سامي النصف

أعدم صدام أم شبِّه لنا؟!

لو أن حكومة الولايات المتحدة قامت بإعدام صدام وأعلنت ذلك لصدقناها كونها حكومة شرعية لن تغامر بسمعتها لأجل انقاذ فرد واحد أيا كانت صفته، إلا أنها تبرأت من مشاركتها بعملية الاعدام تلك كونها قد سلمت الطاغية لممثلي الحكومة العراقية ليفعلوا به ما يشاءون وبرأت ذمتها تماما طبقا لذلك.

ولو أن الحكومة العراقية بالمقابل أعلنت أنها من أقامت الحد على أحد أكبر مجرمي العصر لصدقناها، وما جاز لأحد أن يشكك بتلك العملية، الا أن ما تواتر عن حكومة العراق قولها ان ميليشيات غير حكومية اختطفت الطاغية وقامت بإعدامه وتصويره، ولم يبق شاهدا على تلك العملية إلا شخصان أحدهما الربيعي، وهما بالقطع ليسا معصومين أو بعيدين عن رشاوى ومليارات صدام التي ما خصصت إلا ليوم كهذا.

ان اشكالية اعدامه من قبل ميليشيات مقنّعة اختطفته ليست بكونها تابعة للغر مقتدى الصدر حسب الادعية والصراخ المسجل الذي اسمع من به صمم، بل على العكس من ذلك فقد تكون تلك الادعية وذكر اسم «الصدر» قد قيلت لهذا الغرض تماما، أي للايحاء بأن تلك الميليشيات المعادية لصدام هي من قامت بخطفه وإعدامه وليست الميليشيات الموالية له.

ان ما يثير الريبة والشك في عملية الاعدام أمور عدة منها رباطة جأش صدام المعروف عنه الجبن والخوف الشديد، ولو كان شجاعا لما قبض عليه أصلا حيا كالفأر في الغار، ثم هناك عملية احاطة رقبته بلفة سوداء يمكن استبدالها سريعا بلفة سوداء أخرى صلبة حامية للعنق كالتي تستخدم في عمليات الشنق في الافلام السينمائية، ثم تأتي عملية التصوير المتقطع التي تنتقي ما تريد تصويره وتسجيله، وبالتالي فهي تدين وتنفي أكثر مما تثبت، وأخيرا ظهور صورته بعد العملية مباشرة، ولون وجهه أبيض وأحمر بدلا من أن يصبح أزرق كحال جميع المشنوقين ممن ينقطع الدم عن رؤوسهم نتيجة للشنق.

بعد ذلك كانت عملية تسليم الجثة المدعاة لثلاثة أشخاص فقط قد يكونون من المتعاونين معه وظهور لقطة مصورة قطعت سريعا تظهرهم وهم يعاينون وجه الجثة دون اظهار الوجه (!)

ولا يستغرب في هذا الصدد أن تكون مليارات صدام قد اشترت بعض الذمم لشخصيات بارزة، واشترت معها جواز مروره لدولة مجاورة ومنها لقصوره المنيفة في بلدة صدام الثانية أو بلد صدام الثاني.

وليس غريبا، والناس مختلفة بشدة على اعدام الميت الحي صدام، أن يكون في نفس اللحظة جالسا في قصره المنيف بليبيا وعلى يمناه ويسراه أهله ومريدوه وهو يقول لهم ضاحكا كما قال الزعيم عادل إمام «شفتوني وأنا ميت، أجنن وأنا ميت».

في رحلتك القادمة اذا ما شاهدت ليبيا يحمل جواز سفر ديبلوماسيا شكله أقرب لصدام مع بعض التغييرات التجميلية، فالأرجح أنه هو وليس شخصا يشابهه، وليس مستبعدا أن يكون تمثال صدام المشنوق الذي أقرت الحكومة الليبية بناءه قد وضع أمام قصره المنيف بليبيا كونه ـ خطية ـ لا يستغني قط عن مشاهدة صوره وتماثيله حتى في موته!

آخر محطة:
 أحر التعازي القلبية لآل الصقر والجيماز والحمود والعبدالجليل على فقدائهم الاعزاء، للراحلين العفو والمغفرة ولأهلهم وذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان.