سامي النصف

إعلاميات

احد الامور الجميلة في رمضان هو الغبقات «الاعلامية» التي يدعو لها المسؤولون، وقد فاتنا حضور غبقة وزير الاعلام العامرة هذا العام، بسبب زيارة اعلامية سريعة قمنا بها لدبي، راجين ان يعيدها الله على الجميع باليمن والبركات.

فتوى قتل اصحاب الفضائيات الصادرة من احد المشايخ الاجلاء هي انعكاس لاشكال الافتاء «الفردي» على الهواء مباشرة، بدلا من البحث المسبق المستفيض واخذ الرأي الجماعي في القضايا المستجدة المهمة قبل البت فيها في وسائل الاعلام، وكلنا يذكر الفتاوى المستعجلة بتحريم الانترنت والفضائيات وتحليل رضاعة زميل العمل مما اساء لصورة الاسلام الناصعة ثم تم التراجع عن تلك الفتاوى بعد فوات الاوان.

والى قضايا القتل الحقيقية ومتابعتي لبرنامج انساني جميل على فضائية «الشرقية» العراقية اسمه «فطوركم علينا»، وكانت الحلقة تستضيف ارملة شابة وايتامها بعد ان قتل زوجها قبل اشهر قليلة، وفجأة يتم خطف اربعة من فريق البرنامج في عز النهار بتحريض من قناة فضائية منافسة ! ويتم ذبحهم على الفور وهم صائمون، ومن ثم ترميل نسائهم وتيتيم اطفالهم في هذا الشهر الفضيل، متى ينتهي جنون القتل في العراق قبل ان يستشري وينتقل للدول العربية الاخرى؟

وطئ الزميل العزيز صالح الغنام قبل ايام قليلة في زاويته الشائقة على الصفحة الاخيرة لجريدة «الرؤية» عدة مواضيع مهمة تختص بما يكتبه صاحب المقال اليومي وما يفعله امام طلبات بعض القراء بحصد الاهتمام بالشأن المحلي، ضاربا المثل بمقالنا عن مقتل سوزان تميم، ورأيي الشخصي ان على الكاتب ومثله النائب ان يوجه الجموع لا العكس، كذلك فهناك قطاع عربي واسع في الكويت وخارجها يقرأ صفحاتنا ويحتاج الى من يستقطبه اضافة الى عدد كبير من الكويتيين ممن زهقوا وملوا من الكتابات المثيرة في الشأن المحلي، اما تعليقات الانترنت فكثير منها يا ابواحمد يكتبها في العادة شخص واحد – ولا اقول حاقدا – ويضعها بعد ذلك بعدة اسماء، واعجبني في هذا السياق ما قاله الممثل السوري الشهير جمال سليمان من ان الانترنت جعل من الممكن لفرد يكتب في المنتديات وبمعرفات مختلفة ان يحيل الابيض اسود والاسود ابيض.

التقيت بالامس في الهيئة العامة للاستثمار بوفد الماني زائر ينظر في فكرة احياء مشروع المدينة الاعلامية، وكانت وجهة نظري التي نقلتها له اننا في امس الحاجة لمثل تلك المدينة نظرا لموقعنا الجغرافي المتميز في الخليج، كما ان صحافتنا اليومية والاسبوعية القديمة والجديدة وفضائياتنا الخاصة تحتاج الى مكان راق يجمعها بعيدا عن كراجات السيارات ومحلات النجارة ومواد البناء، واوضحت ان عليهم ان ينظروا في شروط تأجير اراضي الدولة الجديدة (B.O.T) بعد ان اضيفت لها شروط تعجيزية ادت الى انصراف المستثمرين عنها ومن ثم قدرة البعض على الضغط مستقبلا لفسخ عقود تلك المدينة الاعلامية مع اول لقاء فضائي او مقال صحافي ينتقد هذا التوجه السياسي او ذاك.

آخر محطة:
استضافتنا الاعلامية النشطة هالة عمران في لقاء سياسي اجتماعي على صدر صفحات الزميلة «عالم اليوم»، وقد حدث خطأ بسيط في ذكر اسم الصديق ساير الساير، لذا اقتضى التنويه.

احمد الصراف

خسائري المليونية وعبداللطيف الدعيج

شعرت بأسف وأنا اسمعه يسخر من مطالبة الزميل عبداللطيف الدعيج للحكومة بعدم التدخل لإنقاذ سوق الأسهم من الانهيار، وان الدعيج لو كان يملك أسهما لما كتب ما كتب!
لن استطرد كثيراً في ردي على تلك «الشخصية»، فقد قلت له ان معرفتي بالزميل عبداللطيف تكفي لان أؤكد انه كان سيكتب رأيه ذلك، بصرف النظر عن تملكه أو عدم تملكه لاي أسهم!

ما سأكتبه اليوم لن يرضي الكثيرين، وسيغضب البعض الآخر، وقلة ستتفق معي.. على مضض، ولكني سأقوله على أي حال، ففيه، حسب اعتقادي، المصلحة العامة.
بلغت خسائري المالية، ساعة اقفال سوق الكويت للأوراق المالية يوم أمس الأول الاثنين، أكثر من 1،650 مليون دينار، أي ما يقارب 6 ملايين دولار، وهو مبلغ لا يستهان به في ظل كساد عالمي أتوقع قدومه، ولكن على الرغم من هذه الحقيقة، المؤلمة على المستوى الشخصي، فإنني، وانسجاماً مع موقفي السابق من قضية اسقاط القروض، ولثقتي بان التدخل الحكومي في السوق ستنتج عنه آثار سلبية عديدة، فإنني أجد نفسي معارضا التدخل لرفع أسعار الأسهم بطريقة مصطنعة من أجل انقاذي وغيري من الخسارة، أو انقاذ السوق من الانهيار، خاصة ان السوق أبعد ما يكون عن ذلك، في المستقبل المنظور على الأقل، علما بأنني لم اعط الحكومة شيئاً عندما ربحت، وبالتالي ليس من حقي مطالبتها بتعويمي الآن مالياً!
أقول ذلك وأنا على ثقة بان من الافضل لآلية السوق بقاء الحكومة بعيدة في الوقت الحاضر، فتدخلها سيخفف حتما من حدة الضغوط وسترتاح بعض الأنفس وسترتفع بعض الأسعار، ولكن العوامل الحقيقية التي تسببت في هذا الانخفاض الكبير، ستبقى كما هي، وهي كفيلة بالضغط على الأسعار مرة ثانية وثالثة، ومن الافضل بالتالي قيام الحكومة، ان كانت جادة فعلا وعلى دراية كافية بما هو مطلوب منها القيام به، التصدي لعلاج الاسباب الحقيقية وترك أقراص البندول جانبا في الوقت الحالي!
يجب ان نعترف أولا بان الحكومة الحالية، من خلال وزرائها وأجهزتها المعنية بإدارة الأوضاع المالية والتجارية للبلاد، ليست بالمستوى المطلوب، كما لا يمكن هنا اخلاء طرف غالبية اعضاء مجلس الأمة من مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي اصبحت تعصف بالبلاد، وانشغالهم بتوافه الأمور، واصرارهم على التدخل في الكثير من القضايا من دون ادراك.
فمشروع هيئة سوق المال لا يزال حبيس الادراج منذ عشر سنوات تقريبا، وإدارة سوق الكويت للأوراق المالية فاقدة للخبرة والدراية الكافية، كما فقدت ثقة الكثير من الاطراف المعنية، ومع هذا تصر الحكومة على بقاء إدارة السوق على حالها.
اما القانون البائس والضار الذي سبق ان اصدره مجلس الأمة الذي منع بموجبه المصارف والمؤسسات المالية من تمويل مشاريع السكن الخاص، فقد افقد السوق زخمه، وحرم الكثيرين من أصحاب الدخول المعتدلة من حق الحصول على السكن المناسب، كما لم يساهم (أي القانون) ولن يساهم، في تخفيض أسعار القسائم السكنية بشكل كبير، بحيث تصبح في متناول الكثيرين، ولا تزال أسعارها، وستبقى مرتفعة لاسباب كثيرة، وبالتالي اصبح الوضع أكثر سوءا من قبل بكثير، فلا الأسعار انخفضت ولا قروض الشراء توافرت!
كما ان قرارات وزير التجارة، المتخصص في الأمور الصيدلية، المتعلقة بتقييد أسعار السلع الاساسية، ومحاولته القضاء على الاحتكار وفتح الباب للاجهزة شبه الحكومية للقيام بعمليات الاستيراد المباشر وزيادة عدد المواد المدعومة لن تنتهي، أو تتمخض عن شيء فعال، وفي أحسن الاحوال ستصبح جزءا من التاريخ فور ترك الوزير للوزارة، علما بانها في مجملها قرارات متواضعة الفاعلية اصلاً.
كما فشلت الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية، على الأقل، في طرح ما يكفي من المشاريع الانشائية التي لها الدور الأكبر في تنمية البلاد وتوزيع الثروة والمساهمة في دورة رأس المال، ولكنها بدلا من ذلك اختارت طوعا المساهمة في زيادة التضخم عن طريق رفع الرواتب الى مستويات كبيرة وتوزيع المنح والهبات من دون سبب أو مبرر منطقي.
وهناك الكثير من الأمور التي لا يسع المجال لسردها كلها، وخاصة تلك المتعلقة بحالة اللاقرار والفشل في محاربة الفساد والرشوة والتصدي للتسيب الإداري.
وبالتالي فإن سوق الأسهم ليس بحاجة لمورفين مؤقت معرض لزوال اثره بعد أيام، لكي يطلب المزيد من ضخ الأموال بقدر حاجته لسياسات اقتصادية حكيمة ورؤية مستقبلية واضحة وخطط قابلة للتطبيق، وان تصاحب كل ذلك محاسبة مستمرة، فمن دونها يصبح أي كلام في الإصلاح نوعاً من الكلام اللغو أو «الخرطي»، علما بان تدخل الحكومة الفوري في السوق وضخ مئات الملايين فيه ستتبعهما مطالبات نيابية باسقاط قروض.. محدودي الدخل!

أحمد الصراف