سبحان الخالق، الناس أجناس والفنادق أيضا، ولو تشابهت أسماؤها. فشيراتون القاهرة يختلف عن أي شيراتون آخر في أوروبا أو في أي بلد آخر، تماما كما تختلف ثقافة الجودة واحترام القوانين في مصر عن ثقافة الجودة واحترام القوانين في أوروبا. فقط هذا هو الفارق، ولا شيء آخر. في شيراتون القاهرة ستشعر بأنك في عزبة عم حنفي، عزبة بحق وحقيقي، والغيطان على يمينك ويسارك، وقد يقتحم ثور هائج غرفتك. كل ما حولك في شيراتون القاهرة يوحي بذلك.
ستعترضك الصعاب وأنت تحاول غلق باب غرفتك، حتى ولو كانت الغرفة مصنفة «غرفة رجال أعمال»، وستحصل على الحسنات بإذن الله إذا أغلقت الباب بمجهودك الفردي، والحسنة بعشر أمثالها. وأزرار جهاز التلفون ستتصل لوحدها وستفصل لوحدها، قضاء وقدر. وقد يمازحك جهاز الهاتف فتتصل بموظف خدمة الغرف ويرد عليك الصيدلي المناوب، والناس سواسية، ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى. وفي شيراتون القاهرة كلهم لآدم وآدم من تراب.
لم تجد حذاء الحمام في الغرفة؟ وما المشكلة، الأنبياء عليهم السلام كانوا حفاة، وبعضهم لم يكن يجد قوت يومه، وأنت تأكل وتشرب فاحمد المولى واشكره ولا تبطر. متابعة قراءة عزبة عم حنفي
اليوم: 2 نوفمبر، 2008
الحكومة والإعلام الخاص
أحد أهم أحداث العالم هذا الأسبوع هو الانتخابات الأميركية، ولو حاولت التنبؤ بالفائز الذي سيقبل الناخب الأميركي طرحه ويصوت له عن طريق قراءة استطلاعات الرأي فلن تنجح حيث سبق أن اخفقت الاستفتاءات في تحديد اسم الفائز، الأمر الذي لم يخطئ قط هو أن المرشح الرئاسي الذي يجمع ويدفع أكثر لوضع رسائله وخططه وبرامجه عبر وسائل الإعلام هو من يفوز دائما بالانتخابات.
ضمن لقاء قناة «سكوب» قبل مدة سألني مقدم البرنامج عن السبب الذي يجعلني أقف في بعض مقالاتي مع ما تطرحه الحكومة، وكانت إجابتي: أن ما يجعلني أقوم بذلك هو إيماني الشديد بالديموقراطية التي تقوم على الرأي والرأي الآخر، فالرأي الواحد حتى لو كان معارضا يعني الدكتاتورية بعينها، وما نراه في الكويت قائما بشكل يومي منذ عقود هو استفراد الساحة برأي واحد تمثله ثقافة سائدة سالبة تعارض كل ما تطرحه الحكومات المتعاقبة من مشاريع وبرامج وقوانين، مما أوقف عمليات التنمية وأفقد المواطن العادي حق الاستماع للطرح المتوازن في ظل غلبة الرأي الواحد.
وضمن ندوة لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة، اقيمت قبل أيام قليلة وحضرها جمع من الأساتذة والطلبة والضيوف العرب، عقّب أحد الدكاترة على الورقة التي القيتها في المنتدى بالتساؤل عن سبب تحول النخب المثقفة ورجال الاقتصاد للتحالف مع الحكومة بعد أن كانوا معارضين لها في مرحلة الاستقلال الأول، وكانت إجابتي: أن على جميع شرائح المجتمع وكتلة السياسيين أن تقف مع الحكومة أحيانا وتعارضها أحيانا أخرى طبقا للقضايا المعروضة، أما غير المعقول أو المقبول فهو العمل على جعل جميع النواب معارضين للحكومة طوال الوقت، حيث إن ذلك أمر غير مسبوق في أي ديموقراطية أخرى وسيوقف بالتبعية أحوال البلد ويجعلنا نتباكى على تخلفنا وتقدم الآخرين.
إن حل الأزمات السياسية المتلاحقة هو العمل بما نراه قائما في الانتخابات الأميركية من حق إبداء الرأي (الحكومي) والرأي الآخر (المعارض) ضمن القنوات الإعلامية كافة ولاسيما الخاصة منها كي تتحول الثقافة السالبة الغاضبة لدى الناخبين الكويتيين، والتي تؤثر بالتبعية على النواب الأفاضل، إلى ثقافة موضوعية وعقلانية لا تبني مواقفها بشكل مسبق ولا تصدر حكمها قبل المداولة لا بعدها.
إن تجربة 46 عاما من الديموقراطية الساخنة القائمة على الاحتراب الدائم والسلبية وسوء الظن وتعطيل المشاريع ثم الشكوى من عدم الإنجاز، توجب علينا خلق آلية حضارية للطرح والطرح المضاد، فقد مللنا الصراعات السياسية وباتت قلوب الشعب تصبو وتهفو لعمليات التنمية وحل المشاكل العالقة ويكفي تسبّبنا للأسف في كفر الشعوب الشقيقة بممارستنا السياسية وتفضيلهم عمليات التنمية عليها، فلنقف ولنقدم العقل والحكمة قبل أن يمتد ذلك الكفر السياسي منهم إلينا فنندم يوم لا ينفع الندم.
آخر محطة:
العزاء الحار للزميل خضير العنزي في وفاة المرحوم ابنه نواف، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولوالديه وأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عباس بوير والرفاعي
«من صفات القاضي أن يكون عادلاً ومحايداً ومنصفاً وإلاّ أصبح شاهد زور ولا تقبل شهادته أبداً»!
التوقيع: عباس بوير
يمكن القول، كقاعدة عامة، ان نسبة تخلف شعب ما يحددها مدى تأثره بالشعارات والاقوال المكتوبة والمرسومة على الحوائط والجدران! لهذا نجد ان كثيرا من حكومات الدول المتخلفة او المحكومة بانظمة قمعية تصر على اتباع هذا الاسلوب المتخلف والسوقي في توصيل رسالتها والترويج لها عند شخوص قياداتها ونوعية انظمتها السياسية، وقد وجدنا ان الامر تطلب لقاءات عدة بين مختلف القيادات السياسية اللبنانية ولوردات الحرب الاهلية فيها للاتفاق على ازالة بعض من الشعارات والملصقات والصور من اجزاء من شوارع العاصمة اللبنانية وطرقاتها.
في الكويت قام مهووس ديني بوضع ملصقات على جدران منزله وتثبيت لوحات اكبر حجما فوق سطح البيت، بشكل منفّر وغريب، وحتما بطريقة لا يسمح بها القانون، وذلك لترويج وجهة نظره المذهبية، وعندما لاحظ ان فعلته او مخالفته – على الرغم مما تمثله من تحد لمشاعر البعض، وعلى الرغم من خطورتها على ارواح وممتلكات الغير – قد مرت من دون ازالة او عقاب، قام قبل ايام بتثبيت شاشة سينمائية ضخمة على احدى زاويا البيت، واصبح يبث من خلالها ما يعن على باله من افكار وآراء وشعارات، علنا من دون خوف من محاسبة او اهتمام لما يمثله فعله من مخالفة للذوق العام، وخطورته على حركة المرور، فمن الصعب على سائقي المركبات على طريق الفحيحيل السريع، حيث يوجد البيت، تجنب النظر الى تلك الشاشة ولو للحظات.. كافية لوقوع حادث مرور رهيب!
ولو استعرضنا بعضا مما تقوم جهات معنية بكتابته على اعمدة الجسور والجدران المساندة لها لوجدنا الفقرة التالية: «من صفات القاضي ان يكون عادلا ومحايدا ومنصفا والا اصبح شاهد زور ولا تقبل شهادته ابداً»! وهي جملة لا تعني الكثير ولا تعني احداً، كما لا يضر ابدا عدم وجودها، كما هي الحال مع النصوص الدينية المدونة في امكان اخرى، فمن المؤكد انها خلقت الانطباع بانه في امكان اي طرف كان كتابة ما يشاء من دون خشية من محاسبة، فالامور، كما تبدو سائبة لمن يمتلك صوتا يرفعه على المسؤولين، علما بانه لم يثبت ان وجود النصوص الدينية في الشوارع والطرقات قد ساهم في رسوخ الامن او انتشار الفضيلة، فالايمان الحقيقي هو ما في الصدر والتصرفات وليست في المطويات واللافتات والكتابات الجدارية.
الغريب، او ربما الطريف في الموضوع ان من قام بتسطير غالبية شعارات الشوارع وما تحت الجسور بالذات، كالنص اعلاه، لم يتردد بوضع اسمه الكامل والصريح تحت كل جملة سطرتها ريشته المباركة من دون ان يعبأ بكون ما قام ويقوم به مخالفاً للقانون والنظام العام، ويشكل تعديا على الاملاك العامة، وربما يكون هذا الشخص غير مواطن، ولو كان الامر كذلك فان هذا يعني انه غير عابئ بعقاب او حتى مساءلة!
والآن هل تتبرع جهة ما باجبار الخطاط عباس بوير وغيره بالتوقف عن كتابة ما يعن على باله على الجسور والاعمدة والجدران، وان يقوم بازالتها فورا!
اتمنى ذلك لا لشيء إلاّ لوضع حد لرغبة اي جهة اخرى لكتابة ما تشاء من شعارات وآراء قد تتضمن استفزازا لمشاعر البعض او لا تتفق والمصلحة العامة.
أحمد الصراف
وزارتا «العدل» و «الإعلام»… متهمتان!
إما أن تكون كل من وزارة العدل والشئون الإسلامية ووزارة الإعلام تعلمان بأن التجاوزات مستمرة من قبل بعض خطباء الجمعة والمنتديات الإلكترونية في إثارة النعرات الطائفية والموضوعات التأجيجية، وإما أنهما «لا تعلمان» وهذا ما لا يمكن أن يدخل العقل بتاتا.
وزارتا العدل والإعلام متهمتان في نظر الكثير من المتابعين، وكذلك في قرارة نفس الكثير من المواطنين، بالسكوت على هذا النوع من العمل المشبوه، المتظاهر تارة بالدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف من الأعداء وممن يتربصون به للنيل منه (وهو الكلام الذي دأبت زمرة صغيرة من خطباء الفتنة على تكراره) أو المتستر تارات أخرى في هيئة بطولات من خلف أجهزة الحاسوب في المنتديات الإلكترونية.
ووزارة العدل ذاتها تعلم بأن هناك من يؤجج الفتنة عبر خطبه، لذلك، ليس مهما لدى الناس تصنيف ذلك الخطيب وفقا لمذهبه وانتمائه الديني أو السياسي، سنيا كان أم شيعيا، بل المهم هو تقديم أولئك الخطباء للمساءلة القانونية وتوقيع أشد العقوبات عليهم بل وحرمان بعضهم من الخطابة لأنهم لا يقدمون للمجتمع أية فائدة سوى تكرار موضوعات وعظية يعرفها حتى الأطفال في المرحلة الابتدائية من جهة، ثم الاستمرار في خطابهم التأجيجي الفتنوي من جهة أخرى.
أما المنتديات الإلكترونية، فلاتزال الحرب بين السنة والشيعة في البحرين مستمرة، وقد اشتدت أوارها وأينعت الرؤوس التي حان وقت قطافها، ويشتد الوضع في أقسى حالاته ليدعو البعض إلى قطع الرقاب، وينبري البعض الآخر لأن يضع صورة سلاح «إلكتروني أيضا» حديث في توقيعه، ولا يتردد العشرات ممن يحملون أسماء مستعارة لشخص واحد، في تقديم البيان تلو البيان لتأييد القيادة والحكومة، ثم الدعوة إلى قصف فئة من المواطنين لا يستحقون العيش في البلاد لأن ولاءهم إلى دولة أخرى…
وفي منتديات أخرى، يكون الهجوم على الحكومة مضطردا! ومع شديد الأسف، ومن خلال مضامين الموضوعات، فإن غالبيتها العظمى تأخذ من الشتمن والشتم فقط عنوانا… فلا بأس لو قلنا إن تلك المنتديات «لا تهاجم معتقدات المواطنين السنة وتطعن في دينهم وأعراضهم كما في المنتديات السابقة الذكر أعلاه»، بيد أن طرح الموضوعات ذات التأثير السلبي على الاستقرار الأمني واتخاذ من شتم العائلة الحاكمة والحكومة عنوانا مستمرا، هو بصراحة من قبيل الإفلاس في تقديم موضوعات ذات فائدة يستفيد منها الآلاف من الناس الذين يتابعون تلك المنتديات.
ذات يوم، عبَّر أحد الناس عن حالة الحزن التي يعيشها كلما وجد الاقتتال الطائفي مستعرا في المنتديات الإلكترونية، ولم يتأخر في القول إن البلد على حافة هاوية بسبب ما يطرح في تلك المنتديات من تكفير لطائفة من جهة، ومن هجوم على السلطة من جهة أخرى… اتهامات من هنا، ودعوات للقتل من هناك، مكررا قوله إن البلد «ستكون في عداد الدول المطحونة بحرب طائفية شديدة ستأتي على الأخضر واليابس».
صاحبنا المتكلم، مسكين… بل مسكين جدا، فهو يقضي معظم يومه أمام شاشة الحاسب الآلي متنقلا في تلك المنتديات، لكنه قلما يعيش الواقع، ويحضر المجالس الأهلية في كل المناطق، ويحضر اللقاءات والاجتماعات والأحزان والأفراح، ليجد حقيقة هذا المجتمع الذي لم ولن يهتز بسبب خطبة هزيلة ساقطة أو منتدى إلكتروني سخيف…
لكن، مع كل ذلك، يجب على وزارتي العدل والإعلام أن تلتزما بالعهد الذي قطتعاه أمام القيادة وأمام المواطنين حينما تعهدتا بمكافحة كل صور الطائفية في الخطب وفي المنتديات.. ولدينا الكثير الذي يمكن أن يضع الوزارتين في حرج إن أنكرتا ذلك، لكننا لن ننتظر الإنكار… سننتظر الرد أولا