«الخداي» هو الغفلة أو العبط، كما يقول أهل مصر وقد كان بعض أهل الكويت يتهمون بعض أهل البحرين به حتى أجابهم المرحوم يوسف الشيراوي برد مفحم ضمن استراحة نشرها في الزميلة «الوطن» حين ذكر أن خداي أهل البحرين كلام منثور لا دليل عليه أما خداي أهل الكويت فهو مثبت بالحديد والاسمنت و«الكونكريت» حيث لا تخلو مشاريعنا الكبرى – بعكسهم – من الأخطاء الجسيمة التي تكلف المليارات دون داع.
وإليكم بعض الأسباب التي أدت إلى «تخدينا» وتخلفنا عن الركب بعد أن كنا في مقدمة الصفوف في جميع مجالات الحياة الفكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والفنية والرياضية والمسرحية والغنائية.. الخ، ليس في منطقة الخليج فحسب بل على مستوى وطننا العربي الكبير وما حوله ومن ثم فإن معرفة المرض تسهل علاجه.
كوننا وبخداي غير مسبوق كسرنا العصا وأكلنا الجزرة فانتقلنا من معاقبة المسيء ومكافأة المحسن إلى معاقبة المجد ومكافأة المسيء… وعجبي! وضعنا أصحاب الصفوف الخلفية في المدارس ممن لا فكر ولا علم ولا عزم لديهم في مقدمة الركب وجعلناهم بذكاء شديد من يقودون العمل في القطاع العام وحتي الخاص فدمروا الاثنين. خياراتنا في كثير من الأحيان لمن يقود الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية خاطئة، خاطئة، خاطئة حتى النخاع ولن يصلح حالنا قط دون عمليات تغيير واسعة في مفاصل الدولة المترهلة تمس الأشخاص ومنهاجية العمل. في ظل تعقيدات الحياة وتشابك العلاقات لم نقم حتى اليوم بخلق مستودعات عقول تدرس القضايا وتأتي بالحلول الناجعة القابلة للتطبيق فلايزال القرار في دوائرنا الحكومية والخاص فرديا، فرديا. وقوفنا برضا شديد عند عملية الافتخار بممارستنا السياسية ولا أكثر من ذلك حتى أصبحت تلك الممارسة كـ «نونية» عمرو بن كلثوم التي قيل ان قبيلته «تغلب» استغنت بها عن المكارم. مشاحناتنا السياسية التي لا تنتهي وأكذوبة ان تلك المشاحنات الفارغة لا تدل على «الخداي» بل على حسن الممارسة السياسية وانها تدفع بعمليات التنمية إلى الأمام. عدم تعلمنا قط من أخطائنا كما تفعل حتى بعض أنواع القردة العليا وإصرارنا الدائم على تكرارها إلى ما لا نهاية. استماعنا لآراء أكثرنا غضبا واعلانا صوتا وتجاهلنا لآراء أكثرنا حكمة ورزانة. انعدام الوطنية وحب الوطن من النفوس وتقديم الولاءات البديلة ودعم المنتمين لها حتى لو انعدمت لديهم الكفاءة والمقدرة. اهتمامنا الشديد بالمظهر لا المخبر وتقديسنا لبعض أصحاب الشهادات العليا.. المشتراة! تفشي منهجي الحرمنة والحمرنة على مناحي الحياة وجعل المال لا المرجلة ومكارم الأخلاق هو الهدف الأساسي والأسمى للحياة. كثرة ووفرة الدواوين التي تسببت في ترهل أداء المهني والحرفي الكويتي حتى أصبح يضرب به المثل في وفرة الأخطاء و.. الخداي.