حمدا لله… لن يشكو مواطن واحد من غلاء الأسعار بعد اليوم، فثمة «حزمة» من القرارات والإجراءات والأخبار المنشورة والمنثورة في الصحافة، تسمن وتغني من جوع ومن أسعار مرتفعة.
جميل كان الرد المفصل الذي ورد من وزارة الصناعة والتجارة الموقرة ونشر في هذه الصفحة أمس، وإن لم يخرج من إطار ما نعرفه من خلال القراءة الإنشائية للاستهلاك الإعلامي والعبارات التوبيخية المعتادة في ردود إدارات العلاقات العامة بالدولة الفاضحة لعدم الفهم، والماضية في قلة الإدراك، فكل تلك الخطوات المذكورة في الرد هي على العين والرأس، لكن على مستوى معاناة المواطن اليومية من ارتفاع الأسعار، فإن كل ما ذكر يكاد لا يسد رمق جائع!
والجميل في الرد/ التوضيح/ التعقيب/ الديباجة، أنه يطالب بالعودة إلى كل ما كتب بشأن قضية الأسعار، لكن لا أدري ما الذي يجب علي قراءته! (فإذا كان لا يتابع ولم يقرأ ما كتبته «الوسط» والصحف الأخرى في البحرين على مدى أكثر من شهرين، فهذه مشكلة وطامة كبرى، وإذا كان قد قرأ وتابع، فالمشكلة أكبر، إذ تتعلق هذه المرة بمسألة الفهم والوعي والإدراك)، وأود القول إنني هنا لا أكتفي بالقراءة من الصحف، بل الحق، هو القراءة الميدانية لما يحدث في السوق. وإذا كانت القراءة هي المقياس، فإن الشكاوى التي تنشرها الصحافة بشأن معاناة المواطنين والمقيمين من الارتفاع المذهل للأسعار، تغمر ما تنشره الوزارة الموقرة من (جهود) لمكافحة تلك الزيادة، وهذا يعني أن الوزارة – هي الأخرى – تقرأ ما تنشره هي من بيانات، ولا تقرأ ما يكتبه المواطنون والصحافيون! عموما، لست الوحيد ممن يكتب يوميا في الصحافة بشأن ارتفاع الأسعار، فكلنا نيام، ماعدا الوزارة وكوادرها، متيقظة الأعين، والفارق الوحيد، أن الكل يشكو من ارتفاع الأسعار إلا الوزارة!
والأهم من ذلك، أن الرد أشار نصا بالقول (فقضية الأسعار ومتابعتها منذ البداية كانت تحت يد الحكومة الموقرة، التي يطالب الكاتب الوزارة بالاستعانة بها في حال الاعتراف بفشل اللجنة التي شكلت من قبل «الحكومة نفسها» وكلفت وزارة الصناعة والتجارة برئاستها ومتابعة كل ما يتعلق بهذه القضية) هي عبارة مقحمة وكأنما يراد منها تلميع اللجنة ونسبها إلى الحكومة حتى وإن فشلت! فليس في ذلك عيب! لكنني أريد التوضيح مستعينا بكلام سمو رئيس الوزراء، الذي أعلن بكل صراحة في زيارته للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء 2 مايو /أيار الجاري، إذ شدد في حديثه على لقاء عقده سموه مع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية لمناقشة موضوع ارتفاع الأسعار وما يعانيه المواطن من غلاء المعيشة، فالمشكلة ليست مشكلة اجتماعات وإجراءات ونشر في الصحافة، بل مشكلة بلد بكاملها، والمواطن يريد أن يلمس تحسنا في الأسعار ولا يريد قراءة بيانات فهي لا تشبعه!
في الختام، أسأل: هل نكتفي بقراءة الأخبار التي تنشرها الوزارة عن اللجنة وإجراءاتها لنطمئن ونقول إن الأسعار مستقرة؟ أم نصدق معاناتنا اليومية وتلك السطوة الحامية في ارتفاع الأسعار، وخصوصا على مستوى السلع الأساسية، واستنزاف القدرة المالية لذوي الدخل المحدود؟ من نصدق يا ترى؟ والإجابة واضحة قطعا (لا يد للحكومة الموقرة فيها) بحسب الرد. قريبا، سنكون أمام حقائق مهمة ومعلومات كبيرة بشأن وضع الأسعار في السوق المحلية، وموقف الوزارة وغرفة الصناعة منها.