سامي النصف

الإرهاب في كلية العلوم الاجتماعية

تم بالامس افتتاح انشطة مهمة ضمها المؤتمر الدولي الثالث لكلية العلوم الاجتماعية تحت شعار «العلوم الاجتماعية والدراسات البينية من منظور تكاملي» وتستمر اليوم والغد الانشطة التي يقودها عميد الكلية د.يعقوب يوسف الكندري ونخبة من دكاترة الكلية وتضم حشداً هائلاً من كبار اهل الاختصاص في الكويت والوطن العربي والعالم.

وقد حضرنا بالامس محاضرة البروفيسور اوسكار سيلادور من جامعة مدريد وتطرق بها لحقوق الانسان والاقليات الدينية في اوروبا، وعرج خلالها على اشكالات دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، مما سيرفع عدد المسلمين في اوروبا من 18 مليوناً كما هو الحال الآن الى 70 مليون مسلم سيحق لهم التنقل بحرية في القارة الاوروبية، واظهر صعوبات ذلك الدخول، حيث متطلبات حقوق الانسان التي لا تلتزم بها تركيا حسب قوله اضافة الى عدم اعترافها بإحدى دول الاتحاد الاوروبي وهو امر يخل بشروط الانضمام.

وورقة مهمة تقدمت بها د.كارين فيست التي يملأ التعريف الخاص بها (207) عدة اوراق حول علاقة الولايات المتحدة بالارهاب والتي قسمتها الى مراحل:

الاولى حقبة الستينيات، مرحلة خطف الطائرات الى كوبا، والثانية احتجاز الرهائن في طهران والثالثة اختطاف الغربيين في بيروت في الثمانينيات والرابعة المواجهة الحالية مع تنظيم القاعدة، ورأت الباحثة ان تجارب الماضي تظهر انتهاء الارهاب بالتفاوض وليس بالمواجهة، وان المواجهة الحالية ستنتهي كذلك بالتفاوض مع «القاعدة» لا بالمواجهة.

وكانت لي مداخلة مع د.فيست اوضحت لها وجهة نظري بأننا لا نقارن تفاحاً بتفاح كما يقول المثل الاميركي، فارهاب الستينيات وعمليات خطف الطائرات واقتحام السفارات في السبعينيات التي قامت بها بعض المنظمات الفلسطينية ومثلها عمليات احتجاز الرهائن في الثمانينيات في طهران وبيروت كانت تقف خلفها جميعا «دول» ثورية او قومية او ماركسية، ومن ثم يصبح التفاوض معها في نهاية المطاف عملية سهلة، بينما لا توجد دولة في العالم بعد سقوط نظام الطالبان تمثل او تدعم ذلك التنظيم الذي انقسم كما يقال الى عشرات او مئات التنظيمات الصغيرة، ومن ثم فمن ستفاوض الولايات المتحدة لانهاء ارهاب «القاعدة»؟

د.كازو تاكاهاشي من جامعة اليابان طرح قضية خطيرة تتطور في شرق آسيا وهي المواجهة المتصاعدة بين الصين واليابان حول عدة جزر مختلف عليها تحتوي على موارد النفط والغاز العطشان لها كلا البلدين، وكان تعقيبنا على ورقته ان الخلافات الحدودية هي كالالغام التي لا يعرف احد متى تنفجر ومدى الاضرار الناتجة عن تلك الانفجارات متى ما حدثت، واشرت الى حقيقة غياب مرجعية قارية «آسيوية» كحال القارات الاخرى تستطيع احتواء ذلك الخلاف متى ما بدأ يتحول من بارد الى ساخن.

د.كمال عثمان من جامعة الكويت تحدث باسهاب في ورقته عن الاحداث في السودان وتحديدا في دارفور، وانها مثال لازمة الدولة الحديثة والتي تنعكس تبايناتها العرقية والدينية واللغوية على ادائها السياسي، وكان تعقيبنا على الدكتور الفاضل ان تلك التباينات وعدم التجانس قائم في اغلب اذا لم نقل جميع دول العالم دون اشكال، وان الازمة لها شق اجتماعي، حيث النظرة الفوقية او المتعالية التي تنظر بها بعض مجتمعاتنا العربية لشركائها في الاوطان كحال الاكراد في العراق والبربر في شمال افريقيا والافارقة في السودان، وشق سياسي حيث ان طول امد الاقليات بالقمع العسكري والخراب الاقتصادي المستمر منذ عقود من بعض عواصمنا العربية جعلها تلجأ ضمن الظروف الدولية المواتية للنضال وطلب الانفصال.