سؤال يجب الإجابة عليه بتجرد وصراحة تامة، وهو: هل الأزمة القائمة في البلد والتي انتهت باستقالة الحكومة هي نتاج لسوء اختيار أو أداء الوزراء المستجوبين؟
الإجابة المنصفة هي بكل بساطة «لا» كبيرة، فمحمد السنعوسي كان أحد أكثر وزراء الإعلام تأهلا وخبرة وقدرة وقد ساهمت إصلاحاته بوفر في المال العام جاوز 3 ملايين شهريا، والحال كذلك مع الأداء الموجب لوزير ومسؤولي وزارة الصحة.
إن مغزى السؤال والإجابة السابقة إظهار حقيقة أن حسن اختيار الوزراء بذاته، وهو مطلب ملح لا جدال عليه ولا بديل عنه، قد لا يعني توقف الأزمات والاستجوابات مستقبلا التي تشغل البلد عن متابعة أموره التنموية، ما لم تواكبه إصلاحات جذرية وجوهرية على الجانب التشريعي، يقوم بها العقلاء والحكماء من النواب لمنع استغلال الأدوات الدستورية الخيّرة في غير موضعها، ودون ذلك سيبقى البلد على سطح صفيح ساخن من الأزمات المتتالية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وللمعلومة، ضمت الوزارة المستقيلة وزراء متميزين، وكانوا الأغلبية، وقلة ممن تسببوا بتوريط البلد في أزمات متتالية عبر نظريات ساقطة اختلقوها وصدقوها، وفي هذا السياق نشيد بالدكتورة الفاضلة معصومة المبارك التي تعاملنا معها مهنيا ونشهد لها بالكفاءة والتميز الشديدين.
أحد الأخطاء الشائعة في شارعنا السياسي اختراع نظريات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم الطلب من المسؤولين اتباعها والتقيد بها (!)
ومن تلك النظريات بدعة القول بأن الليبراليين يجب أن يبعدوا عن وزارتي الإعلام والتربية.
في البدء إن مضمون ذلك القول، ومغزاه الحقيقي أن شعبنا ومواطنينا هم أقرب للقطيع الساذج الذي لا عقل له، ومن ثم يستطيع فرد واحد متى تسلم مقاليد وزارة ما أن يغير أوضاعه وقناعاته من حال إلى حال.
لقد تولى مقاليد وزارتي التربية والإعلام في دول، مثل مصر وسورية والعراق وغيرها لعقود عدة، وزراء علمانيون وليبراليون ومع ذلك نرى التوجه الديني على أشده في تلك الدول، ومن ثم لا صحة إطلاقا لنظرية «القطيع» التي ترى أن وزيرا ليبراليا سيحيل البلد الى ليبراليين، فإذا ما حل محله وزير يساري تحول «القطيع» الى يساريين وإذا ما أصبح إسلاميا تحولوا الى إسلاميين، إن في مثل تلك الادعاءات والمطالب الساقطة تدخلا فجا وغير مقبول في أمور سيادية مناطة بها سلطات أخرى تنهى عنه المادة (50) من الدستور، لذا ما كان يجب التدخل به أو الحديث عنه ممن يفترض فيهم الحفاظ على نص الدستور وروحه.
إن هناك ما يسمى بـ «المواءمة والملاءمة» في العمل السياسي، بمعنى أن وزارتي الأوقاف والعدل أكثر ملاءمة لتعيين رجال من التيار الديني بهما رغم عدم وجود ما ينص على ذلك في الدستور، بينما نجد أن وزارتي الإعلام والمالية أقرب للتوجه الليبرالي بسبب خصوصيتهما، ولحقيقة أن تقلد أحد الإسلاميين لإحدى أو لكلتا الوزارتين سيحرجه ويدمر أعمال وأنشطة وزارته، فكيف لإسلامي أن يقبل بمعاملات البنوك والاستثمارات الربوية في المالية أو الأغاني والتمثيليات في الإعلام؟!
في النهاية نطالب بالتوقف عن الدعوة لاستحقاقات غير عقلانية أو منطقية من المسؤولين.
آخر محطة:
نرجو من القلب صحة ما أشيع عن عرض منصب وزاري قيادي على الوزير السابق ناصر الروضان الذي يحظى باحترام الجميع، بوخالد تحتاجه البلد بشدة في المرحلة المقبلة.