سامي النصف

أنقذ لبنان حياً وميتاً وقتلوه حياً وميتاً

لم يكن للشهيد رفيق الحريري ميليشيات تضرب وتدمر وتخرب لبنان، بل كانت الميليشيا الوحيدة التي يملكها هي 30 الف طالب لبناني من جميع الديانات والطوائف، رفعهم من مستنقع الاقتتال الطائفي الى محاريب العلم والدراسة والتقدم.

وقد استطاع الشهيد الحريري ان يواصل ليلا ونهارا حتى اوقف الحرب التي اشعلها واستمر بها الآخرون عبر عقد مؤتمر الطائف الذي استطاع من خلاله اقناع المسيحيين الموارنة بالتنازل عن بعض صلاحيات رئيس الجمهورية المطلقة لصالح مجلس الوزراء على ان يمنحوا حق الثلث المعطل الذي يضمن الا تنفرد احدى الديانتين الرئيسيتين الاسلام او المسيحية بالقرار في المجلس.

وقد بدأت مظلمة الشهيد رفيق الحريري حيا عند دأب بعض لوردات الحروب ممن دمروا لبنان على التساؤل وبراءة الاطفال في أعينهم والدماء تقطر من أيديهم عن مبررات الدين العام، ناسين او متناسين ان السائل لا المسؤول هو المسؤول عن ذلك الدين، فكيف يتم ارجاع لبنان لسابق عهده دون اقتراض الاموال للتعمير؟

ثم استكمل ظلمه ميتا عبر العمليات الهادفة لحماية من قتله عبر تعطيل اجراءات المحكمة الدولية التي يريد البعض منها ان تمنح صكوك البراءة للقتلة قبل ان تبدأ مداولاتها الاولى.

وبالمقابل، لم يكتف الشهيد الحريري بوقف الحرب وتعمير لبنان حيا وجعله بلد 7 نجوم، حيث بدأت المليارات تدخل للبناء، مما اوصل بيروت لمصاف اجمل عواصم المنطقة قاطبة، بل ارخت روح الشهيد الحريري بظلها على مؤتمر «باريس ـ 3»، فأحيته وجعلته يجزل العطاء لبلده، والذي هو ـ اي المؤتمر ـ من بنات افكار الشهيد العظيم الذي خلقه لدعم تعمير واحياء لبنان النور والضياء، امام قوى الظلام التي تود تدمير لبنان وقتله، وقد قاربت على النجاح في ذلك المسعى السيئ بعد ان هرب منه السواح والمستثمرون الذين هم بمثابة بتروله وشريان حياته الوحيد.

وللمعلومة، فالثناء على عدم تدخل الجيش في عمليات قطع الطرق واغلاق المطار امر لا حكمة فيه، فلم تحدث الحرب الاهلية المدمرة عام 1975 الا بعد ان حيدت حكومة رشيد الصلح آنذاك الجيش ارضاء لقوى المعارضة وامرته بعدم التدخل فيما يجري حفاظا عليه (!) والتساؤل الحق هو لأي امر تتم المحافظة على الجيش اذا لم يكن لمنع الاضطرابات (لا الاضرابات) وقتال الشوارع الذي هو عادة المقدمة الطبيعية للحروب الاهلية؟!

لمعرفة ما يجري في لبنان، قرأت بالامس ما كتب في جريدة موالية للحكم وجريدتين للمعارضة، ففي «المستقبل» خبر عن القبض على قناصة في المدينة الرياضية يطلقون النار على الناس لتثويرهم، وقد اتضح انهم ينتمون لدولة عربية مجاورة، في جريدة «السفير» المعارضة تكتب جهينة خالدية تفاصيل ما حدث بعد الخناقة الفردية داخل الجامعة، حيث تقول ان باصات وفانات احضرت العشرات من شبان المعارضة ممن يلبسون الخوذات ومعهم عصي كالعصي التي استخدمت في يوم اضراب الثلاثاء الدامي لتشتعل المعركة وتخرج من حرم الجامعة الى الشوارع المحيطة، وفي جريدة «الديار» المعارضة مقال لفؤاد ابوزيد يقارن فيه بين ما حدث في الاضراب العام لعام 1952، حيث لم يحرق، حسب قوله، المضربون الدواليب ولم يطوقوا العاصمة ولم يتسببوا باغلاق المطار ولم يهددوا من لم يضرب بحياته ورزقه ولم يضربوه او يحرقوا سيارته، وبين الدمار الذي يحدث هذه الايام.

سعيد محمد سعيد

«غوغل» بن سبأ و«ياهو» الصفوي!

 

ذات مساء، وجدت وصديق عزيز أن نعيش لحظات من الفنتازيا الكوميدية تغييرا لمزاج عكر مضطرب سببه سيل من الكتابات والمقالات الصحافية والصراعات في المنتديات الإلكترونية البحرينية غير المسئولة ما يمكننا تسميته وصفا: «اجتهادات عباقرة البعث المنكوب واساطين السلفية المنتكسة وتهويشات جعفرية مردودة» من نوع ذلك الخطاب الصبياني التصادمي الفارغ المحتوى والمتسيد – مع شديد الأسف – على الخطاب المعتدل قوميا واسلاميا (سنيا وجعفريا) وسطيا معقولا مقبولا، والمغيب – مع شديد الأسف – بسبب سطوة وقوة الخطاب التآمري سيئ القصد مع اختلاف مصادره.

سألني صاحبي مازحا: «بم تشعر، بصراحة، وأنت تطالع ذلك الخطاب المندس والمبرمج؟ ألا يراودك شعور ورغبة في أن تضع يدك في الكهرباء «لتشطف بك»، أو «تتعلق في البانكة»، أو ترمي نفسك من جسر المشاة بشارع الملك فيصل على سيارة كامري؟ أو تذهب طوعا الى الطوارئ أو مستشفى الطب النفسي وتصرخ :»الحقوني.. أصابني فيروس عضوة مجلس الشورى، أو عضتني أفعى خرجت من بين أوراق صحيفة (…)، أو هاجمني وحش صفوي خرج من أرضي… أو… أو قل لهم ان جنيا مسلحا اندعس معك في اللحاف وطالبك بأن تعترف من أي صنف من البحرينيين أنت وإلا سيركبك ولن ينفع معك (ملا بلال) حتى لو اخرجت له جواز سفرك وحلفت بأنك بحريني أبا عن جد!».

هذا البحريني ما تغلبونه!

بصراحة، كل الخيارات التي طرحها صاحبي ما كانت تروق لي! ولكن، ولأن المسألة «فنتازيا فكاهة» لا أكثر ولا أقل، فقد أبلغته بأنني سأكون في غاية السعادة والسرور والغبطة والرضا إن استطعت أن أخيط ثوبا باللونين الأبيض والأحمر وأدور في شوارع الديرة في سيارة جيب لكزس أو لاندكروز أو «هامر» إن وجدت وأنا أصرخ في سماعة صغيرة :»هذا البحريني ما تغلبونه»… إلى أن تسقط بلاعيمي!

ويبدو أن صاحبي أعجب بالفكرة، وقرر أن يشترك معي في الكرنفال الثنائي المتخيل، على أن يكرر «كوبليها» يختلف عن «كوبليهي» اختاره هو: «من فتحت عيني… وانتي نظر عيني… يا نبع لحنيني»… يكفي أن نضع نقطة بعد أن نزيح هما جاثما ببضع ضحكات… لكن لحظة، هل في مقدورنا تخيل حجم الهم الجاثم على صدور الناس هذه الأيام إثر حال الاحتقان الخفية الظاهرة التي نعيشها في أكثر من صورة ومظهر في بلادنا!

يبدو الأمر صعبا… أليس كذلك؟

إذا صرفنا النظر عن الأعمدة الصحافية الهشة، والكتابات القائمة على الافتراضات غير العلمية التي تفتقد منطق الاستدلال والحقائق، أو تلك التي عرفها الناس على أنها بضاعة طائفية رخيصة، وإذا اعتبرنا الكثير من الكتابات في المنتديات إنما هي صورة تبحث عن إطار أكبر من إثارة الضغائن والعداوة والتناحر بين أبناء الطائفتين الكريمتين، فلن نستطيع صرف النظر عن غياب دور السلطة والوجهاء والرموز في تقديم مبادرة حقيقية تضع حدا للانفلات الذي ينذر بالدمار.. منقولا كما قلنا أكثر من مرة، من العراق ولبنان وإيران وأفغانستان وربما من أقطار عربية أخرى، مع العلم، بأن كل القنوات متاحة.. أم أن القضية/ الحالة الراهنة في البلاد، لا تستحق قبضة حديدية تحمي ثوابتنا ونسيجنا الاجتماعي؟

هلال أم منجل يسفك الدماء؟

هي الصورة ذاتها، من غوغل عبدالله بن سبأ وأحفاده ومصادره المعلوماتية المهولة المتعددة الاتجاهات والهوى والغايات، الى «ياهو» الصفوي القادم ضمن هلال شيعي، ليس هو من الأهلة التي هي مواقيت للناس والحج، بل منجل يسفك الدماء منتقما! يجعل السني يضع يده على رقبته تارة وعلى قلبه تارة أخرى خائفا وجلا على مصيره ومصير أهله، ويصور الشيعي وهو يظهر على حقيقته السبئية اليهودية المجوسية، وهو يشتم صحابة رسول الله، خير القرون، ويرفع علامة النصر وهو يبتسم للكيان الصهيوني معتزا مفتخرا..

نرى رأي العين ما يظهر وما يختفي في بلادنا، ويعز علي أن أقول ان الكل خائف من الكل… السلطة من الناس والناس من بعضهم البعض… بل ربما بلغ الخوف مبلغا من أبناء الطائفة الواحدة، فالتفتيت الغريب المريب في هذا المجتمع لا يقتصر على طائفتين فحسب… ذلك هو التفتيت الرئيس، أما تفرعاته فتدخل إلى كل طائفة وملة ليصبح للصراع هناك حسابات أخرى.

حتى اليوم، تستمر معنا النكسة! فيلتقي علماء الأمة، في أسوأ ظرف وأشد مراحل الأمة خطرا، ليشاهدوا «الهلال»، الذي اتفقوا عليه وهم… من هم؟ علماء الأمة وكبارها وعظماؤها وما ادراك… الذين لم يتفقوا يوما على هلال شهر رمضان المبارك، أو صدقوا في استهلال عيد.. جاءوا اليوم بشتم الصحابة مع الهلال الذي شاهدوه بالعين المجردة.

من للسنة والشيعة في هذا البلد، إذا كان الرابط بين رموز الطائفتين الدينية هو رابط التشكيك والخلاف الطائفي، واذا كان الوسط الديني، وأجزم، هو المسبب والمحرك والحاضن لتأجيج الخلاف واشعال الفتنة بسبب تقدم المتشددين والمعصبين وتأخر المعتدلين والعقلاء…

من للسنة والشيعة؟ أنا سأجيب :»لهم حكومتهم فهم رعاياها، وهي – أي الحكومة – المرجعية الأولى هنا في استحقاق المواطنة وحماية ميزان الحقوق والواجبات، ودرء الشر!».

عفوا… تخلصنا فجأة من كل الخلافات ولله الحمد، وطابت النفوس واستقامت الحياة، ولم يبق أمامنا إلا معضلة واحدة كبرى هي القاصمة: شتم الصحابة!! وارجو المعذرة أيضا، إن قلت أن مشكلا قديما جديدا دخل على الخط، لن يجمع أهل البيت الواحد، سنة وشيعة، إلا إذا انتهى الا وهو :«شتم الصحابة»!! أيها السادة، يا علماء الأمة أصدقوا، وخذوها صريحة… مثلما ورد شتم الصحابة في كتب بعض قليل قليل من علماء شيعة، ورد الشتم ذاته من بعض قليل قليل من علماء سنة… أم أنكم لا تعرفون!! وتريدون عناوين كتب وأسماء علماء! هلا كففتم عن خداع الأمة وتضليلها!

شيعة… آخر موديل!

لكن اللوم كله علينا نحن، العوام… لكننا نملك عقلا… الصغار، لكننا نكبر… الغافلون لكننا نصحو… سألني صديق من أهل السنة: «هل يشتم الشيعة الصحابة كأساس من أسس المذهب؟»، فقلت أنني اليوم قاربت من الأربعين من العمر، والله لم أسمع منذ عقلت، في مجالس حسينية ومحاضرات، سوى قلة لا تذكر من المواقف التي فيها شتم للصحابة، وفي المقابل، سمعت الكثير الكثير من خطباء وعلماء ما يمكن اعتباره جزما، تحذيرا من شتم الصحابة، وإذا كنا نقول إن الجهال من العوام هو من يشتم، فإن ما أشرت اليه من «بضع علماء من السنة والشيعة في كتبهم تحوي شتما للصحابة» يعتبر كارثة، مغطاة تستخدم اليوم كورقة لمصطلحات مخيفة: تهجير… تصفية عرقية… تكفير… تفجير وتهديد بالسلاح، وكأنما الناس تصحو وتنام وتتنفس «شتم صحابة… دفاع عن صحابة»!

بالمناسبة، حتى فئات الشيعة، أصبحنا اليوم نسمع عن «شيعة» يبدو أنهم قدموا من كوكب آخر بعضهم تغلغل حتى في عمق الكيان الصهيوني ليسرب المعلومات إلى حزب الله، وفئة أخرى تتحصن في قلاع لتمارس طقوسها في بعض الدول، وفئة ثالثة لها (ذيل) من الخلف، ونوع من الشيعة يمارس الفاحشة الجماعية بعد مراسم ليلة العاشر من المحرم! ومنها نوع يجب الحذر من النقاش معه؛ لأنه يستخدم السحر في التأثير على الناس وتحويل مذهبهم!

و… هناك أيضا (نوعية من الشيعة) تعيش في مدن تحت الأرض، وربما.. ربما هناك نوعية فضائية من الجعفرية تنزل في أيام محددة من السنة آذانهم طويلة وعيونهم عبارة عن مصابيح مضيئة الكترونيا سيحتلون الكرة الأرضية يوما ما، وأعتقد أن آخر نوع من الشيعة نزل الى الأسواق العالمية، عبارة عن كائنات معدلة وراثيا لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ويعتقد أن هذا النوع هو المتسبب في انتشار مرض انفلونزا الطيور وسارز، وجنون البقر.