سامي النصف

بين الثورتين المصرية والإيرانية

كتبت في يناير 1980 وضمن بداياتي الاولى في زاويتي المسماة آنذاك «من فوق السحاب» مقالا كان بنفس عنوان اليوم حذرت فيه من عدم اتعاظ ايران الجارة المسلمة من مصر الشقيقة العربية التي اعطت لنفسها حق تصدير ثورتها في الخمسينيات والستينيات ومن ثم التدخل في شؤون الدول الاخرى، ولم يسقط مبدأ تصدير الثورة حتى تورطت مصر في حروب ونكسات ونكبات ومن ثم كان الخوف ان تسير الثورة الايرانية الناشئة آنذاك في ذلك المسار المدمر، ولم تمر اشهر قليلة على ذلك المقال حتى ابتدأت شرارة الحرب العراقية ـ الايرانية التي انتهت بما يعرفه الجميع والتي تسببت بتوجيه موارد المنطقة الناضبة للحروب والتدمير بدلا من التنمية والتعمير.

لقد اتخذت الثورة المصرية في الخمسينيات والستينيات ذرائع عدة وشعارات مدغدغة كمحاربة اسرائيل واميركا للدخول لساحات الدول العربية الخلفية وخلق الفوضى فيها واسقاط انظمتها المحافظة، وقد كشف البرنامج الوثائقي «ارشيفهم تاريخنا» الذي بث الجمعة ليلا على قناة الجزيرة ان القيادة الاميركية آنذاك كانت سعيدة بتساقط الانظمة الملكية من قبل الانظمة الثورية ولا يختلف اثنان الآن على مقدار الدمار اللاحق الذي حدث لعواصم الحضارة العربية بعد تغير انظمتها المحافظة.

امر كهذا نشهد مثيلا مطابقا له هذه الايام عبر التدخل القائم من الثورة الايرانية في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها بنفس حجة محاربة اميركا واسرائيل، ما ادى مرة اخرى للمصائب والازمات المدمرة في تلك البلدان، ولا اعلم حقيقة كيف يتحدث «البعض» عن تورط اميركا في العراق وهي القادرة على سحب قواتها في اي لحظة دون اضرار عليها، وهي التي لم تزد خسائرها في الجنود خلال اربع سنوات عن خسائر حوادث طرق خلال اسبوع واحد، ولا يتحدث احد عن كم الدمار الماحق الذي اصيب به العراق او لبنان او فلسطين بسبب تلك التدخلات المدمرة في شؤونها الداخلية.

وأحد غرائب الامور هذه الايام ان العرب والمسلمين بدياناتهم وطوائفهم وعناصرهم المختلفة يتعايشون كإخوة واحبة في دول العالم المختلفة كأوروبا واميركا وغيرهما، بينما نرى ونشهد المذابح والاحتقانات بين نفس الطوائف والديانات في منطقتنا العربية دون غيرها، ومما يزيد النار اشتعالا الدور المريب لبعض الفضائيات المحرضة ومعها الكميات المهولة للسلاح والمواد المتفجرة في منطقة لا تصنع رغم كل ما يقال حتى ابرة خياطة واحدة.

لقد أنزلت خارطة المنطقة العربية والاسلامية الكبيرة المعلقة على حائط مكتبتي ووضعت على كل بلد منها شمعة صغيرة او كبيرة حسب حجم البلد المعني، ثم اشعلت الشموع في البلدان المتأزمة حاليا كالسودان والصومال والعراق ولبنان وفلسطين، وبعد لحظة تأمل بدأت بإشعال شموع الدول المقدمة سريعا على ازمات وحروب طاحنة مع المجتمع الدولي او ضمن الداخل او المحيط الجغرافي، فتلألأت الخارطة وزاد تأكدي ان المنطقة مقدمة على فوضى عارمة وعمليات احتراق كبيرة، وقانا الله شر تلك الفتن التي اصبح البعض منا يروج لها في الداخل والخارج بقصد او بدونه.

آخر محطة:
سواء كان التثوير والشعارات المخادعة كمحاربة الاستعمار واميركا تتم تحت رايات القومية كما حدث بالأمس او تحت رايات التأسلم كما يحدث اليوم، فإن الهدف الحقيقي واحد وهو الوصول للسلطة في البلدان المختلفة ولا شيء غير ذلك.

سامي النصف

استجواب عليل وحزب عميل

قبل مدة قصيرة، خط الكاتب الموسوعي السعودي فهد عامر الاحمدي مقالا في جريدة «الرياض» استعان به كعادته بالاحصاءات الدولية للثناء على الخدمة الصحية في الكويت، وقد قرأت ضمن الردود الالكترونية على مقالته والتي جاوزت الخمسين ردا كونه احد الكتاب الاكثر شهرة في المملكة ثناء مماثلا من القراء الذين ذكر البعض منهم توجههم للكويت للعلاج رغم الخدمة الصحية المميزة في المملكة.

لا يختلف احد على ان الخدمة الصحية في الكويت حالها كحال اي دولة اخرى، وعلى رأسها المتقدمة، تحتاج للتطوير والتحسين المستمر، وهو امر تقوم به قيادات الصحة القائمة من وزير ووكيل ووكلاء مساعدين ومدراء مناطق صحية ومدراء مستشفيات واطباء وخدمات طبية مساعدة وغيرهم، وهو امر ما كان حقيقة يحتاج الى استجواب يشغل البلد للوصول له، بل تكفي زيارة يقوم بها بعض النواب الافاضل للمسؤولين لتحقيق ذلك الهدف الخير، فلا احد له مصلحة بتدني مستوى الخدمات الصحية في البلاد، واين منا حكمة النائب السابق محمد احمد الرشيد الذي «استجوب» احد الوزراء في مكتبه بالوزارة؟

حيث طرح عليه الاسئلة وحصل على الاجابة الوافية عليها مع اتفاق على حل المشاكل والمعوقات، وانتهى الامر بالحصول على العنب ودعم الناطور بدلا مما نراه من محاولات لقتل الناطور والدوس على عناقيد العنب.

حزب «التحرير» ومعه حركة المهاجرين هي اسماء لحزب انشأته المخابرات الدولية في الخمسينيات لخدمة اهدافها بسحب البساط من حركة التحرر العربية والاسلامية آنذاك عبر الدعوة لدولة الخلافة كبديل مستحيل للوحدة العربية، وقد كان للحزب موقف مخز من احتلال المقبور صدام للكويت عندما صرح ممثله في لندن عمر بكري بأن احتلال المقبور يطابق الشرع ولا يجوز للكويت الاستعانة بالكفار الاميركان والانجليز لتحريرها، بينما قام عمر بكري الصيف الماضي ومع بدء الحرب الاسرائيلية على لبنان بالتوجه من «الناعمة» في ضواحي بيروت للبواخر الانجليزية لاخلائه من لبنان باعتباره مواطنا انجليزيا، كما اتى في تقرير مراسل جريدة «الشرق الاوسط».

وقد سألت فيما بعد بعض ممثليه من الشباب الكويتيين عما اذا كانوا يوافقون على صحة احتلال المقبور صدام للكويت، وكانت اجابتهم قاطعة بالموافقة، وان الواجب حسب قولهم ان تبقى الكويت ضمن الدولة العراقية للابد، بالطبع وان نقوم نحن والعراقيون بتعديل مسلك المقبور، وقد كتبت اكثر من مقال في حينه حولهم وكان احدها بعنوان «حزب كويتي يؤيد احتلال الكويت»، لذا لا عجب لما نسب بالامس من اقوال لعضو المكتب الاعلامي للحزب العميل، ومنا لدعاة الاحزاب وبلاويها.

ويعتمد ذلك الحزب على آلية الاعلام بشكل محترف، وتفوق قدراته الذاتية، فقد لحظت إبان المظاهرة التي شارك بها مئات الالوف في حديقة الهايدبارك ضد الحرب على العراق عام 2003، ان رجالا اجانب قد قاموا قبل وصول المتظاهرين باحاطة المكان الذي ستلقى به الخطب وتغطية الفضائيات والصحف بعشرات الاعلام واللوحات البرتقالية الفاقعة التي ترفع اسم الحزب الذي لم يكن مؤيدوه يزيدون عن اصابع اليد الواحدة، كما تابعت في الكويت ابان فترة التسعينيات حقيقة ان كل ندوة تقام تعقبها مشاركة من احد الشبان الذي يبدأ حديثه باعلان انتسابه لحزب التحرير، ثم التكلم عكس التيار كوسيلة لجذب الانتباه والدغدغة الرخيصة.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للزميلة «الوطن» في عيدها السنوي الذي فاتنا حضوره لوجودنا خارج البلاد، والتهنئة موصولة للزميل د.سعد بن طفلة لصدور العدد الصفر من جريدته اليومية «الآن» التي هي حسب ما اتى على صفحتها الاولى اول صحيفة الكترونية تصدر في الخليج نظرا لأن جريدة «ايلاف» تصدر من لندن.

سامي النصف

الطيور المهاجرة وعبداللطيف الشميس

الشعوب العربية لها أصول واحدة وإن اختلطت دماؤها بشكل رائع وجميل مع الشعوب الأخرى المجاورة والبعيدة، فتعددت أشكال وألوان شعوبنا العربية من البياض الى السمار وحتى السواد، ومعها ألوان الأعين من اللون الأسود الذي في طرفه حور الى البني والأخضر والرمادي وحتى الأزرق الميتاليك.

كما تباينت العادات والصفات والتقاليد، فقد اشتهر ـ على سبيل المثال ـ عن المصريين والسعوديين تاريخيا عدم حبهم للهجرة والأسفار الطويلة، وعكس ذلك عند الشوام بشكل عام، والمغاربة واليمنيين والخليجيين وعلى رأسهم الكويتيون، إلا ان السنوات الأخيرة شهدت تغيرا ملحوظا ببعض تلك الصفات والخصائص.

أما الكويتيون فعكس الشوام والمغاربة واليمنيين، حيث توقفوا عن الهجرة وبدأوا بالتقوقع ضمن المساحة الجغرافية المحدودة لبلدهم، كبارهم قبل صغارهم، وتجارهم قبل معوزيهم، وحتى من فرض عليه عمله السفر للخارج بقي في محيط ضيق لا يختلط فيه بالآخرين، ولا يتنافس مع المتنافسين في الحصول على رزقه خارج وطنه، معتمدا بالكامل على أمه الرؤوم (الحكومة) التي توفر له العيش الرغيد من المهد إلى اللحد في بلده أو خارجه.

وفي زيارتي قبل أيام لقاهرة المعز لحضور معرض الكتاب السنوي وأثناء تجوالي في قلب البلد على بعد خطوات من مكتبتي مدبولي والشرق لفت نظري لافتة كتب عليها «مكتب عبداللطيف الشميس» وتذكرت على الفور ان احدا من الكويتيين كان لا يزور القاهرة في الستينيات دون التنسيق مع مكتبين عقاريين يوفران الفلل والشقق المفروشة للعائلات الكويتية، وهو النهج السائد آنذاك، هما مكتب المرحوم خليفة العسعوسي ومكتب العم عبداللطيف الشميس.

دلفت الى مبنى العمارة وصعدت الى الطابق الثاني لأجد مكتبا فسيحا به موظفون يعملون وسكرتارية ويقوم على رأسه رجل جليل هو العم عبداللطيف الشميس الذي روى مختصرا لقصة حياته التي تستحق ان تكون درسا وعبرة لأجيال ناشئة أصبحت تخشى المخاطرة وتعف عن المنافسة وتبتعد عن المجازفة، معتمدة كليا على مطالب لا تنتهي من الدولة لتوفير الدخل المالي دون عناء ثم بعد الحصول عليه يطالبون بالمزيد منه.

لقد بدأ العم عبداللطيف الشميس عمله التجاري في دبي ثم تاجر مع إيران وأتبعها بالسعودية، ثم استقر عام 1961 وحتى اليوم في مصر الحبيبة، حيث أضاف في حينها لعمله العقاري إنشاء شركة سينمائية اسمها «شميس فيلم» كانت تختص بتوزيع الأفلام المصرية، ومن يتابع أفلام الأبيض والأسود يجد ان كثيرا منها يشير الى ان حق توزيعه في العالم محصور بتلك الشركة او بشركتين اخريين إحداهما كويتية والأخرى للبناني هو صبّاح اخوان، ومازال العم عبداللطيف الشميس مستقرا في القاهرة حتى اليوم يدير منها أعماله بكفاءة واقتدار، حيث يشرف مكتبه على ادارة كثير من الأملاك الخاصة، اضافة بالطبع للأعمال الأخرى المنوطة بالمكتب.

آخر محطة:
كان بإمكان الأميركان والانجليز في العراق ان يتعلموا من الهجرات والغزوات العربية، فقد اشتهر عن العرب عدم مضايقتهم لسكان البلدان الأصليين في سكنهم بل يتم إنشاء مدن بديلة وجديدة يقيمون بها مثل بغداد والقاهرة والفسطاط وغيرها، وهو ما جعل شعوب تلك البلدان لا يتضايقون من القادمين الجدد ولا ينشئون حركات تحرر مقاومة لهم.

سامي النصف

زمن الشركات الكبرى

نحن في زمن الشركات الكبرى التي تنتج من اندماج الشركات الصغرى كي تستطيع العيش والمنافسة في بحور تملأها الحيتان واسماك القرش الدولية المدعومة بقوة من حكوماتها، لذا يصعب فهم فلسفة اضعاف شركاتنا الكبرى التي خرجت من محيطنا المحلي للعالمية عبر حسدهم على نجاحاتهم، فيستبدل الدعم المفترض لهم كجائزة على حسن انجازهم بخلق المنافسين والاشكالات والمصاعب امامهم.

ان تلك الشركات وبسبب اتساع رقعة اعمالها وزيادة ارباحها المستحقة تقوم بتشغيل الشباب الكويتي كما تملك القدرة على المنافسة الخارجية وفتح اسواق جديدة لها، لذا فإن خلق شركات اتصال ثالثة ورابعة، الخ، يعني اننا نتوجه بعكس خط السير العالمي المشجع للاندماج ومن ثم نحول شركاتنا الكويتية الكبرى الى شركات صغرى ضعيفة لا تملك القدرة على المنافسة الخارجية او توظيف الكويتيين، بل ستلجأ على الارجح وكوسيلة للبقاء المؤقت للبحث عن العمالة الآسيوية الرخيصة وسيتسبب خفض ارباح الشركات القائمة كذلك في احتمال استغنائها عن الكويتيين.

ان شركتي الاتصال القائمتين تم تأسيسهما وتملك اسهمهما عن طريق الاكتتاب العام الذي شارك به جميع الشعب الكويتي، لذا فما الجديد في فكرة انشاء شركة اتصال ثالثة ستولد ضعيفة وستضعف معها الشركتان القائمتان، وانا ـ للعلم ـ لا املك سهما واحدا بأي منهما ولا علاقة تربطني بالقائمين عليهما عدا البحث عن الصالح العام الذي كم من جرائم ترتكب باسمه هذه الايام.

واذا كنا ندافع عن مبدأ الشركات الكبرى القائمة بشكل عام، فإننا في الوقت ذاته ندعو لأن يتوقف البعض من تلك الشركات عن مبدأ التوحش القائم على الايمان بحق السمكة الكبيرة المطلق بأكل السمكة الصغيرة، فتقوم على سبيل المثال من تملك عشرات الوكالات التجارية بتقصد من تملك وكالة واحدة مستخدمة جميع الاسلحة المشروعة وغير المشروعة للحصول عليها او ان تنافس الشركات التي تحوز المناقصات الكبرى الشركات الصغرى التي تعتمد في رزقها على مناقصات الالف والالفي دينار، وهي توجهات لا تناسب على الاطلاق الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة والموروثة في البلد.

آخر محطة:
مذابح وحروب وتفجيرات تجري بشكل متواصل في افغانستان والعراق والسودان وفلسطين والصومال ولبنان وغيرها من دول اخرى قادمة على الطريق، ما نعلمه ان دول المنطقة بأكملها لا تصنع حتى خرطوش بندقية صيد واحدة، فمن اين اذن يأتي كل هذا السلاح المدمر للارهابيين والقتلة والجزارين؟!

سامي النصف

طيران

شركة «كاسكو» لخدمات الطيران وان كانت تتنافس في السوق التمويني والخدماتي مع الشركات الخاصة الأخرى، إلا أنها في الواقع مملوكة بالكامل للدولة، وبالتالي فإن الاساءة الى سمعتها بحسن نية وبدعاوى غير دقيقة أو صادقة هي إضعاف ظالم لقدرتها على التنافس مع الشركات الخاصة الأخرى، وإساءة لجهود الآلاف من موظفيها ومنهم مئات الشباب الكويتي.

ومن ذلك الاشادة بالرد الوافي الذي تقدمت به وزيرة المواصلات المحترمة على أسئلة نشرت في الصحافة تضمنت اتهامات ابتعدت عن الموضوعية للأسف في جزء كبير منها لشركة كاسكو، وكان التعامل الأفضل مع تلك الاتهامات ـ أو حتى غيرها في وزارات ومؤسسات الدولة الأخرى ـ ان يتم التأكد من صحتها قبل نشرها على الملأ حرصا على المصلحة العامة التي يرومها الجميع.

ما طرحه الزميل علي البغلي في مقال الأمس، حول ضرورة شراء طائرات جديدة لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بعد الدعم الواضح للمؤسسة من قبل كبار المسؤولين في الدولة وضمن سوق بتنا نرقب فيه بحسرة شراء دول خليجية لمئات الطائرات الحديثة لأساطيلها الجوية مما يضعف من القدرة التنافسية لمؤسستنا الوطنية العريقة، لا يحتاج إلا لدعم رجال سلطتنا التشريعية الأفاضل لمشروع زيادة رأسمال المؤسسة كي يتضمن المبالغ التي ستدفع لشراء تلك الطائرات الحديثة، وهو ما سيفتح الأجواء واسعة «للكويتية» للتنافس وخدمة المواطنين بشكل أفضل، كما سيتيح المجال لتوظيف المزيد من الشباب الكويتي في المؤسسة وخلق فرص عمل جديدة للآلاف.

وقرار شراء الطائرات متى ما اتفق عليه يجب أن يتم بالسرعة الممكنة، علما أن «الكويتية» تقوم ومنذ مدة بالدراسات الفنية اللازمة للاختيار الأفضل بين أنواع الطائرات المختلفة، حيث ان مواعيد تسليم الطائرات تتأخر مع كل يوم يمر وكنتيجة لانفتاح الصين والهند ممن أصبحوا كالثقب الأسود يمتص كل الطائرات المصنعة، اضافة بالطبع للتزايد المطرد في الحركة الجوية في بقاع الأرض المختلفة، علما أن أحد أسباب تأخر طائرات ايرباص A380 العملاقة هو رغبات شركات الطيران المختلفة بوضع تصاميم متباينة داخل الطائرة، مما خلق اشكالية في توزيع وتوصيل وايرات الكهرباء مع كل تصميم يختلف عن الآخر وخلق ضغطا على طلب الطائرات الأخرى.

آخر محطة:
أعجبني التعقيب العاقل من جمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتية حول قضية الهبوط الاضطراري للطائرة الكويتية في رأس الخيمة وضرورة انتظار نتائج التحقيق الفني للموضوع الذي تشير بعض مؤشراته الأولية لعطب لا دخل للصيانة بالضرورة به في الجهاز المسؤول عن انزال العجل الأمامي للطائرة، ومن ثم صحة قرار الطيار بالهبوط الاضطراري واخلاء الطائرة، حيث ان العجل الامامي لم يكن في وضع النزول الآمن Down and locked المفترض، ومن ذلك كان دخول الشركة المصنعة كطرف مراقب في التحقيق، وبالطبع الجميع في انتظار النتائج النهائية للتحقيق الذي لم ينتج عنه ولله الحمد إصابات خطيرة مما يبقي سجل مؤسستنا الوطنية ناصعا في مجال السلامة الجوية.

سامي النصف

بوابة المغرب انفتحت

مع ارتفاع اسعار الاراضي في بعض الدول الخليجية، والاشكالات البيروقراطية المعرقلة في بلدان اخرى بدأت رؤوس الاموال الخليجية وفوائض البترودولار تتجه غربا للمغرب العربي للاستثمار فيه خاصة مع صدور القوانين المشجعة على ذلك وتبني جلالة الملك شخصيا تشجيع تلك المشاريع التنموية وتذليل العقبات امامها.

تزامن ذلك مع نزوح اوروبي ملحوظ، اسباني وفرنسي على وجه الخصوص، نحو المغرب للتقاعد والاستقرار فيه لتمتعه بالرخص النسبي والاراضي البكر والجو العليل والسواحل الدافئة الرائعة المطلة على المحيط الاطلسي من جهة والبحر الابيض المتوسط من جهة اخرى.
 
وضمن تلك البقعة تحديدا، وأعني البقعة الجبلية والساحلية التي تطل على المحيط والبحر، تقع مدينة طنجة التاريخية التي احتفظت بصفتها الدولية منذ بداية القرن الماضي وحتى الستينيات منه، والتي انشأها الفينيقيون واختلف على مسماها كثيرون، ومن ضمن اهم معالمها السياحية كهف هرقل المطل على البحر على شكل خارطة افريقيا والذي قال مضيفونا المغاربة ان ضربة يده على الارض هي التي تسببت بفصل اوروبا عن افريقيا، وحمدنا الله كثيرا على انه لم يكرر الضرب والا لاصبحت كل دولة في القارتين جزيرة منعزلة بذاتها.

وقد استضافنا قبل اسبوعين بيت التمويل الخليجي في رحلة ضمت جمعا طيبا من رجال الاعمال الكويتيين تقدمهم الاخوة الافاضل سليمان البريكان ومحمد العثمان وفوزي العتيقي وعبدالرحمن النصف وقتيبة العسكر واحمد الجسمي وثلة رائعة من الاخوة البحرينيين هم صالح البلوشي وحسين جمشير وعلي الرميحي ومهند حمد ممن اشرفوا حتى الكمال على حسن سير الرحلة وكرم الضيافة وقد اجرى الاخ الاكبر سليمان البريكان اثناء الرحلة اختبارا كتابيا له دلالات نفسية عميقة كشفت وبشكل دقيق التوجهات والاهتمامات الحقيقية لمن قبل المشاركة في ذلك الاختبار والذي احذر رفقاء بوداود المستقبليين من المشاركة به حفاظا على اسرارهم الشخصية.

وقد زرنا موقع المشروع الواقع على تل والمطل على البحر والمحتوي على 3 فنادق فخمة وملعب للغولف ومئات الوحدات السكنية، ويمكن لك وانت جالس في شرفة منزلك او غرفة فندقك ان تراقب حتى حركة السيارات على الجانب الاسباني او تتابع العبارات البحرية السريعة بين الشاطئين الاوروبي والافريقي اللذين كان بإمكانهما ان يكونا وحدة جغرافية واحدة لا تحوج للعبارات او حتى ان يحرق القائد المظفر طارق بن زياد سفنه لولا رعونة هرقل سامحه الله.

في المساء اقيم احتفال فريد في الموقع وحول القلعة التاريخية الواقعة في منتصفه، ازدان بالخيول والاعلام المغربية الجميلة ثم بدأ حفل ألعاب نارية يقارب في مستواه ـ ان لم يفق ـ ما رأيته في اميركا خلال اعياد الاستقلال، كما تبع ذلك حفل عشاء تخللته ألعاب ليزر ورياضة وخفة حركة اذهلت عقول الحاضرين.

ان توجه مجلس الوزراء الكويتي إلى اعادة فتح خط المغرب الشقيق يسهل امام السائحين والمستثمرين الخليجيين والكويتيين زيارة ذلك القطر الشقيق المضياف والمزيان بالزاف.

آخر محطة:
قضية منح الجنسية في العالم اجمع تخضع لمبادئ السيادة والتمحيص، والاهتمام بها على اعلى المستويات، حيث يتم الاختيار النوعي لمن يتم منحهم الجنسية دون تعميم، وقد عقد مجلس الوزراء المغربي اجتماعا قبل يومين برئاسة جلالة الملك للنظر في منح 512 حالة، تمت دراستها وفرزها بشكل مسبق، الجنسية المغربية بعد انتظار استمر عدة عقود وقد اعلن ذلك وزير الاتصال المغربي والناطق باسم الحكومة، وفي هذا السياق لماذا لا تعين الدكتورة الناطقة معصومة المبارك ناطقة باسم الحكومة، وفي ذلك دعم للمرأة الكويتية بشكل عام، كما انه افضل من تحديده بوزير الاعلام الذي يتم استبداله كل عام او عامين بسبب الاستجوابات؟!

سامي النصف

أبناء ميكافيللي

القاعدة العامة تقول ان الفرد ضعيف بذاته قوي بتجمعه مع الآخرين، ويقال عادة ان العرب هم شواذ هذه القاعدة، حيث تلحظ قوتهم كأفراد وضعفهم عندما يجتمعون، وقد يكون هذا القول صادقا كذلك مع كثير من حكوماتنا المتعاقبة، حيث نلحظ قوة وزرائها كأفراد مع ضعف عام للحكومات بسبب تنافر الوزراء بدلا من توحدهم وتضامنهم ودفاع بعضهم عن البعض.

وهذا التنافر للاسف الشديد هو احدى خصائص المجتمع الكويتي المعاصر بشكل عام، وليس الوزراء فقط، فلا تجد قطاعا مهنيا او نقابيا او ثقافيا او فكريا او اعلاميا او اقتصاديا او رياضيا او فنيا الا ويدب الخلاف الشديد بين افراده القلائل دون اسباب او مبررات عقلية او منطقية، وعادة ما يتصاعد الخلاف حتى يصل الى المستوى الشمشوني القائل «علي وعلى اعدائي يا رب»، ثم يتم بعد ذلك تدمير المعبد او البلد.

وضمن تلك الخلافات التاريخية المستديمة بين الوزراء او الخفراء او ما بينهم يكثر استخدام النهج الميكافيللي القائل ان «الغاية تبرر الوسيلة»، فلا مانع من وضع الفخاخ والمصائد والحفر والاستجوابات والاشاعات والتسريبات الاعلامية للنيل من الخصوم، كما تستحضر عادة روح الغائب «غوبلز» او الهارب «الصحاف» للكذب والمزيد منه لتشويه صورة الاعداء الذين هم بالطبع زملاء العمل او المهنة ـ او حتى الاقارب ـ واللجوء لسياسة الارض المحروقة الضارة بالذات قبل الاضرار بالآخرين، ولو وجدت اسلحة دمار شامل حقيقية لما تأخرت بعض العقليات الشريرة بالبلد في استخدامها ضمن مجتمع الكراهية الذي نعيشه.

لقد مل الناس حتى النخاع من تحميل علاقة يفترض بها الرقي والسمو وابتكار الاعراف الخيرة الباقية، كعلاقة الوزراء ـ الوزراء والوزراء ـ النواب والنواب ـ النواب بهذا الكم الهائل من الكراهية والعداء الشخصي في نهج لا مثيل ولا قريب له في العمل السياسي الممارس في دول اكبر منا عددا واكثر منا تقدما، والذي يتحول لدينا من مشاكل بين الافراد الى ازمات سياسية طاحنة تشغل البلد عن قضاياه الحقيقية وتبعد انظاره عن المتغيرات الجيواستراتيجية المحيطة المهمة التي تجري حولنا.

ان ما نراه من سخونات سياسية متكررة واستجوابات كيدية «ماسخة» هو في الاغلب جهود ضائعة لتصفية عداءات لا تنتهي ولكسب مكافآت شخصية كالحصول على المصالح الذاتية وترقية الاقارب والمعارف على حساب الكفاءات الكويتية الاخرى، وذلك ممن يرفعون رايات الوطنية والتدين والحفاظ على المصلحة العامة، وهم في الواقع وكما تظهر الوقائع والحقائق يهرولون ويتسابقون مع الايام لحصد المكاسب والمال الحرام من خلف ظهور ناخبيهم المخدوعين بهم كي يستغنوا من الصفقات كما استغنى من اتى قبلهم.

وأحد المفاهيم الخاطئة والضارة التي ساهمت بعض الممارسات والسياسات الحكومية في السابق بتثبيتها هو ان من يحسب على الحكومة هو بالضرورة من السراق والمسترزقين ومن يحسب على المعارضة هو بالقطع من الاطهار والانقياء والصالحين، والواقع يكذب في كثير من الاحيان تلك المقولة الواهمة، فكم من رجل من رجالات العمل الحكومي من وزراء ووكلاء وغيرهم خرجوا من اعمالهم وثيابهم بيضاء كيد موسى ( عليه السلام )، وكم من اسماء ورموز للمعارضة اكتنزت واستولت على الملايين كما يعلم الجميع، فالقضية في النهاية هي بالمبادئ والقيم التي يؤمن الفرد بها لا بالرايات التي ترفع او بالتعميم الذي قد يدين البريء او بالمقابل يبرئ المدان.