تمر علينا اليوم الذكرى الاولى لوفاة امير القلوب الراحل الكبير الشيخ جابر الاحمد الذي كان انسانا متميزا بكل ما تحمله الاحرف من معان، حيث اختص منذ اليوم الاول لدخوله معترك العمل العام بقلة الكلام مع وفرة الاعمال والافعال والانجاز.
كان رحمه الله ذا فكر خلاق وصاحب بادرة من الدرجة الاولى، وهو ما يجعل من الاستحالة ان تحصر افكاره وانجازاته في مقال صغير، لذا لم يكن من المستغرب ان يقارب كتاب سيرته كحاكم ووالد وانسان والذي خطه وراجعه واشرف عليه 9 من كبار معاصريه، على رأسهم مدير مكتبه العم ابراهيم الشطي، ما يقارب الالف صفحة.
لقد كان سموه احد الآباء المؤسسين للكويت الحديثة، كما انشأ فكره المبدع كثيرا من المؤسسات الفاعلة القائمة اليوم كالتأمينات الاجتماعية وصندوق التنمية الاقتصادية ومجلس التعاون الخليجي، وقد سبق عصره عندما دعا عام 1964 دول الخليج لتبني فكرة العملة الواحدة، ولم تكن تلك الفكرة كما يروي حمزة عباس محافظ البنك المركزي السابق قد طرحت في اي منطقة اخرى في العالم.
وضمن سجاياه ومزاياه التي اتفق عليها معاصروه تواضعه الجم وتوقد الذهن والذكاء، فقد رفض رحمه الله ان توضع صوره كأمير على العملة النقدية، وهو الاجراء المتبع في انحاء العالم آنذاك، كما الغى مسمى «المعظم» من لقبه وطلب من ابنائه الطلبة عندما استقبلوه بنداءات «بالروح والدم نفديك يا جابر» ان يخصوا الوطن لا الاشخاص بشعارات التضحية والفداء، كما رفض ان تسمى جائزة التقدم العلمي باسمه، وطلب ان تسمى بـ «جائزة الكويت»، لقد كان بحق عاشق الكويت ومعشوقها، وعرف عن الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ حرصه الشديد على حب الخير واحسانه بالسر لا بالعلن، كما كان عظيما في خلقه، عادلا في حكمه، لا يؤمن بالانتقام من الخصوم، بل يقدم العفو والمغفرة ويصفح وينسى، كما كان عظيم الوفاء لمن عرفه او صادقه او عمل معه.
لقد حـــفظ الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ الكويت حيا ببعـد نظره وحسن تصرفه عندما وطد علاقاتها بجميع الدول الـشرقية والغربية، لذا اتفق العالم اجمع بمشرقه ومغربه على تحريرها ابان الاحتلال البغيض عام 1990، كما حفظها بعد رحيله عندما رسخ مفاهيم الدولة الدستورية فلم تجد الكويت صعوبة في ايصال دفة سفينتها الى رفيق دربه وشريكه بالانجاز سمو الشيخ صباح الاحمد أمير البلاد الحالي ـ حفظه الله.
آخر محطة:
كان لشهر يناير مكان خاص في السيرة العطرة للشيخ جابر الاحمد، ففي يناير 1949 تبدأ خطوته الاولى في الحياة العامة بتعيينه رئيسا للامن العام ونائبا للامير في مدينة الاحمدي ومناطق النفط، وفي يناير 1978 كان تقلده لسدة الامارة في البلاد، وفي يناير 2006 فاضت روحه الطاهرة لبارئها راضية مرضية.