كانت زيارة صاحب السمو رئيس الوزراء للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء الماضي، هي الزيارة التاريخية الفريدة من نوعها التي تطرح للمرة الأولى – بحسب علمي – وبكل صراحة وشفافية وسعة صدر، قضية مهمة وحساسة وخطيرة يعاني منها مجتمعنا منذ عقود طويلة: ألا وهي قضية التمييز بين المواطنين ونوابعها الطائفية وتوابعها التجزيئية.
ولربما لم يكن طرح النائب الشيخ حسن سلطان طرحا يدخل من باب استخدام وسائل الدعايات الانتخابية أو إثارة الرأي العام وكسب وده، وإنما انطلق من كون القضية مهمة للجميع: للقيادة والشعب على حد سواء، ولأنه أمام قيادة الدولة… ما يفتح طريقا ميسرا لصراحة تقابلها صراحة، ولهذا أبلغ سمو رئيس الوزراء الجميع بأنه لا يرضى بالتمييز ولا يوافق عليه، ضاربا المثل بالعاملين في ديوانه الذين يمثلون صورة مصغرة للمجتمع.
وقطعا، هذا هو كلام «الرئيس»، وتلك تأكيداته وذلك هو مبدأه أيضا… إذا، من يا ترى الذي يمارس التمييز والطائفية؟ وكيف عاشت هذه الفكرة في عقول ونفوس فئة كبيرة جدا من الشعب البحريني؟ ولماذا لم تسقط وتتهاوى طوال عقود مضت؟
ولعل السؤال الأهم هو: من الذي يحق له أن «يميز» بين أبناء الشعب البحريني في الوظائف والخدمات والأوسمة والهبات والأعطيات وأسلوب التعامل حتى أصبحنا نعاني من مشكلة الطائفية في كل جزء من الثانية في حياتنا اليومية، والأمر لا يحتاج إلى تفصيل؟
هناك من ينتظر الإجابة، ولكن ممن؟ فالحكومة كانت واضحة في التأكيد بأنها لا «تميز»؟ ولعلني املك جزءا من الإجابة، وهو أن هناك أقطابا من كبار الرؤوس في البلد هم المتهمون بالطائفية والتمييز، وهم الذين يمارسون هذا الفعل، وإذا كانت هناك ستائر تسترهم وحصون تحصنهم، فإن لديهم أبواقا من وعاظ السلاطين من التكفيريين والطائفيين، ولديهم جيش من مثيري الفتنة (بفلوس طبعا) ومئات العناصر السرية التي تعمل هنا وهناك…
لكن، ما الحل؟
وأجيب على هذا السؤال من وجهة نظري الخاصة! فليس أمامنا وأمام كل من يشتكي من التمييز إلا أن يكون شجاعا مقداما؟ وإذا ما ضبط ممارسة تمييزية وقعت عليه في عمله، أو وقعت على غيره، فليكن أمامنا القانون نستعين به، ودعونا نجرب، ونرفع الدعوى إثر الدعوى، معززة بالدلائل والوثائق والقرائن وكل ما يقع في أيدينا ويمكننا استخدامه، لنقدم الطائفي إلى المحاكمة، فليس هناك ما يمنع يا جماعة الخير… طالما قيادة البلد ترفض التمييز ولا توافق عليه.