المستشرقون الباحثون في التاريخ شدوا شعورهم وأصيبوا بنزلة هبل وهم يقرأون الأدب العربي عندما فوجئوا بكميات هائلة من المفاخرة والفشخرة بالتاريخ والأمجاد والأنساب. وعلى ايش؟ على الفاشوش والخرطي وشركائهما… خذها من عصر ما قبل الإسلام إلى اليوم الساعة سبع وثلث، أي عصر أميركا، وستكتشف أن العرب هم أرذل الأعراق وبجدارة، والأكثر تفاخرا بالتاريخ الفضيحة، لا ينافسهم في تدني درجة العرق وكثر المفاخرة سوى الأفارقة السود، والفرق ما بيننا وبين الأفارقة الأفاضل في هذا العصر هو النفط وما ترتب عليه من أموال ترفع الوضيع وتهين العزيز، وما سوى ذلك نحن والأفارقة في تطابق، الخالق الناطق! وهي معادلة ثابتة: كل من يفاخر بأصله يعاني من آلام في معدة التاريخ. عد للتاريخ واكتشف مجدك المزور يا عزيزي العربي. متابعة قراءة إني لمِن قومٍ… أراذل
الشهر: نوفمبر 2008
العالم اليوم كله الهند
عندما وقعت جرائم 11/9 الإرهابية في نيويورك كتب الفرنسيون آنذاك اننا اليوم جميعا أميركيون كوسيلة لإظهار التعاطف معهم، مع وقوع جرائم مومباي المروعة هذه الأيام يصح القول ان العالم كله أصبح الهند لإظهار الدعم الواجب لتلك الأمة العظيمة.
وعندما كانت الكويت صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ضرع فتحت أمة الهند العظيمة أبوابها على مصراعيها للكويتيين ممن أصبحوا رواد التجارة معها حيث كانت سفنهم تنقل خيرات الهند وتوابلها لدول الخليج والعراق وشرق أفريقيا وكانت تلك التجارة أحد مصادر الرزق المهمة للشعب الكويتي.
إن سكوت بعض كبار الإسلاميين عن الجرائم الإرهابية الكبرى في الماضي ومحاولة تبريرها بألف عذر وعذر هو ما شجعها وساهم في انتشارها وبالتالي تعريض أرواح آلاف الأبرياء للخطر وعليه يجب أن تكون الإدانة هذه المرة – وكل مرة – واضحة قاطعة دون محاولة اضافة كلمة «ولكن» الشهيرة لها.
لقد تضرر الإسلام والمسلمون من جرائم الإرهاب التي ارتكبت باسمهم في نيويورك وباريس ولندن وموسكو وشرق أفريقيا وإندونيسيا وغيرها ومن عمليات خطف وقتل وقطع رقاب الصينيين واليابانيين والكوريين في العراق وأفغانستان كونها تجعل الإسلام والمسلمين في مواجهة العالم أجمع فهل هذا ما تريده تلك القلة المنحرفة من الإرهابيين؟!
آخر محطة:
(1) لا أنسى ما حييت ما حدث صباح يوم الخميس 2/8/1990 عندما حططنا في مومباي (بومباي آنذاك) في رحلة مقررة واتجهت أنا وطاقم الطائرة وبعض الأصدقاء المرافقين لي إلى مبيتنا المعتاد في فندق تاج محل، وما ان انتشرت أخبار الاحتلال حتى قدم مدير عام الفندق ويدعى «سام» لإبداء أسفه مما حصل ولإخباري ان إدارة الفندق قررت ان مبيت ومصاريف طاقم الطائرة وحتى الأصدقاء القادمين معي ستكون على حساب الفندق دون التقيد بزمن محدد في وقت كان فيه الكويتيون يطردون ويطاردون في بعض العواصم العربية وكأنهم من احتل العراق وليس العكس.
(2) قرت أعين أهل الكويت بوصول المواطنين الذين احتجزوا في فنادق مومباي وما تشوفون شر.
لسان حال سواق الشاحنات
في مطلع يونيو/ حزيران من العام الجاري، حذر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين ورئيس جانبها في اللجنة المشتركة مع إدارة الجمارك والموانئ عبدالحكيم الشمري من أن كارثة ستواجهها القطاعات الإنشائية بسبب النقص الحاد وغير المسبوق في الإسمنت والرمال، وبالفعل، انفجرت أزمة، وتعقدت وتشعبت قبل أن تنفرج شيئا فشيئا.
ربما لم تنته المشكلة نهائيا على مستوى استيراد مواد البناء وغيرها من السلع عبر جسر الملك فهد، إلا أن مشكلة سواق الشاحنات التي ستدخل بعد نحو شهر عامها الثالث لا تزال تراوح مكانها! فالطوابير طويلة، والانتظار يطول ويطول، والحلول، على رغم اجتماعات وزيارات ولقاءات كثيرة، إلا أنها – أي الحلول – لا تزال في حكم المجهول.
كان المسئولون في المؤسسة العامة لجسر الملك فهد يقولون ويكررون أنه على رغم العراقيل والمعوقات الكثيرة، إلا أن فرص الحل قائمة وقابلة للتنفيذ! وكانت الاجتماعات التي عقدها المسئولون بوزارة الداخلية والمؤسسة العامة للجسر ركزت مراجعة مراحل تنفيذ مشروع التوسعة وتطوير المرافق بالجانب البحريني بجسر الملك فهد الذي أعلن سابقا من قبل المؤسسة العامة في خطتها قصيرة المدى التي كان مقرر لها أن تنتهي بنهاية العام الجاري، وها هو العام يشارف على الإنتهاء ولم يتحرك ساكن.
سواق الشاحنات وأصحاب شركات النقل البري يذكرون المؤسسة العامة بما كانت أعلنته في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن بدء تنفيذ الخطة التوسعية لتطوير مرافق الجسر بعد إجازة عيد الفطر المبارك الماضية، إلا أن ما تحقق من تعديل للمسارات وتقديم تصورات لإعادة تصاميم منطقة الإجراءات في جزيرة الحدود لم يؤثر كثيرا، فيما يعتقد أصحاب شركات النقل البري أن المسئولين عاجزين بالفعل عن إيجاد الإجراءات الكفيلة بمواجهة تكدس الشاحنات نتيجة للزيادات الكبيرة خلال العام الجاري ووضع خطط خاصة للطوارئ بمشاركة الإدارات المختصة لتنسيق حركة المركبات داخل جزيرة الحدود وامتداد الجسر خلال أوقات الذروة.
المؤسف في الموضوع، أن كل طرف يلقي باللائمة على الطرف الآخر… لكن الذي يظهر للعلن من خلال الصحافة، لم يعد مجديا لتغطية الواقع السيئ، فكثيرا ما تم الإعلان عن خطة تقوية شبكة الحاسب الآلي والقضاء على المشكلات الفنية السابقة التي أدت إلى حدوث تعطيل في كثير من المناسبات، بالإضافة إلى تسريع حركة مسارات الجمارك والجوازات من خلال فتح كل الكبائن، فيما تم الاتفاق على فتح كل مسارات الجوازات ومحاولة إيجاد نظام مروري يسمح بانسياب الحركة دونما تجميد للمسارات في مكانها، ولعل ما حدث في فترة الأسبوع الأول من شهر أغسطس/ آب الذي سبق حلول شهر رمضان المبارك كان كافيا للاعتراف بوجود مشكلة، فقد ارتفع في تلك الفترة عدد المسافرين عن المعدل الاعتيادي (نحو 40 ألف مركبة يوميا) إلى 120 ألفا، متجاوزة المعدل المتوسط لأعلى فترات الزحام وهو 70 ألف مركبة يوميا.
لن يكون أمامنا التماس عذر للمسئولين بالمؤسسة العامة للجسر، لكننا سننتظر منهم أن يجيبوا على سؤال يعرفونه جيدا: «هل ستنتهي أزمة الشاحنات على الجسر أم لا؟»
الفريق البدر والجمعيات المخالفة
على الرغم من كل مخالفات اللجان والمبرات الخيرية وتلاعبها بمراقبي ومفتشي وزارة الشؤون واتباعها مختلف طرق التحايل على الحكومة في سعيها لجمع أكبر قدر من الأموال النقدية السهلة، وفي حال استمرار غياب الرقابة الرسمية والشعبية على سجلاتها ومداخيلها ومصروفاتها، على الرغم من كل ذلك، قامت وزارة الشؤون بتجديد ثقتها في هذه الجمعيات وأعلنت فوق ذلك موافقتها على مجموعة من الاقتراحات والمشاريع التي من شأنها زيادة مساحة حرية هذه الجمعيات في التحرك وجمع الأموال. وقد جاء كل ذلك من خلال المذكرة التي رفعتها وزارة الشؤون الى مجلس الوزراء.
نقول ذلك لنبين مدى تخبط الحكومة وشللها وعدم قدرتها على التصدي لأخطبوط الأحزاب السياسية الدينية التي تقف وراء هذه الجمعيات وتدعمها لكونها الوعاء الذي يغذي شرايينها بالأموال اللازمة لبقائها حية على الساحة السياسية وفاعلة في المعارك الانتخابية!
ولمعرفة المزيد عن تخبط الحكومة وفقدانها لأية خطة إصلاحية واضحة، نجد أن فرعا آخر فيها، ممثلا بمدير بلدية الكويت، قد قام مشكورا بإصدار قرار قبل أيام قضى بوقف جميع الأنشطة الاجتماعية والتجارية والمهنية في مناطق السكن الخاص، بما في ذلك مقرات ومراكز الجمعيات الدينية السياسية، وخصوصا غير المرخص منها والتي تتخذ من البيوت السكنية مكاتب ومراكز دعوية لها، كما تستخدم هذه البيوت كمخازن لجمع الملابس المستعملة وفائض الأغذية وبيعها، والتي لا يعرف أحد إلى أين ينتهي ريع بيعها. وقد حصرت البلدية الجهات المخالفة فوجدت أن العدد يبلغ 62 بيتا مخالفا في السالمية والجابرية وسلوى والرميثية، مما يعني أن العدد الإجمالي في الكويت يزيد بكثير على الألف بيت وسرداب مخالف. وفي السياق نفسه أكدت وزارة الكهرباء، في الحكومة نفسها، بأنها ستقوم بقطع التيار الكهربائي عن بيوت السكن الخاص التي تشغلها أنشطة مخالفة، كالجمعيات الدينية، وأنها تقوم بهذا العمل تطبيقا للقانون ليس إلا. ولكن الإدارة العامة للتحقيقات، وأيضا في الحكومة نفسها، رفضت التجاوب مع طلبات بلدية الكويت في ما يتعلق بإصدار أذونات دخول لتلك العقارات المخالفة في تلك المناطق، ومنها مقرات لأحزاب وجمعيات دينية مسيسة. وربما يعود ذلك لنفوذ هذه الجمعيات المستمد من نفوذ من يقف وراءها وشراستهم في مقاومة مختلف الضغوط الحكومية المحلية، وحتى الأميركية، عليها لمعرفة كيفية إدارة هذه الجمعيات لأوضاعها المالية!
وهكذا نرى شتاء وخريفا وصيفا وربيعا تحت سقف واحد في حكومة واحدة في لحظة واحدة! فمتى ينتهي هذا التخبط وتشد الحكومة من عزمها، وتنهي هذه المخالفات الجسيمة مرة واحدة، وإلى الأبد؟ وإلى متى ترضى الحكومة بوجود حكومة ظل دينية تتحكم في أمزجة الناس وأهوائهم بسبب ما تيسر لها من سعة مالية غير خاضعة لأية رقابة؟
ملاحظة: يستحق الكثير من رجال الكويت وسيداتها الإشادة بجهودهم لمختلف خدماتهم، وبسبب الظروف الراهنة ربما يكون الفريق المتقاعد محمد البدر، رئيس لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، على رأس من يستحق الإشادة والشكر لدوره في تحقيق حلم طالما راود الكثيرين في التخلص من مئات آلاف المخالفات والاعتداءات على أملاكنا جميعا. لقد عمل الرجل بهدوء وأمانة وحرص، وكان مثابرا ولم يلتفت الى كل صراخ واحتجاجات الغوغاء من المتضررين وترفع عن الرد على إساءاتهم الى شخصه ومكانته. ولو قلنا ان صموده ونجاحه لم يكونا ليتحققا لولا مساندة ودعم القيادة السياسية لما أخطأنا، ولكن مثابرته وإصراره على إنهاء ما بدأ به أمر يحسب له، فكثيرون كانوا سيستقيلون من هذا العمل لو نالهم نصف ما ناله من إساءة وتجريح واتهام، مما كان سيتسبب في وقف مشروع الإزالة لعشر سنوات أخرى.تحية للفريق البدر والشكر له على عظيم جهوده.
أحمد الصراف
مانشيت المليفي والقلاف
الحديث عن الحكومة المتكرر وضعفها الأبدي، أصبح لتكراره مثل «الطق في الميت»، ونحن لا نعاني من نقص في الذنوب، ولسنا بحاجة إلى «حرام» إضافي… تمام، إذاً صلوا على خير البشر، وتعالوا لنتحدث عن الحلقتين اللتين استضفت فيهما الفاضلين المليفي وسيد القلاف في برنامج «مانشيت»…
بدءا، الفرق ما بين المليفي والقلاف، برأيي كمُحاور، هو في الاستعداد للحلقتين، فالنائب المليفي شاطر جدا حتى أثناء ارتكابه للجناية، فهو يرتدي القفازات ويمسح الآثار من خلفه، ويتنقل بأربع سيارات، يركن إحداها في مواقف تحت الأرض، وهو يستخدم سبعة أسماء مستعارة في التنقل وتسعة جوازات سفر، ولذلك تتطلب محاورته في الميدان التأكد من صلاحية حد السيف الذي تحمله، ومتانة الدرع التي ترتديها، وقدرة الحصان الذي تمتطيه على المناورة في أقل من جزء من الثانية، فأمامك مناور عجنته الحروب والمعارك، ومقاتل يعرف «من أين تؤتى الغنائم»… أما النائب السيد حسين القلاف مع التقدير لشخصه فلا تحتاج لمحاورته أكثر من سكين مطبخ وقليل من البهارات والملح، وبالهناء والشفاء. ولا تنسَ أن المعدة هي بيت الداء، فلا تأكل أكثر من حاجتك، وقد أعذر من أنذر. متابعة قراءة مانشيت المليفي والقلاف
السخرية من الأوضاع المالية
ما ان تحل الكوارث التي تبكي الحجر وتفجع القلوب حتى يحولها البعض الى نكات وقضايا ساخرة تسيل الدمع من الأعين، في بلداننا العربية تعتبر «الغرز» و«الحشاشين الفاضيين» المصادر الرئيسية للنكت، وفي اميركا تعتبر الحانات والمخمورون مصادر التندر والسخرية.
مع ضخ 700 مليار لتنشيط الاقتصاد الاميركي رفع الخبراء الاقتصاديون للرئيس تقريرا جاء فيه ان تلك المليارات لو اعطيت للشعب الاميركي كي يشتري بها السيارات فستنتهي في ألمانيا واليابان واذا استخدمت لشراء النفط فستذهب للعرب واذا ما تم الشراء من محلات «وول مارت» الشعبية الشهيرة لذهبت للصين وان اشترى بها كمبيوترات لذهبت لتايوان، واما شراء التلفزيونات والالكترونيات فسيجعلها تذهب لكوريا وسنغافورة، كما ان شراء الخضار والفواكه سينتهي بها في المكسيك وغواتيمالا، لذا فالحل الافضل لتنشيط الاقتصاد هو ان يتم صرفها في الحانات فالجعة هي الشيء الوحيد الذي مازال يصنع في اميركا.
وطرفة أميركية اخرى تقول ان المستشارين الماليين في الوول ستريت رفعوا تقريرا محاسبيا قالوا فيه ان المواطن الاميركي لو استثمر ما قيمته الف دولار قبل عام بشراء اسهم شركة دلتا للطيران لأصبحت الآن 49 دولارا، ولو اشترى بها اسهم شركة فاني ماي العقارية لأصبحت 2.5 دولار ومع شركة التأمين الاميركية لأصبحت 15 دولارا، اما لو اشترى بها جعة خلال العام وشربها وباع علبها الفاضية لمصانع اعادة تصنيع الألمنيوم لحصل الآن على 214 دولارا، لذا فالاستثمار الأمثل للمواطن الاميركي هو ان يجلس في الحانات يشرب الجعة ويبيع العلب.
وكنت في السيارة في الطريق لسيتي ستار في مصر لحضور مؤتمر مؤسسة الفكر العربي مع جمع من الاصدقاء عندما استمعنا من الراديو لقرار وزير الاستثمار بتوزيع اسهم 153 شركة عامة مجانا على المواطنين المصريين الراشدين، اي ما فوق 21 سنة، ما جعل المستفيدين يتجاوزون 41 مليون مواطن وقد استمعت على الفور الى التعليقات التالية.
الأول قال ان الجمعية العمومية لتلك الشركات يجب ان تعقد في صحراء سيناء كونها المكان الوحيد القادر على استيعاب تلك الاعداد الملايينية من المساهمين، الثاني تكلم عن كيفية معرفة اكتمال النصاب من عدمه عند انعقاد الجمعية العمومية السنوية، الثالث تساءل عما سيحدث حال فتح باب النقاش وعمن سيعطى الدور للحديث، اما الصديق الرابع فقال ان المصيبة هي عند قفل باب النقاش وبدء عملية عد أصوات الموافقين والمعارضين لتقرير مجلس الإدارة وعما سيجري عندما يطعن مساهم «نحيس» بالنتيجة ويطالب بإعادة التصويت.
آخر محطة:
احرص على ان يكون مقال الخميس أي نهاية الاسبوع مختلفا عن مقالات الايام الاخرى إما عبر المقال المعلوماتي او التطرق لقضايا تاريخية من زوايا مختلفة او حتى تخصيص المقال للقضايا الخفيفة والباسمة، ومن ذلك مقالنا الذي كتبناه قبل اسابيع عن الصديق العزيز احمد المسلماني والذي اخذه البعض بجد واعتقد ان ذلك الاعلامي اللامع هو احد اكبر اثرياء مصر فاصطفت جموع رجال الاعمال امام بيته تبحث عن السيولة المالية في زمن الجفاف، قديما قيل «الصيت ولا الغنى» وأشهد ان المسلماني يملك الاول اي الصيت والسمعة الحسنة ولا يملك الثاني، او على الاقل ليس بالقدر الذي ذكرناه في المقال، يعني أكملوا الاصطفاف!
الأزمتان: بحرينية كويتية!
لا أظن أنه من قبيل الصدفة، أن تعصف أزمة خلاف بين الحكومة والبرلمان في الوقت ذاته وفي البلدين الخليجيين الوحيدين اللذين لديهما مجلسان تشريعيان منتخبان! ولربما لو كانت هناك دولة خليجية ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة لديها برلمان منتخب… أقول لربما… وجدنا دول الخليج كلها مشتعلة لخلافات بين الحكومات وبرلماناتها ولربما في التوقيت ذاته أيضا، والسبب في ذلك كله من وجهة نظري المتواضعة، هو لأننا لسنا «ديمقراطيين» ولسنا سوى «حمالية» لشعارات الديمقراطية وحسب، وأرجو المعذرة لاستخدام هذا التعبير!
وبالطبع، ليست الأزمات التي تعصف بين الحكومتين والبرلمانيين تظهر فجأة! فهناك تطور مرحلي في الخلاف لكنه سريع، ولا يمكن لأي أحد كان أن ينكر نضج التجربة البرلمانية الكويتية وتميزها وسمتها الرئيسة وهي تراكم الخبرة، لكن المشكلة تكمن في (المخفي من أجندات)، سواء كان ذلك في البحرين أو في الكويت، وغالبا ما تكون بدوافع صدامية بين الجهتين تارة، ولأسباب طائفية تارة أخرى، ولوجود أطراف تريد حقا إزهاق روح الحياة النيابية.
وفي الأزمتين، ومن حسن الطالع، أن الحكومتين البحرينية والكويتية، أثبتتا أنهما قادرتان على احتواء مثل هذه الخلافات والأزمات، فيوم الثلثاء الماضي، وفي زيارة مفاجئة قام بها رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى مجلس النواب، كان يوما مهما قطع الكثير من نزاع القوم والمخاوف التي ظهرت في غضون الأسبوعين الماضيين والتي وصلت لدى البعض إلى وضع احتمال حل البرلمان بسبب تغيب الوزراء عن حضور جلسات المجلس وبسبب أيضا الأداء البرلماني المترهل، وقد أعلن سمو رئيس الوزراء أنه ليس هناك أي قرار بعدم حضور الوزراء جلسات المجلس…
إذا، وضعت زيارة سمو رئيس الوزراء النقاط على الحروف، ولا يمكننا إلا أن نراقب دور الانعقاد كاملا لنعرف النتائج.
أما في دولة الكويت، فقد تعقدت الأزمة السياسية بعد رفع استقالة الحكومة إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إثر مواجهة مع مجلس الأمة على خلفية السماح للسيدمحمد باقر الفالي، المتهم بشتم الصحابة، إلى البلاد، والمطالبة باستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد، فقد انسحب أعضاء الحكومة من جلسة يوم الثلثاء الماضي، لكن سمو الأمير قرر تأجيل النظر في قبول استقالة الحكومة.
خلاصة القول تنضوي تحت هذا التساؤل: «هل يعقل أن يكون مصير العمل البرلماني في البحرين والكويت واقعا تحت احتمال (الحل) أو (تجميد الدستور)؟»، وإذا أردتم إجابتي فسأقول: طالما أن هناك عدم توافق وتفاهم بين الحكومة والمجلس التشريعي، وطالما هناك تغييب قسري للمصلحة الوطنية، فستكون هذه الأزمات مستمرة، ولن ننال نحن كمواطنين، سوى المزيد من الإحباط وستذهب أحلامنا في التنمية والرفاهية وتحسين مستوى المعيشة وتطوير التشريعات والأنظمة أدراج الرياح. لكن لابد من القول: إن مبادرة سمو رئيس الوزراء، أزالت الكثير من الغموض وأزاحت الكثير من التكهنات والمخاوف المحيطة بالتجربة البرلمانية، وهذه مبادرة تحسب لسمو رئيس الوزراء في وقت أصبحت فيها الملفات في البلد متشعبة ومعقدة تعقيدا لا يمكن فكه بسهولة…
ويبقى الأمر مرهونا بما ستأتي به الأيام المقبلة.
بعيدا عن الأزمات
أمامك 24 ساعة وإلا..!
علينا هذه المرة أن نتوقف عند ما يحدث لدينا من أزمات سياسية متلاحقة منذ 20 عاما، استقالت خلالها عدة حكومات وحلت على أثرها عدة مجالس نيابية وأبعد كجزء من استحقاقاتها العديد من الوزراء ولم تنته للحظة تلك الأزمات والمشاحنات السياسية التي أوقفت حال البلد وجعلتنا «فرجة» للخلق.
ويتحدث البعض في كل مرة وكل أزمة عن أن الاستجواب هو أداة دستورية وكأن الدستور لا يحتوي الا على المادة 100 المختصة بالاستجواب فقط لا غير، وينسى هذا البعض أن تلك المادة تسبقها المادة 50 التي تنص على فصل السلطات و«تعاونها» وليس من التعاون في شيء التهديد والوعيد و.. أمامك مهلة 24 ساعة وإلا..
لقد بدأت أعمال الفصل التشريعي الحالي – للتذكير – أواخر شهر مايو الماضي وتلاه عطلة صيفية جاوزت اربعة أشهر، لذا فإن العمل الفعلي للحكومة ولمجلس الأمة الحاليين لا يتجاوز أسابيع قليلة، ومع ذلك انتهى الحال بالأزمة الخانقة الحالية التي أدت الى استقالة الحكومة، ان الاكتفاء بحكومة ومجلس جديدين يحلان الاشكال كونهما جربا مرارا وتكرارا في الماضي وقد حان الأوان لأن نتداعى جميعا لخلق حلول مؤسسية تمنع تكرار منهاج الازمات التي تلد أزمات، التي أصبحت كأنها تعويذة شريرة لا فكاك منها.
ومن ذلك الحاجة لخلق دورات تعريف وتثقيف في العمل السياسي للنواب وحتى للوزراء الجدد كما هو الحال في البرلمانات المتقدمة حتى لا يتسبب النائب الجديد وفهمه الخاطئ لبعض مواد الدستور في أزمات فادحة الأثمان يدفعها الوطن والمواطنون غير السعداء بما يجري أمامهم، كذلك يجب أن يوضح المحاضرون للقادمين الجدد للعمل السياسي أن أصول اللعبة السياسية والاعراف الراسخة للديموقراطية تقوم على معطى الحوار الدائم وإبداء حسن النوايا وطلب الممكن لا الحلم بالمستحيل.
إن الحاجة باتت ملحة وضرورية لأن تتم اعادة النظر في أداة الاستجواب عبر تجارب السنوات الماضية، وان تخلق لجنة قيم تحاسب النائب المخطئ، فقد بدأ الإشكال الحالي على سبيل المثال نتيجة لتوسط أحد «النواب» لإدخال شخص عليه قيود أمنية، كما تواترت الأنباء عن مصالح وأموال متداخلة في الإشكال الحالي، فإلى متى يعامل النائب وكأنه شخص معصوم لا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه؟!
ومما نحتاج اليه ضرورة خلق رقابة مالية شديدة ومغلظة محاربة للفساد المالي والاداري لدى منضوي السلطات الثلاث، وأن يمنع الجمع بين التجارة والنيابة بعد أن أصبح دخول المجلس مفتاحا لتمرير المصالح وللإثراء الفاحش غير المشروع والتي بات يعلم بها الصغير قبل الكبير.
الزغروطة أهون
الحكومة كعادتها «تسوق علينا» الدلال وتلتزم الصمت في أحلك وأعلك الظروف، ولم تنبس بأي نبسة رغم كل هذه الحرائق التي أشعلتها بيديها الكريمتين. يبدو أن صوتها عورة. طيب فلتكلمنا من وراء حجاب، وبحضور محرم، أو يا أخي إذا كانت الحكومة لا تقوى على الاستجوابات ولا المقابلات التلفزيونية ولا المؤتمرات الصحافية فلتصرح لنا كتابة عن طريق وكالة الأنباء الرسمية، كونا، باستخدام اكليشتها الغثيثة، «صرح مصدر مسؤول». المهم «سمّعينا» يا حكومة أي شيء حتى لا تنتشر الإشاعات في هذا الجو الرطب، طيب سمّعينا زغروطة على الأقل، أو سمعينا الصلاة على النبي، أي شيء في هذه الأزمة المباركة، ونذر علينا أن نرده لكم حين ميسرة. متابعة قراءة الزغروطة أهون
ماذا يفعل الخاسر بالأسهم؟!
وارن بفت هو أغنى رجل في العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من مائة مليار دولار صنعها جميعا من تجارة الاسهم، ويقال إن من وضع 10 آلاف في شركة بفت للاوراق المالية عند بدئها تحولت الآن الى 300 مليون دولار، سئل السيد بفت قبل مدة قصيرة عن النصيحة التي يقدمها هذه الايام فقال «باي، باي، باي» ولم يقصد بتلك الكلمة «Bye» وداع الاسواق، بل الشراء Buy منها.
ولبفت نصائح عدة للشراء منها ألا تشتري سهما لم تقم بعملية بحث حقيقي عنه، كما يحذر من الافراط في التنويع ومن عمليات الشراء المتأخر أو البيع المبكر ويطلب الا تهتم بخسائر الفترة القصيرة، وان تشتري السهم الواحد وكأنك تشتري الشركة بأكملها، وأن تحرص على أن يكون للادارة القائمة على الشركة حصة كبيرة وفاعلة فيها، كما ينصح بأن تدفع دائما سعرا معقولا في السهم، فأحسن شركة في العالم يعتبر شراء اسهمها صفقة خاسرة اذا ما اشتريتها بأسعار اكثر من قيمتها.
وقد يكون لنصيحة الشراء لا البيع من أغنى رجل في العالم اسباب عدة منها ان البيع يحول الخسائر غير المحققة الى خسائر قائمة، كما أنه يساهم في خفض مؤشرات الاسواق ومن ثم زيادة الخسائر، اضافة الى ان وضع الاموال بعد تلك الخسائر في ودائع نقدية ذات عوائد منخفضة يعني ان الخاسر سيحتاج الى قرن من الزمن ليسترد ما فقده في الكارثة الحالية بعكس البقاء والشراء المدروس من السوق.
في عام 82 حدث انهيار المناخ واعتبر الناس ان الاسهم – كالحال هذه الايام – هي ورق لا قيمة له، لذا تم بيع اسهم شركة الاتصالات «زين» بـ 800 فلس للسهم، رغم أن سعر اكتتابها آنذاك كان بـ 1.100 دينار، اي ان قيمة 50 الف سهم كانت بـ 40 الف دينار، جزئت الاسهم بعد ذلك وتحولت 50 الف سهم الى 500 الف سهم، اصبح سعر الواحد منها بـ 4 دنانير اي ما مجموعه 2 مليون دينار، واذا ما اضيفت لها المنح والارباح لتحول مبلغ الـ 40 الفا المستثمر إلى 4 ملايين دينار لاحقة عبر – فقط ـ الاحتفاظ بأسهم التأسيس تلك.
وبالقطع هناك فرص مماثلة هذه الايام في العديد من الشركات التي اصبحت تباع بأقل من قيمتها الدفترية أو التأسيسية أو حتى من قيمة السهم فيما لو وزعت اصولها على المساهمين، وقد يكون اقرب مثال لما سبق هو سهم شركة «زين» السعودية التي تأسست قبل 6 اشهر في اكتتاب عام بسعر تأسيس هو 10 ريالات وبيعت في حينها بـ 25 ريالا، الا انها تباع هذه الايام بسعر التأسيس أي 10 ريالات، وهناك مقترح لتجزئة السهم لعشرة فيما هو اقرب مستقبلا للمثال الوارد في الفقرة السابقة.
ان الاستثمار في قطاع الاتصال والمعرفة وعلوم المستقبل هو الامثل حيث يقول السيد بفت انه أيّاً كان مستوى الركود الاقتصادي فسيبقى الانسان في حال اتصال بالآخرين ويملك هاتفا للبحث عن عمل وغيره (أسهم شركات الاتصالات) مع معرفة ان شركات المعرفة والاتصالات لا تحتاج الى مواد خام باهظة الثمن أو عمالة كبيرة، أي المصانع والمزارع وقطاع العقار، بل يقوم عملها على ركوب الهواء وبيع الكلام وهما أرخص مواد خام متوافرة هذه الايام على الارض.
آخر محطة:
نرجو ألا نبقى بعد الكارثة الاقتصادية الحالية على طمام المرحوم والا يعود السوق الكويتي الى سابق عهده مرتعا للسرقات وتكوين الثروات غير المشروعة دون خوف أو محاسبة.. وشبعنا طراقات ولم نتعلم!