سعيد محمد سعيد

أزمة في الخليج

 

العمالة الوافدة ستشكل أزمة معقدة جداً في المستقبل القريب، والسبب هو الممارسات التي يقوم بها الخليجيون من أرباب الأعمال… هذه المسألة توجب الحيطة والحذر، وبلغة مباشرة: التوقف عن ممارسات التعذيب والاستحقار والعنف ضد العمالة الوافدة.

ولسنا هنا في الطرف المدافع عن مجموعات تشكل خطورة أصلاً في المنطقة، لكن بيت القصيد هو سوء معاملة العمال الوافدين… نحن لا نتحدث الآن عن تشعيبات أخرى للقضية، فمنظمة «هيومان رايتس ووتش» بدأت تطالب دولاً خليجية بالقيام بخطواتٍ عاجلة لإنهاء الممارسات التعسفية بحق العمال ومنها التأخير أو الحرمان من الأجور وتشغيلهم في ظروف عمل وبيئات سيئة وإساءة معاملتهم وحرمانهم من حقوقهم كبشر!

وخلال السنوات العشرين الماضية، تزايد لجوء العمال الوافدين إلى القيام ببعض المطالبات وصلت إلى حد الاضطرابات والاحتجاجات في محاولةٍ منهم لتحسين شروط عملهم.

مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» سارة لي ويستون صرحت في بيان صحافي بأن «العمال في منطقة الخليج يستفيدون من فرص العمل المتوافرة، وخصوصاً أن شريحة كبيرة منهم تحلم بالعمل في تلك المنطقة التي تشهد نمواً اقتصادياً ومالياً متسارعاً، لكنهم يعاملون وكأنهم ليسوا بشراً. وليس من الغريب أن يتمرد بعض هؤلاء العمال احتجاجاً على ذلك؛ أما المفاجئ حقاً فهو أن الحكومات لا تحرك ساكناً لحل هذه المشكلة».

ولكن، ليست الحكومات هي وحدها المسئولة، فالمواطنون في الخليج متورطون كثيراً… أقصد المواطن العادي… فهذا الذي استخرج سجلاً تجارياً وراح يعبث بالتأشيرات ويتاجر فيها ويستقدم العمال باسمه وبأسماء غيره ثم يتزايد معدل الاستقدام دونما ضابط ويمتلئ الشارع الاجتماعي والتجاري والاقتصادي بالعمالة المتنوعة… ذلك المواطن يساهم أيضاً في رفع معدلات الخطر، والمشكلة الرئيسية هي أن الكثير من الناس يدركون تماماً المخاطر المترتبة على تزايد العمالة الوافدة في دول الخليج وتأثيراتها السلبية على تركيبة المجتمع، لكنهم يتحدثون فقط بلهجة واحدة: اتهام الحكومة تارة، واتهام العمال بالتمرد تارة أخرى.

قد لا نعاني في البحرين، مقارنة ببعض دول الخليج، من مشكلات كبيرة، لكن مشكلاتنا مع العمالة الوافدة طبقاً لتعداد السكان والمساحة كبيرة فعلاً… لكن المطلوب هو إعادة النظر في قوانين العمل بما يتوافق مع المعايير الدولية التي وضعتها منظمة العمل الدولية؛ وربما ستتيح الدراسات التي تأخذ مجراها حالياً هذا المطلب على أن تكون حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم من الأسس