سامي النصف

هل فشلنا في إدارة أوطاننا؟!

الإجابة على مستوى المحيط العربي هي «نعم» كبيرة، حيث قامت اغلب الحكومات «الوطنية» التي اتت في حقبة ما بعد الاستعمار بالتحول يساراً والأخذ بنهج النظم العسكرية القمعية، فعلقت البرلمانات وصادرت الصحف وأممت المصانع وفتحت السجون وأرعبت الشعوب وقادت جيوشها من النكسات الى النكبات.

واشتهرت تلك الحكومات الثورية بإدمان الرهان على الخيول الخاسرة، فلم يبق حصان كسيح او فكر ساقط مريض الا وضعت رهان امتها وآمالها عليه، كما اضاعت تلك القيادات الملهمة بوصلتها وانعكست الجهات الأصلية لديها، فكلما انتظروا العدو من الشرق اتاهم من الغرب، وإن رابطت جيوشهم في الشمال اتاهم ـ قاتله الله ـ من الجنوب، والمخطئ بالطبع في تلك الهزائم هو العدو الجائر الذي يؤمن بأن «الحرب خدعة».

ورغم ان الدول التي ورثتها تلك الثوريات كانت مرتبطة بأشد الوشائج الحميمة مع الدول الغربية المتقدمة، وكان بإمكانها، ضمن نظام الاقتصاد الحر، الحصول على أحدث التقنيات والجامعات والعلوم الصناعية والزراعية (كما حدث مع دول الخليج وشرق آسيا) إلا انها قامت وبذكاء تحسد عليه بخلق حالة عداء معها واستبدالها بعلاقة مع دول استبدادية وشديدة التخلف هي دول المعسكر الشرقي التي لم تنفع ذاتها، فكيف تنفع دولنا؟! وقد أهدرت تلك الحكومات الثورية المتأزمة موارد اوطانها على السلاح والجيوش والحروب الخاسرة، والصناعات الثقيلة التي لا قيمة ولا حاجة لها، كما تسببت تلك الحكومات الوطنية (لا الاستعمار) بنزوح كبير للعقول الوطنية، فتوقف الإبداع العربي عند انجازات وإبداع عهد ما قبل الحكم الوطني المجيد.

ونلحظ من هذا السياق ان بلداً كمصر الولادة، جل مبدعيها في الفنون والآداب وكافة العلوم الإنسانية على المستويين العربي والدولي هم نتاج حقبة ما قبل انقلاب 52، رغم ان تعداد سكان مصر آنذاك يقل عن 20 مليونا، بينما ازداد العدد فيما بعد الى اضعاف ذلك العدد دون ان تصاحبه نفس الزيادة في عدد المبدعين وحاصدي الجوائز العالمية بسبب القمع وأنظمة التعليم الثورية التي يفاخر بها عادة قادة ذلك الانقلاب الذي اودى بمصر والأمة العربية معها الى المهالك والتخلف.

وكان الشارع العربي يسمع القرآن من الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والغناء من أم كلثوم ويقرأ الصحافة من الأهرام.. إلخ، فأصبح الخليج العربي غير المبتلى بنهج الثورية هو صاحب الإنجاز والثقافة السائدة من الماء الى الماء، فالديموقراطية كويتية، والإعلام المرئي قطري، والمقروء سعودي، وأرقام التنمية الاعلى خليجية، والقرآن يرتله الشيخ مشاري العفاسي في شوارع العواصم العربية، والغناء تسيده مطرب العرب محمد عبده وبقية فناني الخليج، والمسرحيات كويتية، والمسلسلات اماراتية، والإنجاز الرياضي سعودي.. إلخ.

آخر محطة:
 سلاح المخيمات في لبنان الذي قتل عشرات آلاف الفلسطينيين بسببه تم القبول به كوسيلة للمقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل، الآن هناك اربعة جيوش تحد من وصول الفلسطينيين الى اعدائهم هي الجيش الإسرائيلي والتحالف الدولي والجيش اللبناني وحزب الله، فما فائدة سلاح المخيمات إذن؟!

انزعوا ذلك السلاح لحماية دماء الأبرياء الفلسطينيين وكخطوة متقدمة اخرى لبسط الدولة اللبنانية لسلطتها على جميع ارضها.