طريقة سمو الرئيس في تشكيل حكومته لذيذة جدا، تأكل أصابعك وراها. نظام محاصصي معتق: القبائل الأربع مطير والعوازم والرشايدة والعجمان لكل منها ممثل في الحكومة، والحضر لهم ممثلوهم، والشيعة كذلك والنساء. أي أن الغنائم وزعت بالتساوي. وعلى كل من هؤلاء الوزراء تقديم «ضمانات الكفالة» لنفسه والتأمين الشامل عليها.
لكن ثمة ثغرة في الخطة لم يحسب الرئيس حسابها، فالوزراء الشيوخ لا درع لهم ولا ظهر، وليس أمامهم سوى الدفاع عن أنفسهم بالسلاح الأبيض ضد المدافع والمدرعات. والمشكلة الأكبر أن قيادة الجيش أو رئاسة الحكومة هي ذاتها غير محصنة، بل هي الثغرة الأكبر والأكثر وضوحا للخصوم. وفي كل النظريات العسكرية التي يعرفها الناس جميعا «متى ما سقط القائد سهل سقوط الجيش، ولذلك يجب تأمين مناطق القيادة بأقوى الأسلحة وأشدها فتكا»، ومنطقة قيادة الحكومة تتمركز في العراء الطلق مكشوفة الظهر والرقبة، يحرق الصيف جلدها بلهيبه ويفتك البرد في عظامها بلا مقاومة. والنواب أدركوا ذلك، وهنا لندن، وهناك الكارثة. متابعة قراءة من يشتريها بخرابها؟
اليوم: 9 نوفمبر، 2008
أول الغيث.. حلف الديزل
سبب اجراء الانتخابات الاميركية في يوم الثلاثاء هو ان الآباء المؤسسين كانوا يذهبون للكنائس يوم الاحد ثم يغادرون يوم الاثنين في عرباتهم البطيئة للمدن للاقتراع وشراء الحاجيات لذا يتم التصويت في اليوم الثالث وفيما بعد اكتشف ان التصويت ابان ايام الاسبوع يعطي افضلية للمثقفين ورجال الاعمال واصحاب الياقات البيضاء على ما عداهم.
العمل السياسي في الكويت ووطننا العربي يقوم على ان الرجال متساوون في قدراتهم كأسنان المشط، في اميركا يرون العكس لذا يقوم العمل السياسي على العباقرة والنابغين من الافراد، سبب نجاح الرئيس جورج بوش الابن هو العبقري كارل روف وسبب تفوق الرئيس اوباما هو غريغوري كريغ الذي اكتشفه عام 2003 وعرض عليه ان يكون مرشح رئاسة 2008، ومعه العبقري ديڤيد اكسلورد وهو اعلامي واستراتيجي يهودي يقف خلف تحريك جموع الشباب واستخدام الانترنت لجمع الاموال وفكرة التصويت المبكر اضافة الى كتابة الخطابات المؤثرة على الناس ومنها خطاب «نعم نستطيع» الاخير.
ولو اختزلنا واختصرنا الامور لقلنا ان خسارة ماكين تقف خلفها الاوضاع الاقتصادية السيئة وتصويته شبه الدائم للرئيس بوش وخطاب تشيني المؤيد له ومقولته قبل اشهر ان الاقتصاد في احسن احواله واختيار فريقه الفاشل لسارة بالين كنائبة له (اختياره الشخصي كان جو ليبرمان) التي افادته في اغسطس واضرته في نوفمبر حيث ظهر جهلها الكبير حتى انها كانت تعتقد ان افريقيا هي دولة وليست قارة (لدينا من يعتقد ان اميركا دولة وليست قارة) وقد اضر بها كثيرا السخرية منها في البرامج الفكاهية الليلية، والسياسي تضره الاشاعة وتقتله السخرية، بالمقابل فاز اوباما بسبب فريقه المنظم وعمليات تسجيل مؤيديه في الولايات المتأرجحة وانحياز مؤيدي كلينتون له.
ومع انتخاب الرئيس اوباما يتوافر امامه 2600 منصب حكومي لملئها والاوضاع هناك ليست بعيدة عنا حيث تتداخل واسطات متبرعي ومؤيدي ومديري الحملات لملئها هذا اضافة الى «تعيين» اعضاء في مجلس الشيوخ ليحلوا محل اوباما وبايدن و«رامبو» ايمانويل الذي استقال من منصبه ليصبح مدير المديرين في البيت الابيض، وقد ظهر عامل «برادلي» واضحا في الانتخابات الاخيرة رغم فوز اوباما حيث حصد المرشحون الديموقراطيون البيض لمناصب مجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات اصواتا اكثر من اوباما ومازالت النتائج تصل تباعا علما ان النتائج التي تظهر ليلة الانتخابات ليست رسمية او معتمدة حيث يتم اعلان النتيجة النهائية بعد نحو اسبوعين من الانتخابات.
ويمكن في الولايات المتحدة ان تسجل وتصوت في اليوم نفسه واذا لم يتم التأكد من تسجيلك في الدائرة المعنية لا تمنع من التصويت بل تصوت ويوضع صوتك والاصوات المماثلة في صندوق خاص وبعد التدقيق اللاحق يتم تثبيت تلك الاصوات واضافتها للنتيجة النهائية، كذلك لو ارسلت صوتك بالبريد يوم الانتخاب ووصل خلال 10 ايام يتم اضافته، ولو صوت بالبريد وصوت بالحضور وثبت ذلك يلغى الصوتان، ويصوت عادة بعدة طرق فهناك من يقبل التصويت اليدوي بعد منتصف ليلة الثلاثاء وهناك التصويت عبر الاوراق المثقوبة والاذرع الميكانيكية (وهما نظامان يعمل بهما منذ 80 عاما) وهناك مكائن شاشات اللمس ومكائن تسجيل الانتخاب المباشر وتتم الانتخابات في الكنائس والمدارس وحتى المطاعم الشهيرة ابان عملها ولا يرأس اللجان قضاة بل ناس عاديون.
آخر محطة:
حذرنا مرارا من تأثير انتخاب الديموقراطيين على اسعار النفط، المورد المالي الرئيسي لدول المنطقة، وقد تواترت الانباء عن استبدال محور الشر الجمهوري «اكس اوف ايفل» بمحور النفط الديموقراطي «اكس اوف ديزل» الذي يستهدف الاضرار بمحور ڤنزويلا، ايران، روسيا عن طريق العمل لخفض اسعار النفط وايجاد بدائل له وسنضار بالتبعية وقد تكون ايام الاقتصاديات المزدهرة في المنطقة قد ولت دون رجعة.
.. وكذلك تكون المرأة…!
سنعطي حكومات الكويت على مدى نصف القرن الماضي كل ما تستحقه من ثناء لنجاحها في تحقيق كل ما احتاجته الامة من وسائل راحة وتقدم وعمران ومؤسسات واندية ومطار وملاعب ومدينة ملاهٍ وطرق وخطوط مياه امطار ومجارٍ والى آخر ذلك من منجزات ومعجزات هندسية. ولكن يجب الاقرار في الوقت نفسه انها فشلت بجدارة في خلق الانسان الكويتي الذي يمكن الاعتماد عليه، ليس في الملمات والكوارث، بل حتى في الظروف العادية. فمظاهر فشل الحكومات المتعاقبة واضحة يمكن رؤيتها في كل بيت وسجل مخفر وسجن ومركز ادمان، ونسب طلاق وعنوسة وابناء شؤون وقضايا البدون، وجرائم اغتصاب وعنف اسري واعتداء محارم وفي عيون كل متشرد وصعلوك. ولولا ما قام به البعض من تلاحق على ابنائهم قبل عقدين من الزمن ووفروا لهم تعليما خاصا مناسبا في تلك الايام الخوالي، بعد ان اصبح التعليم الخاص هذه الايام بمثل سوء التعليم العام، او اكثر قليلا، لقلنا على الكويت السلام، وهي الآن اقرب لـ «عليها السلام» من اي وقت مضى!
تربية اي جيل، في اي وطن او مجتمع او عائلة، لا يمكن ان تتم بمعزل عن المرأة، فهي المكون الاساسي لأي تربية اسرية، وعلى اكتافها قامت الحضارات بعد ان اضطرت للبقاء بجانب الروافد المائية تكتشف الطبيعة وتتعلم منها اسرار الزراعة والحصد والطحن والعجن، وتقوم فوق ذلك بمهمة الحمل او الخلق اضافة للنسج والحياكة، واثناء كل ذلك كان الذكر، الاقرب للقرد، يسرح ويمرح ويجري لاهيا خلف الطرائد، متجنبا عمدا كل ابداع او مسؤولية عن تنشئة الابناء والعناية بهم وبصحتهم الجسدية او العقلية، ولا تزال الاغلبية منهم تفعل ذلك.
هكذا بدأت الحضارات وهكذا استمرت وهكذا ستبقى، وبالتالي نجد ان تقدم اي امة مرتبط بمكانة المرأة فيها، فهي الحاضنة او الوعاء الذي منه تنهل الطفولة معارفها، وعلى كاهلها تقع مسؤولية استمرار تلك المعرفة، ومن هنا تأتي ضرورة الاهتمام بسلامة عقل ذلك الوعاء وبدنه لكي يستمر في عطائه المميز!
ولكن، وبعد مرور اكثر من نصف قرن من التعليم المنتظم للفتيات في الكويت، تبين ان اللبنات التربوية الاولى التي وضعها عبدالعزيز حسين وصحبه قد بدأت بالتفتت تحت اقدام «هيلق» الأخوان والإخوان، الذين اجتاحوا، بسقيم مبادئهم والبالي من عاداتهم، زهور الحضارة الندية والرقيقة التي بدأت براعمها بالتفتح مع ستينات القرن الماضي، فمنذ ذلك الهجوم الشرس والامل في التضاؤل بعد ان طلبوا من النساء ان يقرن في بيوتهن وألا يخرجن منها الا الى بيت الزوجية او المقبرة، فما اقسى قلوب هؤلاء!
نقول ذلك بمناسبة النجاحات المتواصلة التي اصبحت المرأة تحققها في كل وطن حر ومجتمع منفتح على الرغم من كل الاعاقات التي حاول ويحاول المتخلفون وضعها امامها لايقاف مسيرتها.
ولكن من الواضح انه في الوقت الذي تتعارك فيه جمال العالم من اجل الفوز بقصب السبق في كل ميدان، فإن جمالنا اختارت ان تبرك من دون حراك! كما ان هناك مساعي حثيثة لإعادة وأد المرأة وطمس شخصيتها، وابسط مثال على ذلك ما يرد عادة في الكتب المقررة على مدارس الدولة، والتي تحط من قدر المرأة ومن مكانتها، بحيث اصبحت في نظر البعض جسما معيبا وصوتا مخجلا وشخصية لا يمكن الوثوق بها او الركون لصلابتها، وتعاني النقص في كل مجال. يحدث ذلك في عهد وزيرة وسيدة مستنيرة فاضلة، وبعد ان تعاقب على سدة وزارة التربية اكثر من مدع بالليبرالية وبالفهم الصحيح لدور المرأة في المجتمع.
تعالوا نقرأ معا ما ورد في الصفحة 166 من كتاب «اللغة العربية» المقرر على الصف الثامن وفي جزئه الاول: انها تتطلع الى اسمى من هذا، انها شخصية فذة حقا. امرأة فرعون نضج هداها، وتبين لها الحق فعرفت الله كما ينبغي ان يعرف، عرفت الله «في السماء وفي الارض اله». وكذلك تكون المرأة اذا نضجت، وما اقل نضوج النساء (!!!) انتهى.
لن نسأل عن اسم المسؤول عن ارتكاب هذا الجرم بحق نصف المجتمع الاجمل والاحسن، فهذا سؤال لن نحلم بالحصول على اجابة عنه، لكننا نسأل حكومتنا، مادامت هذه فكرتها عن المرأة، فالمقرر الدراسي مقررها، عما قامت به لتغيير هذه الصورة النمطية السيئة عن المرأة؟ نسأل ونحن على علم بأننا لن نسمع الجواب، فمن الواضح ان قوى التخلف والظلام كانت، ولا تزال قوية. فقد كانت اقوى من خالد المسعود وحتما اقوى من احمد الربعي ومن نورية الصبيح، ولن تزول قوتها او تضمحل من دون قرار واضح يطالب بذلك، وهذا، كما تشير كل الدلائل، ليس بالامر المتوقع حدوثه في القريب العاجل ولا البعيد الآجل.
أحمد الصراف
هكذا قالت: «الآن… وا أسفاه»!
أن نرفض قانون الأحوال الشخصية أو قانون أحكام الأسرة لأنه «لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفقه الطائفتين الكريمتين»، أو لأن «هناك من سيعبث في شرع الله من غير المؤهلين»، أو لأننا «أصلا لسنا في حاجة إلى هذا القانون»… فهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك من ينتظر الخروج بصيغة مناسبة لإصدار قانون مستمد من الشريعة – وهذا ما سيكون قطعا في السابق واللاحق – ليشكل المرجعية القانونية وكذلك الشرعية للمئات من القضايا المكدسة في المحاكم، والمتعثرة إلى ما لا يعلم إلا الله من مدد.
خلال الشهرين الماضيين، حملت مجموعة من المواطنات البحرينيات على عاتقهن المطالبة بحقوق المطلقات والمهجورات، بل ولم يضرب الوهن فيهن، إذ بدأن بإرسال خطابات إلى رئيس وأعضاء المجلس النيابي، ثم اتجهن إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية، وبعد ذلك، إلى المجلس الأعلى للقضاء، وكان الاعتصام الذي نظمنه يوم 28 من الشهر الماضي، تتويجا لبرنامج العمل الذي تم طيلة الفترة الماضية…
جهة واحدة هي التي لم تكن متفاعلة مع أوضاع هذه الفئة، وهي المحاكم الشرعية، اللهم إلا من (شخص واحد) كان مقدرا لهذه الحركة ومؤكدا أن القضاة الشرعيين لا يريدون أن يكونوا في موقع «الذنب والاتهام» بأنهم السبب وراء الظروف الصعبة التي تعيشها بعض المطلقات والمهجورات، إلا أنه يؤكد في الحال ذاته، أن المحاكم تحسنت كثيرا عما كانت عليه في السابق، معترفا بأنه في السنوات الماضية كانت القضايا الشرعية تعشعش طويلا في الأضابير، مرجعا هذا الأمر إلى أن القضاة اليوم، عليهم رقابة من جانب المجلس الأعلى للقضاء، وهذه الرقابة الصارمة هي لحفظ حقوق الناس…
محدثي في الوقت ذاته يشير إلى أنه فعلا، هناك قضايا «يقف» فيها القضاة الشرعيون أحيانا إلى صف الرجل، وتتعرض المرأة لأنواع من التنكيل، لكن هذه الصور لم تعد موجودة إلا على مستوى قليل جدا، لكنها موجودة! وتم رصد عدد من تصرفات بعض القضاة في المحاكم الشرعية التي لا تستقيم مع المسئولية الملقاة عليهم، ولكن للقضاة أيضا مطالب، فهل قمت بزيارة لترى مستوى مكاتبهم؟ وهل نظرت إلى حال الفوضى التي تعم مكاتبهم من الداخل والخارج حتى وقت دخولهم وخروجهم؟
ولأن الموضوع ليس مخصصا للحديث عن ظروف القضاة، بل هو إشارة إلى تحركات المطلقات والمهجورات، فإنه من الصعب أن نتمنى من قضاة الشرع «الاهتمام بقضايا المطلقات والمهجورات» وأسرهن التي يتعرض بعضها لأقسى الظروف والمعاناة، ثم ندعو الدولة إلى النظر في أوضاع القضاة، فليس للأمر علاقة، لكن قضاة الشرع يستحقون الخير.
«الآن قالت وا أسفاه»… تلك المواطنة التي لم يمضِ وقت طويل بين مشاركتها في اعتصام لرفض قانون أحكام الأسرة، وبين طلاقها الذي جعلها في حال يرثى لها لأن زوجها فضل أن «يعلقها» تاركا لها مسئولية رعاية أبنائه الأربعة، مشترطا تنازلها عن البيت (الأمل)… لكي يطلقها!
الآن هي تشارك في اعتصام المطلقات والمهجورات اللواتي يخاطبن ضمائر المحاكم الشرعية: «رفقا بالقوارير»