سامي النصف

ضرورة تعديل الدستور للأفضل

كـتبنـا وكتب بعض الاخـوة الآخـرين عن الممـارســات السـالبـة الـقـائمـة في تجــربتنا السـيـاسيـة، وظن البـعض ان هناك تـنسيـقـا ومؤامرة (خفية) على الديموقراطية (! )

وفي ذلك الظن الإثم كله وليس بعضـه، فجمـيع الكويتيين وبجـميع أطيـافهم الاجـتمـاعيـة والسيـاسيـة مؤمنـون بالديموقراطيـة كخـيار وحيـد، ويكمن التباين حول وسائل تحصينها من النقد والارتقاء بهـا وبالبلد مـعـها الى قـمم جـديدة من الانجـاز تجعلها المثل والقدوة للآخرين.

ان أبسط مبـادئ العقل والمنطق السـليمين تظهر ان الدستور واللائحـة الداخلية غير منزلين أو مـعـصـومين حـتى نخـشى من إعـادة النظر ببعض موادهـما من قبل ثلثي الأعضـاء كما نص على ذلك الدستور وعبـر اتفاق مسبق على أي من المواد تحتاج الى النظر بها وتغـييرها الى الأفضل والأحسن، اننا برفضنا غيـر المبرر نصبح ملكيين أكـثــر من الملك ودسـتــوريين أكـثــر من الآباء الدستـوريين للدستـور ممن لم يعطوه القدسـية والعصـمة بل طالبـوا بأن ينظر في تعديـله بعد خمس سنوات من الـتجربة، وقـد مرت هذه الأيام خمسـون عاما (لا خمسة) فـهل يعقل اننا لم نجد بندا واحدا يستحق التـعديل ونحن نرقب عمليات الاثراء غـير المشـروع وسوء اسـتخـدام الأدوات الدسـتـوريـة والغـضب الشـعـبـي على بعض الممارسات الخاطئة؟!

ان في الرفض المطلق غـير المسـبوق في أي ديموقـراطيـة أخـرى في الـعـالم لأي تعـديلات دسـتـورية تستـهـدف إزالة الشـوائب وتعـزيز الإيجابيات أمـورا سالبة عدة منهـا إبقاء الأخطاء وأوجه القـصور الى الأبد والإيحـاء بأن العمـلية الديموقـراطيـة في الكويت على قـدر كـبـيـر من الضـعف والهـزال لدرجـة ان اي تعـديل فـيـهـا سـيؤدي الى وأدها ومـوتهـا، ان اجتـرار الماضي واســتـرجــاع عـمـليـات التــوقف الخــاطئ للديموقراطيـة بشكل غير دستـوري أمر لا حكمة منه، فـقد توقـفت الديموقـراطيات في حـقبـة أو أخـرى في أعرق الديموقـراطيات في العـالم ولم يستـخدم هذا العذر لرفض التـعديلات المستـمرة التي تتم على دساتيرهم.

ان مــا هو مطلـوب تحـديـدا من تعــديل الدستور ليس انتزاع أي صلاحيـة مهمها صغرت من السلطة التـشريعـية ووضعـها بيـد السلطة التنفيذية لا سمح الله بل خلق آليات يفعلها رجال السلطة التشريعية التي هي سـيدة قراراتها للحد من إخـفاقـات تجارب الماضي ومـواكبـة التقـدم والتـوسـع السكاني الذي تم خـلال نـصف قـرن والحد من محاولة جعل الكرسي البرلماني وسيلة ل‍ثراء السريع عبر الاسـتخدام الخاطئ للأدوات الدستورية.

لقد باتت الاسـتجوابات الكيدية التي لا تستـهدف الصـالح العام تشكل حـرجا كبـيرا لشرفاء وحكـماء مجلس الأمة حيث تـضعهم بين خيارين أحـلاهما مر الأول ان يشاركـوا ويدعموا تلك المطالب والاستجـوابات بعكس قناعاتهم وما تمليه عليهم ضمـائرهم وحسهم الوطني والثاني ان يحجموا عن المشاركة بها فيحرجوا أمام بعض ناخبيهم ويتهموا بالتخاذل والتهاون.

ان في مـجلس الأمـة الحالي أغلـبيـة من النواب ممن لا يشك أحـد قط في نقاء ضـمائرهم وقــوتهم في مــواقف الحق والدفــاع عنهــا، والواجب ان يـناط بمثل هؤلاء مــســؤوليــة مراجعة الجـوانب السالبة لتجربتنا السـياسية التي شهـد عليهـا الغريب قبل الـقريب ثم وضع الحلول الناجـعة لهـا ودون ذلك سـيبـقى قطار التنمية ومصـالح المواطنين واقفا دون حراك في المحطـة في وقت تمـر بنا قـطارات الآخــــرين مسـرعة للمـستقـبل الزاهر لأوطانهم وأبنائهم، ويبقى تذمرنا الشـعبي مستمـرا الى ما شاء الله دون ان تروي ظمـأه ولا تشـبع جوعـه حـجج تجزم بالقـول ان دستورنا دون دساتيـر العالم أجمع لا يسمح بتغييره للأفضل والأحسن حتى لو غرق المركب بمن فيه.

آخر محطة:
 (1) العزاء الحار للنائب الفاضل عبدالله العـجمي لوفاة شقيـقه المرحوم بإذن الله تعالى مـساعد، للفقـيد الرحمة والمغـفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

(2) الحمـد لله على السـلامة للنائب الفـاضل علي الراشد وماتشوف شر يابوفيصل.

سامي النصف

الكويت في صحافة الزمن الجميل

أزور مصـر الحبـيبـة بشكل دائم ولا ارجع دون حــيـازة مـخطـوطات ووثائق قديمة، ومن ضمن مـجلدات مجلة «المصور» التي تغطي نصف القـرن الماضي، نجد عـدة تحقيقات تتصل بالكويت، ومن ذلك:

في العـدد الصادر في 11 يونيـو 1954 تغطيـتـان عن الكويت، الاولى صـفحـة 17 وفيها تحقـيق بعنوان «اغنى اغنياء العالم، افقـر فقـرائه» ويتضمن اسـتقـبال الرئيس محمـد نجيب لسمو الشيخ عـبدالله السالم وفيه ان دخل الامارة يجعل الحاكم بمصاف اغنى اغنيـاء العالم، إلا ان زهده وتواضـعه يجـعـلانه يعيش كـأفـقـر فقـراء العـالم، ويوضح التـحقـيق كـيف ان سمـوه لما زار اليـخت الذي اهدته اياه شـركـة البـتـرول وعاين فخامته وعظم فرشه ورياشه، التفت الى من معه قائلا: ان هذا اليخت تحفة ثمينة لذا ارجـو بيـعـه في الحـال وبدلا منه اريد مركبـا بسيطا من الخشب للرحـلات وصيد السمك.

وضمن اللقـاء الصحافي قول الامـير الراحل ان الارض والنفط همـا ملك خـالص لأهل الكويت جميعا ولـيسا ملكا خاصا به، لذا فهو بمثابة حـارس لاموال الشعب الذي يجب ان ينفق منهـا لنهضـته ورفـاهيتـه، وتعـيد الصـحيـفة للأذهان ان العـام الذي سبق شهد انتخاب الاهالي لجالس المصارف والصحة والاوقاف والشؤون البلدية، ووعد الامير بحصول الشعب الكويتي على حقوقه السياسـية كاملة، كما امر بتـخصيص ثلث الميـزانيـة العـامـة لقطاع الـتـعليم.

وعلى صـفحـة 41 من نفس العدد صـورة لعمـارة الكويت التي وصفت بأنها اجمل عمائر النيل والتي يقطنها الامـير الزائر بضيافـة مالكها الشيخ عبدالله الجابر وزير المعارف والعدل والاوقاف آنذاك.

في عدد المصور الصـادر في 3 اكتوبر 1958 صور ومقال من الكويت للدكتور احمد زكي رئيس تحــرير مـجلة العــربي التي صدرت بعد شهرين من ذلك التاريخ، تحدث فـيه عن 10 اشـياء لفـتت نظره في الكويت، اولهـا حـركة العـمـران الجـبارة وكـثـرة السـيارات وخضـرة البلد رغم عـدم وجود أنهار وكـثرة التنوع السكاني حتى اسـماها ببابل الجديدة، كما ابدى اعجابه بالدشداشة البــيـضـاء التـي تدل على نظافــة الناس والمسـاواة عند الكويتـيين حـتى لا تعـرف حاكـما من محكـوم ولا خادما من مـخدوم، ولفت نظره تـنوع البـضـائع في الاسـواق بسبب النشاط الاقتصـادي للتجار، ثم ختم بملاحظة حـول نساء الكويت اللاتي يقـول انهن يمتـزن بقوة الشـخـصيـة والجمـال والطول وقلة الشـحم بسبب وفرة الحـركة والعمل في البيت.

في العـدد الصادر في 30 يونيـو 1961 تحـقـيق بعنوان «هذه هي الكويت الحـرة» بمناسبـة استقـلال الكويت، ومن ضمنه ان عـدد السكان يقــارب المائتي ألف والاجـور مرتفعة والبطالة منعـدمة وقد بدأ العمل في شـارع فهـد السـالم بقلب العـاصمـة الذي ترتفع على جـوانبه عمـارات ضخـمة يبلغ عددها سبعين عمارة من احدث طراز، وثناء على قـرار الاسـتقـلال الذي تم بالحكمـة لا بإراقة الدماء.

ثم نقـفز لعـدد المصور الصـادر في 1 مـارس 1974 وفيـه عـدة صفـحـات تغطي نشاط الخطوط الجوية الكويتية، ولقاء مع رئيسها آنذاك فيصل الفليج، يتحدث فيه عن ازمة الطاقة والزيادات الضخـمة في اسعار الوقــود التي جـاوزت في بـعض المحطات 300%، كمـا يعرج على اعداد الـكويتيين في المؤسسـة وهم 3 كباتـن و27 مساعـد طيار و45 مـهندسـا ارضـيـا و14 مـيكانيكيـا و8 مـديري مـحطات خـارجــيـة، ولو لم تقم «الكويتـيـة» بشيء خـلال سنوات عـملهـا الطوال إلا بتـأهيل الـشبـاب الـكويتي على التخـصصـات الفنية النادرة ومـنح فرص عمل للآلاف منهم لكفاها هذا فخرا وتقديرا.

سامي النصف

حتى لا يخدع أحدا أحد

تتـزايد المطالبـات هذه الايام بان يبتعـد التشكيل الوزاري القادم عن قضـايا المحاصـصة التقـليدية، وان يتم البحث عن الكفاءة والامانة كـعنصـرين وحـيديـن للاختـيـار الوزاري، والحـقيـقـة ان هذا الكلام «النظري» الجـمــيل يذوب مع اول مـواجـهـة نيابـية، وسـتـحـاسب الحكومـــة حــال خلوهـا من هذه الشـريحـة الاجـتـمـاعـيـة او تلك الطائفية، وسـيطرح سؤال منطقي: هل خلت تلك الشـرائح الخلصة من افراد مؤهلين لتوزيرهم؟!

ان هناك في الحياة دائمـا فارقا بين النظـريات الجـمــيلة الحــالمة والتطبـيق الـواقـعي، لذا فـالوضع الامثل يكمن في النظر لحقائق الحياة السياسية والاجتماعية ووضعها في الحسـبان مـع محاولـة الاستـفادة القصـوى مما هو قائم ومـوجود، اي بمعنى انه لا مـانـع على الاطلاق من قضية التمثيل الشرائحي على ان يتم الاختيار الامثل لافـراده، فيبحث عن الاكفأ والاقدر.

ولا شك في ان مـجـتــمـعنا الفـاضل سـيـصـل في يوم مـا الى مـرحلة من الـتـقـدم والرقي تذوب حـينهـا تلك الـفـروقـات بين ابناء الوطن، وعندها ـ لا قبلها ـ لن يكون هنـاك مـــانع على الاطـلاق من ان تشكل الحكومـة من لون واحـد من ألوان الطـيف الاجــتــمـــاعي او السيـاسي، ويوم كهـذا هو حقيـقة حلم الـوطن الوردي الذي يـجب ان نسـعى جاهدين للوصـول له عبـر تجردنا من مظاهر التـعصب الذاتية وعمليات التخندق المدمرة.

حــضــرت بالامـس لقــاء مـعلومـاتيـا مهـمـا في جـمعـيـة الخـريجين الكويتـيـة، استـمـعت خلاله لكـوكبة من خـيرة السـاسة والمنظرين الأمـيركـيين الختـصين بشؤون المنـطقة، تقدمـهم السفـير البروفيسور ادوارد غنيم، وفوجئت بان عـدد الحـضور من المهـتـمين لا يزيد على اصابع اليد الواحدة.

وهو تكرار للقـاءات سـابقـة حضـرتها في نفس قاعـة الجمعـية الناشطة مع شـخـصيـات شـديدة الاخـتـصاص والمعـرفـة بشـؤون المنطقـة كـريـتـشـارد هس رئيس مجلس العـلاقات الخارجـية واسع النفوذ وتوماس فريدمـان احد كبار رجـال الصــحـافــة في الولايات المتحدة والعـالم، ولو ان احد توافه الامة ممن يدغدغون ويهرفون بما لا يعـرفون او من يسـوقون لقضـايا السحر والشعـوذة وتفسير الاحلام زار البلد لتـقاطرت الالوف لسـماع الدرر من ابداعاته، ويا امـة ضحكت من جهلها الامم.

آخر مـحطة:
نشرت صحيـفة الـ «وول سـتريت جـورنال»، وهي من أوسع الصـحـف الامـيـركـيـة انتـشـارا وتأثيـرا، مـقـالا في 8/3 كتبته ديبرا برلنـغيم، وهي شقيقة كــابتن الـرحلة 77 التي اصـطدمت بمبنى الپنتاغون، شنت فيه هجوما كاسـحا على معـتقلي غوانتـانامو الكويـتـيـين واتهــمـتــهم بـانهم مـحــاربون مع تنـظيم القــاعـدة تحولوا، حسب مقالها، الى مدرسين ابرياء يزورون افغانسـتان، بسبب الجهود التي بذلتـها الكويت للدفاع عن مـواطنـيـهـا وجـهــود مكتب شيرمان وستيرلنغ للمحاماة.

سامي النصف

خارطة طريق لإدارة حكومية جديدة

ليست حقيقية على الاطلاق مقولة «ان المنتج الجيد يبيع نفسه» فالواقع المعيش يظهر ان المنتج الجيد من السيارات الى الالبسة والإلكتـرونيات هو الاكثر دفعا وصرفـا على الحملات الدعائية والـتسويقية، لعلـمه انه في غياب عملـيات الترويج الناجحة سيبقى المنتج حبيس الخازن، لا يعلم بوجوده احد.

أحد الأخطاء الرئيسية والمتوارثة في الكويت والمنطقتين الخليجـية والعربيـة انها تخصـص ضمن خططها الرباعـية والخـمسـية والمسـتقـبليـة مليارات الدولارات للصـرف على برامج الحكومة التنـموية، وتنسى ان تلك المشاريع الناجـحة حـالها كـحال اي مـنتج آخر تحـتاج الـى تسويق فـاعل لدى الناس، ومن ثم ضـرورة تخـصيص مـبـالغ ضمـن الميزانيـة للتـرويج لها، كـي يعلم المواطنون بهـا فيـدعمـوها وتتـغيـر ثقافتهم السالبة الى ثقافات متفائلة موجبة، تجعلهم يشعرون بالأمل وحب الحياة وان اموال الدولة ليست متسربة للجيوب، بل تستخدم للعمران وبناء المستقبل.

تحتاج الحكومة المقبلة ووزراؤها لتفعيل دور العلاقات العامة في الوزارات الختلفة حتى نرى مسؤوليها بشكل يومي على وسـائل الاعـلام الخـتلفة وهم يـشرحـون مـا يدور في وزاراتهم ويسلطـون الضـوء الباهـر على المشـاريع والخطط المستقبلية التي يعلمون هم بها ولا يعلم بها اغلب الناس، كذلك نرجـو الإيعاز بتـفـعيل اقـسام اسـتـقبـال شكاوى المواطنين والتـفاعل معـها والنظـر في تغيـير ساعـات الدوام كوسـيلة لزيادة الانتـاجـية، وتقلـيل الزحام، واحـيـاء المدن البـعيـدة الجديدة، وتخفيف الاوزان الثقـيلة الناتجة عن وجبات الغداء الدسمة والنوم بعدها.

الجلوس والخـمول والكسل تسـبب الأمراض الختـلفة التي تدفع الدولة المليارات لعلاجها، كمـا انها من اسباب التذمر والتـحلطم والتـقـرطم من بعض مـن يجلسـون في الدواوين والمقاهي دون عمل شيء مفيد. اختارت منظمة الصحة الدولية الكويت كـواحـدة من اربع دول في العـالم ضـمت الى جـانب الكويت روسيا وتشيلي والبرازيل لتـفعيل النشاط البدني في الدولة ولدى كـافة مواطنيـها ومـقيـميهـا، وهو امر لو تبـنته الحكومة لأطال الاعمار وزاد جرعة التفاؤل وحمى الشباب من آفات التطرف والخدرات وحوادث السيارات.

آخر محطة:
وضع الكويت في المكانـة الاولى للملاءة الماليـة في العـالم يرجع في جزء منه لجهود السيد بدر الحميضي الخازن الامين للمال العـام والمدافع الشرس عن حق الاجيـال المستقـبلية في الاستفادة منه، لذا نرجو ويرجو الشعب الكويتي معنا ان يبقى على رأس تلك الوزارة الهامة.

سامي النصف

ثلاثية الشوك وبنوك المساء

قادت الرئيسة المحافظة مارغريت تاتشر وبعدها ميجور بلدها لمدة جاوزت الأعوام العشرة، وما ان اتت الانتخابات البرلمانية اللاحقة حتى اكتسحها حزب العمال بقيادة بلير، ومثل ذلك سيطرة الديموقراطيين الليبراليين بقيادة الرئيس كلينتون على مقاليد وزارات التعليم لمدة 8 اعوام، ومع ذلك لم يتحول الشعب الاميركي بسبب ذلك الامر الى ديموقراطيين وليبراليين دائمين، بل عادوا وانتخبوا الحزب الجمهوري لأنهم ليسوا قطيعا يقاد من قبل الوزير الراعي، لنتوقف قليلا عن خلق اصنام سياسية لا نكتفي بعبادتها والايمان بها، بل نطلب من الآخرين عبر التهديد والوعيد ان يؤمنوا بها و.. يعبدوها.

طالبنا في عدة مقالات سابقة بإعداد دورات تعريف بالعمل البرلماني للنواب الجدد، تتم خلالها دراسة الدستور واللائحة والقصد من الاسئلة البرلمانية والاستجوابات، اضافة الى قواعد البروتوكول، الحقيقة ان مثل تلك الكورسات يحتاجها كذلك بعض الوزراء الجدد حتى يعرفوا بشكل افضل حدود مهام عملهم، فلا يفرطوا بما هو حق لهم ولا يقفزوا بالمقابل على صلاحيات الآخرين. يمارس الطبيب مهنته في عيادته والمحامي في مكتبه والطيار في كبينة قيادته، وبالمثل يفترض ان يمارس عضو مجلس الامة جل اعماله التي انتخب لاجلها تحت قبة البرلمان وضمن لجانه وليس في دهاليز الوزارات وداخل مكاتب المسؤولين، علينا في المرحلة المقبلة خلق لوائح واعراف تصون كرامة النائب الفاضل وتمنعه من اصطحاب ناخبيه للوزارات المختلفة لتحقيق طلبات هي في اغلبيتها المطلقة قفز على حقوق مواطنين آخرين وانتهاك لأبسط قواعد دولة المؤسسات التي تدعو للمساواة واعتماد العمل المؤسسي لرفع المظالم.

جرت الاعراف في العالم اجمع على ان يعطى اي تشكيل وزاري جديد مدة تقارب العام قبل البدء في محاسبته، امر كهذا اصبح مطلبا ملحا للشعب الكويتي، كي تبدأ قاطرة الحكومة التي تسحب البلد بالعمل والتحرك السريع للامام قبل ان تصدأ السكة وتجنزر العجلات من طول التوقف، ويعتاد الناس على مقولة نيام نيام.

هناك ثقافات سياسية متوارثة خاطئة حتى النخاع تسببت بأغلب الكوارث السابقة واللاحقة، من اهمها الاعتقاد بأن العمل السياسي لا يتم الا بالازمات السياسية، وان اعادة الانتخاب وحصد رضا الناس لا يتحققان الا اذا غضب النائب وزمجر وضرب بيده على الطاولة واضاف الى صحيفة اعماله استجوابا او اكثر.

العمل السياسي المثمر والمفيد هو الذي لا يسمع ولا يعلم الناس به.
 
استمعت من احد المخضرمين في احد الدواوين لنصائح مرسلة غير شكل، يقول صاحبها: احذر في العمل الحر من ثلاثية الـ «شوك»، وهي اختصار للشراكة والوكالة والكفالة، كما اضاف بالنصح الا تشتغل او ترأس من هم من ابناء جلدتك ايا كانت جنسيتك، حسب قوله، لأن ذلك يجرئهم عليك فيصبحون اما مشكلجية يولولون في الصباح والمساء كالنساء او كلكجية كثيري الكذب والتغيب بعذر او بدونه او حرامية يسرقون الكحل من العين، لا عجب الا نرى مواطنين يعملون في القطاع الخاص ما دام هناك من يؤمن بمثل تلك الاقوال.

آخر محطة:
لا داعي على الاطلاق لفتح البنوك ابوابها في المساء وهو ما يساهم بتطفيش الكويتيين العاملين بها.

سامي النصف

في التنظير السياسي وناصر الروضان

سؤال يجب الإجابة عليه بتجرد وصراحة تامة، وهو: هل الأزمة القائمة في البلد والتي انتهت باستقالة الحكومة هي نتاج لسوء اختيار أو أداء الوزراء المستجوبين؟

الإجابة المنصفة هي بكل بساطة «لا» كبيرة، فمحمد السنعوسي كان أحد أكثر وزراء الإعلام تأهلا وخبرة وقدرة وقد ساهمت إصلاحاته بوفر في المال العام جاوز 3 ملايين شهريا، والحال كذلك مع الأداء الموجب لوزير ومسؤولي وزارة الصحة.

إن مغزى السؤال والإجابة السابقة إظهار حقيقة أن حسن اختيار الوزراء بذاته، وهو مطلب ملح لا جدال عليه ولا بديل عنه، قد لا يعني توقف الأزمات والاستجوابات مستقبلا التي تشغل البلد عن متابعة أموره التنموية، ما لم تواكبه إصلاحات جذرية وجوهرية على الجانب التشريعي، يقوم بها العقلاء والحكماء من النواب لمنع استغلال الأدوات الدستورية الخيّرة في غير موضعها، ودون ذلك سيبقى البلد على سطح صفيح ساخن من الأزمات المتتالية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وللمعلومة، ضمت الوزارة المستقيلة وزراء متميزين، وكانوا الأغلبية، وقلة ممن تسببوا بتوريط البلد في أزمات متتالية عبر نظريات ساقطة اختلقوها وصدقوها، وفي هذا السياق نشيد بالدكتورة الفاضلة معصومة المبارك التي تعاملنا معها مهنيا ونشهد لها بالكفاءة والتميز الشديدين.

أحد الأخطاء الشائعة في شارعنا السياسي اختراع نظريات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم الطلب من المسؤولين اتباعها والتقيد بها (!)

ومن تلك النظريات بدعة القول بأن الليبراليين يجب أن يبعدوا عن وزارتي الإعلام والتربية.

في البدء إن مضمون ذلك القول، ومغزاه الحقيقي أن شعبنا ومواطنينا هم أقرب للقطيع الساذج الذي لا عقل له، ومن ثم يستطيع فرد واحد متى تسلم مقاليد وزارة ما أن يغير أوضاعه وقناعاته من حال إلى حال.

لقد تولى مقاليد وزارتي التربية والإعلام في دول، مثل مصر وسورية والعراق وغيرها لعقود عدة، وزراء علمانيون وليبراليون ومع ذلك نرى التوجه الديني على أشده في تلك الدول، ومن ثم لا صحة إطلاقا لنظرية «القطيع» التي ترى أن وزيرا ليبراليا سيحيل البلد الى ليبراليين، فإذا ما حل محله وزير يساري تحول «القطيع» الى يساريين وإذا ما أصبح إسلاميا تحولوا الى إسلاميين، إن في مثل تلك الادعاءات والمطالب الساقطة تدخلا فجا وغير مقبول في أمور سيادية مناطة بها سلطات أخرى تنهى عنه المادة (50) من الدستور، لذا ما كان يجب التدخل به أو الحديث عنه ممن يفترض فيهم الحفاظ على نص الدستور وروحه.

إن هناك ما يسمى بـ «المواءمة والملاءمة» في العمل السياسي، بمعنى أن وزارتي الأوقاف والعدل أكثر ملاءمة لتعيين رجال من التيار الديني بهما رغم عدم وجود ما ينص على ذلك في الدستور، بينما نجد أن وزارتي الإعلام والمالية أقرب للتوجه الليبرالي بسبب خصوصيتهما، ولحقيقة أن تقلد أحد الإسلاميين لإحدى أو لكلتا الوزارتين سيحرجه ويدمر أعمال وأنشطة وزارته، فكيف لإسلامي أن يقبل بمعاملات البنوك والاستثمارات الربوية في المالية أو الأغاني والتمثيليات في الإعلام؟!

في النهاية نطالب بالتوقف عن الدعوة لاستحقاقات غير عقلانية أو منطقية من المسؤولين.

آخر محطة:
نرجو من القلب صحة ما أشيع عن عرض منصب وزاري قيادي على الوزير السابق ناصر الروضان الذي يحظى باحترام الجميع، بوخالد تحتاجه البلد بشدة في المرحلة المقبلة.

سامي النصف

أربعائيات متناثرة

حضرت بالأمس جانبا من انتخابات رابطة الأدباء احدى منارات الثـقافة والشعر والادب الكويتية في عالمنا العربي والتي تم تأسيسها في عام 1923، وحقيقة محزن ومخجل جدا عدم حصول الرابطة في عهد الطفرة النفطية والمداخيل المليارية غير المتوقعة على مبلغ لا يتجاوز 600 الف دينار طالبوا به الحكومة لانشــاء مقر جديد لهم بدلا من مبـانيهم المتهالكة التي جاوز عمـرها النصف قرن.

وبالمقابل هناك حقيقة ثابتة تظهر ان من يساهم بإنشاء عمل ثقافي أو أدبي أو فكري يقوم التاريخ بتخليد اسمه الى الأبد كحال من انشأوا مدرسة المباركية، لذا فما المانع من قيام جهة خاصة سواء كانت افرادا أو مؤسسات بنكية أو مالية أو عقـــارية بتبني بناء كل أو جزء من ذلك المشروع التنويري الهام الذي سيضم مبنى ومكتبــة ومسرحا وقاعات محاضرات على أرضهم الكائنة في منطقة العديلية؟

ولن يبخل ادباؤنا بالطبع على من يقوم بذلك العمـــل الفكري والثقافي المميز باطــلاق اسمه على مباني ومنشــآت رابطتهم.

«السلامة» في الكويتية تحكم معيارها الجهات الرقابية المحلية والدولية لا الاهواء والتي تجمع دون استثناء على جودة الاداء في المؤسسة من تلك الزاوية، وللعلم لا علاقة لمستوى السلامة بالأعطال الفنية الطارئة التي تحدث في جميع شركات الطيران في العالم ومن ضمنها الطائرات الجديدة قبل القديمة لحقيقة ان جميع الطائرات المستخدمة هي من صنع مصنعين هما الايرباص وبوينغ ولا توجد طائرات تايوانية مقلدة وسيئة الصنع تستخدم لدى شركتنا واخرى جيدة تستخدم لدى الآخرين.

وفي هذا السياق عقد اجتماع تاريخي قبل يومين ستظهر نتائجه ان شاء الله سريعا على مستوى الاداء والخـــدمة في «الكويتية» التي هي بالنهاية ملكيـــة عامة يشترك بها كل المواطنــين الكويتيين ولا توجــد لأحد مصلحــة في الاساءة لسمعتها، خاصــة انها تتنافس على مستــوى دولي مع شركات بالمنطقة مدعومة بالمليارات وتم تصنيفها بالافضل على مستوى العالم اجمع، ان هناك بالقطع مجالا كبيرا لتحسن مستوى الخدمة والاداء في الكويتية وتقليل عمليات التأخير والاخطاء الشخصية لحدها الادنى، وهو ما تزمع مؤسستنا الوطنية وقيادتها التنفيذية الشابة على القيام به.

سامي النصف

حكومة 2007

نحن بحاجة لنهج جديد وثقافة جديدة تبعدنا عن الخارطة الزرقاء التي تشكل من خلالها الحكومات المتعاقبة فتنتهي في بعض الأحيان بالأزمات والاستجوابات والاستقالات اللاحقة، وأول مقترحات التشكيل الجديد التشاور بشكل مختلف مع الكتل البرلمانية الأربع، فيبحث عن القواسم المشتركة بينها، ثم الاتفاق بشكل مسبق على أن تشكيل حكومة إصلاحية تحارب الفساد يعني دعم الكتل بشكل واضح وصريح لمساراتها وقراراتها لا أن يكون لسانهم معها وسيوف استجواباتهم الكيدية ضد وزرائها.

وهناك حاجة ماسة للوزراء الناطقين من منظرين ومفكرين ممن يستطيعون ان يسوقوا للناس برنامج عمل الحكومة ويدعموا خيارات الخصخصة، وكويت المركز المالي والنهضة الجديدة.

ان منهاجية الحكومة الناطقة قضية مهمة، حيث من خلالها يتم كسب الرأي العام فتخف الأزمات والاستجوابات ودون ذلك سيظل هناك من يستضعف الحكومة ويحاول ادعاء البطولات من خلال إعلاء الصوت الأجوف عليها.

ومن الضرورة بمكان معرفة ان شريحة الأذكياء من جميع القطاعات هي الأصلح لمناصب الوزراء، حيث ان كفاءاتهم العقلية تثري الحوار ضمن المجلس وتجعله اقرب لمستودع عقول يرشد القرارات الصادرة ويحصنها من الأخطاء والزلات، ومن ثم إيقاف ظاهرة سحب المشاريع والقوانين بعد صدورها، كما ان لهذا النوع من المسؤولين القدرة على تحفيز العاملين في الوزارات المختلفة ودفعهم للعمل الجاد، مما يشعر المواطنين والمقيمين بالرضا والراحة تجاه أداء الحكومة، ويوفر القطاع الخاص عادة شريحة كفؤة وبعيدة عن الموروثات الحكومية العاشقة للروتين واسلوب «كتابنا وكتابكم» الشهير، وأمر كهذا لا يعني توزير من يؤمنون بالليبرالية المتوحشة التي لا ترى خطأ على الاطلاق في طرد جميع الكويتيين من وظائفهم وابقائهم مشردين على الأرصفة لما في ذلك بنظرهم من حرص ومراعاة لمصالح الكويت العليا.

وضمن القطاع الحكومي وفي وزاراته ومؤسساته وشركاته رجال ونساء لو وضعتهم على جراح الوطن لبرئ وتعافى وشفي وخرج يجري مسابقا وسابقا الآخرين، ومثل هؤلاء ليسوا بالضرورة على قمة الهرم الاداري، حيث ان نظامنا الحكومي كثيرا ما يرقي ويصعد ذوي الاعاقات الفكرية والضمائر المهترئة ويدفع لزوايا النسيان بأصحاب الكفاءات النادرة والضمائر الحية.

ومما يساء له كثيرا ويخدع به حتى وقوع الفاس بالرأس مصطلح وزراء التكنوقراط فيؤتى للوزارة بمن يحمل الشهادات العليا، والشهادات العليا منه براء، أو بمن يسبق اسمه حرف الدال دون معرفة ان ضمن تلك الشريحة ـ حالها كحال جميع الشرائح الأخرى في المجتمع ـ الكفؤ الأمين، كما ان من ضمنها عديم الكفاءة، فالشهادات العليا يتم الحصول على البعض منها بالذكاء والقدرة والبعض الآخر بالمثابرة والتكرار الذي يعلم الشطار، كما يشترى بعضها الثالث بالكيلو أو الرطل طبقا لبلد الجامعة المصدرة لتلك الشهادة.

آخر محطة:
حُسن المنتج لايعني الاستغناء عن الحملات الإعلانية والإعلامية الدعائية لترويجه، خطط حكومة 2007 ومشاريعها بحاجة لتفعيل خطط الإعلان عنها وتسويقها لحصد وحشد دعم الجمهور لها.

سعيد محمد سعيد

لا تدعوا الظلام يعمي القلوب والعيون!

 

لا تبارح الصورة ذاكرتي، بل إنني أجزم أنها لا تبارح ذاكرة الكثير من المواطنين ممن اعتادوا على زيارة موقع مدفع الإفطار في منطقة النعيم في شهر رمضان المبارك، والذي يتحلق حوله في العادة مواطنون ومقيمون، كبارا وصغارا، لينتظروا بطول صبر ورغبة قوية لحظة الإطلاق التي تزداد مع اقترابها القلوب دقا والعيون اتساعا… ثم تأتي اللحظة… ثلاثة اثنان واحد، او واحد اثنان ثلاثة… لا فرق… أطلق! تنطلق القنبلة الصوتية مدوية ثم ما هي إلا لحظات حتى يتفرق الناس في سرعة في كل اتجاهات تاركين خلفهم غمام الغبار والأتربة وأصوات أبواق السيارات في حال الاحتكاك والاختناق المروري الذي يسببه تكدس السيارات عند مخرج معين…

لكن في الغالب الأعم، تكون الوجوه كلها مبتسمة ومسرورة… أولا لأن الأطفال فرحوا بالمشهد المحبوب، ثانيا، والأهم، هو أن الصائم سيفرح بعيده الأول حينما يصلي ويفطر وتمتلئ المعدة بما لذ وطاب من الطعام، ولا شأن لخلق الله لنا بعد ذلك.

هلا تذكرتم هذا المشهد الجميل؟

ماذا لو طبقنا هذا المشهد على ما يجري في بلادنا اليوم؟! من البديهي أننا سنجد مدفعا في مكان ما شاهرا ظاهرا، وربما لن نتمكن من ذلك حينما يكون المدفع مخبوءا في مكان ما في الحفظ والصون، وسيبقى، في كلتا الحالين، الناس في انتظار لحظة مجهولة، ولربما كانت لحظة الإطلاق آتية آتية لا محالة، وهذا ما لا يتمناه أحد، ولربما كانت مجرد قنبلة صوتية، تتفرقع ثواني ثم تنتهي تاركة الغبار.

وكم هو مؤسف أن تعيش البلاد على مجاميع من المقولات السرية، والمعلومات السرية، والتحركات السرية والنوايا السرية والتقارير السرية وكل ما هو سري، والأشد في ذلك هو أن أي تآمر على هذا الشعب سيكون مصيره الفشل، لكنه لن يصل الى مرحلة إقباره قبل أن يذيقنا جميعا، حكومة وشعبا، الويلات والويلات!

نتخبط… هكذا يبدو؟ أليس كذلك؟ تتخبط الدولة… تتخبط مؤسسات المجتمع المدني… تتخبط المعارضة… تتخبط نفسياتنا… تتخبط علاقاتنا مع بعضنا بعضا، لكنهم هم دون غيرهم، من يخططون لإشعال فتيل الفتنة والنار التي يعلمون أثرها ولا نعلم، يبغونها ولا نبغي، تسعدهم ولا تسعدنا… هم وحدهم الذين لا يتخبطون أبدا.

واذا كان الأمر تقصيرا، فالكل مقصر، ولا بد من الاعتراف! فالدولة قصرت كثيرا في التعاطي مع الملفات الحساسة الى درجة إبقائها معلقة بلا إجابات، والمعارضة مقصرة أيضا في الثبات على منهجية العمل الموحد والقرار الموحد في اتجاه العمل مع نظام الدولة دونما إعطاء فرصة للآخرين لأن يشككوا في الانتماء ابتداء، إلى الولاء انتهاء… المثقفون وعلماء الدين والناشطون والوجهاء… الكل مقصر، وإلا لكنا انتهينا منذ أمد طويل من 30 أو 60 أو حتى الآلاف من أولئك الذين يخططون لزعزعة استقرار المجتمع بعد أن نعرفهم وأؤكد (نعرفهم) أولا من هم، وماذا يريدون؟ وما الذي فعلوه وما الذي سيفعلونه؟ سواء تدربوا على رمي الحجارة أو استخدموا بطاريات إطلاق سكود!

لا أحد يمكنه التكهن بما ستكون عليه الأحوال مستقبلا… ستار الظلام الكثيف يعمي القلوب والعيون، ولن تكون لحظة الإطلاق – إن صدق الزعم – إلا علامة على الدخول في نفق أكثر إظلاما إن اكتفت السلطة والمعارضة بالتعامل الإنشائي، وإن تركت بعض الصحف ترقص (بلا سروال) فكيف اذا كانت (مسرولة)، لتجعل الناس يتابعون بدقة، ما جاء في الأوراق الماضية، من خطوات وخطط وبنود، وليزداد الوجل والترقب وغليان الصدور.

وتبدو المحاولات لإحاطة البيت البحريني بالحنان والمودة والعاطفة معدومة، وإن كان بعضها قائما، فهو لا يخلو من افتراض سوء النية… والله لا أدري لماذا، لكنه أمر قائم ولا يستطيع أحد، صادق في تحليله، أن يخالفني في ذلك، ولكن لا بد من القول إن هناك حاجة الى مكاشفة ووضوح تجاه ما تشهده بلادنا من احتقان خفي، ويجب على السلطة أن تبادر… نعم أن تبادر وتقول ما تشاء لشعبها، فبلادنا حرة مستقلة وحكومتنا الخليفية شرعية ودستورية ومؤسساتنا قائمة، فلن يهمنا بعد ذلك أن قلنا الخطر الصفوي (جبنا وتغليفا) أم (الإيراني) جرأة وقوة، أو أصبحنا نقول البحريني الموالي (سني) والخائن المخطط (شيعي)، ولن نخاف من أن نرفع الصوت في وجه كل من يحاول زرع الفتيل الناسف تحت أقدامنا.

التهم متبادلة اليوم، وهذا يعني أن مرحلة ساخنة من الإخلال بالأمن الاجتماعي في البلاد بدأت تظهر رويدا رويدا، وقد كتبت سابقا مشيرا الى أن السجال شديد، ويبدو أن بعض حملة الأقلام والمفكرين والمثقفين والكتاب الذين هم نخبة الأمة، بدأوا يعودون الى مرحلة مص الأصبع في الطفولة انتظارا لمرحلة الحبو ومن ثم الوقوف والسقوط لحين اشتداد العظم!

بعض أولئك، من سنة وشيعة، بدأوا يتفننون في كيفية إلصاق تهمة العار بالآخر… إن من المهم في هذه المرحلة، وفي هذا الظرف بالذات، أن يخنق أحد الطرفين الآخر… وأمام الحكومة، في طقوس سيئة لتقديم قربان الولاء والطاعة والامتثال في جو من الألم المقلق يلف بلادنا من أقصاها الى أدناها.

أقصر السبل لدى بعض المتسلقين وكتبة الأوراق السرية وموظفي الأعمدة الصحافية مدفوعة الأجر أن تلقي التهمة على «ولاء الشيعة أولا» وتجردهم من «الدم البحريني الخالص» المشترك بين السنة والشيعة، لتبدأ بعد ذلك عملية غرس أنياب فتنة القصد منها وضع الشيعة في لائحة الاتهام… فهم الذين يحرقون «وهذا ليس بجديد على الرافضة منذ قديم الزمان»، وهم الذين يفجرون اسطوانات الغاز، وهم الذين يحرقون الإطارات وإشارات المرور، وهم الذين يرفعون صور الخامنئي وبن لادن، وهم كذلك الذين يجلسون على الأرصفة لبيع ولائهم… هذا ما يردده البعض لكن بصياغات مختلفة!

من السهل أن نلصق التهمة بأهالي قرية أبو صيبع وبني جمرة، ومن السهل أيضا رمي التهمة على أهالي قرية «الديه» لأن حرائق ليالي الجمعة تحدث أمام قريتهم؟ لكن سيكون مستحيلا أن يوجه الاتهام إلى أهالي قرية البديع أو الجسرة أو الحد أو البسيتين حين ترى إطارات مشتعلة ترتفع منها النيران… أليس كذلك؟ لأنك ستسأل عن الفاعل!

ليس هناك وقت لنستمع الى العد التصاعدي أو التنازلي… من الواحد إلى الثلاثة، لكي نشاهد لحظة إطلاق «القذيفة»، لكن على أية حال، ليس هناك ما يوحي بأن الوضع يسر… أو الحال مطمئن، ولم نعد نسمع الناس تكرر كثيرا عبارة ما أجملها: يسرك الحال!

سامي النصف

لماذا ينجح الإسلاميون ويفشل الآخرون؟!

السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، لذا يقوم النظام السياسي الغربي على تداول السلطة بين حزبين رئيسيين فلا يوجد فوز دائم للمحافظين او نصر دائم للديموقراطيين كي لا تفسد اللعبة الديموقراطية، لذا نلحظ انحياز الاعلاميين والمفكرين والمثقفين الغربيين للحزب الذي يخسر الانتخابات حتى يستقوى ويربحها بجدارة، ثم يحدث العكس وهكذا دواليك دون ان يُترك شيء للصدفة حتى بلغ ان شكك البعض في دقة كمبيوترات وآلات التصويت وانها ـ لا الناخبين ـ من يقرر ذلك التناوب الواجب بين الرؤساء والاحزاب ويمكن مشاهدة فيلم «رجل العام» الذي يحكي تماما وبطرافة عن تلك النظرية وذلك الموضوع.

ولو رقبنا يوما اكتساح التيار العلماني او الليبرالي للانتخابات العربية، وهو امر قابل للحدوث مستقبلا، لوجب، منعا للتسلط والديكتاتورية، ان نقف كمثقفين ومفكرين واعلاميين عرب مع التيار الاسلامي والمحافظ حتى يقوى وينافس والعكس بالطبع صحيح، لذا ونحن نتابع هذه الايام تسيد واكتساح التيار الاسلامي للانتخابات العامة في كثير من بلداننا العربية، نحتاج للنظر في كيفية تقوية التيار المنافس «الليبراليين» حتى لا تتكرر مأساة وصول النازيين والفاشست والشيوعيين للسلطة عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، حالهم كحال الاسلاميين في السودان وايران وافغانستان وماتسبب به ذلك من حروب وارهاب وارعاب نظرا للغياب الملحوظ للتيار المنافس الآخر.

ان قوة التيار الاسلامي يكمن احد عناصرها المهمة في ربطه القوي لمؤسساته المالية وأنشطته الاقتصادية بتوجهاته السياسية المؤدلجة وخلقه شبكة اتصالات ناجحة توصل تجارب احزابه السياسية والاقتصادية من بلد الى آخر، فالتوجه الاسلامي عند اي انتخابات تحدث في وطننا العربي وحتى الاسلامي ـ وبعكس خصمه الليبرالي ـ لا يبدأ من الصفر بل من آخر ما توصل اليه نفس التوجه في بلد ثان، وهو ما شهدناه قائما في انتخابات البحرين والسعودية.. الخ، حيث استفادت الحركة الاسلامية هناك من التجربة الاسلامية الكويتية بينما لم تستفد القوى الوطنية والليبرالية والعلمانية السعودية والبحرينية من التجربة الكويتية بهذا الخصوص.

كذلك تمتاز الحركة الاسلامية السنية أو الشيعية بوجود دول ام راعية لها بالمال والدعم السياسي «السعودية، ايران، السودان، افغانستان الطالبان» وهو امر لا شبيه له في الحركات العلمانية والليبرالية التي لا تحوز، رغم كل ما يقال ورغم اكذوبة مسمى «المارينز العرب»، اي دعم تقني او سياسي او مالي من الولايات المتحدة او اوروبا بل حتى من الدول الليبرالية العربية الاخرى كمصر والاردن والمغرب والدول الخليجية.

لقد استطاع بنك اسلامي واحد في الكويت ان يخلق شبكة مصالح وشركات اقتصادية مرتبطة بالتوجه الاسلامي السياسي، والحال كذلك مع المصالح المالية والسياسية المتشابكة لبيوت الزكاة والجمعيات الخيرية وبعض الجمعيات التعاونية والادوار الفاعلة التي تلعبها ابان الانتخابات العامة، بينما نرقب عملية انفصام كاملة بين ما يقارب من سبعة بنوك «ليبرالية» كويتية والتوجه السياسي الليبرالي الكويتي، حيث لا دعم ماليا ولا ربط سياسيا يجمعها رغم الفوائد الجمة التي يمكن ان تجنى من مثل ذلك التقارب المقارب للعلاقة السياسية ـ الاقتصادية للتوجه الاسلامي.

وقد كانت تجربة التجمع الديموقراطي قاصرة حتى النخاع عن فهم او تعزيز تلك العلاقة السياسية ـ الاقتصادية وخلق الحواضن والقواعد الشعبية للتوجه الليبرالي، حيث قام التجمع بشكل اقرب للشركات التنفيعية المقفلة فتم اشتراط تزكية شخصين للعضوية السياسية التي يفترض بها ان تطرق الابواب لضم الجميع من الجهراء حتى ام الهيمان لسحب البساط من الطرف المنافس الممتد على نفس المساحة الجغرافية.
 
وللموضوع بعد ثالث مهم هو التوجه السياسي للحكومات العربية وصلتها بالتيارات السياسية المؤدلجة «اسلامية، ليبرالية» سلبا او ايجابا وتأثير تلك العلاقة على الامتداد الشعبي للحركات السياسية المعنية او انحسارها، حيث قد يعني الدعم الحكومي في بعض الاحيان الفائدة والقوة وقد يعني في مكان آخر الضرر الشديد بمن يقدم له ذلك الدعم كما حدث للحركة القومية واليسارية في عراق صدام حسين وغيره..

والحديث ذو صلة وشجون..