سامي النصف

صرنا «طماشة»

ارجو ان يصدر تشريع عاجل وسريع يمنع منعا باتا التقدم بمشاريع او مقترحات او القيام بأعمال غير موجودة لدى 199 دولة «عاقلة» اخرى تشاركنا العيش على سطح الكرة الارضية، فهل سمع احد بمقترحات او افعال كحال دعاوى اسقاط القروض عن المواطنين او انشاء الدواوين او ايقاف التداول في البورصة التي جعلتنا جميعا «طماشة» بين الامم؟!

مع ارتفاع وانخفاض الأسعار في البورصة، يُخلق مع كل صباح رابحون وخاسرون، فاذا ما قبلنا مبدأ رفع الخاسرين دعاوى قضائية ينتج عنها اغلاق البورصة، فيعني هذا ان الدعاوى ستقام على مدار العام ومن ثم اغلاق البورصة 365 يوما في السنة لحقيقة ان الاحكام القضائية تعتبر سوابق يبنى عليها.. اضبط خطأ. اودعت الدولة المليارات لدى البنوك، وقد صدر قرار من البنك المركزي البريطاني يمنع البنوك من استخدام تلك الاموال الحكومية التي اودعت لديها لإنقاذ الاقتصاد من توزيعها كأرباح على المساهمين او «بونصات» للمدراء، اما لدينا فقد بقيت تلك الاموال الحكومية لدى البنوك دون اقراضها للشركات التي تكاد تموت ظمأ من جفاف السيولة.. خطأ. قامت شركات الاستثمارات ردا على ذلك بخفض الاسعار للحدود الدنيا واصبحت كمن جدع انفه لاغاظة زوجته! حيث انها التي تحتفظ بمحافظ بها مليارات الاسهم ومن ثم دفع الاسعار الى اسفل سيجعل موجوداتها تقارب الصفر ولن يتقدم احد لإنقاذ شركات شبه مفلسة.. خطأ. لو اختلفت في منزلك مع «جو السباك» على مبلغ 10 دنانير قيمة تسليك المواسير ورفعت الامر للقضاء لتمت احالة ذلك الموضوع البسيط للخبراء من اصحاب الاختصاص للاستئناس برأيهم، فكيف لم تتم احالة قضية بحجم اغلاق البورصة للخبراء في غرفة التجارة وغيرهم لسماع رأيهم.. خطأ. تعلم ادارة الفتوى والتشريع برفع تلك القضية، فلماذا لم تعلن موقفها بعدم جواز الحكم فيها كونها قضية سيادة «قبل» صدور الحكم لا «بعده».. خطأ. عندما ارسل قرار اغلاق البورصة للجنة البورصة كان «الواجب» ان يرفع الامر لوزير التجارة لاستشكال الحكم ومنع تنفيذه الا انها اخطأت وسارعت بالاغلاق ومن ثم لا يصح الاستشكال بعد التنفيذ.. خطأ. هناك عشرات القضايا السابقة كحال قضية بنك برقان على الدولة، وفي جميعها يكتفى بإبلاغ البورصة عن يوم صدور الحكم ولا يتم منع التداول حتى ذلك اليوم، فلماذا تم اغلاق البورصة حتى يوم الاثنين وكان بالإمكان استبدال ذلك بالإبلاغ فقط عن تحديد الموعد؟!.. خطأ. حتى يوم الإعلان كانت هناك تداولات بـ 80 ـ 100 مليون دينار يستفيد منها البائع لسداد ما عليه من استحقاقات مالية واستباقا لانخفاض اكبر، والمشتري للاستفادة من فرص ربح محتملة، فلماذا أضير البائع والمشتري عبر ايقاف التداول ولماذا لم يتم القيام به قبل البدء بالتداول يوم الخميس؟.. خطأ. أوصى اتحاد البورصات العالمية جميع الدول بعدم وقف التداول فطبقت تلك التوصيات المختصة «جميع» الدول العاقلة الحكيمة الاخرى وخالفتها دولة واحدة هي الكويت.. خطأ. القرار سيرعب المستثمرين ويضرب في الصميم خيار كويت المركز المالي البديل المستقبلي عن النفط.. خطأ. أرسل قرار الإغلاق رسالة قوية لجهات التصنيف الاستثماري والائتماني والمالي الدولية بأننا دولة «فريدة» يمكن ان يحدث بها ما لا يتوقعه احد وهو امر مضر ومدمر جدا لسمعة الكويت.. خطأ. الشهرة المصاحبة لمثل تلك الدعاوى والأحكام ستفرخ لنا في القريب العاجل عشرات الدعاوى والأحكام المماثلة.. خطأ.

آخر محطة:
إذا كانت أميركا أوباما قد رفعت شعار «نعم نحن نستطيع» فإن دولتنا الفتية قد رفعت بالمقابل شعار «نعم نحن نستطيع القيام بأخطاء كبرى وبشكل متواصل وبطريقة لم تسبقنا إليها أمة أخرى في التاريخ!».. صح.

احمد الصراف

12 مليون المحاسب

قام محاسب مصري، يعمل في جامعة أو «جمعية إغاثة المرضى» التي يسيطر عليها السلف منذ سنوات، والتي لم يطرأ تغيير أساسي على مجلسها منذ تأسيسها، قام محاسبها، قبل فترة بسرقة أكثر من 12 مليون دولار من حساباتها في مصرف محدد. وبالرغم من أن سرقته لم تكن من خلال عملية سحب واحدة، بل تمت من خلال عشرات التحويلات والشيكات وعلى مدى سنوات، فإن أيا من مسؤولي الجمعية أو أعضاء مجلس إدارتها لم يداخلهم شك بتناقص رصيد الجمعية أو بسبب تكرار سفر المحاسب إلى دبي والقاهرة، بالرغم مما عليه من علامات استفهام أمنية سابقة على عمله في الجمعية. ويمكن تبرير ذلك إما بضخامة أرصدة الجمعية في المصرف بحيث لم يظهر تناقصها من سحب أكثر من ثلاثة ملايين دينار، أو بضخامة بساطة عقول المشرفين على الجمعية وتواضع إمكاناتهم الرقابية، أو كما أشيع، لوجود تواطؤ داخل الجمعية مع المحاسب السارق الهارب!
من اليوم الذي هرب فيه المحاسب بما حمل واكتشاف العملية، وعلى مدى شهرين، لم تتوقف تأكيدات رئيس الجمعية وبقية أعضائها للصحافة بأن أموال الجمعية سيتم استردادها، وان السارق سيقدم للمحاكمة على ما جنته يداه بحق أموال «خيرية»، وان الحق لن يضيع، وان السلطات الأمنية في مصر متعاونة، وان وفداً من الجمعية قام بالسفر إلى دبي ومصر لوضع اليد على ممتلكات المتهم وشركاته، وان المفاوضات جارية معه لدفع جزء مما عليه، وان… وان… وفجأة خف الرمي وسكتت مدافع التصريحات، ونسي الجميع القضية إلى أن خرج علينا مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات في وزارة الشؤون، السيد ناصر العمار، بتصريحه لـ «القبس» في 12-11 من أن قضية اختلاس أموال «جمعية إعانة المرضى» فتحت أبواب الخير على الجمعيات الأخرى، وان معظمها حرص على التدقيق على أمواله ومشاريعه، وأوجه الكسب والإنفاق!
يظهر من واقع التصريح ان مبلغ الـ 12 مليون دولار أصبح في حكم الماضي وتحولت القصة إلى درس لبقية الجمعيات، وربما تمت الطمطمة على الموضوع لتورط أسماء كبيرة فيه. خاصة ان المتهم هدد بكشف من وراءه ان تم استرداده لمحاكمته. كما بين تصريح المدير كذلك ان كل ما يقال عن وجود رقابة مشددة على الجمعيات «الخيرية» غير صحيح! فلا يزال الكثير منها لا يمارس التدقيق على أمواله ومشاريعه ولا يعرف أوجه الكسب والإنفاق فيها!
كما بين التصريح أيضاً ان هناك أموالاً طائلة في الجمعيات، وان الوزارة «جففت» المنابع غير الشرعية لجمع التبرعات، وهذا يؤكد ما كنا نكرر دائماً عن وجود «منابع غير شرعية»، وكان البعض يستكثر علينا قول ذلك!
وورد في المقابلة أيضاً ان هناك مبرات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع!
وقد جاءت مقابلة «القبس» بعد التصريح «الشهير» الذي أدلى به السيد الشريفي المشرف الإداري في جمعية إعانة المرضى، من أن الجمعية أسهمت في إعادة النور لأعين 10 آلاف شخص (وفي مكان آخر من المقابلة 70 ألفا)!
وطبعاً ليس بإمكان الجمعية، أو أي طرف آخر، تأكيد هذا الرقم الخرافي والجزافي، ولكن الحق على من يصدق مثل هذه الادعاءات.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

لكي نفتح «ملفاتنا» في الداخل فقط!

 

في أكثر من مناسبة، أسقطت الكثير من الأضواء على «وزارة الداخلية» كهدف لكتابات كثيرة ماضية…بعضها يتصف بالقسوة حين لا تحسن الوزارة ومسئولوها، وبعضها يتصف بالإطراء والمديح حين يكون العمل المنجز لافتا للأنظار ومستحقا للثناء، فوزارة الداخلية، من وجهة نظري، ليست جهازا «قمعيا»وكلها شر مطلق، وليست أداة لقطع الأعناق والأرزاق، وليست هي – كجهاز مهم للغاية في منظومة الدولة – تستطيع أن تضع نهاية لكل قضايا البلد وملفاته ومشاكله بعصا سحرية.

ولهذا، يكون التحاور والنقاش مع المسئولين في الوزارة، يتصف بالصراحة المحترمة من الطرفين، ففي قضايا وظروف ومواقف متعددة، وجدنا في نخبة من المسئولين بوزارة الداخلية، تقديرا للموضوع المطروح قيد البحث والنقاش، سواء اتفقت وجهات النظر أم اختلفت…ولذلك، حين أثارت تصريحات وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة ردود فعل «غاضبة في بعضها»و»عاصفة في بعضها الآخر»بشأن نقل الملفات وقضايا البلد الى «الخارج»في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، تعددت وجهات النظر حيال هذا الأمر بين فريق معترض ورافض للمادة (134) مكرر من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة الحبس ثلاثة أشهر أو بالغرامة لكل مواطن حضر بغير ترخيص من الحكومة، أي مؤتمر أو اجتماع عام أو ندوة عامة عقدت في الخارج، أو شارك بأية صورة في أعمالها، بغرض بحث الأوضاع السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية في مملكة البحرين أو في غيرها من الدول»، وهذا الفريق استند على أن مثل هذا القانون لا يتماشى مع مرحلة الإصلاحات التي تشهدها البلاد، فيما كان لفريق آخر موقف آخر ووجهة نظر أخرى تقوم على أساس أن نقل الملفات والقضايا المحلية إلى الخارج مرفوض، و فيه تشويه وإضرار بالبلد بل وإضعاف لهيبتها، وأيضا، له انعكاسات سيئة على الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعلى الوحدة الوطنية، حتى لو تعثر التعاطي مع تلك الملفات.

لكن ليسمح لي القارئ الكريم أن أشير إلى نقطة من زاوية مختلفة، وهي أن تصريحات وزير الداخلية، كرّست شكلا من أشكال الاختلاف المحمود في وجهات النظر المختلفة، واحتفظ كلا الطرفين باحترامه وحقه في التعبير إلى درجة أنه عقدت ندوة للجمعيات السياسية أبدت فيها وجهة نظرها المشتركة والرافضة لوضع حدود على التحرك الداخلي والخارجي، فيما كان للطرف الآخر تحركات بلغت إلى حد رفع دعاوى قضائية والمطالبة بمساءلة من يفعل ذلك مساءلة قانونية.

وعلى أي حال، فتشويه صورة البلد، سواء كان ذلك على صعيد الداخل أم الخارج هو «منهج مرفوض»من وجهة نظري المتواضعة مع إيماني بأن هناك قضايا طال أمد البحث فيها دون الوصول الى بر الأمان، وسواء اعترض هذا الفريق على تصريح وزير الداخلية أو اتفق الفريق الآخر، يبقى الجانب المهم في الموضوع كله هو تفعيل اللقاء والتحاور على الصعيد الوطني من جانب المؤسسة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الرسمية للتباحث بصدق وقناعة في الملفات ذات الحساسية العالية، والخروج بنتائج متفق عليها لحل الإشكالات المرتبطة بتلك الملفات.

وحتى لو وضع البعض اعتبارات لأهمية المشاركة الخارجية ونقل الملفات إليها، فلست أرى أن ذلك العمل يمكن أن يكون أجدى وأنفع من العمل على صعيد الداخل بجرأة وتفهم وتفاهم حتى لا يكون الأمر مجرد شعارات فضفاضة وصدام ينتهي إلى نتيجة شبيهة بنقل قضايا البلد إلى خارجه.

أعتقد أن تصريحات وزير الداخلية ستفتح المجال، لا لتقييد التحرك الخارجي من جانب النشطاء السياسيين وحتى البرلمانيين أنفسهم باعتبار أن هناك نقلة إصلاحية في البلد أتاحت مساحة واسعة مشروعة من حرية التعبير، بل للدفع في اتجاه تفعيل الحوار الوطني في القضايا المحلية المهمة، والسماح بتحرك أقوى لمن يريد أن يطرح كل قضية مهمة في حدود الداخل، على أن يكون هناك تفهم من كل الأطراف بأن النوايا تصب في مصلحة البحرين وشعبها، وليس للإضرار بها