سامي النصف

من خصائص المجتمع الكويتي

مقدمة ابن خلدون هي من اجمل ما كتب في خصائص الشعوب العربية وطبائعها ومثلها ما خطه الدكتور العراقي علي الوردي حول خصائص المجتمع العراقي والذي لم نقرأ شبيها له في دراسة خصائص المجتمع المصري او السوري او المغربي.. الخ وكذلك د. صموئيل هنتنغتون في كتابه الاخير عن المجتمع الاميركي الذي نجد انه يتشابه في كثير من متغيراته المعاصرة مع ما طرأ على المجتمع الكويتي في حقبه الاخيرة ولا يعني بالطبع الحديث عن ظواهر وسلوكيات ومفاهيم سالبة أنها قيم سائدة ودائمة بل يعني دراسة «بعض» ما هو قائم وملحوظ لسلوكيات مستحدثة وطارئة لدى شريحة او شرائح من المجتمع المدني القائم.

إحدى الخصائص الملحوظة هذه الايام طغيان وتوقير وتقديس الماديات والمظاهر في تطرف يصل في بعض الاحيان للتفريط بالعقل والحكمة والمستقبل في سبيل الحصول على مظاهر آنية زائفة يشعر الفرد بأنه اصبح يقاس بها، كما أضحت زيادة اصفار الحسابات غاية بذاتها يفرط مقابلها بالكرامات واحترام الذات، وفقد الناس تبعا لذلك للاسف لذة العيش الهانئ السعيد وفهم مغزى الحياة.

كذلك طغت على المجتمع الكويتي هذه الايام، وبشكل غير مسبوق، ظواهر التعصب الديني والطائفي والعنصري والقبلي والرغبة في الغاء الآخر في بيئة لم تعرف قط في السابق مثل تلك التخندقات، فقد عشت في الحي الشرقي من العاصمة القديمة الذي يحوى كل الشرائح والعصبيات والطوائف والديانات ولا اذكر قط ان خناقة واحدة او ضربة كف قامت على معطى تلك الفروقات التي اكتشفت او تم استيرادها حديثا من بعض المجتمعات الاخرى.

ومن الملاحظات السالبة تفشي عقلية الخلاف والصراع بشكل غير مسبوق لدى جميع قطاعات المهن والشرائح الاجتماعية في الكويت ومعها الايمان بالمبدأ الشيطاني القائل إن «الغاية تبرر الوسيلة» للوصول للاهداف الشريرة، فلا مانع من الكذب والتزييف والتسريب وتشويه الآخر مادام يخدم الاغراض غير السوية، لذا انصح الجميع هذه الايام خاصة من هم في موقع المسؤولية بأن يتحروا الصدق والانصاف في كل ما يعرض امامهم من قضايا عبر الاستماع للرأي والرأي الآخر.

واستُبدلت بأجيال ماضية كانت تعشق العمل وتتقنه، حتى كان المنتج الكويتي من سفن وغيرها يحوز قصب السبق في مقابل ما يصنعه الآخرون، أجيال تكره الحرف كرها شديدا ولا تتقن المهن والوظائف من ابسط الاعمال الى اكثرها رقيا وتعقيدا فالاغلبية تتساوى في البعد الشديد عن مبدأ الاحتراف او الرغبة في الكمال في الاعمال، واستبدل بذلك حب الغش والخيانة في الصنعة وعدم اعطاء المسؤولية حقها.
 
وانتشر بشكل غريب مفهوما الحقد والحسد فلا مانع من هدم بيتي على رأسي مادام سيتسبب بهدم بيتك ، كما اصبح الخلق غاضبين طوال الوقت رغم الصحة وامتلاء الجيوب بالنقود ومعها العيش في مجتمع ريعي شديد الرفاهية، أضف الى ذلك حب الكسل والجلوس دون عمل في الديوانيات التي انتشرت بشكل كبير واستسهال لوم الآخرين وعدم القناعة بما يملك الفرد، الذي اصبح كالنار كلما اعطي طالب بالمزيد ومعها لوم الآخر «الحكومة، المسؤول» بدلا من لوم الذات على القصور.

آخر محطة:
روي ان مواطنا عربيا من احد الشعوب التي اشتهرت بالكسل انضم لتنظيم القاعدة فلما سئل ان كان يود الانضمام لقسم التفجيرات او الاغتيالات او خطف الطائرات، اجابهم بأنه راغب فقط في الالتحاق بقسم الخلايا النائمة!