أن نرفض قانون الأحوال الشخصية أو قانون أحكام الأسرة لأنه «لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفقه الطائفتين الكريمتين»، أو لأن «هناك من سيعبث في شرع الله من غير المؤهلين»، أو لأننا «أصلا لسنا في حاجة إلى هذا القانون»… فهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك من ينتظر الخروج بصيغة مناسبة لإصدار قانون مستمد من الشريعة – وهذا ما سيكون قطعا في السابق واللاحق – ليشكل المرجعية القانونية وكذلك الشرعية للمئات من القضايا المكدسة في المحاكم، والمتعثرة إلى ما لا يعلم إلا الله من مدد.
خلال الشهرين الماضيين، حملت مجموعة من المواطنات البحرينيات على عاتقهن المطالبة بحقوق المطلقات والمهجورات، بل ولم يضرب الوهن فيهن، إذ بدأن بإرسال خطابات إلى رئيس وأعضاء المجلس النيابي، ثم اتجهن إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية، وبعد ذلك، إلى المجلس الأعلى للقضاء، وكان الاعتصام الذي نظمنه يوم 28 من الشهر الماضي، تتويجا لبرنامج العمل الذي تم طيلة الفترة الماضية…
جهة واحدة هي التي لم تكن متفاعلة مع أوضاع هذه الفئة، وهي المحاكم الشرعية، اللهم إلا من (شخص واحد) كان مقدرا لهذه الحركة ومؤكدا أن القضاة الشرعيين لا يريدون أن يكونوا في موقع «الذنب والاتهام» بأنهم السبب وراء الظروف الصعبة التي تعيشها بعض المطلقات والمهجورات، إلا أنه يؤكد في الحال ذاته، أن المحاكم تحسنت كثيرا عما كانت عليه في السابق، معترفا بأنه في السنوات الماضية كانت القضايا الشرعية تعشعش طويلا في الأضابير، مرجعا هذا الأمر إلى أن القضاة اليوم، عليهم رقابة من جانب المجلس الأعلى للقضاء، وهذه الرقابة الصارمة هي لحفظ حقوق الناس…
محدثي في الوقت ذاته يشير إلى أنه فعلا، هناك قضايا «يقف» فيها القضاة الشرعيون أحيانا إلى صف الرجل، وتتعرض المرأة لأنواع من التنكيل، لكن هذه الصور لم تعد موجودة إلا على مستوى قليل جدا، لكنها موجودة! وتم رصد عدد من تصرفات بعض القضاة في المحاكم الشرعية التي لا تستقيم مع المسئولية الملقاة عليهم، ولكن للقضاة أيضا مطالب، فهل قمت بزيارة لترى مستوى مكاتبهم؟ وهل نظرت إلى حال الفوضى التي تعم مكاتبهم من الداخل والخارج حتى وقت دخولهم وخروجهم؟
ولأن الموضوع ليس مخصصا للحديث عن ظروف القضاة، بل هو إشارة إلى تحركات المطلقات والمهجورات، فإنه من الصعب أن نتمنى من قضاة الشرع «الاهتمام بقضايا المطلقات والمهجورات» وأسرهن التي يتعرض بعضها لأقسى الظروف والمعاناة، ثم ندعو الدولة إلى النظر في أوضاع القضاة، فليس للأمر علاقة، لكن قضاة الشرع يستحقون الخير.
«الآن قالت وا أسفاه»… تلك المواطنة التي لم يمضِ وقت طويل بين مشاركتها في اعتصام لرفض قانون أحكام الأسرة، وبين طلاقها الذي جعلها في حال يرثى لها لأن زوجها فضل أن «يعلقها» تاركا لها مسئولية رعاية أبنائه الأربعة، مشترطا تنازلها عن البيت (الأمل)… لكي يطلقها!
الآن هي تشارك في اعتصام المطلقات والمهجورات اللواتي يخاطبن ضمائر المحاكم الشرعية: «رفقا بالقوارير»