سامي النصف

هل يمكن لإيران أو العراق غزو الكويت؟!

لو فردت خارطة العالم أو قرأت تاريخه لوجدت بقرب كل دولة صغيرة دولة أكبر منها قد تكون غزتها أو تعدت عليها في حقبة تاريخية ماضية، كحال ألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وفرنسا واليابان.. الخ مع جيرانها الصغار، هذا الأمر لا يعني ان على الدول الصغيرة مثل بلجيكا أو ايرلندا أو پولندا أو كوريا أو استونيا ان تبقى في حالة رعب دائم من اعادة ذلك الاحتلال أو أن تحاول نفخ نفسها كالضفدع لإخافة جيرانها الكبار.

وعليه اعتقد ان الحديث عن خوف كويتي من التسلح العراقي في غير محله لأسباب عدة منها ان فارق العدد والمساحة ايا كان التسلح سيعطي دائما وأبدا العراق ميزة رئيسية على بلد صغير مسطح كالكويت، كذلك فقد حدد الدستور العراقي الجديد مهام الجيش بالدفاع فقط والعمل ضمن الأراضي العراقية، كحال ألمانيا واليابان بعد الحرب الكونية الثانية، اضافة الى محدودية قدراتنا في التحكم بعملية تسليح الجيش العراقي وحقيقة ان حدودنا معه ملزمة بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ان تسليح الجيش العراقي من قبل الولايات المتحدة كما هو معروف لحمايته من الجيران الآخرين ومنهم ايران التي افترض احد العسكريين الكويتيين السابقين انها ستغزو الكويت عن طريق البصرة لافشال الضربة الأميركية المرتقبة عليها، اي اننا امام موقفين متناقضين، فمن ناحية نطالب حلفاءنا بعدم تسليح العراق، اي اضعافه كي لا يحتلنا ومن ناحية اخرى نقول لنفس الحلفاء ان ذلك الاضعاف سيتسبب في اختراق ايران السريع لحدود العراق ومن ثم احتلالنا.

وكمبدأ استراتيجي وكنظرة واقعية لا مصلحة حقيقية لبلد صغير كالكويت ان يصدر عنه ما يسيء لعلاقاته بجيرانه كإيران والعراق أو حلفائه كالولايات المتحدة، عبر اساءة الظن المعلن بهم، كما لا يمكننا وضع العلاقة الأميركية – الكويتية بشكل يوحي وكأننا الطرف الأقوى فيها من حيث قدرتنا على فرض نوع تسليحها للعراق او كما اتى في احدى التوصيات التي ضمها مقال نشرته الزميلة «الوطن» بتاريخ 9/9 وكان نص التوصية: «اجبار الولايات المتحدة على تقديم معدات دعم هندسي ومدفعية ميدان….الخ». ولا اعتقد ان كلمة «إجبار» مناسبة.

كما أتى ضمن المقال نفسه الذي خطه احد المختصين حديث عن احتلال ايراني للكويت يسبقه احتلال ايراني لمدن البصرة والعمارة والفاو، اي افتراض قدرات عسكرية خارقة ستهزم الجيشين الاميركي والعراقي معا، إلا ان تلك القدرات الايرانية سيمكن صدها من قبل الجيش الكويتي بالتعاون مع كتيبة قوات خاصة اردنية وباكستانية وماليزية.

اننا أول من يحبذ خلق جميع انواع السيناريوهات العسكرية وحتى اكثرها جموحا ثم وضع الحلول الناجعة لها، إلا ان المكان الأمثل لتلك السيناريوهات هو الغرف «المغلقة» منعا للبلبلة او اساءة العلاقة بالآخرين، فلم نسمع قط بسيناريوهات عسكرية «معلنة» لدول صغيرة في اوروبا وآسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية تتحدث عن غزو جيرانها الكبار لها حيث ان الحديث المعلن في مثل تلك الأمور يضر أكثر مما ينفع.

آخر محطة:
 وافتراض ايران أن هناك مخطط ضربة عسكرية قادما لها لن يجعلها منطقيا تستبق تلك الأحداث بغزو العراق والكويت كون ذلك التعدي سيعطي المبرر الأخلاقي والقانوني للتعدي عليها، بل على العكس ستحاول خلق حالة طمأنة وسلام لجيرانها سحبا للبساط من تحت أقدام أعدائها.

احمد الصراف

فضيحة اللافتات.. والبشير

قامت جهة ما في إدارة المرور بتركيب لوحات أو جسور حديدية كبيرة على عدد من الطرق السريعة تضمنت علامات إرشادية ملونة على اليمين وكتابات وتعليمات باللغتين الانكليزية والعربية على اليسار.
لاحظ الكثيرون، ومنذ اليوم الأول، مثالب تلك اللوحات وخللها الواضح. فهي مثلا، على الرغم من كبر حجمها، فان مساحة ما خصص منها للعلامات والإرشادات صغير، مقارنة بما تبقى خاليا دون مبرر!!. كما أن حروف الكلمات الانكليزية والعربية التي كتبت بها تلك التعليمات صغيرة ولا تبدو واضحة من مسافة مناسبة وتحتاج لجهد وتركيز لقراءتها، أو فك رموزها الصغيرة، ولا تكاد تكمل قراءة ما هو مدون عليها حتى تجد نفسك تحتها بسبب طول بعض الجمل واضطرارك، فضولا أو تقيدا بالقانون، الى قراءتها كاملة، ولتكتشف أنها شتتت فكرك وانتباهك على الرغم من أنها تطالبك بـ«عدم الانشغال بشيء عن مخاطر الطريق أثناء القيادة»!!
المضحك، وربما المؤسف في الموضوع، أن كافة محاولاتي في الدفاع عمن اختار تلك اللوحات، التي عرفها الغرب قبل20 عاما، والتعلل بسوء فهم المسؤول وقلة الخبرة، وأنها الدفعة الأولى فقط، وربما ستكون اللوحات القادمة أقل عيوبا، كل هذه المحاولات باءت بالفشل، بعد أن أصر كل من فتح الموضوع معي أو اتصل بشأنها شاكيا على القول ان في المسألة سرقة وخراب ذمم، وان جهة ما استفادت بغير حق من توريدها وتركيبها، بعد أن «طاحت بكبد المصنع»!! فلا يمكن أن تقبل إدارة تحترم نفسها على شراء لوحات بكل هذه العيوب، إلا إذا كانت برخص التراب وتم توريدها بالأسعار العالمية، ناقص 10% مثلا، بعد أن رفضتها دولة أو دول أخرى لعيوبها الواضحة!!
وهذا المثال البسيط يبين أن الشك في صلاح الإدارة الحكومية وفي نظافة يد كبار مسؤوليها أصبح عرفا واعتقادا منتشرا بين غالبية المواطنين والمقيمين، وهو شعور لم يأت اعتباطا، فصحف كل صباح تمتلئ بأخبار الصفقات المريبة وقضايا الفساد الإداري والتسيب الوظيفي وحروب الكبار على الصفقات الضخمة التي بيد الصغار حق تمريرها والموافقة عليها، أو تأخير إنجازها…. طمعا في المقسوم!!

• ملاحظة:

أصدر الوزير العادل والفاضل حسين الحريتي قرارا طال انتظاره أعفى بموجبه «عصام البشير، عضو مكتب الحزب الحاكم في السودان، وأمين عام مركز الوسطية في الكويت، من مهام منصبه الهلامي ذي المزايا المادية العالية وألحقه بمكتبه كخبير»!!
ولا شك أن قرار الوزير واجه مقاومة كبيرة من نواب الحركة الدستورية، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، ولكن عدل الوزير، الذي نتوقع منه الكثير، تغلب على مطالب هؤلاء الذين وضعوا مصلحة الحزب وأتباعه فوق مصلحة الوطن، وهذا ليس بالأمر الغريب عليهم أصلا. وفي هذا السياق نلاحظ زيادة كبيرة فيما يضيع من جهد ووقت الوزراء في معالجة الأخطاء القاتلة، وخصوصا في التعيينات العشوائية التي «ارتكبها» من سبقهم، وما يجري في التجارة والعدل والأوقاف خير مثال.

أحمد الصراف