سامي النصف

خلق الله

خلق رب العباد المعادن جامدة ولم يترك لها الفرصة ان تغير نفسها، فالذهب يبقى ذهبا والصفيح يبقى صفيحا، اما الانسان فقد كرمه بأن اعطى له الحق كاملا في ان يختار المعدن الذي يريده، لذا اعجب ممن يختار طواعية ان يصبح صدأ او نحاسا يلمع دون قيمة، وهو الذي بيده ـ بحسن عمله ومكارم خلقه ـ ان يصبح ذهبا او الماسا.

النسر طائر جبان يعيش على جيف المخلوقات بعد موتها وهو غريب على بيئتنا العربية اما الصقر فهو طائر العرب الحر الذي يعيش على الفريسة الحية لذا لا ينقض على الحبارى ما بقيت ساكنة كالميتة لذا نستغرب من قيام دول الثوريات العربية منذ الخمسينيات بتبني صورة النسر بدلا من الصقر كشعار لدول عربية عديدة، يقول بعض الظرفاء ان النسر هو شعار الغرب وضعه رجال حروبه الخفية لكل دولة نجح الانقلاب الذي طبخوه بها.

اعطي للاسد عند العرب ما يقارب العشرة اسماء وهي من الامور التي يفتخر ويستشهد بها بشدة مختصو اللغة العربية، لو اخذت اطفالك لحديقة حيوان اجنبية في المشـــرق او المغرب ووجدت حيوانا مكتوبا عليه Lion لقلت ان ترجمته للعربية هي الاسد وTiger نمر وCheatah فهد، ولكن ماذا عن اقفاص الحيوانات الضارية المختلفة الاخرى التي تحمل اسماء مثل Panther، Leopard، Jaguar، Cougar، Puma، الخ، يا حبذا لو وزعت اسمــاء الاســد الاخـرى الــــتــي لا ضـــرورة لها على تلك المخـــلوقات التي لا اسماء عربية لها.

يسمي العرب الاسد ملك الغابة ويعطون له من الصفات عبر الكذب والمبالغة ما لا تحتمله الحقائق الخاصة بعالم الحيوان فالاسد في البدء حيوان كسول جدا نائم اغلب الوقت لا يستطيع ان يسوس شيئا ناهيك عن غابة بأكملها، كما ان اللبوة هي من تقوم بالصيد وتغذية الاشبال، اما الاسد فعمله الحقيقي هو زبال الغابة Scavenger حيث يقوم هو والضباع والنسور بأكل الجيف والجثث الميتة التي تعافها المخلوقات الاخرى وهو ما يتسبب بنظافة الغابة وخلوها من الامراض.

هل لاحد ان يفهم ما يجري في منطقة وحيد القرن الافريقي؟!

دول كالصومال واثيوبيا وحتى اريتريا مرت عليها سنوات طويلة من الجفاف الذي اكل الاخضر واليابس وتسبب بالمجاعات الرهيبة التي حولت الناس الى هياكل عظمية ثم لحقتها فترة فيضانات مدمرة جعلت تلك الدول شديدة الفقر وفي امس الحاجة لكل فلس من اموالها لإعاشة مواطنيها فكيف جاز لها ان تنفق الملايين في شراء الاسلحة لقتل بعضها البعض!

آخر محطة:
حرية الرأي والقول لدى العرب هي اقرب لهذه المقولة الضاحكة الجميلة، قال لزوجه: اسكتي وقال لابنه انكتم، صوتكما يجعلني مشوش التفـــكير، لا تنبسا بكلمة قط، اريد ان اكتب مقالا عن حرية التعبير!

وكل عام والمسلمون والمسيحيون واهل الارض جميعا بخير وسعادة بمناسبة الاعياد وقرب السنة الجديدة.

سامي النصف

توسطوا تصحوا

وسط الاجواء الملتهبة القائمة في المنطقة لم يعد مفهوم وثقافة الوسطية اختيارا نأخذ به او لا نأخذ، فإن امن الوطن والسلام الاجتماعي بين شرائح المجتمع المختلفة والوان طيفه السياسي القائمة يستوجب الاخذ بالوسطية كمنهج حياة وصمام امان لا غنى للأمة عنه.

وقد وجدت عبر اطلاعي على الاوراق المقدمة للمؤتمرات التي عقدت للوسطية انها لم تلق هوى لدى شيوخ وكتاب التطرف وهو مؤشر جيد فأحدهم وهو شيخ دين ومنظر كبير يسأل المؤتمرين ـ وبسذاجة بالغة ـ عن تعريف الوسطية ومعناها؟!

ولم يقل لنا كيف له ان يفسر الآيات البينات ويشرح الاحاديث الشريفة للأغرار الصغار والرجال الكبار وهو لا يفهم معنى الآية الكريمة (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) والحديث النبوي «خير الأمور اواسطها».

كما تساءل كاتب ـ متشدد معروف ـ عن معنى الوسطية وتطبيقاتها وهل يفترض برجل معروف بالاصلاح ومكارم الاخلاق ان يترك تلك المكارم الى امر وسط، فيصبح يوما ذا خلق ويوما دون خلق حتى يحقق الوسطية؟!
 
والحقيقة ان هذا النوع من اللغو والجدل غير البناء سمعنا كثيرا بمثله في حقب مكافحة الارهاب الذي يعرفه العالم اجمع عدا شيوخ وكتاب التطرف لدينا، الذين يدمرون ويخربون كل لقاء لمكافحته بطلب تعريفه وهل الارهاب طائر أم سمكة ام هو احد انواع الحلويات؟!

ان الوسطية تعني القبول بالرأي والرأي الاخر وهو شرط ملزم لها كشرط الوضوء او التيمم للصلاة، فالوسطية تستهدف الخروج من مواقع التخندق والرأي الواحد المغلق الى فضاء التعددية الفسيح الذي يقبل بمجاورة القريب والغريب.

ومما لا منطق فيه ان تصل المناكفة السياسية والفكرية الى حد ان نختلف حول ما لا يجوز الاختلاف حوله اي الايمان بالوسطية كنهج حياة وكطرف نقيض للتطرف واحادية الرأي اللذين يوصلان عادة للقتل وقطع الرقاب وانشطار الاوطان والمجتمعات.

ان تبني تيار سياسي ما منهاجية الوسطية لا يعني اطلاقا ان على التوجه السياسي الاخر ان يخالفها ويسفهها امام النشء ممن نود ان يتشربوا ـ حتى النخاع ـ هذا التوجه الخير، ان نقد الممارسة يجب الا يمتد لنقد الثقافة ذاتها والواجب ان نلتف جميعا حول الوسطية لا ان نختلف حولها.
 
ان في الوسطية الروشتة الناجعة لامراض العراق ولبنان وفلسطين وحتى المجتمعات الاخرى التي تفتك بها وتسفك دماء ابنائها التخندقات المختلفة، وفي الوسطية حل كذلك للاشكالات السياسية الكويتية كما انها ستشفي العلاقات الوظيفية المريضة المتفشية في دهاليز الدوائر الحكومية، والحال كذلك ضمن جدران الحياة الزوجية وستقلل بالقطع من حالات الطلاق والتشرد التي قاربت ان تصبح وباء.

اخر محطة:
تعقيبا على ما كتب بالأمس لا تضير الصديق والزميل جابر الهاجري عزوبيته التي لن نستغرب ان يكسرها قريبا ومع بداية العام الجديد «بالزوز»، على قول اخوتنا المغاربة، ومبروك سلفا!

سامي النصف

على مشارف عام جديد

ونحن على مشارف عام جديد علينا أن نبعد مسارنا عن عام آخر تملأه الازمات والاستجوابات والسخونة السياسية التي تعطل اعمال الدولة في الداخل وتشغلنا عما يحدث حولنا في الخارج، خاصة ان طبخة الاوضاع في العراق وايران ولبنان ـ وبراكين اخرى قادمة على الطريق في المنطقة ـ قد تصل سريعا الى حد النضوج والانفجار في عام 2007.

ان اولى خطوات اصلاح الاوضاع في البلد تتم عبر التوقف عن عمليات الاستجوابات الكيدية التي شغلت وعطلت البلد خلال الاشهر الماضية ومن ثم حاجة السلطتين الملحة للجلوس المطول ضمن مناهجية الغرف المغلقة خارج البرلمان للوصول الى صيغ اتفاق نهائية تستمع الحكومة من خلالها لملاحظات الكتل والنواب على خطة برنامج الحكومة الطموح كي يتم تعديلها طبقا لأي مقترحات جادة حولها ثم اعطاء الضوء الاخضر بعد ذلك للحكومة للسير حثيثا في تطبيق تلك الخطة الحكومية الواعدة التي ستتحقق للكويت من خلالها النقلة النوعية المطلوبة.

وقد يستدعي الامر كما يأتي في الصحف تعديلا او تدويرا هنا او هناك في الحكومة وهو امر لا ضير منه على الاطلاق مادام يخدم الصالح العام ويرفع الكفاءة ويزيل التوتر بين السلطات، على ألا يخضع للرغبات الشخصية او «المناكفات» السياسية وان يكون هناك التزام معلن بالتوقف عن استخدام قميـص عثمان المسمى «وزير تأزيم» الذي اصبح اكثر اتساعا من ثقب الاوزون.

وما نحتاج الاتفاق عليه في خضم ما يجري حولنا من احداث في المنطقة العربية البعد عن ركوب ظهر النمر المسمى «تحريض الشارع» ففي ذلك الامر مجازفة كبرى وعملية محفوفة بالمخاطر يعرف البعض احيانا كيف يبدأها ولا يعرف احد قط كيف ينهيها فكم من نمور جاعت فأكلت من يمتطيها، وكم من نمر خرج عن السيطرة فهدم واحرق وعربد، فيا ايها الســاسة العقـلاء لا تلعبوا بعواطف ومشاعر النــاس فتندموا ويندموا.

آخر محطة:
في الكويت ظاهرة غريبة هي زحمة الساعة الحادية عشرة صباحا التي سببتها كثرة المتقاعدين ووفرة الساهرين والتي سنتطرق لكيفية «الاستفادة» منها في مقالات لاحقة.

سامي النصف

جريدة «النيشان» المغربية وجرائد أخرى

جريدة «الوطن الآن» المغربية نشرت على صفحتها الأولى ان البرلمانيين يطالبون الملك باسترجاع سيادته بعد أن خرج السجال بين النواب من المؤسسات الى الشارع حسب قول الصحيفة، كما استغربت ضمن الموضوع نفسه من عملية التنصت الهاتفي التي استخدمت لإدانة بعض النواب بتهمة شراء الاصوات في الانتخابات الاخيرة، مما أدى الى سجن وغرامة 16 عضوا منهم وحرمانهم من الترشيح لدورتين متتاليتين.
 
جريدة «الاتحاد الاشتراكي» التابعة للحزب الحاكم علقت في مقال افتتاحي لها على تبعيات فتح باب اصدار الصحف بالقول انه بقدر ما تتزايد اصدارات الصحف بقدر ما يتراجع عدد القراء، وان «المصداقية الصحافية» قد تضررت كثيرا لتطرق بعض الصحف الجديدة للجنس والجريمة والطعن الشخصي واثارة الفتن بين الأمازيغ والعرب كوسيلة لسرقة قراء الصحف القديمة، وطالبت فيدرالية (جمعية) الصحافيين بإصدار ميثاق شرف يحدد العلاقة بين الصحافة والدولة من جهة والصحافة والمجتمع من جهة ثانية.

جريدة «العالم الأمازيغي» اشتكت من قيام مطبعة «امبريال» برفع دعوى عليها للحصول على مستحقاتها التي تعدت 24 مليون سنتيم، وفي الوقت ذاته نشرت خبرا بالبنط العريض يقول ان ملوك المغرب العرب المتعاقبين قاموا بتزوير التاريخ عبر طمسهم ومسحهم تاريخ الامازيع واليهود والافارقة، وطالبت بإعادة النظر بالمناهج المدرسية المغربية للحد من تمجيد أعمال العرب في المغرب.

جريدة «الأيام» تدعي كشف أسرار صفقة التناوب بين العاهل الراحل وعبدالرحمن اليوسف المدعوم حسب قولها من الكويت والسعودية والامارات وأميركا وفرنسا، وتتهمه بتزوير الانتخابات، ثم تنقل في صفحاتها الداخلية لقاء مع الأمير المنشق مولاي هشام بن عبدالله فيه طعن صريح بالنظام الحاكم وفي صفحة أخرى لقاء مع المفكر محمد عابد الجابري (صديق صدام) لشرح تبريراته حول قوله ان القرآن الكريم الموجود بين أيدينا محرف.

جريدة «الصحيفة» لم ترحم حتى ذكرى الراحلين، فنشرت على صفحتها الاولى ان المرحوم الحسن الثاني كان يحضر جلسات استنطاق المختطفين والمعتقلين السياسيين، وفي الداخل ادعاء بأن الملك السابق مات مسموماً ولقاء مع مدحت بوريكات الذي ادعى انه كان شاهد قتل السياسي الحسين المانوزي تحت التعذيب.

جريدة «العلم»، لسان حزب الاستقلال، ركزت في افتتاحيتها على ضرورة محاربة الرشوة حتى يتحسن موقع المغرب في التصنيف العالمي للدول المحاربة للفساد وذكرت ان 60% ممن سألتهم مؤسسة غالوب العالمية للاستفتاءات، ذكروا انهم دفعوا رشوة لتخليص معاملاتهم خلال الـ 12 شهرا المنصرمة، وذكرت ان الحزب تقدم عام 1977 للبرلمان بقانون «من أين لك هذا؟» ومازال مشروع القانون باقيا في اللجنة التشريعية ولم يغادرها.
 
جريدة «المشعل» تعرضت لنظام الحكم على صدر صفحتها الاولى، وفي الداخل تحقيق خطير عن أنواع المخدرات الاكثر شعبية في المغرب، وتعرض الوصفات اللازمة لتحضيرها أمثال «البربوقة» و«القرطاسة» و«الفرشاخة» و«القاتلة» والاخيرة تعتمد على الاقراص التي تعطى عادة لذوي القصور العقلي بعد خلطها بالبسكويت، يصبح بعدها المتعاطي في حالة تجعله لا يخشى شيئا حتى ان شعار مدمنيها هو «لا شيء مستحيل»، في المشرق العربي يستخدم القادة الثوريون عادة خلطة «القاتلة» في مواجهاتهم الخاسرة مع القوى الدولية!

أخيرا.. اذا كنا أقمنا الدنيا ولم نقعدها على الجريدة الدنماركية التي أساءت لرسول الأمة ( صلى الله عليه وسلم )، فقد قامت جريدة «النيشان» الاسبوعية وعبر الفوضى الصحافية القائمة، كما ذكرت صحيفة الاتحاد الاشتراكي، بنشر مجموعة نكات على صدر صفحتها الاولى لم تكتف بالتعرض للرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم )، بل امتدت لرب العزة والاجلال، وللصحابي أبو هريرة ( رضى الله عنه ).

حرية الصحافة أمر جميل متى ما ارتبط بالاحتراف والاحترام والمسؤولية.

آخر محطة:
لم نسمع قط بمشكلة في السابق ساهم بحلها أمين عام الجامعة العربية، الأرجح ان زيارته تمت بعد المؤشرات الايجابية لجهد المبعوث السوداني، فوصل سريعا للبنان، ليخربها!

سامي النصف

رد من شركة الملاحة العربية وتعقيب

السيد الفاضل المحترم.
تحية طيبة.

بالاشارة الى المقالة التي نشرت في زاويتكم (محطات) بتاريخ 12/12/2006 تحت عنوان «رسالة تستحق الاهتمام والانصاف»، يسعدنا ان نوضح حقيقة الادعاءات التي تضمنتها تلك الرسالة من منطلقين، اولهما كما تعلمون انني من الذين ينادون بالاصلاح والتطوير في كتاباتي وتصريحاتي، وعندما يكون هناك نموذج صالح قد بدأ العمل فيه كي يقتدى به في التطبيق فإن رغبتي في تعميمه خدمة للصالح العام تتطلب دعمه والتأكيد عليه وكشف حقائقه منعا للتشويش والتضليل، ثانيهما يأتي تحقيقا لرغبتكم المذيلة بنهاية المقال لمعرفة حقيقة ما تم من اجراءات في شركة الملاحة العربية المتحدة وهي في خضم اعادة الهيكلة وتطوير انظمتها وبرامج توسعها من حيث انصاف العاملين كافة، سواء من رغبوا بترك العمل اختياريا او من فضلوا الاستمرار في الشركة.

ان مضمون الكتاب الذي ارسل لعنايتكم جاء فيه كثير من المغالطات وجاء مغايرا للحقائق والوقائع، فعندما بدأت شركة الملاحة العربية المتحدة تطبيق اجراءات اعادة الهيكلة في سبيل تنظيم وتطوير اجراءاتها شأنها في ذلك شأن الشركات الكبرى المحلية والعالمية اتخذت الشركة قرارها بتخيير الموظفين بين الاستمرار بالعمل او الاستقالة اختياريا مع صرف تعويضات لهم، وكانت الشركة في هذا الصدد من اكثر الشركات انصافا لحقوق الموظفين واجزلها تعويضا، حيث امنت للموظفين من الشفافية والعدالة والوقت الكافي ما يضمن لهم اختيار القرار بحرية تامة ووضوح، وقد منحتهم رواتب 48 شهرا بالاضافة الى مستحقات نهاية الخدمة متمتعين بالميزة الافضل ورواتب مستحقات فترة الانذار، حيث بلغت التعويضات لعدد 19 موظفا 2426098، اي ما يقارب المليونين ونصف المليون دولار، وكانت تصل عند بعض الموظفين الى اكثر من 360 الف دولار للموظف الواحد.

وهنا اؤكد من واقع التجربة والمعايشة بصفتي احد الموظفين والمسؤولين ان عملية عرض الخيارات تمت بشكل راق وعادل ولم يخضع احد ما بالشركة لأي ضغط من ترغيب او ترهيب بأي شكل من الاشكال للتوجه لأي من الاختيارات المطروحة، لذا كان واجبا ان اتقدم بمثل هذا الكتاب انصافا للحق وتأمينا للجهود المبذولة والصادقة في مسيرة الاصلاح ورغبة في تعميم التجربة على المؤسسات الاخرى، شاكرين لكم اهتمامكم وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.

اخوكم حجاج بوخضور، نائب رئيس مجلس الإدارة لشؤون الأسطول.

التعقيب:
عرضنا ما جاء في رسالة الاخوة العاملين السابقين في شركة الملاحة العربية، وهو حق لهم، وعرضنا بالمقابل رد الشركة وممثلها الاخ حجاج بوخضور، وقد جاء وافيا وكافيا، وتتبقى حقيقة يجب التطرق لها في هذه القضية او غيرها رفعا للظلم ولانصاف الجميع، وهي ان العودة للعمل بعد الحصول على التعويضات والمكافآت التي لم تتضمنها رسالة الشكوى فيها ظلم فادح لمن تبقوا في شركة الملاحة او غيرها من شركات مثيلة، حيث سيشعر زملاؤهم ممن لم يأخذوا بذلك الخيار بعدم العدالة والانصاف، فهل هناك استعداد لدى المتظلمين لاعادة الاموال والمكافآت التي استلموها للشركة كشرط لطلب العودة وانصافا لزملائهم الباقين.

سامي النصف

السنعوسي إن حكى..!

ستبقى مشكلة وزارة الاعلام باقية ما بقي الفهم الساذج العقيم بأن تلك الوزارة هي من يحيل الاسلامي الى ليبرالي او الليبرالي الى اسلامي (!) وزارة الاعلام لا تختلف في حقيقة الامر عن بقية الوزارات وكل ما تحتاجه هو استقرار وفكر خلاق وعمل دؤوب، وسيبقى كل شاب وشابة كويتية على انتمائه السياسي والاجتماعي ايا كان من سيتقلد وزارة الاعلام العتيدة التي اصبح معدل عمر وزرائها منذ التحـرير 9 اشهر بالتمام والكمال، ودلالة ما نقول هو الشارع المصبوغ بصبغة دينية في القاهرة وبغداد ودمشق واستنبول رغم الوزراء العلمانيين المتعاقبين على وزارات الاعلام هناك.

هل يعقل ان يرتج البعض خوفا من كلام صريح يمثله الوزير السنعوسي؟

ان على الحكومة ان تنتبه لاشكالية ان استجواب السنعوسي قابل للتكرار بعد اشهر او حتى في العام الاخير للمجلس الذي يعتبر «موسم قنص الوزراء» فهناك كتل معارضة تكفي بذاتها لسحب الثقة من اي وزير حتى قبل ان يصل الى المنصة، وهناك وضع دستوري عجيب يقبل بمبدأ الاستــجواب على الهــوية لا القضية وان يصدر الحـكم قبل المداولة لا بعدها.

واضافة الى الكتل المعارضة الثلاث هناك كتلة رابعة لا تقل معارضة ومناكفة عنهم فكيف سيتم الحصول على 3 وزراء يدعمون اي وزير يستجوب؟

لقد طالبنا في السابق بأن تطالب الحكومة الكتل الثلاث بان تحول كلماتها الداعمة للحكومة القائمة والتي تصفها بالاصلاحية الى عمل يعمل ويعبر عنه التوقف عن دعم الاستجوابات الكيدية او حتى دعمها. لم ينتبه احد لما جاء على لسان الوزير بدر الحميضي والنائب علي الغانم في حلقة 6/6 يوم السبت الماضي، لقد تســببت الحماوة السياسية والبرود الاقتصادي في الكويت في دخول 250 مليون دولار استثمارات العام المـــاضي في وقت خـــرجت فيه 4 مليارات دولار، بالمقابل تسببت الحماوة الاقتصادية والبرود السياسي في دولة الامارات الشقيقة في دخــول 12 مليار دولار، للمعلومة اعداد الناخبين في الامارات محدودة جدا وهو تطبيق لفكرة التدرج الديموقراطي الرائعة التي تمنع الوليد الجديد من ان يركض قبل ان يتعلم المشي.

في انجلترا ام القوانين والتشريعات الصارمة توقف التحقيق العدلي في احدى صفقات الطائرات بعد ان هددت الدولة المشترية بفسخ عقود الشراء مع الانجليز ومن ثم الاضرار الاقتصادي بهم، كون الانجليز يؤمنون بالا فائدة من نجاح العملية ما دامت ستقتل المريض، في الكويت تصدر بعض الاحكام دون النظر مطلقا لتأثيرها على اقتصاد البلد.

اشكالية ترسيخ مبدأ فسخ العقود لاجل عوائد افضل للميزانية العامة للبلد تخلق اشكالية منطقية فحواها ان ذلك المبدأ يعني اعادة النظر في العوائد الايجارية للاراضي العامة الاخرى كالمزارع والكراجات والجواخير والاسطبلات والشاليهات.. الخ، شخصيا اعتقد ان جزءا كبيرا من رفـــاه المواطن الكويتي المحسود من العــالم وحسن اداء شركاته قائم بالكامل على كرم الدولة في تحصيل اموالها ولو طبقت الحكومة الرؤومة مبدأ العين الحمراء لفاضت اموال الميزانية العامة مقابل افقار الناس وافلاس الشركات والعودة لمبدأ: العملية نجحت والمريض شبع موت.

آخر محطة :
في الغــد سنــعرض رد شركـة الملاحة العــربية وتعليقنا عليه.

سامي النصف

جهود تستحق الدعم لا التخذيل

الكويت ليست نفطا، الكويت قبل ذلك هي انسان وعطاء وثقافة وعلم، وقد حضرت الاسبوع الماضي في مدينة فاس حفل تقدير وتوقير للثقافة الكويتية عكسهما التكريم الحافل لعبدالعزيز البابطين وتقليده شهادة الدكتوراه الفخرية، وقد القيت ضمن الحفل وخلال ايام المهرجان الثلاثة كلمات معبرة تشيد بالكويت كإحدى عواصم الثقافة العربية المعاصرة وتظهر ان الجهد الذي يقوم به احد ابنائها للحفاظ على التراث والثقافة لا مثيل له في التاريخ العربي القديم او الحديث وهو ما اطال رقابنا ككويتيين وجعلنا نشعر بالفخر والزهو.

واذا كنا قد انتقدنا في السابق من يؤمن بمبدأ «الديموقراطية لأجل الديموقراطية» و«الحرية لأجل الحرية» على وزن مبدأ «الفن لأجل الفن» الساقط، فاننا ننتقد اليوم من يؤمن مخطئا بمبدأ «الارض لأجل الارض» اي فلتبق الاراضي العامة قاحلة صفراء على ان يبنى عليها ما يعزز دور الكويت الثقافي والاجتماعي والحضاري او الاقتصادي او الديني،الخ.

وللعلم فقط فالارض المواجهة لوزارة الخارجية ليست ملكا لعبدالعزيز البابطين بل مؤجرة من الدولة لعشرين عاما وقد تحولت في زمن قياسي من ارض جرداء تكب عليها الاوساخ وتلعب فوقها الفئران الى مكتبة ومنارة للثقافة والشعر العربي يحج إليها الباحثون والدارسون من اساتذة وطلبة ويثني عليها وعلى البلد الذي رعاها الملايين من العرب والمسلمين ولو دفعنا خزائن الارض لما حصلنا على مثل هذا الثناء.

لقد بنى تلك المنارة، التي يغطى شعاعها المساحة الممتدة من المغرب غربا الى كازاخستان شرقا مرورا بكل عواصمنا العربية وحتى الاجنبية كمدريد وباريس، الاخ عبدالعزيز البابطين في وقت مازلنا ننتظر ومنذ عقود من الزمن اكمال مشروع المكتبة الوطنية، وقد كان من السهولة بمكان على ابوسعود ان يوفر ما بذله على المكتبة ويوجهه، وهو رجل الاعمال الناجح، للمشاريع التجارية التي تدر عليه الاموال الوفيرة.
 
ومثل ذلك حقيقة ان مشروع الوقف القائم في شرق ليس ملكا للبابطين، رغم انه يبنيه كذلك من حر ماله لاكمال المسيرة الثقافية التي ترسخ ـ ومعها بالطبع كل الجهود الحكومية والاهلية الاخرى ـ موقع الكويت الثابت تحت الشمس، بل هو ملك خالص لوزارة الاوقاف لا يحق لاحد ان يحركه او يستفيد منه، ان تلك الاراضي لم تسخر لخدمة شخص بذاته بل سخرت بأجلّ صورها لخدمة الكويت ومواطنيها.

يتبقى مشروع النصب التذكاري وحقيقته ان هناك ارضا مخصصة لانشاء حديقة عامة وقد اقترح السيد البابطين عبر أريحيته وكرمه المعروف، ان يتبناها ويزرعها ويبنيها بأسرع وقت وفي اجمل صورة وان يجعل في منتصفها ما نفتقده بشدة في الكويت ونعني به الأنصاب التذكارية على ان يحمل النصب التذكاري، الذي سيحمل اسم الشاعر الفرزدق في جنباته، القصائد الشعرية الخالدة اضافة الى قصيدة مميزة كل عام، فأين الخطأ في ذلك المشروع الثقافي الحضاري الذي يحتاج الى الدعم والمؤازرة لا الهجوم والتخذيل علما بأن الأنصاب التذكارية تنتشر في مشارق الارض ومغاربها ومن ذلك ما نراه في مدن المملكة العربية السعودية ارض الحرمين الشريفين؟!

أخيرا، لا علاقة خاصة او تجارية تربطني بالاخ الفاضل عبدالعزيز البابطين الا حب الكويت ودعمي للجهد الذي يقوم به كي ينتشر حب الخير من ارض الخير للآخرين، واذا كان بوسعود قد حصد المجد للكويت عن طريق تبني قضايا الثقافة والادب والشعر فلايزال في المجال متسع لمن يريد تبني قضايا ابداعية اخرى في الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها ولا نعتقد ان الدولة ستبخل بالارض على من ينوي القيام بمثل تلك المشاريع التي تُدعم وتُشجع في العالم أجمع، والحديث ذو شجون.

سامي النصف

الفرقد السامي على الشهب

في الكويت كالحال في الوطن العربي نحن في حاجة ماسة للقدوة الحسنة التي هي بمثابة المنارة التي تقتدي بها الاجيال الصاعدة، ولاشك في أن رجل الاعمال والثقافة والادب الصديق عبدالعزيز سعود البابطين الذي حضرنا بالامس حفل تقليده شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة سيدي محمد بن عبدالله العريقة في مدينة فاس المغربية، هو إحدى المنارات التي يقتدى بها في الانجاز والعصامية والاهتمام الجاد برفع شأن الثقافة والشعر والادب في المحيط العربي.

وقد تم خلال الأيام الثلاثة الماضية الاستماع لجمع من المحاضرات والنقاشات التي تقدم وشارك بها العديد من الدكاترة المغاربة والمشرقيين ممن تناولوا بالشرح والتحليل شعر عبدالعزيز البابطين واثنوا على اعمال مؤسسته التي اتفقوا على انها الاكثر انجازا للادب والشعر في التاريخ العربي قاطبة وذلك عبر انشطتها في الدورات والملتقيات والاسهامات واصدار المعاجم واشرافها على مراكز الترجمة والتدريب وانشائها المكتبة المركزية للشعر العربي في الكويت مما اسعدنا كثيراً واطال اعناقنا كمواطنين لبلد صغير في حجمه كبير جدا في افعاله واعمال رجاله.

وكان رئيس رابطة الادباء الكويتية عبدالله خلف قد تطرق في كلمته لقضايا محورية منها ان الابداع الكويتي المثنى عليه في تلك الجلسات الحميمية الدافئة هو نتاج بيئته السياسية والاجتماعية فلولا الديموقراطية التي جبلت عليها الحياة الكويتية منذ نشأتها الاولى لما كان هذا الابداع والتجلي اللذان مثلهما في القدم جمع الشعراء الكويتيين ممن شاركوا في هموم أمتهم حتى أنهم تفاعلوا مع بدايات القرن الماضي ثورات المغرب العربي ضد الاستعمار، وانتهاء بالاعمال الجليلة التي توجها الاحتفال القائم.

لقد بين الشاعر د.عبدالعزيز البابطين في كلمته ان الهدف السامي من اعمال مؤسسته النشطة هو استنهاض همم الامة والقفز فوق التخندقات الطائفية والعنصرية المفرقة وان دعمه الفاعل للثقافة هو لإصلاح ما تهدمه السياسة كما بين ان مؤسسته تروم استبدال نظرية صراع الحضارات بالحوار الراقي بين الشعوب ولذا كان عقد ندوتي دورة ابن زيدون في اسبانيا عام 2004 ودورة شوقي ولامارتين في فرنسا هذا العام.

ان الصديق عبدالعزيز البابطين في حصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية وتشريفه الكويت تنطبق عليه بحق ابيات الشاعر المبدع القائلة:

هذي الكويت اتت تزهو بتهنئة
من الفؤاد العطر الطيب تنتسب
بررت بالنسب العالي وعزته
تسمو به مثلما يسمو بك النسب
مكانك الفرقد السامي على شهب
يحدوكم العلم والاخلاق والادب
 
آخر محطة:
الشكر الجزيل لكل من ساهم في انجاح ذلك الاحتفال الرائع الذي جمع الكويتي بالشامي بالمصري بالمغربي ونخص بالذكر رئيس الجامعة د. توفيق الشهدي وعميد كلية الآداب د.عبدالرحمن طنكول ود. لويزا ود. محمد ابوشوارب، وعبدالرحمن العبادلة ود. عبدالهادي العجمي ود. محمد بن شريفة، والزملاء نجم الشمري وميسون عبدالرحمن وطاقم قناة البوادي.

سعيد محمد سعيد

من تجربة الطائفتين إلى «طأفنة» التجربتين!

 

الوقت صباحاً… قبيل السابعة بقليل: كم هي مربكة تلك الصورة. الازدحامات المرورية ترفع 10 درجات من ضغط الدم. التشاجر والتشنج أمام المدارس والقلق من التأخر عن الوصول إلى العمل يرفع عشراً أخرى. صوت المذيعة في «صباح الخير يا بحرين» تدعو بعبارات موفقة تارةً وتائهة تاراتٍ أخرى إلى الابتسام والشعور بالسعادة وترك البغضاء والكراهية. يأتي الوطن على القمة، هو دائماً على القمة: لنعمل من أجل الوطن، هو الروح، هو الحياة، هو نحن ونحن هو. ينخفض ضغط الدم قليلاً. تقرأ المذيعة عناوين الصحف… أوووه… لماذا يا أختاه لم تشطبي تلك العناوين الطائفية؟ بضع عناوين تشكّك وأخرى تثير القلق وثالثة توحي بأننا نعيش في مجتمع متناحر. يضرب مقياس الضغط حد الحد!

صباح الخير يا وطن… كيف أحوال أهلك اليوم؟ كيف كانت أمس؟ وكيف ستكون غداً؟

ثمة حقيقة خانقة قاتلة، تلك التي صبتنا في قوالب طائفية حددت شكل وأسلوب التفكير العقلي والعاطفي وأذابت مفهوم المواطنة لتجعله سلعةً في أيدي الكثيرين مختلفة السعر كما هي مختلفة النوع والجنس، لكن الأزمة الكبرى التي لا مناص من تفكيك قالبها هي أزمة العلاقات داخل المجتمع التي باتت تنذر بما هو أعتى من العواصف المدمرة، فهل سيكون للسلطة موقفٌ جديدٌ وصريحٌ ومسئولٌ لوقف سيل التفكيك الجارف، فالبيت البحريني في خطر داهم؟

فرز يمتد ويشتد!

بون شاسع يفصل فصلاً مذهلاً بين الثوابت البحرينية التي قامت على أسس النسيج والوَحدة الوطنية المترابطة من قبيل شعار الأسرة الواحدة والتعايش والتلاحم، ومترادفات حميمة تقلب مضامين ومعاني الولاء والانتماء وتفرزها فرزاً كريهاً سفيهاً يمتد إلى ما شاء له أساسه الثقافي والفكري والطائفي أن يمتد. وتشتد إلى الدرجة التي يشاء لها المريدون أن تمتد. بمعنى أدق وأوضح، أن نقبل نتيجة الفرز بين سنة وشيعة لكل منهما أجندته المحصورة في مترادفتين مفروضتين على هذا البيت: موالاة ومعارضة، ولابد أن يكون طرف واحد فقط لا ثاني له هو البحريني، وهو البحرين، وهو المواطنة بتعريفها اللغوي والعملي والحقيقي، أما الطرف الآخر فلابد له من الخروج من زمان ومكان هذا التراب، فلا حق له في الوجود. لكن السؤال الأكثر إثارةً للحيرة: من هو ذلك الطرف؟

في تجربة الطائفتين، الأولى في العام 2002 والثانية في العام 2006 وأمام الاستحقاق الانتخابي وشرعية التوافق لتعزيز تجربة ديمقراطية جديدة أولدها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة عاهل البلاد، ما يمكنني تسميته إقصاءً ملغماً لثوابت جمعت الطائفتين تحت مظلة الحكم، فبرزت تداعيات خطيرة تجزيئية لن يكون من السهل استئصالها إن بقي المفهوم المفروض بقوة الفرز يربط مواطناً بالانتماء والولاء، ويفصل مواطناً آخرَ بتهمة اللا ولاء! بعيداً عن المرجعية الدستورية التي حفظت لكل مواطن حقوقه وواجباته.

التحول القسري إلى «الطأفنة»

اليوم، وأمام حقائق واضحة مستلهمة من تجربة الطائفتين الكريمتين على مدى عقود من التعايش والعمل المشترك للمصلحة الوطنية، سنتحول قسراً إلى «طأفنة» التجربتين الانتخابيتين تأثراً حيناً بتيارات لها حضورها الكبير والمؤثر في المجتمع، وتأثراً حيناً آخرَ بالأوضاع الإقليمية كالعراق مثالاً، وتأثراً بالمشروعات السرية المزعومة للسيطرة ومؤامرات الولاء للخارج وبيانات الصحافة المغرضة ومهارات تأليب السلطة على الشعب، ورفع شعارات مخيفة ونشر بيانات سرية عنيفة، ليجد هذا المجتمع الصغير نفسه مقطع الأوصال منهوك القوى، يعيش على وجل من حاضره ومستقبله.

الغلبة اليوم – مع شديد الأسف – لمن يمتلك القدرة على صوغ خطاب طائفي لا رادع له، وينتظر العشرات من المتلهفين قراءة بضع تصريحات صحافية مجللة بصدق الولاء وطاعة ولي الأمر وبليغة الأثر في شق الصف لأسماء من نواب وكتّاب ومن لف لفهم صارت مألوفةً معروفةً. ترى، أين ستلقي بنا هذه الموجة؟

كنا طائفيين في الخفاء، والآن أصبحنا نجاهر بالطائفية. كنا نخشى كثيراً من قول كلمة، كلمة واحدة، قد تؤثر على الاستقرار الاجتماعي وتماسك العلاقات بين الطائفتين، واليوم أصبحنا نؤلف كتباً وقصائدَ ومرثياتٍ وأدبياتٍ ومن يحزن فليضرب رأسه في الحائط! كنا نحترم معتقدات بعضنا بعضاً فأصبحنا نوزع صكوك غفران ومفاتيح أبواب الجنان، ونرمي الآخرين في نار جهنم الحامية. ترى، من الذي يتوجب عليه أن ينهض ويحمينا مما نحن فيه من بلاء؟

ما كان المأمول من تجربتنا الديمقراطية أن تمنحنا القوة للتسقيط، وليس من باب السعادة والسرور أن نتباهى بصراع طائفي نيابي وتقارير كتبت بالنار والحديد، وليس من المقبول أن تستمر حرب الخطب الدينية الطائفية ونشر الحقد والضغينة، لكن إذا لم تقف البلاد، سلطةً ومؤسساتً، وقفة مراجعة حقيقية دقيقة لمجريات الأمور بمنظار بعيد عن العواطف وافتراض سوء النية، فستزداد الأمور تعقيداً سيئاً، ولعل الوجهاء والرموز الدينية والسياسية المعتدلة، لديها من الفرص ما يمكن أن تستفيد منه لبناء شراكة حقيقية مع السلطة، بتواصلها مع السلطة وانفتاح السلطة عليها، وإذا كانت دول قريبة استشعرت الخطر وفتحت قنوات «اللقاء الوطني» منعاً مما يحمله المجهول من مجهول، فنحن أجدر وأولى؛ لأن البحرين، كما عرفها العالم، حكومةً وشعباً، ليس فيها من يبيع ترابها بثمن بخس?

سامي النصف

قضايا نهاية الأسبوع

طلبنا حكومة ناطقة فحصلنا على حكومة ناطقة، ولاشك في أن جهد الوزراء الذي نلحظه في ايضاح مقاصد ومواقف الحكومة بدأ يؤتي ثمره والواجب المزيد من التواصل مع الجمهور عبر لقاءات المحافظات المختلفة والمخيمات وفي هذا السياق تستحق القرارات الاصلاحية للحكومة بشكل عام الانصاف والدعم وهو امر يحتاج لخلق آليات شديدة الاحكام تراجع تلك القرارات قبل صدورها منعاً للخطأ او الضرر.

يفترض بمشروع اسقاط القروض ان يكون قد تم النظر فيه من كل جوانبه وحساب كلفته الحقيقية على المال العام وبعد ان تحدث المتحدثون وكتب الكتاب اكتشفنا ان الاستفادة الحقيقية منه كانت ستصب في صالح اصحاب المديونيات الضخمة التي تتجاوز مئات الملايين ومثلهم من يقترضون عشرات الملايين لبناء المجمعات وخلق صفوف العمارات والتي لو طبق القانون بصورته الاصلية لاصبحت ملكاً خالصاً لهم بعد تحميل أثمانها على المال العام، الآن وبعد تعديل القانون قبل ايام ووضع سقف اعلى للقروض هل لنا ان نتساءل عما كان سيحدث فيما لو تم اقراره بصورته الاصلية؟

وهل حان الوقت للاعتذار ممن تصدوا لذلك القانون في حينه وما اصابهم من تجن بسبب حرصهم على المال العام؟

لا اعلم سبب الافتراض الخاطئ أن الكويت هي الوحيدة في العالم التي تملك فوائض مالية ـ ان صدقت العبارة ـ علماً بأن اغلب او جميع الدول الخليجية والاوروبية والاميركية ودول شرق آسيا تملك احتياطيات نقدية اكثر كثيراً مما نملكه ولم يتحدث احداً بما نسمعه من اقتراحات انتخابية، ثم لماذا الافتراض سيئ النية أن الاموال «رايحة رايحة» لذا فلنتسابق على صرفها قبل اختفائها.

اطال رقابنا الافتتاح الرائع للأولمبياد الآسيوي في قطر الشقيقة وهو ما سيحرج دول الاستضافات اللاحقة للاولمبياد.

شخصياً اغمضت عيني قليلاً وتصورت ما كان سيحدث في اليوم التالي لافتتاح ذلك المهرجان في بلدنا المعطاء الكويت، على الارجح سيستجوب على الفور وزير العدل والاوقاف لرقص النساء فيه، ووزير الاعلام لنقل التلفزيون له، وسيكون هناك استجواب مضاعف لوزير الداخلية للسماح لرجال الامن بدخول المشاركين والدفاع لتنظيم عمليات الدخول، والخارجية لاعطاء السفارات التراخيص الخاصة به والمواصلات لنقل الكويتية للفرق الرياضية والاشغال والاسكان لبناء الاستاد ومباني السكن، والمالية لتوفير المصروفات، والصحة للعناية الطبية باللاعبين، والشؤون لمسؤوليته عن القطاع الرياضي، والتربية بسبب مشاركة الطلبة، والطاقة للهدر في الكهرباء، ووزير التجارة بسبب صعود او نزول البورصة نتيجة لذلك المهرجان، والثروة السمكية والحيوانية لإساءة استخدام الحصان الحامل للشعلة وسنقرأ في صحافتنا المقالات المعتادة ممن لم يتابعوه والتي تصفه بأنه افشل مهرجان رياضي تم منذ بدء التاريخ.

آخر محطة:
لم نقرأ ثناء واحدا على حقيقة ان شباب الكويت الرياضي حصدوا من الميداليات الذهبية وغيرها ما جعل الكويت الصغيرة تتقدم على «كافة» الدول العربية الآسيوية الاخرى وكثير من الدول الآسيوية الكبرى، لو فشل شبابنا، لا سمح الله، لقرأنا مائة مقال قدح وذم في اليوم التالي.