سامي النصف

ثلاثية الشوك وبنوك المساء

قادت الرئيسة المحافظة مارغريت تاتشر وبعدها ميجور بلدها لمدة جاوزت الأعوام العشرة، وما ان اتت الانتخابات البرلمانية اللاحقة حتى اكتسحها حزب العمال بقيادة بلير، ومثل ذلك سيطرة الديموقراطيين الليبراليين بقيادة الرئيس كلينتون على مقاليد وزارات التعليم لمدة 8 اعوام، ومع ذلك لم يتحول الشعب الاميركي بسبب ذلك الامر الى ديموقراطيين وليبراليين دائمين، بل عادوا وانتخبوا الحزب الجمهوري لأنهم ليسوا قطيعا يقاد من قبل الوزير الراعي، لنتوقف قليلا عن خلق اصنام سياسية لا نكتفي بعبادتها والايمان بها، بل نطلب من الآخرين عبر التهديد والوعيد ان يؤمنوا بها و.. يعبدوها.

طالبنا في عدة مقالات سابقة بإعداد دورات تعريف بالعمل البرلماني للنواب الجدد، تتم خلالها دراسة الدستور واللائحة والقصد من الاسئلة البرلمانية والاستجوابات، اضافة الى قواعد البروتوكول، الحقيقة ان مثل تلك الكورسات يحتاجها كذلك بعض الوزراء الجدد حتى يعرفوا بشكل افضل حدود مهام عملهم، فلا يفرطوا بما هو حق لهم ولا يقفزوا بالمقابل على صلاحيات الآخرين. يمارس الطبيب مهنته في عيادته والمحامي في مكتبه والطيار في كبينة قيادته، وبالمثل يفترض ان يمارس عضو مجلس الامة جل اعماله التي انتخب لاجلها تحت قبة البرلمان وضمن لجانه وليس في دهاليز الوزارات وداخل مكاتب المسؤولين، علينا في المرحلة المقبلة خلق لوائح واعراف تصون كرامة النائب الفاضل وتمنعه من اصطحاب ناخبيه للوزارات المختلفة لتحقيق طلبات هي في اغلبيتها المطلقة قفز على حقوق مواطنين آخرين وانتهاك لأبسط قواعد دولة المؤسسات التي تدعو للمساواة واعتماد العمل المؤسسي لرفع المظالم.

جرت الاعراف في العالم اجمع على ان يعطى اي تشكيل وزاري جديد مدة تقارب العام قبل البدء في محاسبته، امر كهذا اصبح مطلبا ملحا للشعب الكويتي، كي تبدأ قاطرة الحكومة التي تسحب البلد بالعمل والتحرك السريع للامام قبل ان تصدأ السكة وتجنزر العجلات من طول التوقف، ويعتاد الناس على مقولة نيام نيام.

هناك ثقافات سياسية متوارثة خاطئة حتى النخاع تسببت بأغلب الكوارث السابقة واللاحقة، من اهمها الاعتقاد بأن العمل السياسي لا يتم الا بالازمات السياسية، وان اعادة الانتخاب وحصد رضا الناس لا يتحققان الا اذا غضب النائب وزمجر وضرب بيده على الطاولة واضاف الى صحيفة اعماله استجوابا او اكثر.

العمل السياسي المثمر والمفيد هو الذي لا يسمع ولا يعلم الناس به.
 
استمعت من احد المخضرمين في احد الدواوين لنصائح مرسلة غير شكل، يقول صاحبها: احذر في العمل الحر من ثلاثية الـ «شوك»، وهي اختصار للشراكة والوكالة والكفالة، كما اضاف بالنصح الا تشتغل او ترأس من هم من ابناء جلدتك ايا كانت جنسيتك، حسب قوله، لأن ذلك يجرئهم عليك فيصبحون اما مشكلجية يولولون في الصباح والمساء كالنساء او كلكجية كثيري الكذب والتغيب بعذر او بدونه او حرامية يسرقون الكحل من العين، لا عجب الا نرى مواطنين يعملون في القطاع الخاص ما دام هناك من يؤمن بمثل تلك الاقوال.

آخر محطة:
لا داعي على الاطلاق لفتح البنوك ابوابها في المساء وهو ما يساهم بتطفيش الكويتيين العاملين بها.