سامي النصف

حوار مفتوح حول إيران

استضافنا الزميل الاعلامي غسان بن جدو ليلة الامس في حوار مفتوح حول الاوضاع في الخليج والعلاقة مع ايران، وكان مما ذكرناه في اللقاء ضرورة ايضاح كثير من الحقائق التي يساء فهمها ومن ثم توتر العلاقة بين ساحلي الخليج.

ومن ذلك فلا اشكال على الاطلاق بين دولنا الخليجية وايران الدولة والشعب حيث تربطنا معهم علاقات الدين والجيرة والتاريخ المشترك، ولم نر من الشعب الايراني الشقيق اي اشكال عبر السنوات الطوال التي تعايشنا فيها معهم في بلداننا كضيوف وكعاملين مخلصين في جميع مجالات الحياة، ولم يجرح او يؤذ قط ايراني في الخليج على معطى انتمائه العرقي او الديني، وهذه حقيقة يعلم بها الجميع.

كذلك فلم تشهد الجارة ايران قط تدخلا خليجيا في شؤونها الداخلية، ولم تطلق رصاصة او تحدث مؤامرة واحدة ضمن اراضيها كانت خلفها دول خليجية، ومن ثم فالخلاف الذي حدث اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات والذي نخشى من عودته هذه الايام مع وصول التيار المتشدد لسدة الحكم في طهران ـ نسبت جريدة «الشرق الاوسط» بالامس للرئيس المعتدل محمد خاتمي تحذيره للقيادة الايرانية من مغبة الاساءة للعلاقات الطيبة التي تربط ايران بالدول الخليجية والعربية ـ قام على معطى التدخل الايراني بشؤون الدول الاخرى بحجة محاربة اميركا واسرائيل، والذي هو تكرار لخطأ الثورة المصرية في الخمسينيات والذي احتاج لنكسة عسكرية بحجم نكبة 1967 ليتوقف.

ومن المقولات الخاطئة التي تحاول تبرير عمليات التدخل في العراق والسكوت عن عمليات المذابح والتفجيرات والاغتيالات القائمة هناك ان الدول الخليجية تتحفظ على حكم شيعي في العراق، وهو ما فندناه في اللقاء، فقد ارتضت الدول الخليجية دون اشكال على الاطلاق حكم الاخوة العلويين في سورية رغم انهم وبعكس شيعة العراق يمثلون قلة من السكان، وقبل ذلك حكم الاخوة الموارنة للبنان، ولم تسأل دولنا الخليجية قط عن طائفة من يحكم اليمن او غيره من الدول، ان مطالب الجميع من العراق هي ان تتوقف المذابح ويعزز الامن وترسى اسس العدل والمحبة والمساواة بين افراد شعبه الصابر، ولا شيء اكثر من ذلك.

ان واجب الدول الخليجية تجاه الشقيقة المسلمة ايران هو النصيحة الحقة، فصديقك الحقيقي هو من صدَقك لا من صدَّقك حتى لا تتكرر مآسي الحروب المدمرة الخاسرة المستمرة في المنطقة منذ نصف قرن من الزمن والتي تذهب بموارد الشعوب فيما لا ينفع.

ان الشعب الايراني ـ وشعوب المنطقة معه ـ في امس الحاجة لعمليات الاستقرار والتنمية وتركيز الجهود والطاقات للقضاء على البطالة والارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والاهتمام بالبيئة والانفتاح على دول الجوار الجغرافي وتحسين العلاقات بالمجتمع الدولي، حتى لا تسير ايران احمدي نجاد على مسار عراق صدام حسين الذي فضل دعاوى الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشاملة على تنمية شعبه وبلده.

اخيرا، ان الحروب لم تعد تخضع لقانون الصدف، بل ان نـتائجها تقرر قبل بدئها عبر النظر للقدرات العسكرية والتكنولوجية والموارد المالية للمجتمع الدولي ـ والذي صدرت قراراته ضد ايران بالاجماع وتحت البند السابع من الميثاق، كما حدث سابقا مـع عراق صدام ـ والقدرات الذاتية لايران التي لا يختلف مختص على ان قدراتها العسكرية والفنية والاقتصادية ليست قادرة على مواجهة اكبر تحالف في التاريخ.

ان العاقل من يتعظ بغيره لا بـنفسه، ولا نطلب من القيادة الايرانية الا الحكمة والنظر لمصلحة شعبها اولا واخيرا.