سامي النصف

حوار في الاستثمار عند الانهيار

استضافتنا احدى الفضائيات للحديث حول ما اسمته بـ «تدخل الاموال الخليجية لانقاذ الاقتصاد الاميركي»، وكان هناك ضيف كريم آخر اخذ يأمر وينهى في كيفية استخدام تلك الاموال، مما جعلني اذكّره بالقاعدة الغريبة التي ترى ان بلح الشام للشام وعنب اليمن لليمن وزيتون تونس لتونس ونيل مصر لمصر وجبال لبنان للبنان (وهي معطيات محقة)، الا نفط الخليج وعوائده واستثماراته فهي مباحة للجميع ان يتكلم ويتحكم فيها، وكأن اهلها قُصّر! وهو أمر لم نر شبيها له في الامم الاخرى، حيث لم نرقب قط الاميركان او الالمان او اهل اليابان يتحدثون في كيفية تصرف أهل كندا او لوكسمبورغ او كوريا بأموالهم.

وقد طلبت ان يعطى اهل الخليج بعض «الكردت» في انهم اهل حكمة وتعقل ويعلمون ما يفعلون حيث اننا نناقش كيفية التصرف بالفوائض المالية «الخليجية» والافضل ان نناقش لماذا لا توجد فوائض مالية لدى دول عربية اخرى نفطية كالعراق وليبيا؟ او غير نفطية، حيث ان اكبر الفوائض المالية في العالم تملكها دول خدمات لا نفط كحال سنغافورة وسويسرا والصين واليابان.. الخ؟ فكيف يصح عمل البرامج الحوارية للوم من احسن التصرف بثروات شعوبه وغض النظر عمن ضيع الثروات العربية في حروب خاسرة او دعما للارهاب العالمي وغيرهما من امور عبثية؟! وقد ذكر المحاور الآخر، وهو دكتور اقتصاد، ان الاموال الخليجية تزيد على 5 تريليونات دولار، وقد عقبت بان ما يقوله هو حجة عليه لا له، ففوائض معلنة بهذا الحجم تعني الكفاءة والذكاء والامانة في التصرف، فلماذا التباكي ومحاولة الوصاية علينا؟!

ومما ذكرته ان دخول الاموال الكويتية والخليجية ليس بقصد انقاذ الاقتصاد الاميركي، حيث تكفلت الحكومة الاميركية بضخ 700 مليار دولار في شريان الشركات، بل هي فرص استثمارية سانحة، حيث تقتضي الحكمة الشراء عند الانهيار ـ كما يحدث ـ والبيع عند الانتعاش القادم لا محالة، حيث لا يوجد ركود دائم بل دورات اقتصادية متعاقبة، واستغربت من تطابق تحفظ الخط الثوري العربي على الاستثمار الخليجي في اميركا مع تحفظ الدوائر المتشددة والقريبة من اسرائيل هناك.

كما تساءلت عن الاوعية البديلة في ظل استثمارات خليجية في الدول العربية تزيد على 60 مليارا، مستشهدا بتقرير الامم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) الذي يظهر ان الدول العربية مازالت تعاني بشدة من معوقات البيروقراطية والفساد والتطاحن السياسي غير العقلاني ومن ضمنها كتابات الضيف الآخر التي تسوّد صورة الاستثمار في بلده وتتهم المستثمرين العرب بكل الموبقات، واستشهدت كذلك بتقرير مشترك لمجلة «الايكونيمست» وبرنامج كولومبيا العالمي الذي يظهر ان الدول العربية الاكثر استقطابا للاستثمار الاجنبي خلال الاعوام الخمسة المقبلة، هي بالترتيب: قطر، الامارات، الكويت، السعودية والبحرين، وتساءلت: اين الدول العربية الاخرى ولماذا لا تنجح في خلق بيئة جاذبة لا طاردة للاستثمار؟!

وطالبت، كتصحيح للاوضاع العربية، بان يُقتدى بالصين وروسيا والهند والاتحاد الاوروبي ودول شرق آسيا ودول الخليج التي لا تجعل تباينها السياسي مع الولايات المتحدة يؤثر على تبادلها الاقتصادي معها القائم على قاعدة «WIN – WIN» الجميلة، واستحضرت ظاهرة غريبة اخرى ننفرد بها وهي ان من لا يملك حدودا مع اسرائيل يطالب بشن الحرب عليها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه وعدم بيعه ومن لا يملك الفوائض المالية يقرر ايا من الدول يجب ان تستثمر بها، حقيقة: لماذا لا يتحكم كل طرف فيما يملكه لا ما يملكه غيره حتى لا نصبح كمن يتصدق بمال جاره؟

آخر محطة:

نشرت جريدة «الوول ستريت» قبل ايام حجم خسائر الصناديق العالمية المختلفة في انهيار الشركات الاميركية، وقد ثبت ان الهيئة العامة للاستثمار ومعها صندوق التحوط البريطاني هما الاقل تضررا، حيث لم تتجاوز الخسارة الكويتية «المؤقتة» 300 مليون دولار في صفقة «ميري لينش» التي اشتراها البنك الاميركي، والمتوقع ان تشهد ارتفاعا قريبا نظرا لما لتلك الشركة من سمعة عالمية وتاريخ حافل، ولم تشر الصحيفة لارباح محققة للصندوق جاوزت 800 مليون دولار في صفقة «الڤيزا كارد».. عفارم! نشارك الليلة (الثلاثاء) الساعة الـ 10 في حلقة جديدة من برنامج «الاتجاه المعاكس» للحديث حول الانظمة العربية، في محاولة متواضعة منا لتعديل مسار العقل العربي لمزيد من الحكمة والعقلانية والبعد عن الثورية البغيضة، ومن يود معرفة تأثير قناة «الجزيرة» وبرنامج «الاتجاه المعاكس» فعليه ان يرى ردود الفعل التي تصلنا والتي تكتب في الصحف والمنتديات من المحيط للخليج في الايام التي تلي عرض البرنامج.

احمد الصراف

شركات الهاتف وقضية تيمبرلاند

أوردت وكالات الأنباء خبراً مهماً تعلق بقيام شركة تيمبرلاند Timperland الشهيرة لصناعة الأحذية بتسوية قضية تعويض خارج المحكمة ودفع مبلغ 7 ملايين دولار لرجل أعمال أميركي مقابل تنازله عن دعواه بالتعويض نتيجة قيام الشركة بمضايقته وتضييع وقته باصرارها على ارسال رسائل نصية قصيرة لهاتفه النقال لتسويق منتجاتها، وكيف أن تلك الرسائل كانت تأتيه وهو في ذروة انشغاله بأمر ما عارضة عليه شراء زوج من الأحذية، وهذه الرسائل التافهة لا تتسبب فقط في تشتيت انتباهه وتضييع وقته، بل وتشكل تعدياً على حقوقه وخصوصياته!
ما يجري في الكويت، وربما في دول الخليج الأخرى، من استهتار بخصوصيات الناس والتدخل في حياتهم واجبارهم على قراءة اعلانات لا يرغبون في الاطلاع عليها أمر مثير للحيرة.
فالأصل أن من حق المشترك قبول أو رفض أي رسالة أو مكالمة ترد إليه. ولكن الواقع خلاف ذلك تماماً، فهو يجبر ليلاً ونهاراً، وفي أي ساعة، على استلام وقراءة رسائل من أي طرف كان ولأي موضوع، سواء تعلق ببيع غسالات صحون أو الدخول في سحب لرحلة عمرة، أو حتى لجمع تبرعات لمصلحة صندوق «خالد المذكور»، الذي وردني منه قبل أيام متضمناً رقم هاتفه النقال والمميز! إن الفضول البشري يجعل من الصعب مقاومة قراءة أي رسالة ترد الواحد منا، وهذا هو الجانب النفسي الذي يقوم المعلن باستغلاله والاعتماد عليه. ولكننا لا نكون في جميع الأحوال في وضع يسمح لنا بقراءة أي شيء وتخزينه أو شطبه، فقد يكون المتسلم نصف نائم أو مشغولاً بمحاضرة أو على وشك اتمام صفقة أو غير ذلك، ولكنه غير قادر على تجاهل أي رسالة ترده لسبب عائلي أو مادي، وبالتالي يصدم وينزعج كثيراً عندما يكتشف أن الأمر لا يزيد على دعاية رخيصة فرض عليه قراءتها!
نتمنى قيام شركات الهاتف المعنية بتنظيم هذه العملية وعدم تركها عائمة كما هي الآن. كما نتمنى على الشركات المعلنة أخذ موافقة المشتركين قبل ارسال أي رسالة نصية لهم تتعلق بترويج خدمة أو بضاعة أو فكرة ما، لكي لا يتعرض أي طرف لما تعرضت له شركة «تيمبرلاند» من خسارة مادية ومعنوية ودعائية.

ملاحظة:
قرر مجلس نقابة العاملين في الموانئ، الذي حل مكان المجلس السابق الذي لم يكن يحوز رضا ورعاية رئيس المؤسسة، قرر عقد جمعية عمومية في 7-10 لتحديد موعد اضراب العاملين فيه من أجل الضغط على وزير المواصلات والخدمة المدنية ومجلس الوزراء لاقرار الكادر الوظيفي الجديد للعاملين في المؤسسة!
وهذه حالة فريدة من نوعها حيث ان رئيس المؤسسة، الذي يفترض وقوفه في الجانب الحكومي، قد يكون من مؤيدي تنفيذ الاضراب، وربما من المحرضين عليه!

أحمد الصراف