سامي النصف

لماذا تخدينا؟!

«الخداي» هو الغفلة أو العبط، كما يقول أهل مصر وقد كان بعض أهل الكويت يتهمون بعض أهل البحرين به حتى أجابهم المرحوم يوسف الشيراوي برد مفحم ضمن استراحة نشرها في الزميلة «الوطن» حين ذكر أن خداي أهل البحرين كلام منثور لا دليل عليه أما خداي أهل الكويت فهو مثبت بالحديد والاسمنت و«الكونكريت» حيث لا تخلو مشاريعنا الكبرى – بعكسهم – من الأخطاء الجسيمة التي تكلف المليارات دون داع.

وإليكم بعض الأسباب التي أدت إلى «تخدينا» وتخلفنا عن الركب بعد أن كنا في مقدمة الصفوف في جميع مجالات الحياة الفكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والفنية والرياضية والمسرحية والغنائية.. الخ، ليس في منطقة الخليج فحسب بل على مستوى وطننا العربي الكبير وما حوله ومن ثم فإن معرفة المرض تسهل علاجه.

كوننا وبخداي غير مسبوق كسرنا العصا وأكلنا الجزرة فانتقلنا من معاقبة المسيء ومكافأة المحسن إلى معاقبة المجد ومكافأة المسيء… وعجبي! وضعنا أصحاب الصفوف الخلفية في المدارس ممن لا فكر ولا علم ولا عزم لديهم في مقدمة الركب وجعلناهم بذكاء شديد من يقودون العمل في القطاع العام وحتي الخاص فدمروا الاثنين. خياراتنا في كثير من الأحيان لمن يقود الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية خاطئة، خاطئة، خاطئة حتى النخاع ولن يصلح حالنا قط دون عمليات تغيير واسعة في مفاصل الدولة المترهلة تمس الأشخاص ومنهاجية العمل. في ظل تعقيدات الحياة وتشابك العلاقات لم نقم حتى اليوم بخلق مستودعات عقول تدرس القضايا وتأتي بالحلول الناجعة القابلة للتطبيق فلايزال القرار في دوائرنا الحكومية والخاص فرديا، فرديا. وقوفنا برضا شديد عند عملية الافتخار بممارستنا السياسية ولا أكثر من ذلك حتى أصبحت تلك الممارسة كـ «نونية» عمرو بن كلثوم التي قيل ان قبيلته «تغلب» استغنت بها عن المكارم. مشاحناتنا السياسية التي لا تنتهي وأكذوبة ان تلك المشاحنات الفارغة لا تدل على «الخداي» بل على حسن الممارسة السياسية وانها تدفع بعمليات التنمية إلى الأمام. عدم تعلمنا قط من أخطائنا كما تفعل حتى بعض أنواع القردة العليا وإصرارنا الدائم على تكرارها إلى ما لا نهاية. استماعنا لآراء أكثرنا غضبا واعلانا صوتا وتجاهلنا لآراء أكثرنا حكمة ورزانة. انعدام الوطنية وحب الوطن من النفوس وتقديم الولاءات البديلة ودعم المنتمين لها حتى لو انعدمت لديهم الكفاءة والمقدرة. اهتمامنا الشديد بالمظهر لا المخبر وتقديسنا لبعض أصحاب الشهادات العليا.. المشتراة! تفشي منهجي الحرمنة والحمرنة على مناحي الحياة وجعل المال لا المرجلة ومكارم الأخلاق هو الهدف الأساسي والأسمى للحياة. كثرة ووفرة الدواوين التي تسببت في ترهل أداء المهني والحرفي الكويتي حتى أصبح يضرب به المثل في وفرة الأخطاء و.. الخداي.

احمد الصراف

آلاف كلينتون و«الوطني»

قام البنك الوطني قبل يومين باستضافة الرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون ليكون ضيفا رئيسيا في حفله السنوي المعتاد. وكان الرئيس السنغافوري لي كوان يو ضيف العام الماضي.
وقد تطرق الزميل محمد مساعد بطريقة فكهة الى موضوع المكافأة التي حصل عليها الضيف الكبير، وقال انها ربما كانت 500 الف دولار. كما تحدث آخرون عن ارقام اكبر. واستنكر صديق ضخامة المبلغ واستهجن دفعه لرئيس أسبق!
على الرغم من اهمية المبلغ، وضخامته النسبية، مقارنة بالوقت الذي انفقه الضيف في إلقاء كلمته والاجابة عن بضعة اسئلة، فإن الامور في واقع الحال اكثر تعقيدا مما يظن ويعتقد البعض. وحتما لو كان الضيف فردا عاديا لما نال الموضوع كل هذه الضجة، ولما حصل على ذلك المبلغ، وهذا من بديهيات الحياة. ونجد هنا ان من الضروري توضيح الامور التالية:
أولا: المبلغ الذي تم تداوله شفاهة وكتابة غير دقيق، ونعتقد، بحكم خبرتنا، انه بحدود 150 الف دولار او اكثر قليلا. وهذا المبلغ لم يدفع لغرض سفيه ولن يصرفه الضيف على شراء كماليات سخيفة، بل قام البنك الوطني، حسب اعتقادنا، وهذا ما استنتجناه من اللوحات التي كانت تزين قاعة الاحتفال، قام «الوطني» بدفعه لـ «صندوق كلينتون الخيري»، كما هي حال جميع المبالغ التي يحصل عليها الرئيس الاسبق في مناسبات مماثلة، وهي حتما عديدة.
ثانيا: يقوم صندوق كلينتون بالصرف على مشاريع ومبادرات عالمية متعددة، بإشراف مؤسسة كلينتون، وخصوصا في الدول الاكثر احتياجا للمساعدات، وبالذات في مجالات الدراسة والابحاث العلمية والبيئة ومحاربة الفقر وغير ذلك الكثير. وبالتالي، فهذا المبلغ دفع للشخص المناسب ليصرف في المكان المناسب. ولمعرفة المزيد عن انشطة هذا الصندوق يمكن الرجوع الى العنوان التالي: www.clintonglobalinitiative.org ، ليرى حجم النطاق الكبير الذي تغطيه انشطة الصندوق، علما بأن هذا الصندوق وما تلقاه ويتلقاه من مساهمات خارجية (خليجية) سيكون له دور شبه سلبي في موافقة الكونغرس الاميركي على تعيين هيلاري كلينتون في منصب وزيرة خارجية حكومة باراك اوباما!
ثالثا: اعتقد ان حجم الدعم المعنوي الذي حصل عليه البنك المضيف والسمعة الطيبة التي كسبتها الكويت عالميا من وراء وجود شخصية بحجم الرئيس كلينتون، يساويان ما دفع لصندوق كلينتون ويزيد على ذلك بكثير.
رابعا: لو قمنا بمقارنة المحصلة من صرف مبلغ 150 الف دولار مثلا على حملة اعلانية عن البنك، لما كان مردودها اكبر من حجم المردود الدعائي والمعنوي الكبير الذي حصل عليه البنك، والكويت بالتالي، من الزيارة. وبناء على ما سبق يجب النظر الى الموضوع من منظورين اعلاني ومعنوي، اضافة الى جانبه الخيري الكبير، خصوصا ان البنك يسعى للتوسع على النطاق العالمي، حسبما ورد في كلمة السيد دبدوب، الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الوطني، في ذلك الحفل.
نشكر «الوطني» على مبادراته المميزة في هذا المجال، ونتمنى لإدارته ومساهميه دوام التقدم، كما نتمنى ان تحذو البنوك الاخرى حذو هذا البنك الرائد.
> ملاحظة: نشرت «القبس» (10 ـــ 11) نقلا عن موقع الكتروني، خبرا عن اقدام وزارة الخزانة الاميركية على تعليم «انظمة التمويل الاسلامي» لوكالات التنظيم المصرفي والكونغرس وباقي اجزاء الفرع التنفيذي في واشنطن!! ولعدم منطقية الخبر، في ضوء الخسائر المخيفة والهائلة التي منيت بها الشركات والبنوك الاسلامية بالذات، كغيرها من المؤسسات، فقد قمنا بالبحث في الانترنت وتبين عدم صحة الخبر جملة وتفصيلا. ونشر هذه الملاحظة دليل صحة وعافية «القبس».

أحمد الصراف