سامي النصف

الديموقراطية ليست عملية انتقامية

من أهم ممارسات الديموقراطيات الراقية والمتقدمة المصافحة الودية بين الاطراف المتنافسة الفائزة والخاسرة فور ظهور نتائج الانتخابات كدلالة على السمو والالتزام بالروح الرياضية العالية في تقبل النتائج ومن ثم البدء منذ تلك اللحظة بالخطى السريعة الى الامام لا التوجه الى الخلف.

اما في دول العالم الثالث التي ما وددنا ان تكون ممارستها الديموقراطية أو بشكل أدق «اللاديموقراطية» قدوة صالحة لنا، فتتحول نتائج الانتخابات فور ظهورها الى محاور صراع وتناحر هي أقرب لحروب داحس والغبراء الشهيرة التي تنتهي اعمار الناس دون ان تنتهي آجالها.

ان فتح ملفات الانتخابات الماضية هو في الاصل ممارسة خاطئة لأسباب عدة منها إشغالها كويت اليوم والغد بقضايا كويت الأمس التي يفترض ان تكون قد اغلقت ملفاتها ووضعت على الرف، كما انها تؤسس لثقافة مستقبلية خطيرة تبرر لمن يفوز في الانتخابات تشكيل محاكم تفتيش تبحث عن الخصوم للحساب والمعاقبة، وتلك في كثير من الاحيان أولى خطوات نشوء الديكتاتوريات الجماعية والفردية.

لقد وضع ديوان خدمة المواطن كما هو مسماه لخدمة المواطنين الذين استفاد الآلاف منهم من تلك الخدمة الهامة بشكل مباشر، اضافة الى دوره الحيوي في رفع التقارير عن طرق محاربة الفساد الاداري، ورفع الغبن عن كاهل المتعاملين والعاملين في اجهزة الدولة المختلفة.

وما قام به الديوان ابان الانتخابات هو تماما ما يقوم به في الأوقات العادية من استلام لمعاملات المواطنين ومحاولة فرزها وتخليص المستحق منها، وبما ان المواطن يركن في مواسم الانتخابات للمرشحين لتخليص معاملاته، لذا فقد تم تحويل معاملات المرشحين كافة للديوان منعا للاحتكاك المباشر بين المرشح والمسؤول، وأرسلت الأوراق من الديوان للوزارات المختلفة، ومازال كثير مما ارسل في دهاليز الوزارات المختلفة رغم المتابعة، نظرا للاعداد الكبيرة للطلبات المرسلة وحلول عطلة الصيف.

أخيرا، ان فتح صفحة جديدة مع نهاية كل انتخابات أمر ملح ومطلوب ومن ثم لا داعي لما تُشتم منه رائحة التصعيد عبر طلب ايقاف رئيس ديوان خدمة المواطن عن العمل خاصة بعد ان اوضح رئيس مجلس الأمة الجوانب الدستورية الخاصة بالموضوع، والذي يظهر ان التوصية يجب ان تظهر من مجلس الأمة، وان القرار غير ملزم للسلطة التنفيذية، وكل عام وانتم بخير ولنفتح صفحة جديدة.