سامي النصف

نحو قواعد جديدة للعبة الديموقراطية في الكويت

ضمن أنشطة المؤتمر الثالث لكلية العلوم الاجتماعية ترأست بالأمس ندوة شائقة قارن فيها د.عبدالله هدية دستوريا بين الديموقراطية في الكويت وفرنسا من حيث الممارسة القائمة، وأظهر الباحث أن الديموقراطية الكويتية ـ ومثلها اللبنانية ـ واسعة الصلاحيات، بينما تقترب التجربة الفرنسية من الصورية بسبب سلب كثير من صلاحياتها ابان حكم الجنرال ديغول، حتى انها لم تعد تقوم بدورها الأصلي، أي التشريع، وانحصر دورها في أربعة موضوعات فقط تدور حول الحقوق المدنية للمواطن.

د.ساجد أحمد الركابي عميد كلية الحقوق في جامعة البصرة قدم بدوره ورقة مؤثرة عن التنمية السياسية وحقوق الانسان في العراق، أظهرت في جانب منها ما لم يعد خافيا من ان التجربة الديموقراطية القائمة في أرض الرافدين لم تنقذ البلد، بل أصبح في ظلها ينحدر سريعا الى الهاوية لانعدام الحد الادنى من الاتفاق بين تكوينات المجتمع العراقي، ومن ثم تحول القتل والقمع من القصر الى الشارع.

يتزامن هذا مع ما نراه في لبنان من معادلة مستحيلة أصبح فيها ما يرضي ويفرح نصف الشعب اللبناني يزعل ويبكي نصفه الآخر، وتحول الموقف العام الى كوميديا سوداء شبيهة بالقصة التراثية حول الرجل الذي ركب قطاراً فوجد بمعيته سيدتين إحداهما ستموت لو فتح نافذة القطار، والأخرى ستموت لو أغلقها، وقد بان للعيان ان لا أمل هناك في حل أزمة الديموقراطية في لبنان المستمرة منذ عهد الاستقلال.

إن اللعبة الديموقراطية المنقوصة في فرنسا نجد مثيلا لها في الولايات المتحدة التي أعطت لفرد واحد هو شخص الرئيس صلاحيات تفوق صلاحيات الكونغرس المنتخب من 300 مليون أميركي مجتمعين، وهو أمر مطابق للحال في الديموقراطيات الغربية ودول شرق آسيا التي تضع التنمية والرفاه والتقدم والحفاظ على السلم الاجتماعي هدفاً أول لها، ومن ثم تتغير صلاحيات البرلمانات اتساعا وضيقا لتحقيق ذلك الهدف السامي.

وبالمقابل نجد أن بعض دول العالم الثالث أخذت بمبدأ «الديموقراطية لأجل الديموقراطية» و«الحرية لأجل الحرية» على نمط مقولة «الفن لأجل الفن» الساقطة، فلا يهم ان دمرت البلدان أو توقفت التنمية أو أفقر الناس أو حتى حدثت حروب أهلية كما حدث في لبنان الأمس وعراق الغد مادامت تلك الكوارث تمت تحت راية مدغدغة هي «إن في بيتنا ديموقراطية»!

إن أي مقارنة منصفة وغير منحازة بين الممارسات الديموقراطية في الكويت ابان حقبة الستينيات حتى الثمانينيات وما نشهده في السنوات الاخيرة تظهر بشكل واضح انحدارا في تلك الممارسة نخشى أن يأخذنا معه للمثال اللبناني أو العراقي، حيث كثر الصراخ والصياح دون طحين للناس، ما لم نصحح المسار، فنندم حين لا ينفع الندم.

إننا بحاجة الى قواعد جديدة للعبة الديموقراطية الكويتية تضمن لنا السلام الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية ووضع مركبة البلد على سكة التنمية الحقيقية التي تجعل الآخرين يشيرون الينا كالقدوة في التصرف والمثل في الانجاز لا الاخفاق وتلك القواعد الجديدة التي تقضي على الاخطاء وتعدل المسار لما فيه خير البلد لن تأتينا منزلة من السماء، بل علينا أن نخلقها نحن جميعا على الارض عبر منهاجية الغرف المغلقة التي تضم الحكماء والانقياء والاذكياء وأصحاب الضمائر الحية والنوايا السليمة من محبي الكويت.

آخر محطة:
حكم المحكمة الدستورية الأخير أوقف ممارسة خاطئة قائمة منذ الستينيات كانت تتم خلالها محاسبة الوزير على أعمال تمت قبل تقلده الوزارة، هل لنا بحكم من المحكمة الدستورية يوضح مَن من النواب الأفاضل من حقه ان يعلن أنه يقوم بجمع أصوات طرح الثقة في الاستجوابات حتى قبل أن تعلن محاور الاستجواب والردود عليها؟