علي محمود خاجه

بو أنس… فشلتنا

إدارة سمو الرئيس لهذه الأزمة تمثلت في اجتماع واحد فقط لمجلس الوزراء، تمخض عنه تشكيل لجنة تحقيق حول المصروفات «وهو أمر قد يسد الباب أمام المحور الأول بالاستجواب»، وسحب الجنسية الكويتية من 5 مواطنين تم تجنيسهم في العام الماضي من قبل الحكومة الكويتية نفسها! لم يتطرق المليفي في محاور استجوابه إلى قضية التجنيس، ولكنه في العام الماضي تحدث عن عدم إعجابه بطريقة التجنيس السابقة وليس بالضرورة أن يكون المليفي محقا في عدم رضاه عن التجنيس، فهو ليس إلها وليس منزها عن الهفوات كسائر البشر، ولكن الحكومة قررت ترضية المليفي بهذا القرار. ولو كان بورمية مثلا مقدما للاستجواب نفسه وبالمحاور نفسها، لكان تصرف الحكومة هو أن تشكل لجنة تحقيق بالإضافة إلى إسقاط القروض، بحكم إعجاب بورمية بإسقاط القروض.

وبعيدا عن التعدي الإنساني الصارخ على المواطنين الجدد ممن سُحبت جنسياتهم، ألم تلاحظ يا نائبنا الموقر أحمد المليفي أن مجلس الوزراء برئاسة سمو الرئيس قد أضاف إلى رصيد فشله السابق بإدارة الأزمات نقطة جديدة من خلال تعاطيه مع نيتك في الاستجواب؟ وهل ثمن تعليق استجوابك هو سحب «جناسي» أناس قد يكونون مستحقيها حقا، أهكذا يدار البلد؟ هل هذه الحكومة قادرة حقا على تسيير شؤون بلد دائم أم أنه ما إن ينضب النفط حتى ينضب معه هذا البلد؟ وقد منحتك الحكومة صك الفشل بكل المقاييس وأثبتت عدم قدرتها على إدارة الأزمات، وإن كنا نختلف سابقا معك بشأن التوقيت، فلا أعتقد أن هناك من يعتقد بوجوب استمرار حكومة بمثل هذه العقلية الآن.

لا أملك سوى أن أقول إنك يا أحمد المليفي قد فشلت و«فشلتنا» في الوقت نفسه كأبناء وطنك بردة فعلك أو ما سميته برد التحية على هكذا حكومة لا تستطيع إدارة حتى دكّان صغير.

ضمن نطاق التغطية:

ذكرت يا «بو أنس» من أمثلة الفشل في إدارة الأزمات أزمة الرياضة، ومازالت الأزمة الرياضية قائمة، ومازال أبناء عم سمو الرئيس يفعلون ما يحلو لهم، فلماذا علّقت الاستجواب؟

سامي النصف

الأحزاب والدواوين

السماح بالحزبية حاله كحال التحول للدوائر الخمس الذي قيل انه سيقضي على الفئوية والقبلية والطائفية ويمنع شراء الأصوات، فأظهر الواقع عكس ذلك تماما.

ان هناك دائما فارقا بين النظرية والتطبيق، فإقرار الأحزاب سيعني تشريع وتقنين التخندقات القائمة ومن ثم بقاءها للأبد كحال التجربة الحزبية المدمرة في لبنان والعراق والصومال وغيرها من دول العالم الثالث.

ومن يقل إنه لا ديموقراطية دون حزبية فهو في حقيقة الأمر يهرف بما لا يعرف، فلكل مجتمع ديموقراطيته الخاصة به، والديموقراطية القادمة للدول الخليجية الخمس الأخرى ستكون قطعا دون حزبية، وبالمقابل كان عراق صدام وصين ماو وروسيا ستالين والمانيا هتلر وايطاليا موسليني تقر وتزخر بالحزبية ولكن دون ديموقراطية، حيث لا صلة بين الاثنتين، كما لم يقل الآباء العباقرة المؤسسون لأميركا ان الديموقراطية لن تقوم لديهم ما لم يخلقوا نظاما ملكيا دستوريا كحال الديموقراطيات في العالم آنذاك، بل خلقوا ديموقراطية خاصة بهم.

ومن رفض الأحزاب المشتتة الى رفض الدواوين الدافعة للخمول والكسل والتي اثبتت عمليات الإزالة ان ما يقارب الخمسين الفا منها، اي 90% مما تمت ازالته، كان يستخدم كمخازن وعمليات تأجير وايواء للعمال والعزاب الذين كانوا يتسببون في مضايقة اهل المنطقة ونسائها، وقد تسبب تفشي الدواوين بشكل عام في قتل الابداع والتفوق في البلد مقارنة بما لدى الجيران، حيث تفرغ الطبيب والمهندس والاكاديمي والمحامي والاعلامي والرياضي والطيار الكويتي لمنتديات الكلام و«الحش» تلك، بدلا من التفرغ للعلم والقراءة والارتقاء بالذات او ممارسة الرياضة او قضاء الوقت المفيد مع العائلة والأبناء.

وقد خلقت الدواوين محدودة العدد في الكويت لزمن لم تكن هناك فيه بدائل لقضاء الوقت، ولا يوجد هذه الايام في 199 دولة اخرى من العالم مثل تلك الدواوين التي ساهمت في عمليات التفكك الأسري والعزوف عن الزواج وكثرة الطلاق، ولو كان للدواوين فائدة لما سبقْنا الألمان واهل اليابان اليها، بل ان الدول الاخرى ترفض تأجير الأراضي العامة المجاورة للبيوت حتى لخلق مصانع ومزارع منتجة.

وفي الوقت الذي يُتباكى فيه على زيادة 50 دينارا يُرضى بجلوس الشباب الكويتي دون عمل في المساء الذي يبقى فيه القطاع الخاص مفتوحا للعمل ولزيادة الدخل، والملاحظ ان الاخوة الوافدين من عرب واجانب ممن لا يرتادون الدواوين يستفيدون من تلك الفترة المسائية لتطوير ذواتهم وزيادة دخولهم، ولو احتجت الى اي خدمة بعد الظهر لوجدت ان من يقوم بها هم اخوة وافدون يعملون صباحا في الحكومة ومساء في القطاع الخاص دون كسل أو ملل.

آخر محطة:
 طالبنا في مقال سابق بإيجاد حلول للإشكال الاقتصادي الحالي عبر الاستعانة بالخبراء الاجانب المعتادين على التعامل مع تلك القضايا الشائكة الكبرى، لذا نود الا يكتفى باستخدام هؤلاء الخبراء القادمين لحل إشكال بنك الخليج، بل ان يمتد عملهم لإعطاء النصح للإشكال الاقتصادي بشكل عام.

احمد الصراف

الوزير الكاذب

لا توجد اليوم دولة موغلة في مظاهر التدين كإيران. فرجال الدين فيها، بمباركة من نائب الحجة، الولي الفقيه، يتحكمون في كل مفاصل الدولة، حتى في الوزارات والادارات العلمية او العالية التقنية التي لا تمت للتعليم الديني بصلة.
ويؤمن احمدي نجاد، رئيس جمهورية ايران، بأن تصرفاته، كما صرح بنفسه في اكثر من مناسبة، تملى عليه من قوى خفية يؤمن بوجودها، وان هذه القوى تبارك خطواته وسيكون لها الفضل في انتصاره على اعدائه واعداء وطنه! والطريف ان الرئيس الاميركي بوش يعتقد كذلك بأن قوى ربانية تملي عليه افعاله، ولكنها حتما تختلف عن التي يسمع الرئيس نجاد طنينها في اذنيه كل يوم!
كما تعتبر جمهورية ايران الغرب، واميركا بالذات، من اعدائها الذين يسعون للقضاء على نظامها الاسلامي، وبالتالي تشك في نوايا تلك الدول تجاهها، ولم يكن غريبا وصف السيد الخميني لاميركا بالشيطان الاكبر منذ اليوم الاول لنجاح ثورته، ولهذا رفض اسلوب الحياة الغربية، المتمثل بارتداء ربطة العنق للرجال والفاخر من الازياء للنساء، اضافة الى رفضه اشكال اللهو وأنواعه من مسرح وموسيقى وتمثيل ورقص وغناء، والتي اعتبرها من قشور «الحضارة الغربية».
على الرغم من كل مظاهر التدين والعفة والاستقامة هذه التي تلف الدولة من اقصاها الى اقصاها، فإن هذا لم يمنع اتباع النظام من الوقوع في الفساد وارتكاب اخطاء اخلاقية فادحة كثيرة، وهذا على الاقل ما تحفل به الصحف الايرانية اليومية، او ما ينجو منها من المصادرة والاغلاق!
يعتبر منصب وزير الداخلية في «جمهورية ايران الاسلامية» منصبا شديد الحساسية، ليس لارتباطه بأمن الدولة الداخلي فقط، بل لكونه ايضا المعني بقضايا الشرف واخلاقيات الشعب وتصرفاته، وبالتالي كان خبر اعتراف وزير الداخلية الايراني علي كردان بكذبه طوال شهرين فيما يتعلق بصحة شهادة الدكتوراه الفخرية التي يحملها، قضية اخلاقية ودليلا على استشراء الفساد في الجمهورية الاسلامية الى درجة انه اصبح خبرا لم تستطع وسائل الاعلام الداخلية، والخارجية الغربية بالذات، تجاهله، خاصة بعد موافقة البرلمان الايراني على طرح عدم الثقة بالوزير الكذاب، وربما بصورة غير مباشرة بحكومة احمدي نجاد برمتها!
من المعروف ان تعيين وزير في النظام الايراني يتطلب موافقة اكثر من جهة معنية بقضايا الاخلاق والامانة والشرف، ومنها مكتب الولي الفقيه. ويصبح الأمر اكثر اهمية في حالة تعلقه بمنصب وزير الداخلية في دولة اقرب ما تكون للدكتاتورية!!
فكيف استطاع علي كردان الضحك على هذه الجهات كلها بصحة شهادته المزورة، التي عرف طلاب الجامعات بحقيقتها يوم تعيين الوزير في منصبه المرموق. ولماذا كابر الوزير كل هذا الوقت مع كل ما تضمنته شهادته من اخطاء املائية لا يمكن ان تصدر من جامعة بمستوى «اكسفورد» البريطانية!
والآن كيف اختارت جمهورية بكل هذا «النقاء» الاخلاقي وزيرا بمثل هذا المستوى المتدني ولاكثر المناصب حساسية!! واين ذهبت الايحاءات التي يدعي احمدي نجاد بأنها تنير طريقة عند سماعها؟ ان ما نقوله عن النظام الايراني لا يعني تمام صلاح بقية حكومات العالم، ولكنها على الاقل لم تدع يوما تمام الفضيلة وكمال الطهارة.
ان هذه الحادثة وغيرها المئات، سواء في ايران او في السودان وفي مناطق حكم طالبان، تبين، حتى لفاقد الحواس، ان فصل الدين عن الدولة اكثر من ضروري، وان المسألة ترقى الى مستوى الوجود او الفناء! فلا حل لمشاكل وقضايا هذا الوطن، ولبقية الدول الدينية والاسلامية بالذات، الا بفصل الدين عن السياسة بسبب او حال ومؤامرات ولف ودوران هذه الاخيرة. فإذا كان لدى وزير الداخلية في دولة ثيوقراطية بحتة كل هذه الجرأة على الكذب فيما يتعلق بصحة مصدر شهادته، فما بالك بشاغلي بقية المناصب! وما يسري على ايران يسري على دولنا العربية المتخلفة، فقد سبق ان تبين حصول نواب في مجلس الامة وغيرهم على شهادات ليسانس وماجستير من «مصانع شهادات» معروفة مقابل مبالغ لا تتعدى السبعمائة دينار!

ملاحظة:
في اليوم نفسه الذي اعترف فيه وزير الداخلية الايراني بعدم صحة شهادته، نجح علماء يابانيون في خلق فأر سليم عن طريق استنساخ عينة اخذت من فأر مات قبل 16 عاما وتم الاحتفاظ به مجمدا! وقد اثار هذا الكشف العلمي المخيف ردود فعل متناقضة، لانه يفتح الباب امام استنساخ الاموات الذين سبق ان جمدت اجسادهم بانتظار مثل هذا اليوم!

أحمد الصراف