سامي النصف

مسطرة ديوان المحاسبة

مر علينا دهر في الكويت كان المواطن يموت فيه قهرا لعدم تفاعل أحد مع المخالفات الجسيمة التي يدونها ديوان المحاسبة حول أداء ومخالفات بعض الوزارات والإدارات الحكومية وكان مجلس الأمة يشارك بذلك القصور عبر عدم الطلب الصريح بتصحيح تلك المخالفات الجسيمة.

ثم أتت بعدها مرحلة بدأت تأخذ فيها تلك التقارير طابع الجدية ولاحظنا حرص المسؤولين على تصحيحها كي لا تصبح أداة استجواب بيد المعارضة ثم ارتقى الحال الى ما صرح به سمو رئيس مجلس الوزراء قبل أيام من أن تقارير ديوان المحاسبة هي «مسطرة الحكومة» مما يحمل الديوان في الفترة القادمة مسؤولية ضخمة في التأكد من صحة ودقة التقارير المكتوبة وتحديد المسؤوليات فيها، وهل هي الجهات الحكومية أم الخاصة.

ومن ذلك فواضح أن صحة أو خطأ جهاز ما يجب ألا يحسبا بعدد المخالفات بل بجسامتها وتكرارها، فقد يرقب رجال الديوان عشر مخالفات صغيرة معتادة وغير متكررة في أحد الاجهزة تقابلها مخالفة واحدة متعمدة في جهاز آخر، الا ان تلك المخالفة قد تفوق بحجمها وجسامتها عشرات أو مئات المخالفات الأخرى.

ومما نرجوه أن ينظر رجال الديوان في تقسيم ما يدونونه الى «مخالفات» و«ملاحظات» حيث يجب أن يشمل جزء المخالفات ما يرى رجال الديوان الافاضل أن فيه تجاوزا مقصودا ومتعمدا على التشريعات الموضوعة أو تعديا على المال العام، وهو ما يجب أن يصبح ضمن مسطرة الحكومة التي تحاسب بها الجهات المعنية، أما جزء الملاحظات فيجب أن يشمل الامور الصغيرة التي تحتاج الى الانتباه لها وتصحيحها في الاعوام المقبلة، ومن ثم لا يجوز استخدامها كعصا ضد الوزارات المعنية ومسؤوليها.

وبودنا أن يمتد الجهد المشكور للاخوة الافاضل في ديوان المحاسبة الى المحاسبة على التأخير المبرر الذي تشتهر به بعض الدوائر الحكومية والذي يكلف الخزينة العامة مئات ملايين الدنانير كل عام، ان البيروقراطية وسياسة التسويف والتأجيل وعدم المبالاة تزيد كلفتها على المال العام من قضايا الحرمنة.

آخر محطة:
العزاء الحار لعائلتي الحنيف والعساكر لفقيديهما الشابين خالد ومحمد، فللراحلين الرحمة والمغفرة ولأهاليهما وأصدقائهما ومحبيهما الصبر والسلوان.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.