مازال العالم الإسلامي، كما تؤكد مؤتمرات ولقاءات حوار الأديان، يحاول جاهداً أن يقول للعالم بأن الإسلام دين دعوة حسنة، وانه دين حرية ودين قناعة واستسلام لله لمن يشاء. لهذا تأتي دعوات القتل والإعدام، كما حصل مع فتوى الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية، بحق ملاك الفضائيات العربية لتؤكد الصعوبات التي يواجهها العالم الإسلامي في سعيه إلى تطبيق سلطة القانون قبل سلطة الفتوى، وفي سعيه إلى احترام حقوق الآخرين وحق الاختلاف، بعيداً عن التهديد بالقتل. متابعة قراءة دعوات القتل… تشويه لصورة الإسلام
اليوم: 22 سبتمبر، 2008
الكويتيين زينين
من منّا لا يسمع هذه العبارات وغيرها كل يوم وفي كل ساعة بشكل أو بآخر في بلدنا الحبيب الكويت، وبالطبع فإنني أتمنى أن يكون هذا الكلام كله صحيحا لأنني في النهاية ابن الكويت، وأتمنى أن أعيش وأكون من المجتمع الأفضل في الدنيا، ولكن الكلام وحده لا يكفي كي يتحقق ما أصبو إليه في بلدي.
فلو صحّت العبارات المذكورة في بداية المقال، لما وجدنا الجياع يثورون قبل أسابيع على ظلم بعض أهل الكويت وجشعهم، وطبعاً المحصلة مجرد توصيات من أفضل خمسين سياسيا في الكويت برأي الشعب، ولما وجدنا أموالنا تختفي من محفظة الدولة وتمتلئ بها جيوب البعض من الكويتيين بلا أي إحساس قانوني بالخوف أو حتى إحساس إنساني أو ديني، كما أننا لن نجد أناسا يهاجمون قيادات وزارة الداخلية في أيام الانتخابات نصرة لقبيلتهم على الدولة، أو أن ينتصر أكثر من عشرين من أفضل خمسين سياسيا في الدولة برأي الشعب لقانون أو اقتراح ملؤه الظلم واللامساواة كإسقاط القروض، وغيرها وغيرها من علامات لم تجلب سوى الخزي والعار لمجتمعنا الكويتي، والتخلف بكل أشكاله، ولو كان الكلام المردد صحيحا لما تقاتل البعض لإقرار لجنة غير دستورية تدعى «لجنة الظواهر السلبية»، فإن كانت العبارات السابقة حقيقية فما الداعي لوجود تلك اللجنة؟
بل إن نفاقنا لم يقف عند تلك العبارات الإنشائية فحسب، بل إن البعض يسعى إلى تغيير تاريخ الدولة ومسيرتها في سبيل أن ندّعي أننا أحسن من جمهورية أفلاطون، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد شاهدت منذ أيام قليلة الحلقة الأولى من المسلسل الكويتي الممنوع عرضه «أسد الجزيرة»، وهو من تأليف الوزير السابق شريدة المعوشرجي، والمخزي حقا أن تطمس وبشكل فج حقيقة قتل مبارك الصباح لأخويه محمد وجرّاح، فيُظهر المسلسل مبارك الصباح حاضرا لعزاء أخويه ويعظّم لنفسه الأجر في وفاة أخويه قائلا «هذا أمر الله»؟!
أي مستقبل ننشد ونحن نطمس الواقع أمام الأجيال، ونغلفه بكلمات لا تغني أو تسمن من جوع، فلو قلنا إن الكويتيين «زينين» فهل سنصبح «زينين» حقا من دون فعل.
لنمنح الكويت حقها بالعمل ومعالجة الأخطاء بدلا من الاستماتة في الدفاع عن أمور كريهة تحدث بيننا، ولنتوقف عن نفاق النفس ولو قليلا.
خارج نطاق التغطية:
علينا أن نوثّق كل أحداث الكويت وكل سلبيات القيادات الحكومية فورا، لكي لا نأتي بعد عشرين أو ثلاثين سنة ونذكر سلبيات الحكومات السابقة فيكتب من يكتب عن أن أسلافنا كانوا معصومين من الخطأ، ولم يرتكبوا أي زلة في حياتهم ولا داعي لشرح أكثر.
انتخاب واستجواب وحزام عفة للعزاب
نبارك في البدء للنائب الفاضل محمد الصقر إعادة انتخابه رئيسا للبرلمان العربي، والتهنئة موصولة للنائبين الفاضلين عسكر العنزي وسعدون العتيبي لفوزهما بالمقعد النيابي راجين أن يتم تعديل نظام الفرز الآلي لا إلغاؤه كي لا يرهق القضاة ورجال الأمن والمندوبون من عمليات الفرز اليدوي التي قد تستغرق أياما عدة.
كتب الزميل مبارك الدويلة مقالا برر فيه وجود السفيرة الأميركية في حفل غبقة «حدس» بأن الدعوة وجهت لجميع الوزراء والسفراء، والحقيقة التي قد لا يعلمها بومعاذ ان الدعوة وجهت للسفيرة الأميركية وهو أمر جيد إلا ان تلك الدعوة لم توجه لوزيرتي الإسكان والتربية وهو أمر نرجو تلافيه في العام المقبل خاصة ان الحركة الدستورية تمتاز بانفتاحها السياسي والاجتماعي وبعدها عن التشدد والتطرف.
يجب أن تتوقف البدعة السياسية القائمة على محاسبة الوزير على خطأ أي موظف يعمل في وزارته لحقيقة أن الوزراء لا يقودون جيوشا من الملائكة المطهرين بل بشرا خطائين، المطالبة مرة أخرى بمحاسبة وزيرة التربية عن عملية تعدي حارس مدرسة على طفل صغير تجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما:
الأول وتطبيقا لمبادئ العدالة والمساواة، علينا ان نحاسب كل وزير في اليوم والغد يتعرض أحد موظفيه لعملية تحرش جنسي كتعدي مدير على سكرتيرته أو زميل على زميلته… الخ، ومن ثم علينا ان نقيل مع كل إشراقة شمس أحد الوزراء لحقيقة ان المحاكم تمتلئ بالآلاف من تلك القضايا الشائنة، الخيار الثاني ان ينحصر ذلك المعيار أو ذلك الاستجواب وطرح الثقة بالوزيرة نورية الصبيح ويغض النظر فيما لو حدث مثل ذلك التعدي في أماكن عمل أخرى وهذا ظلم ما بعده ظلم.
ثم ما الذي سيغيره ترك الوزيرة لمنصبها؟ أي هل سيعف الحراس والعزاب وعددهم يقارب المليونين وهم في تزايد مع تزايد عمليات التنمية في البلاد، عن القيام بتلك الجرائم البشعة؟ وماذا سيحدث لو تركت الوزيرة منصبها وحدث اعتداء جنسي آخر في الوزارة مع قدوم الوزير الجديد هل ستتم محاسبته وإقالته كذلك؟ ومتى ستنتهي بعد ذلك النظرية المجنونة القائلة بقدرة كل منحرف على إقالة وزير؟!
آخر محطة:
وإذا لم يتوقف مثل هذا المنطق العقيم فهل سيصبح البديل هو إلباس كل عازب قادم لديرتنا حال وصوله الى المطار حزام عفة حديديا كالذي كانت تلبسه النساء في عصور الظلام الأوروبية؟!
محمد هايف.. وتذاكر السينما
1 ــ على الرغم من أن الابتسامات تقل في نهار رمضان فإنني ابتسمت، لا بل ضحكت، وكدت أن «أشرق» من الضحك عند قراءة تصريح النائب محمد الهايف الذي طالب فيه السيدة وزيرة التربية بالاستقالة وتحمل مسؤوليتها كاملة.. هذا طلب مشروع وعادي من نائب بحق وزير أو وزيرة، ويمكن فهمه على خلفية حادثة التعدي الجنسي من حارس مدرسة على طالب صغير! ولكن النائب برر طلبه باستقالة السيدة الصبيح بأن في خروجها رأفة بأطفال الكويت ورحمة بالتعليم المتدهور دون مكابرة!
لا يسعنا إلا أن نتفق مع النائب على مسؤولية الوزيرة، أو أي وزير كان، عن كل ما يقع ضمن حدود مسؤوليتها الوزارية، ولكن هل النائب محمد الهايف لو أصبح وزيرا للتربية، وهذا ما لا نستبعده، بعد أن أصبح الاختصاصي في أمور الصيدلة، وزيرا للعدل تارة ووزيرا للتجارة والصناعة تارة أخرى، هل سيكون النائب، أو من سيقترحه وزيرا للتربية والتعليم، بكل ما يمثله هو وغيره من فكر سلفي ورأي متطرف، لا يعرف التسامح مع الآخر ولا المحبة لغير خلصائه وجماعته، هل سيكونون مثلا أكثر رأفة في التعامل مع أبنائنا، وبناتنا بالذات، من الوزيرة مثلا، وأكثر رحمة في تعليمهم ما يفيد بطل صلفهم وخشونتهم وبعدهم عن اللين والتحضر في المعاملة والقول الحسن؟ ألم توصل جماعته وبقية فلول الاخوان الأوضاع في وزارة التربية لمستواها الخرب والمتدني بعد أن تحكموا في مصيرها لعقود طويلة؟
قد يكون فعل الاعتداء الجنسي الذي وقع على الطفل من مسؤولية الوزيرة، وعليها تحمل نتائج ذلك الخطأ، ولكن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه، وبالتالي لا نعتقد بأن النائب محمد الهايف، أو أن أيا من صحبه، سيكون أكثر رأفة بأبنائها وأكثر رحمة بالتعليم من السيدة الصبيح، خاصة بعد أن صدرت فتوى شيخ دين سعودي، سبق أن حرم لعبة كرة القدم، حرم فيها مشاهدة أفلام «توم جيري» لأنها تحرف الأطفال عن الدين، وطالب في فتواه بقتل «ميكي ماوس»!!
2 ــ طلبت والزميل أحمد البغدادي، من المحامي صلاح الهاشم، التضامن معنا برفع دعوى قضائية ضد شركة الكويت للسينما لقيامها بتقطيع أوصال أحد الأفلام المستندية الشهيرة، وتشويه الفيلم بشكل كامل، دون أن تكلف نفسها بتحذير المشاهد من ذلك الفعل، وذكره بصراحة ووضوح على مدخل دار السينما أو على التذكرة!
وقد حكمت المحكمة الكلية لمصلحتنا وطلبت الغاء عقد المشاهدة واعادة مبلغ التذكرتين لنا، وهو لا يزيد أصلا على خمسة دنانير. ولكن أهمية الحكم لا تتعلق بالجانب المادي بل بالجانب الرقابي على المصنفات الفنية، الذي كان الحكم راقيا في تناوله، حيث ان الأمور والوظائف في ما يتعلق بالقص والحذف، وما يجب أن يعرض أو لا يعرض تبدو حاليا متداخلة بين الجهات الرقابية الحكومية والجهات العارضة كالسينما ومحطات التلفزيون، وهناك تعد من طرف على حقوق الآخر. وقد تم استئناف الحكم وسيكون له في حال صدوره تبعات وآثار عدة. وهذه سنتطرق اليها حال صدور حكم الاستئناف.
أحمد الصراف
[email protected]