سامي النصف

في رحاب الديار المقدسة

عدت يوم الاربعاء صباحا لأرض الوطن لألتحق عصرا بالصحبة الطيبة التي قادها كعادته كل عام الصديق عبدالعزيز البابطين لأداء مناسك العمرة المباركة ولقاء كبار المسؤولين السعوديين، وقد حان موعد الافطار في الطائرة مما أعاد للاذهان الحاجة الماسة لفتوى موحدة للمسلمين أجمعين حول كيفية تحديد موعد الافطار لمسافري الطائرات، أي هل يعتمد على مغيب الشمس أم مواعيد الدول المحلق فوقها، ام الدول التي تم الامساك على مواعيدها ام دول الوصول؟

وما يقوم به السيد عبدالعزيز البابطين من جهد طيب لتعزيز العلاقات على مستوى الشعوب وجعل الثقافة تصلح ما تفسده السياسة أحيانا، وذلك عبر القيام بمثل تلك الزيارات، ومثلها اقامة الندوات واللقاءات والمحاضرات وتبني دراسة الطلبة العرب والمسلمين هو امر يستحق الدعم والمؤازرة عبر تذليل العقبات امامه، فنحن مازلنا بلدا صغيرا يعزز من كينونته وبقائه الابدي حسن علاقاته بالآخرين.

واثناء الرحلة الى جدة روى لنا الاخ الفاضل عبداللطيف الروضان تفاصيل لقاء جدة المهم الذي عقد بين الشيخ سعد العبدالله رحمه الله والوفد الصدامي عشية ليلة الغدر عام 90 وكان الرأي ان محاضر ذلك اللقاء يجب ان تكتب وتحفظ للتاريخ كونه أحد أهم اللقاءات التي عقدت بتاريخ الكويت والتي تظهر حقائقه كما رواها شاهدها الاخ بوعبدالله، ان وفدنا لم يقصر على الاطلاق في مقارعة الحجة بالحجة والوقائع بالوقائع والأرقام بالأرقام التي تظهر أن الطرف الآخر هو من كان يتعدى على أراضينا، وهو من كان يسرق ويبيع النفط بأقل من أسعاره المعلنة.

وبدأنا أداء مناسك العمرة وكان الامر ميسرا رغم كثرة اعداد الزائرين، وقد ساعد الجميع على اداء المناسك انتهاء العمل بتوسعة المسعى، وقد سعدنا ونحن هناك بسماع الانباء عن اعمال التوسعات الجديدة للحرم المكي الشريف والبدء بأعمال وقف الملك عبدالعزيز (2) الذي سيوفر الموارد المالية وبشكل دائم للصيانة والتوسعة المستقبلية للحرم دون الحاجة لعوائد النفط المتغيرة، كما بدأت عملية ترسية المناقصات في مشروع نقل القطارات لأداء مشاعر الحج.

ومما يستغرب له ان يرجع المعتمر أو الحاج من الديار المقدسة ويستمر في اي ممارسات سيئة كان يقوم بها قبلها اي ان يذهب من اعتاد الغش والكذب والخداع والقسوة والفحش ويعود لها حال عودته لبلده، اذ بإمكان امة الاسلام ان تعكس واقع (خير أمة أخرجت للناس) فيما لو فهمت معنى ومغزى زيارة بيت الله الحرام من قِبَل الملايين وجعلته وسيلة للتخلص من العادات المذمومة دينيا وانسانيا كي يصبح المسلم هو القدوة الحسنة في مكارم الاخلاق بين الأمم.

آخر محطة:
الشكر للاخ الفاضل بسام الفهد على الكلام الطيب الذي خطه قلمه في زاويته الاخيرة بجريدة الوطن الغراء، والذي يجعل الزوايا والمقالات مجالا لتأليف القلوب لا تفريقها وتشتيتها، والشكر كذلك لكل من اتصل داعما موقفنا في لقاء الاتجاه المعاكس الاخير ودمتم.

احمد الصراف

فاقد الشيء لا يعطيه

«…جئنا لنسهم في صنع نهضة فكرية وعلمية تتخذ من الكويت مركزا تشع منه على الجوار الاقليمي، والمحيط الاسلامي، ومن بعدها ما يتيسر من أرجاء المعمورة».
وردت الفقرة أعلاه في بيان السيد عصام البشير، الأمين العام السابق «المركز العالمي للوسطية»، الذي حاول فيه الدفاع عن نفسه وعمن وقف معه وشرح أهداف المركز الذي تولى أمانته لأكثر من 3 سنوات. ومن صدق ان بإمكان عصام البشير ومعه وزارة الأوقاف وميزانية لا تتعدى عشرة ملايين دينار، تحقيق، ولو عشر ما ادعاه، من نهضة فكرية وعلمية تشع من الكويت على الجوار الإقليمي والمحيط الإسلامي وأرجاء المعمورة، فلا شك أنه واهم، أو في عقله خلل!!

قص السيد عصام البشير، الحق من نفسه واستقال من منصب «الخبير» في ديوان وزير العدل، وخيرا فعل، فقد يكون قراره هذا الوحيد الذي يستحق الثناء خلال أكثر من ألف يوم عمل فيها أمينا عاما للمركز، الذي تخب أهدافه على شخصه الفاضل وعلى الكويت كثيرا. أما بيان إبراء الذمة الذي أصدره، بعد استقالته، ففيه من الإدانة لشخصه وللجمعيات الدينية المناوئة والمؤيدة له ما يكفي لملء صفحات عدة للرد عليه، ولكن بما أنه مغادر فإننا سنكتفي هنا بما ذكرناه، ونمتنع عن الكتابة عنه أو عن بيانه بعد الآن بالنقد أو التجريح.
وبهذه المناسبة نتمنى على السيد حسين الحريتي، وزير العدل، عقد العزم والتخلص من «المركز العالمي لنشر الوسطية»، المنبثق عن «اللجنة العليا لتعزيز الوسطية» الهلامية الأهداف، وإعادة توجيه ما يصرف على المركز واللجنة من أموال وجهد لما هو أكثر نفعا وجدوى. فهذا المركز العالمي العجيب لم ولن يحقق شيئا، ولم يستفد منه، ماديا ومعنويا، غير الذين حاموا وداروا حول أمينه السابق، من وكلاء الأوقاف وغيرهم من منظمي رحلات السفر والحفلات والولائم ولا شيء غير ذلك. فما عجزت عنه 55 دولة عضوا في «منظمة المؤتمر الإسلامي»، الذي تأسس قبل 40 عاما، لن تستطيع الكويت القيام به، وهي التي لم تكتف حتى بحاجتها من الأئمة والمؤذنين! وقد فشل المركز العالمي، كما فشلت منظمة المؤتمر الإسلامي من قبله في تحقيق شيء لأننا، وببساطة شديدة، لا نستطيع أن ننطلق لتحرير القدس ونشر الوسطية والمناداة بالاعتدال عندما نكون متطرفين في بيوتنا وداخل دولنا ومتفرقين بعضنا بين بعض وداخل الأسرة الواحدة والوطن الواحد، وأبعد ما نكون عن الاعتدال داخل نفوسنا، دع عنك مع الآخر الذي نصفه تارة بالنصراني وأخرى بالكافر أو الزنديق أو العلماني الليبرالي! ولم نتعلم حتى الآن أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، فالغالبية العظمى من دولنا الإسلامية الأعضاء في المؤتمر الإسلامي، الذي تأسس عام 1969 من 55 دولة، لم تعرف شعوبها الحرية والديمقراطية الحقيقية ولو ليوم واحد، ولا تزال تحكم بالحديد والنار! فكيف يمكن لمثل هذه الأنظمة نشر الوسطية، أو تقبلها، أو المناداة بالاعتدال؟ وأن يكون بإمكانها استرداد القدس وإنشاء دولة فلسطين أو إقناع العالم بصواب رسالتنا وسلامة نوايانا ونبل أهدافنا، في الوقت الذي نعرف فيه جيدا أن رسالتنا ليست واحدة ونوايانا غير سليمة، وبالذات اتجاه بعضنا، أما نبل أهدافنا فتلك قصة أخرى.
ما نحتاج إليه حقا، هو اهتمام كل دولة بنفسها في المرحلة الحالية، فطالما أن كل جهة فينا صفر في المعادلة الدولية فإن تجمعنا، إن حصل، لا يعني إلا تجمع مجموعة أصفار! وما لم نتغير ونتبدل ونتقدم من الداخل، فلن يكون بإمكاننا إحداث أي تغيير في الخارج أو التأثير فيه!

أحمد الصراف