سامي النصف

لماذا ينجح الإسلاميون ويفشل الآخرون؟!

السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، لذا يقوم النظام السياسي الغربي على تداول السلطة بين حزبين رئيسيين فلا يوجد فوز دائم للمحافظين او نصر دائم للديموقراطيين كي لا تفسد اللعبة الديموقراطية، لذا نلحظ انحياز الاعلاميين والمفكرين والمثقفين الغربيين للحزب الذي يخسر الانتخابات حتى يستقوى ويربحها بجدارة، ثم يحدث العكس وهكذا دواليك دون ان يُترك شيء للصدفة حتى بلغ ان شكك البعض في دقة كمبيوترات وآلات التصويت وانها ـ لا الناخبين ـ من يقرر ذلك التناوب الواجب بين الرؤساء والاحزاب ويمكن مشاهدة فيلم «رجل العام» الذي يحكي تماما وبطرافة عن تلك النظرية وذلك الموضوع.

ولو رقبنا يوما اكتساح التيار العلماني او الليبرالي للانتخابات العربية، وهو امر قابل للحدوث مستقبلا، لوجب، منعا للتسلط والديكتاتورية، ان نقف كمثقفين ومفكرين واعلاميين عرب مع التيار الاسلامي والمحافظ حتى يقوى وينافس والعكس بالطبع صحيح، لذا ونحن نتابع هذه الايام تسيد واكتساح التيار الاسلامي للانتخابات العامة في كثير من بلداننا العربية، نحتاج للنظر في كيفية تقوية التيار المنافس «الليبراليين» حتى لا تتكرر مأساة وصول النازيين والفاشست والشيوعيين للسلطة عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، حالهم كحال الاسلاميين في السودان وايران وافغانستان وماتسبب به ذلك من حروب وارهاب وارعاب نظرا للغياب الملحوظ للتيار المنافس الآخر.

ان قوة التيار الاسلامي يكمن احد عناصرها المهمة في ربطه القوي لمؤسساته المالية وأنشطته الاقتصادية بتوجهاته السياسية المؤدلجة وخلقه شبكة اتصالات ناجحة توصل تجارب احزابه السياسية والاقتصادية من بلد الى آخر، فالتوجه الاسلامي عند اي انتخابات تحدث في وطننا العربي وحتى الاسلامي ـ وبعكس خصمه الليبرالي ـ لا يبدأ من الصفر بل من آخر ما توصل اليه نفس التوجه في بلد ثان، وهو ما شهدناه قائما في انتخابات البحرين والسعودية.. الخ، حيث استفادت الحركة الاسلامية هناك من التجربة الاسلامية الكويتية بينما لم تستفد القوى الوطنية والليبرالية والعلمانية السعودية والبحرينية من التجربة الكويتية بهذا الخصوص.

كذلك تمتاز الحركة الاسلامية السنية أو الشيعية بوجود دول ام راعية لها بالمال والدعم السياسي «السعودية، ايران، السودان، افغانستان الطالبان» وهو امر لا شبيه له في الحركات العلمانية والليبرالية التي لا تحوز، رغم كل ما يقال ورغم اكذوبة مسمى «المارينز العرب»، اي دعم تقني او سياسي او مالي من الولايات المتحدة او اوروبا بل حتى من الدول الليبرالية العربية الاخرى كمصر والاردن والمغرب والدول الخليجية.

لقد استطاع بنك اسلامي واحد في الكويت ان يخلق شبكة مصالح وشركات اقتصادية مرتبطة بالتوجه الاسلامي السياسي، والحال كذلك مع المصالح المالية والسياسية المتشابكة لبيوت الزكاة والجمعيات الخيرية وبعض الجمعيات التعاونية والادوار الفاعلة التي تلعبها ابان الانتخابات العامة، بينما نرقب عملية انفصام كاملة بين ما يقارب من سبعة بنوك «ليبرالية» كويتية والتوجه السياسي الليبرالي الكويتي، حيث لا دعم ماليا ولا ربط سياسيا يجمعها رغم الفوائد الجمة التي يمكن ان تجنى من مثل ذلك التقارب المقارب للعلاقة السياسية ـ الاقتصادية للتوجه الاسلامي.

وقد كانت تجربة التجمع الديموقراطي قاصرة حتى النخاع عن فهم او تعزيز تلك العلاقة السياسية ـ الاقتصادية وخلق الحواضن والقواعد الشعبية للتوجه الليبرالي، حيث قام التجمع بشكل اقرب للشركات التنفيعية المقفلة فتم اشتراط تزكية شخصين للعضوية السياسية التي يفترض بها ان تطرق الابواب لضم الجميع من الجهراء حتى ام الهيمان لسحب البساط من الطرف المنافس الممتد على نفس المساحة الجغرافية.
 
وللموضوع بعد ثالث مهم هو التوجه السياسي للحكومات العربية وصلتها بالتيارات السياسية المؤدلجة «اسلامية، ليبرالية» سلبا او ايجابا وتأثير تلك العلاقة على الامتداد الشعبي للحركات السياسية المعنية او انحسارها، حيث قد يعني الدعم الحكومي في بعض الاحيان الفائدة والقوة وقد يعني في مكان آخر الضرر الشديد بمن يقدم له ذلك الدعم كما حدث للحركة القومية واليسارية في عراق صدام حسين وغيره..

والحديث ذو صلة وشجون..