قام محاسب مصري، يعمل في جامعة أو «جمعية إغاثة المرضى» التي يسيطر عليها السلف منذ سنوات، والتي لم يطرأ تغيير أساسي على مجلسها منذ تأسيسها، قام محاسبها، قبل فترة بسرقة أكثر من 12 مليون دولار من حساباتها في مصرف محدد. وبالرغم من أن سرقته لم تكن من خلال عملية سحب واحدة، بل تمت من خلال عشرات التحويلات والشيكات وعلى مدى سنوات، فإن أيا من مسؤولي الجمعية أو أعضاء مجلس إدارتها لم يداخلهم شك بتناقص رصيد الجمعية أو بسبب تكرار سفر المحاسب إلى دبي والقاهرة، بالرغم مما عليه من علامات استفهام أمنية سابقة على عمله في الجمعية. ويمكن تبرير ذلك إما بضخامة أرصدة الجمعية في المصرف بحيث لم يظهر تناقصها من سحب أكثر من ثلاثة ملايين دينار، أو بضخامة بساطة عقول المشرفين على الجمعية وتواضع إمكاناتهم الرقابية، أو كما أشيع، لوجود تواطؤ داخل الجمعية مع المحاسب السارق الهارب!
من اليوم الذي هرب فيه المحاسب بما حمل واكتشاف العملية، وعلى مدى شهرين، لم تتوقف تأكيدات رئيس الجمعية وبقية أعضائها للصحافة بأن أموال الجمعية سيتم استردادها، وان السارق سيقدم للمحاكمة على ما جنته يداه بحق أموال «خيرية»، وان الحق لن يضيع، وان السلطات الأمنية في مصر متعاونة، وان وفداً من الجمعية قام بالسفر إلى دبي ومصر لوضع اليد على ممتلكات المتهم وشركاته، وان المفاوضات جارية معه لدفع جزء مما عليه، وان… وان… وفجأة خف الرمي وسكتت مدافع التصريحات، ونسي الجميع القضية إلى أن خرج علينا مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات في وزارة الشؤون، السيد ناصر العمار، بتصريحه لـ «القبس» في 12-11 من أن قضية اختلاس أموال «جمعية إعانة المرضى» فتحت أبواب الخير على الجمعيات الأخرى، وان معظمها حرص على التدقيق على أمواله ومشاريعه، وأوجه الكسب والإنفاق!
يظهر من واقع التصريح ان مبلغ الـ 12 مليون دولار أصبح في حكم الماضي وتحولت القصة إلى درس لبقية الجمعيات، وربما تمت الطمطمة على الموضوع لتورط أسماء كبيرة فيه. خاصة ان المتهم هدد بكشف من وراءه ان تم استرداده لمحاكمته. كما بين تصريح المدير كذلك ان كل ما يقال عن وجود رقابة مشددة على الجمعيات «الخيرية» غير صحيح! فلا يزال الكثير منها لا يمارس التدقيق على أمواله ومشاريعه ولا يعرف أوجه الكسب والإنفاق فيها!
كما بين التصريح أيضاً ان هناك أموالاً طائلة في الجمعيات، وان الوزارة «جففت» المنابع غير الشرعية لجمع التبرعات، وهذا يؤكد ما كنا نكرر دائماً عن وجود «منابع غير شرعية»، وكان البعض يستكثر علينا قول ذلك!
وورد في المقابلة أيضاً ان هناك مبرات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع!
وقد جاءت مقابلة «القبس» بعد التصريح «الشهير» الذي أدلى به السيد الشريفي المشرف الإداري في جمعية إعانة المرضى، من أن الجمعية أسهمت في إعادة النور لأعين 10 آلاف شخص (وفي مكان آخر من المقابلة 70 ألفا)!
وطبعاً ليس بإمكان الجمعية، أو أي طرف آخر، تأكيد هذا الرقم الخرافي والجزافي، ولكن الحق على من يصدق مثل هذه الادعاءات.
أحمد الصراف