سامي النصف

بلد الورود والقرود

قـد تكون الجزائر أجمل الدول العربيـة قاطبة بسـواحلها البـديعة الممتـدة لأكثـر من 1200 كم، وطقسـها الشــرق أوسطي الدافئ المـعـتــدل، وجبالها الخضراء الرائعة، وواحاتها المغروسة في قلب الصـحراء الكبرى، إضافة إلى تراث تاريخي متنوع يمتد الى آلاف السنين، ويشـمل حضـارات الفـينـيـقـيين والرومــان والبـربر والعرب المسلمـين واليهود المهـجرين من الأندلس.

في الثــمـانينـيـات فـتــحت «الكويتية» خطا لـلجزائر، وقد تكون غلطة وزارة السـيـاحـة والثـقـافـة الجــــزائرية آنـذاك أنها زودت «الكويتـيــة» بصـور وبوسـتـرات للصــحـراء والواحـات الجــزائرية للتـسـويق، مما أعطى انطبـاعـا بأن الجـزائر مـا هي إلا مدن تحـيط بهـا الصـحراء من كل جـانب، وبالطبع لا يمكن إغراء الكويتي او الخليــجي بالسفر آلاف الأميال لمشاهدة ما يراه كل صـباح فـي بلده، وبديهي ان تلك الصـور والـبـوسـتــرات وضـعت لتـــــســــويق الجــــزائـر لدى الأوروبيين والأمـيركـان وليس لدى الخليجيين.

وفي سـفـري الأخير للجـزائر زرنا قمم الشريعـة في ولاية «بليدة» التي هي تصـغـيـر بلد، وتلك القـمم ترتفع 1600 متر عـن سطح البحر، أي أعلى كثيرا من كثـير من جبال لبنان، وتشتهر تلك القمـم التي هي محميات طبـيعـية تمتـد لأكثـر من 1500 كم2 بأشـجـار الـصنوبر والأرز والورود والزهور المـتنوعــة وآلاف الطيــور والفراشات والمخلوقات الفريدة التي من ضــمنهــا نوع نادر من القــرود الشبيهة بالإنسان.

وتنتـشر ضمن الجـزائر وعلى بعد ساعـات من العاصمة الكـثير من المدن والسواحل والجبـال، فهناك إلى الشـرق مدينتـا عنابة وقـسطنطينة عـاصمـة الثـقافـة الجـزائرية، والى الغرب مـدينتا وهـران، التي تشتـهر بموسـيـقى الرأي، وتلمـسـان ذات التراث الانـدلسي المميز، امـا الجنوب فيشتهـر بالواحات الخضراء ووجود قبائل الطوارق البربرية الملثمة.

ان الجزائر حـالها كحال كـثير من دولنا العربية ينطبق علـيها قول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول اي نلحظ حـاجة دولـنا العربيـة للمال بينما تزخر أراضيها بالثروات المتـعددة، فـالجزائـر مثـلا تمتلك كل عناصـر النجاح مـن ثروة بتروليـة ومعادن ومـياه ومساحات شـاسعة وجمـال طبيعـة وتراث تاريخي، ولا ينقصها إلا الانفتاح وتشجيع عمليتي السياحـة والاستثمـار، وهو ما تقوم به جاهدة هذه الأيام حـكومة الرئيس عبـدالعزيز بوتفليـقة الذي وددنا لو تسلم مـهام منصـبه الحالـي قبل 45 عامـا، إذن لكانت الجزائر قـد تحولت إلى أحدى جنات الأرض، حالها كحال مصـر والعراق ولبنان وسـورية من دولنا العــربيـة التي أساءت لهـا النــظم الاشـتـراكـيـة والخـلافـات السياسية.

آخر محطة:
نرجـو أن يـدفع مـؤتمر القــمـة العربـية بعمليـة السلام في المنـطقة إلى الأمام، حتى يسـود الاسـتقـرار المنطقة ونتحول من حال إلى حال.