، ولا عزاء للسيدات… فمَن غير الحكومة سمح بإنشاء بنك على أساس طائفي؟ ومن سوى الحكومة سمح لقيادي صاحب نسبة كبيرة مؤثرة في إحدى الشركات (قبل بيعها) بأن يبتعث أبناء طائفته فقط لدورات خارجية على حساب الشركة، ليقوم بترقيتهم بعد عودتهم مباشرة بحجة «اختصاصهم»، ثم بعد ذلك يبيع نسبته بعد أن ضمن السيطرة الطائفية في الشركة ويتجه لامتلاك صحيفة لا تهاجم ولا تنتقد سوى أبناء المذهب الآخر، مَن غير الحكومة سمح لهذا وامثاله بذلك؟ لو كانت للحكومة عصا غليظة ترتفع كلما ارتفعت الطائفية لتَسابقَ الطائفيون لتقبيل الأقدام زحفا على البطون المجردة والأكواع المبردة.
الآن السلطة «تموت هماً» فتراقب الناس وردود أفعالهم، كحالها دائما، حول مدى تقبّلهم فكرة «الحل غير الدستوري». وأظنها بدأت بتحريك «كتّابها»، كتّاب القطعة، للهدف الخبيث هذا. وأظنها أيضا فرّغت مجموعة من موظفيها لكتابة التعليقات في المنتديات ومواقع الصحف الإليكترونية لإظهار كفر الناس بالديموقراطية، وستصرف لهم المكافآت من المال العام.
والحل غير الدستوري يعني أن الدولة ستسير في الشوارع على حل شعرها، سداح مداح، وسنعيش في «حارة كل من ايدو الو»، ويعني أننا كشعب سنتحول إلى ذوات الأربع، وسنزاحم الأغنام في جواخيرها. ولا أدري هل يتوقعون منا بعد إلغاء دستورنا أن نسكت ونقبّل الأيادي أم ماذا؟
ثم، وهذا هو الأهم، هل سمو رئيس الحكومة فوق الدستور الذي أجاز مساءلته في المادة رقم مئة؟ وهل نلغي الدستور وتدخل الدولة في الفرن لأن رئيس الحكومة لا يقبل بهذه المادة؟ نحن لن نصدق الحكومة إن تحدثت عن احترام الدستور والقوانين إذا لم يصعد رئيسها المنصة. على أنه حان وقت التفكير جديا في تعديله (أي الدستور) لمزيد من الحريات، وإضافة مادة تنص على أنه «يُمنع تدنيس الدين والتعامل معه سياسيا تفاديا لاصطدام الناس بعضهم ببعض، وكل من استغل الدين وأدانته المحكمة يتم شطب اسمه من كشوفات الانتخابات». وسوّد الله وجه من يتعرض لمعتقدات الناس.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *