سامي النصف

الشعور الكاذب بالظلم

الشعور بالظلم الفادح هو شعور انساني مؤثر ومدمر يحرك الجبال وتسبب عبر التاريخ في الثورات السياسية والاجتماعية والدينية في الاوطان وتفكيك الامبراطوريات ومن ثم فعلينا الا نتجاهله وذلك عبر دراسة جذوره ومسبباته في المجتمع الكويتي كي نخفف من غلوائه وحدته واضراره.

هناك ما يسمى بالشعور بالجهل الكاذب، ومثله ظاهرة «الشعور بالظلم الكاذب»، فاذا ارتضينا في البدء حقيقة ان هناك ظلما في المجتمع الكويتي كأي مجتمع انساني آخر فعلينا ان نفرق بينه وبين ظاهرة الشعور بالظلم الكاذب التي هي انعكاس لامور غير واقعية على الاطلاق لدى بعض الجماعات والافراد اذا لم نقل العكس، اي شعور الظالم بأنه مظلوم، وهو احدى خصائص مجتمعنا الفريدة التي نحتاج الى كثير من الحوار والنقاش حولها.

فأحد الامثلة القائمة هو المطالبة غير العقلانية وغير المسبوقة في العالم باسقاط القروض التي لا تحقق العدالة او الانصاف في المجتمع، لذا فحال صدور القرار المنطقي برفضه سيشعر كل مدين بشعور غير حقيقي بالظلم قد يؤثر سلبا على صحته او نظرته لمجتمعه ووطنه، ولو تحقق ذلك الطلب المستحيل لشعر آخرون بالمظلمة لعدم اغداق الدولة الاموال عليهم، وواضح ان قضية كهذه وعشرات غيرها تخلق شعورا بالمظلمة الكاذبة حال طرحها ونقاشها، لذا فالحكمة الا يبتدأ بها من الأصل حالنا كحال الدول الديموقراطية المتقدمة الاخرى التي لا يطالب احد فيها باسقاط الضرائب او القروض حتى لا يشعر مواطنوهم بالشعور الكاذب بالظلم حال الرفض.

ومن ضمن اعراض تلك الظاهرة الادعاء الكاذب بالظلم نتيجة للتباين الاقتصادي بين الناس القائم منذ بدء الخليقة والموجود في جميع البلدان الاخرى، فيحنق من يملك ما لا يحلم به 99% من سكان الارض، اي المواطن الكويتي الذي يملك العمل والسكن والخدمات التعليمية والصحية المجانية والرعاية للابناء من المهد الى اللحد والحريات السياسية، على من أفاء الله عليه بالنعمة الوافرة، ولا يعلم احد كيفية ازالة ذلك الشعور الكاذب بالغبن، اي هل تقوم الدولة بمصادرة وتأميم اموال الاثرياء ام ترسل للشركات الاجنبية لسحب وكالاتها من بعض المواطنين الكويتيين وتوزيعها على الجميع؟

وفي المحاكم الادارية هناك دعاوى من قلة تدعي المظلومية وتسفح دموعها انهارا جارية من الظلم الفادح الواقع عليها، ولو تبصر الانسان لوجد ان بعض تلك القضايا هي في حقيقة الامر على العكس تماما، فالذي يدعي المظلومية هو الظالم والمتجني على الاخرين، فالبعض يطلب ما لا حق له فيه، فاذا لم يحصل عليه تعدى على الآخرين وجرجرهم للمحاكم، وهناك من هو مصاب بأمراض نفسية كالوسواس القهري الذي يجعله يسيء الظن بالمسؤولين وزملاء العمل، وبالتالي يتعمد الاساءة اليهم كانتقام لما تعتقده نفسه المريضة التي يكمن علاجها في العيادات النفسية لا اروقة المحاكم.

ويمتد ذلك الشعور الكاذب بالظلم من بعض المواطنين الى بعض المقيمين بصورة شرعية او غير شرعية، فتستمع لشكاوى لو حللتها بصورة منصفة صحيحة لوجب على صاحبها ان يشكر هذا البلد المعطاء الذي يوفر الوظيفة الآمنة والرعاية الكاملة للجميع، ومن ثم فمع الشكوى أيا كانت فحواها يجب ان يستمع الانسان لقليل من الامتنان.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل العبدالهادي والغانم والقناعات على فقدائهم الاعزاء، للراحلين الرحمة والمغفرة ولذويهم الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.