أحيانا، ومن دون تفكير، تجد نفسك تقف بعيدا عن شخص ما ويدك على سلاحك، تفصل بينكما مساحة من الشك والريبة، والهواجس الغريبة، بل وقد تجد نفسك تتخذ قرارا أقسى فتقاطع «بصله وثومه وقثاءه». ليش؟ الله وحده يعلم ليش. هكذا قررت أنت وهكذا فعلت. ثم و«في فجأة»، كما تقول تلك السيدة، تكتشف بأنك مخطئ، وأن «بصله وثومه وقثاءه» من أجود ما في السوق، وأنه يرفع الوردة في وجهك أو في وجوه الجميع لتكون مضادة لأسلحتكم، فتعض حينها شفتك السفلى خجلا وتضع يدك على جبهتك ندما! هذا هو موجز حالنا مع النائب علي سالم الدقباسي وفي النشرة تفاصيل أخرى متفرقة.
النائب الدقباسي، شاب يشمخ واقفا عندما يتساقط الآخرون، ولا يمكن أن يجف ريقه مهما طالت الصحارى وشح الماء، وهو رجل يفتل شنبه ويهتم بهندامه وربطة عنقه عندما يجثو الآخرون على ركبهم أمام أصحاب القرار… تابعته فأبهرني أداؤه وأجهرني عطاؤه.
قبل فترة، لوّح النائب أحمد المليفي باستجواب رئيس الحكومة، وهو تلويح بإسقاط المجلسين، أحدهما أو كليهما، فاهتزت القلوب في الصدور، ولطم البعض وجهه وشق جيبه ونثر التراب على رأسه، وتبرأ من «جريمة» المليفي تجار الشنطة والحنطة، فصرخت الأشناب القادمة من هناك، وهي قلة للأسف الحارق: «تقدم يا المليفي ومارس حقك، ولا نامت أعين الضعفاء»، وكان الدقباسي أحد هذه الأشناب الصارخة المساندة لحق المليفي. والمليفي داهية محنك، يتقن «عقد الحبال وحلها»، ويعرف متى وأين يظهر «الفقع»، الكمأ، وكيف يلتقطه دون أن تتسخ أظافره. وهو لوحده، أي المليفي، يرجح بكفة خمسة عشر نائبا مما تعدون.
والدقباسي، نائب لا ينتمي لتيار ولا لتكتل، هو وحده كتلة وتيار، وإن كان قد تقدم لخطبة «ابنة التكتل الشعبي» منذ فترة، وأعلن بأنه إن لم يتزوج هذه الفتاة فسيبقى عازبا أبد الدهر، ولا أظن أن «الشعبي» سيجد أفضل منه «خلقا ودينا ورباطة جأش» لابنته، وأغلب الظن أن الدقباسي سيلقى القبول، وسنرقص العرضة قريبا، وخير البر عاجله.