عندما كان عدد سكان الكويت لا يزيد علـى الـ 150 ألفــا في فـتــرة الخمـسينيـات كان ضـمن تلك القلة بالعدد مـؤسسـون فاعلون لحـركة القومـيين العرب والبـعث والإخوان المسلمين والناصـريين والشيـوعيين وغيرهم في محيطنا العربي.
وقـد ابـتـدعت الكويت قـليلة العدد كذلك في الستيـنيات منهاجية الديموقراطية والحريات الصـحافية رغم أنها خـيار غيـر معـمول به في اغلب دول العالم آنذاك التي اخـتارت الشيوعية أو الأنظمة العسكرية، كما كانت دولتنا من الـدول الفريدة التي لم تنحـز لأحد المعـسكرين الشـرقي والغربي، بل حافـظت على علاقة ود واحترام الاثنين.
في الســبـعـينيــات ترأست الكويت بسبـب سياسـتها الحكيـمة اغلب، إذا لم نـقل جـمــيع، لجــان التصـالح العربية ـ العـربية، بل تم ائتمـانها على تفـعيل المصـالحة بين الهند وباكــسـتـان ووقف الحـرب القائمة بـينهما، أما في الثمـانينيات فقد ظلت الحرب الإيرانية ـ العراقية تسمى بالحرب المنسـية رغم سقوط مـلايين الضـحــايا وتدمـيـر آلاف المـــدن والقرى حتى تعرضت إيران آنذاك للكويت في ناقلاتها وطائراتها، فبـدأ العد التنـازلي لانتهـاء الحرب وتقـبل نتائجـهـا القاسـية من قـبل إيران.
وبدأت حـقبـة التسـعينيـات بزلزال هز العالم عندمـا احتل صدام الكويت الصـغيـرة فتـوحد العـالم بشرقـه وغربه لتـحريرها وأصبح المواطن الصيني والاميركي والهندي والأوروبي يتـابعون باهتمـام بالغ ذلك الاحـتـلال، وسخـرت CNN للمرة الأولى في تاريخهـا جل وقتها لقضية الكويت.
مع بداية الألفية الجديدة حدث زلزال آخر عندمـا صحـا العالم على تدميـر مبنى مركـز التجـارة العالمي وعرف الـقاصي قـبل الداني بتنظيم مدمـر يدعى القاعدة وفـوجئ العالم كــذلك بأن الناطـق الرسـمـي لذلك التنـظيم العــالمي هو من ذلك الـبلد الصغير المسمى الكويت.
ومنذ عــقـود من الزمـن كـان الجــيش الكويتي الـوحـيــد الذي يحـارب على الجـبـهـتين السـورية والمصرية مـعا فيـما كان الفـدائيون الكويتـيـون يـحـاربون في أغوار الأردن وجنوب لبنـان، وفي مـرحلة المد الإسلامي سـمـعنا بالمجـاهدين الكويتيين في أفغانستان والشيشان وكوسـوفو والبـوسنة وغيـرها في وقت لم نسـمع بمـثل ذلك الأمر عند البـاكـسـتـانيين والبنغـلاديشـيين والاندونيـسيين والنيـجيـريين رغم أنهم أمم إسلامية مكونة من مئـات ملايين المسلمـين في حين لا يزيد عدد الكويتيين بحدهم الأقصى هذه الأيام على مليون نسـمة.
نروي تلك الخلفية التـاريخية كي لا يســتـغـرب احــد من الدول الأخرى رؤية كـويتـيين يوزعـون أشرطة أو يقومـون بأي أعمال أخرى فالجينات قـوية والموروثات يصعب التخلص منها.
آخر محطة :
العـزاء الحـار لعـائلة الهـاجري ولعـائلة العبـدالمغني في فقيديهمـا الغاليين، للراحلين الرحمة والمغفرة ولأهليهمـا وذويهما الصبر والسلوان.